[ في الحاضر..]

" هل مات؟ "

رجل ذو ملامح غير واضحة يجلس على مكتبه يتحدث مع شخص ما بصوت هادئ.

" يقال انه قد اختفى. "

" تسك ، ابحث عن ضحية أخرى. "

" اوامرك سيدي "

***

نظرت حولي حيث بامكاني رؤية قليلا في الداخل رغم الجدار المظلم الذي حولي ، لقد شعرت وكأني في فضاء اخر ، لمست الجدار المحيط حولي وكان أشبه بجدار مائي لا يمكنني الخروج منه إلا أنه لم يكن قاسيا أيضا وبعد التركيز طويلا .. يمكنني رؤية الخارج قليلا.

' هل هذا ما تقصده بتدريب؟ '

لا استطيع فهم طريقتها في التدريب حقا ، و لقد تعلمت في هذه اللحظة أنها شخصية مجنونة ، من هذا الذي يحبس احدا بقصد التدريب؟!.

" تنهدت..كيف سأخرج الان من هنا؟ "

امسكت بسيفي لالوّح على الجدار الذي أمامي ، فتمكن السيف من تقطيعه الى خط مستقيم لكنه عاد الى طبيعته كما لو لم يتم تقطيعه مسبقا.

***

اليوم التالي..

بقيت ثلاث ساعات في الأمس الوّح على تلك الجدار الشبه مائي لكن لم يجدي الأمر نفعا معي لذا بدأت بالاستلقاء على الأرض او محاولة تمضية وقتي بشيء آخر ، ولاحظت شيء ما..

' لم احضرك معي سابقا.'

كنت استلقي على الأرض ارفع يدي اليمنى الى الاعلى حيث يمكنني رؤية بروش اخضر بيدي ، علمت حينها ان هناك خطأ ما فانا لم احضره معي سابقا لذا شعرت بالريبة نحوه.

*تك!*

جلست متربعا على الأرض ثم رميت البروش بقوة نحو الجدار فارتطم على عكس ما توقعته أن يكون.

' ليس له علاقة بهذا إذا. '

ربما كانت فكرة سخيفة ربط بروش عادي بالجدار التي تكوّنت على يد سيرا لكنني وضعت تلك الاحتمال داخل رأسي.

اخذت احدى الحلوى الموجودة في السلة وبدأت اكله وانا احاول استمتاع بطعمه ، كان به نكهة فراولة كريمية رغم انه قد تغير قليلا عن الامس الا انه لا يزال صالحا للأكل.

"حسنا دعنا نعيد الكرة"

شويش! شويش! شويش! شويش!

بدأت اضرب الجدار بشكل متكرر مرة تلو الاخرى لم أجعل جسدي يأخذ راحة ولو لثانية حيث بدأت الاحظ ان الجدار تنفتح اخيرا و عندما اردت الركض للخروج ، تكون الجدار بسرعة فائقة جعلني ارتطم بها واسقط على الارض.

' *&^%$ '

' تنهد ، ماذا علي ان افعل الان؟ '

نظرت الى جانبي الايسر ورأيت البروش لا يزال في مكانه بعد أن رميته لذا ذهبت لامساكه.

' لا يجب علي إهمال هدية من والدي '

صحيح أنهم لم يكونوا والداي الحقيقيَين لكن لم ارد ان اتجاهل ان لصاحب الجسد الاصلي عائلة من قبل ، اردت احترام ذلك لا اكثر.

كان المساحة المحيطة حولي يقارب سبعة أمتار مربعة لذا لم اشعر حقا بضيق في المساحة ، لكن الظلام الذي في داخل بدأ يزعجني.

***

اليوم الثالث…

بقيت في هذا المكان ما يقارب ثلاثة ايام ، لم اشعر بالقلق الى حد ما حتى الآن بسبب وجود عدد مقبول من الطعام ، رغم ذلك بدأت أشعر بالجفاف حيث كان جميع الطعام اشياء لا يوجد به ماء او ما يرطب جسمي وما زاد الأمور بلة ان غالبية الطعام فيه كمية كبيرة من السكر او الملح جعلني ذلك اشعر بعطش اكبر.

' يجب ان اقلل من إهدار الطعام. '

امسكت بسيفي مرة اخرى وبدأت اتوجه الى الجدار نفسه والوح سيفي نحوه.

شويش! شويش! شويش!

' هاه.. لم ينفع الامر ايضا هذه المرة. '

بدأت أشعر ان صبري بدأ بالنفاذ رغم مرور ثلاثة ايام لا اكثر لكنه كثير بالنسبة لي حتى ان تلك الثعلبة لم اشعر بقدومها ولو للحظة.

بعد ساعتين.

بقيت انظر الى السقف المظلم لا افعل شيئا ، لم ارد اهدار طاقتي لكن فجأة شعرت بشيء ثقيل يقف فوق صدري فانزلت نظري الى صدري.

' قط؟ ، لا انه ثعلب.. '

امسكت بثعلب ابيض اللون ذو أنف اسود اللون وجلست على الارض بدلا من الاستلقاء.

' لما يوجد ثعلب ابيض في الغابة؟ '

ربما كان من المنطقي ان ارى ثعلبا احمرا او ما شابه لكن عادة يعيش الثعالب البيضاء في الأماكن الباردة والتي تكون غالبا مثلجة ، كمنطقة الجنوب مثلا.

"صحيح كيف دخلت؟"

اشعر بالغرابة للتحدث مع ثعلب لكنني اشعر بالالفة معه ولا اعلم سبب ذلك.

'غير عادي..'

بعد ان دقّقْت النظر نحوه علمت أنه لم يكن ثعلبا عاديا كما توقعت ربما لا استطيع رؤيته لكنني أشعر بالمانا بداخله ، انه حيوان سحري..

نظرت الى جسده ، ولقد كان له فراء ناعمة ومريحة لكن يبدو انه لم يأكل منذ مدة لذا وضعته على الأرض ثم ذهبت لاجلب من السلة طعاما ربما يستطيع اكله.

"خذ"

وضعت أمامه رجل دجاج مشوي و بدأ بأكله حتى بقي العظام منه ، حسنا لم يترك العظام ايضا حيث انه بدأ بتكسيره وأكله.

عندما انتهى الثعلب من طعامه اتجه نحوي ثم جلس فوق فخذي ، لم ابعده وبدلا من ذلك وجدته لطيفا لذا بدأت بالتربيت على رأسه ولمسه.

***

اليوم الرابع…

شويش! شويش! شويش!

بدأت بالتلويح مرة اخرى نحو الجدار لكن لم يجدي الامر نفعا وبدأت ايضا اقلق على الطعام حيث كان على إطعام هذا الثعلب معي.

نظرت الى الثعلب الذي كان يلعب بالبروش الاخضر وقلت له.

" اعلم انني لست مسؤولا عنك لكن لا اريدك ان تموت. "

' هل اتعاطف مع حيوان الآن؟ '

تمكنت سابقا من قتل اثنان من المتحولين دون ان ينتابني شعور بالذنب لكن الان لا اريد ان ارى حيوانا يموت أمامي؟ ، كم هذا سخيف.

في الحقيقة منذ قدومه لم اعد اشعر بالوحدة كما في السابق حيث كان وجوده امكنني من تمضية الوقت بطريقة ممتعة اكثر.

بقيت انظر اليه وهو يلعب لكن شعرت بانه كان مهتما بالبروش اكثر من اللعب لذا وضعت سيفي جانبا وأخذت البروش منه.

' هل يوجد شيء مميز فيه؟ '

نظرت اليه عدة مرات ولم أجد شيئا يستحق الاهتمام به ، ربما كان اللون الأخضر شيئا يفضله الثعالب في هذا العالم؟.

***

اليوم الخامس..

"تفضل."

اعطيت الثعلب هذه المرة كعكة صغيرة ولم اتوقع انه سيبدأ بالأكل هو الاخر معي لذا نظرت الى السلة التي أصبحت فارغة بالفعل..

"سأموت هكذا إن لم اخرج من هنا."

بدأت أشعر بألم في ظهري حيث كنت انام على ارض قاسية وايضا الجفاف بدأت تزداد مع كل دقيقة.

***

اليوم السادس..

لم الوح بسيفي كالعادة وبقيت مستلقيا انظر الى السقف المظلم..

رفعت جسدي وجلست وانا اقول لنفسي.

'ويليام ، هذا ليس مؤلما كتلك المرة. '

لذا بدأت بالوقوف على قدماي ثم ذهبت امسك بسيفي الوح بسيفي نحوه ، لم يعد لدي القوة كما في السابق شعرت و كأنني اصفع وجه احدهم ببطء.

*تك*

اسقطت السيف على الارض ونظرت الى الثعلب الأبيض الذي بقي جالسا ينظر الي.

***

اليوم السابع..

'لقد مر اسبوع بالفعل..'

شعرت ان حلقي جاف لدرجة عدم رغبتي بالتحدث حتى لذا وقفت على قدماي لابدأ بالتلويح مرة اخرى.

' ويليام ، لقد نجوت من امور اكثر صعوبة من هذا! '

بدأت اقنع نفسي بعدم الاستسلام ، لم ارد ، ان فعلت ذلك سأندم حقا.

' ويليام لقد عاهدت نفسك بأن تستمتع في هذه الحياة!! '

صرخت على نفسي ووضعت جميع قوتي وانا الوح على الجدار لكن بعدها اسقطت السيف على الارض ونظرت الى الأسفل.

'استمتع بالحياة؟'

'اعتقد انني كنت غبيا.'

جلست على الارض انظر الى الجدار الأسود الذي لم يتغير حاله منذ اليوم الاول على عكسي يمكنني شم رائحة كريهة تخرج مني وايضا لقد كنت في حالة فوضوية أكان جسديا او نفسيا فكلاهما كان في فوضى.

بدأت اتذكر يومي الأول في هذا العالم وما حصل من أمور بعدها ، شعرت وكأن العالم كان ضدي.

'حتى في هذه الحياة؟'

رغم انني بدأت أتجاهل تلك الأحلام المرعبة التي تأتيني في كل ليلة حيث انني اردت نسيان الماضي، لاحقتني المصاعب هنا ايضا.

تنهد..

'متعب..'

وفي خضم انغماسي داخل افكاري رأيت الثعلب يخرج من الجدار أمام عيني..

_________

قراءة ممتعة ~ ♡

2023/07/22 · 195 مشاهدة · 1210 كلمة
Darkiona
نادي الروايات - 2025