بعد أن انتهى صرخات الليل الهادئة ، وجفت الدموع المنهمرة ، وعندما أمسى الناس نياما على فراشهم ، بقي الصمت تغمر جميع أنحاء القصر ، ولكن في تلك الليلة قرر جاك الخروج من منزله وعدم العودة اليه ابدا ، ودون لفت الأنظار، وفي وسط ظلمات الليل ووحشته خرج جاك دون فكرة إلى أين سيقوده الطريق.

***

[ داخل منزل ويليام ]

عندما دخل جاك الى منزل ويليام شمّ رائحة عطرة من أزهار اللافندر التي كانت موضوعة على طاولة الطعام وفي أماكن أخرى ، لم يكن المنزل مضيئا للغاية ولكن نار المدفئة جعلت المكان منيرا ودافئا .

لوّح ويليام بكلتا يديه ليلفت نظر جاك إليه ثم قال له.

" جاك ، تعال الى هنا "

" انا قادم "

لحق جاك ويليام ليصعدا الى الاعلى ثم قال ويليام.

" تقول امي انه علينا الاستحمام قبل الاكل ، لذا لنستحم معا"

قالها ويليام والابتسامه مملوءة على وجهه ، كيف لطفل بريء وصغير ان يكون له ابتسامه بهذا الجمال.

" م ماذا؟ "

تلعثم جاك في كلامه و احمّر وجهه. بعد سماعه لكلام ويليام.

" ألا تريد ذلك؟ "

نظر ويليام الى الأسفل والخيبة مرسومه على وجهه ، لذا لم يستطع جاك تحمل رؤية هذا الوجه الحزين ، فقال.

" ل لم اقل ذلك "

" هيهيهي حسنا "

***

ارتدى كل من ويليام وجاك ملابس مريحة ، ولأنه لم يكن هناك ملابس تناسب حجم جاك فقد ارتدا الملابس الخاصة لوالد ويليام الذي كان قميصه كفيلا لتغطية جسده كلها.

ذهبوا للاكل وبعدها نظفوا المكان ، ثم ذهب والداي ويليام لغرفتهما اما جاك وويليام فقد ذهبا الى غرفة ويليام الخاصة وتشاركا نفس السرير ، غطّا بعدها ويليام وجاك في نوم عميق والسلام يغمر المكان.

***

[ في اليوم التالي ]

كان ويليام جالسا مع والدته وهي تخيط الثياب ثم قال ويليام.

"امي ، عندما استحممت مع جاك رأيت خدوشا في ظهره"

كان ويليام يبتسم لكلامه ببراءة لكنها شعرت بأن الامر مريب

وقفت والدة ويليام ثم قالت .

" ويليام!، لا تتحرك من هنا ، حسنا؟"

"حسنا"

***

*طق طق*

دقت والدة ويليام على الباب ثم فتحته وهي تقول.

" جاك هل انت هنا؟ "

نظرت والدة ويليام الى جاك الذي كان يجلس أمام النافذة بلا حراك وينظر الى المنظر الذي جعل الرياح شعره يتحرك قليلا.

"جاك هل يمكنك القدوم الى هنا"

جلست والدة ويليام على السرير وهي تنظر الى جاك الذي التفت اليها وتحرك من مكانه.

جلس جاك بالقرب من والدة ويليام فقالت.

"هل يمكنك أن تنزع القميص عنك؟"

"ها؟"

احمر وجه جاك عند سماعه وأصبح يشعر بان هذه العائلة غريبة لكنه نزعج فنظرت والدة جاك الى ظهر الذي كان مليئا بالخدوش الملتئمة وغيرها فقالت له.

"جاك هل تعنف في منزل؟ "

" ها م ما الذي ت تقصدينه؟ "

وضعت والدة ويليام يديها على كتفي جاك ثم قالت .

"جاك قل الحقيقة ، انا لن اؤذيك!"

"حسنا…في الحقيقة.."

اخبر جاك القصة الكاملة لوالدة ويليام فخرجت الدموع وهي تستمع لقصته وبعد ان مسحته قالت.

"سأخبر زوجي!"

لقد حسمت امرها وهي تقول ذلك ثم نظرت الى جاك وقالت.

"هناك سر صغير هل تريد معرفته؟"

***

[ في اليوم التالي. ]

في الصباح الباكر جاء الفرسان لمنزل ويليام لاخذ جاك ، لم يتسنى لجاك توديع ويليام لكنه في المرة القادمة الذي يلتقيان فيه ، سيرد الجميل له ولعائلته.

***

[ داخل قصر دوقية ستيرن ]

جلس روبرت أمام مكتبه مشبكا ليديه ينظر الى الباب وكأنه ينتظر أحدا.

*طق طق*

دخلت امرأة ذات شعر اشقر بعد طرقها للباب ثم قالت.

" احيي الدوق "

" تنهد ، ايزابيلا ما الذي كنتى تفكرين به؟ "

" ما قصدك؟"

وقف الدوق من على مكتبه ثم قال.

" وضعت ثقتي عليك وها انتي تخونني من ورائي؟ "

" لا افهم ما تقصده ، روبرت؟ "

كانت ايزابيلا تنظر اليه دون علم ما كان يقصده ، اقترب روبرت منها ثم (صفعها صفعة قوية لم يصفعها احد في العالم) ، قال لها.

" كيف تتجرأين على لمس جاك "

" م ما الذي تقصده ، انا اعتني به جيدا. "

" وما تفسيرك لظهرك؟ ،لا تتغابي فقد سمعت كل شيء منه"

عضت ايزابيلا شفتيها وركعت على الارض ودموع التماسيح في عينيها.

" ا انا اسفه لم أ أقصد ذلك "

" اغربي عن وجهي ولا تظهري أمام القصر مرة اخرى."

نظرت إيزابيلا إلى عينيه فاقشعر بدنه ، عيون زرقاء داكنة و نظرة باردة يمكن أن يقتلها بنظراته فقط ، بدأ العرق البارد ينزل من فوق رأسها ودقات قلبها تدق وتدق وتدق ، وقبل أن تنفجر من الخوف نزلت رأسها وحاولت تجنب النظر الى عينيه ، جلس روبرت على شكل قرفصاء ثم امسك بذقن ايزابيلا ونظر اليها ثم قالت.

" تعلمين ان هذه الزواج كان مدبرا وانني لا اكن اية مشاعر اليك ، فاياك الظن ان التلاعب معي سيكون سهلا. "

ابعد روبرت يده عنها ثم وقف على قدميه وقال.

" ان كنت تهتمين لسلامة عنقك فيفضل أن لا تظهري امامي مرة اخرى. "

عضت ايزابيلا شفتيها ثم خرجت من الغرفة دون نطق كلمة واحدة.

***

[ داخل غرفة جاك ]

جلس جاك امام طاولة دراسته يتأمل صفحات احد الكتب واشعة الشمس تنعكس على شعره الناعم الذي يتحرك من حين لآخر بفعل الرياح التي تدخل من النافذة.

*طق طق*

*تك*

بعد أن سمع جاك صوت طرق الباب اقفل الكتاب الذي كان يقرأه وتوجه لفتحه ، تجمد جاك عندما رأى الشخصية التي أمامه.

" مرحبا جاك "

لم تكن سوى أمه التي كانت تعذبه تنظر اليه بحب وشوق.

" هل تعلم كم كانت أمك حزينة عندما اختفيت.. هل يمكنك ان تعطي لوالدتك عناقا؟ "

نظر جاك إليها بغموض ، لم تكن تظهر سابقا أمامه اية عاطفة أو حب تجاهه ، تراجع الى الوراء قليلا ، نظرت ايزابيلا إليه بخيبة ثم اقتربت منه وخفضت من جسدها وقالت.

" اعلم انني قد فعلت امورا سيئة تجاهك .. لكن ، هل يمكنك ان تسامحني هذه المرة؟ "

فتحت ايزابيلا ذراعيها على أمل أن يحتضنها جاك ، فهم جاك مقصدها فذهب ليحتضنها.

" شكرا على مسامحتي.. لكن يبدو أن والدك غاضب على افعالي هل يمكنك أن تطلب منه السماحة من اجلي؟ "

هز جاك رأسه ثم ذهبا خارج الغرفة.

***

[ داخل مكتبة روبرت ]

*طق طق*

" ادخل "

" امم ابي.. "

" اوه جاك! ، تعال الى هنا"

ذهب جاك الى روبرت وعندما توقف امامه دخل أحد إلى الغرفة ايضا ، لقد كانت ايزابيلا ، نظر روبرت إلى إيزابيلا بنظرة برود وقال لها.

" ما الذي تفعلينه هنا؟ ، يبدو انك لم تضعي قيمة لحياتك "

نزلت ايزابيلا جسدها الى الارض ثم قالت.

" روبرت ، اعترف انني فعلت الكثير ، لكن ارجوك هل يمكنك ان تسامحني هذه المرة؟"

" لا احتاج الى تمثيلك يمكنك الغروب عن وجهي"

رفعت إيزابيلا رأسها وقالت.

" جاك ، حاول مع اباك"

نظر روبرت الى جاك ،فبدأ جاك يشعر بالذعر، فقال روبرت له.

" جاك ، لا يجب على ان تجبر نفسك على شيء ، حسنا؟"

تلألأت عيني جاك وشعر في تلك اللحظة بالأمان ، ربما كانت كلمات بسيطة لكنه شعر بدفئها ايضا.

نظرت إيزابيلا إلى جاك وروبرت فشعرت بتجاهلهم لها.

" جاك ، هيا لقد سامحتني أليس كذلك؟"

نظر جاك إليها ثم نظر الى روبرت وأعاد النظر اليها وقال.

" ا اسف امي ، ل لكن اظن انه ي يجب عليك الذهاب."

نظرت ايزابيلا الى جاك في صدمة ،وقفت من على الارض وبدأت تتوجه الى جاك ثم قالت.

"ك كيف تجرؤ!"

" ايزابيلا!!"

قال روبرت ذلك لكنه جعل ازابيلا تتوقف في مكانها ، لم تعد إيزابيلا تشعر بأنها قادرة على كسب تعاطفهم ، فاستدارت وخرجت من مكتب روبرت.

بقي جاك و روبرت في المكان وساد الصمت في الأرجاء لكن روبرت قطع هذا الصمت وقال.

" اسمعني جاك ، اظن انني مدين لك باعتذار ، فقد اهملتك ولم أسأل عن حالك ، لكن ، في المرة القادمة التي تواجهك عقبة لا بأس بأن تطلبي مني او من احد غير المساعدة."

دق كلمات روبرت في صدر جاك واحس ولاول مرة بدفء العائلة التي كان يتوق إليها..

***

"هي جاك ،هل انت بخير"

"ها ؟ ، نعم "

سأل هاين جاك الذي بقي جالسا دون حراك حتى برد الطعام ولكن بعدما سأله وقف جاك وقال له.

"اظن انه يجب على الذهاب الى اللقاء."

ذهب جاك بعيدا وهو يقول لنفسه.

"سأزور والدي اليوم."

2023/08/30 · 533 مشاهدة · 1313 كلمة
Darkiona
نادي الروايات - 2025