اللهم صلي وسلم على نبينا محمد~
.
.
خرجت انا و ثيو من المدينة حيث لم يعد المباني و الاقزام ممتلئة هنا ، فكانت شبيهة لآخر مرة خرجت معها لسيرا.. جبال متعددة الأحجام اصوات ثوران البراكين المختلفة وبعض الاهتزازات الارضية.
ولأنني لا أزال لا استطيع استخدام حاجز المانا .. أعدت ارتداء الرداء الاسود.
' رغم انه يذكرني بذلك..'
إن عقل الإنسان يربط أمورا كثيرة ببعضها البعض حتى وان كان الامر ليس له علاقة بالامر ابدا ، وفي منظوري كان ارتداء هذا الرداء يجعلني اتذكر أمرا مزعجا قد حصل معي في بضعة أيام قليلة لا أكثر.
نظرت الى ثيو فمنذ أن بدأنا بالسير في المنطقة لم يتحدث بكلمة واحدة ، ظننت الامر بسبب انه نصف قزم فيمكنه الاعتياد في مثل هذه المناطق لكن عند التركيز عليه يمكنني رؤية حاجز من المانا عليه.
انزلت عيني الى يميني حيث أصبح ريكس اكبر من اول يوم قد رأيته ، حتى نواته اصبح اكبر ، فقد أراد ريكس سابقا الجلوس على كتفي كعادته و لكن عندما قفز نحوي شعرت أنه قد أصبح ثقيلا ، وايضا .. جسده لم يعد يكفي للجلوس على كتفي لذا طلبت منه التحرك واللحاق بي بدلا من ذلك.
" الا تستطيع تحمل الجو دون حاجز؟ "
نظر ثيو إلي ثم قال.
" لأنني نصف بشري لا استطيع تحمل مثل هذه الأمور دون حاجز مانا."
"الن يجعلك مرهقا؟"
رغم ان حاجز المانا رائع ، إلا أنه يستهلك طاقة المستخدم.
" لقد اعتدت على ذلك ، فمنذ أن كنت صغيرا لم استطع تحمل الجو في المدينة ايضا لدرجة البقاء في السرير لايام ، حينها قرر والدي أن يعلمني تقنية حاجز المانا. "
" هل باستطاعة الأقزام فعلها ايضا؟"
" ليس كذلك ، لقد تعلمتها من والدتي."
" اوه "
لم يتحدث كلانا بعدها وبقينا نتحرك في صمت.
***
"دعنا نخيّم هنا."
اصبح السماء مظلما بالفعل ، و لاننا لا نستطيع اكمال الطريق دون أخذ قسط من الراحة لان الازر سيكون سيئا إن قابلنا وحشا في الطريق ونحن لسنا في كامل قوتنا.
بدأت انا وثيو بنصب الخيمة قرب جبل صغير ، فلم تكن حولها اية براكين لذا كان من الامن الوقوف هنا.
"تفضل سيد ويليام"
امسك ثيو فخذ دجاجة مشوية ليعطيني اياه لكنني رفضت قائلا.
"لا بأس احتفظ بها فلدي طعامي ايضا."
سكتُّ قليلا ثم تحدثتُ اليه.
" وايضا ليس عليك قول - سيدي - فإن الامر محرج قليلا."
"اوه.. حسنا ، ويليام."
ابتسم ثيو عند قوله لذلك وبعدها بدأنا في إكمال تناول الطعام ، ولم انسى إطعام ريكس ايضا.
***
بعد يومين..
بقيت انا وثيو نتحرك بين المكان الشاسع المليئة بالجبال ، وفي أثناء ذلك لم نقابل اية وحوش حتى وبقينا نخيم في أماكن مختلفة.
لم يكن ثيو بحاجة لاستخدام المانا اثناء نومه فقد احضر معه خيمة مضادة للحرارة مما جعله يأخذ قسطا من الراحة أثناء نومه.
"هل يمكنك رؤية الجبل؟"
" ليس بعد."
امسك ثيو بخريطة ضخمة يصل الى عرض كتفيه ينظر حول المنطقة من اجل ايجاد الجبل المطلوب.
كانت مواصفات الجبل سهلة ، كبيرة وضخمة ، يمكننا رؤيته من بعد ألفَيْ كيلو مترٍ وفي منتصفه قلعة ضخمة سوداء اللون مصنوعة من الحجر.
رسم على الخريطة ذلك الجبل لكن يبدو أننا لم نصل بعد الى تلك النقطة.
"وجدته!"
اشار ثيو الى الامام بأصبعه الايمن نحو جبل بعيد مغطى بضباب ابيض ضخم صعَّب ذلك من رؤيته من بعيد ، لكن كان من الواضح مدى ضخامته حتى من هذا البُعد.
نظرت الى ثيو الذي بدا متحمسا في هذه اللحظة لذا ابتسمت خلف الغطاء قائلا.
" دعنا نذهب الى هناك."
***
بعد يومان آخران..
"ثيو ابتعد الى هناك!!"
"ح حسنا."
اُمسِك بسيفي موجها بها نحو الوحش المتشكل على شكل ذئب ناري وبالقرب مني ريكس الذي بدأ بالزمجرة غضبا ايضا.
جعلت ثيو يبتعد الى الخلف لكي لا يتأذى اثناء قتالي.
*شويش*
" كيااعع"
وضعت عنصر الماء على سيفي ، و لكن بدل أن يشع السيف باللون الازرق هذه المرة تجمد سيفي واصبح اكثر صلابة.
لم الاحظ ذلك سابقا لكن عندما بدأ ريكس بالهجوم نحو الوحش أصبح أكثر ضخامة و سرعة مما جعل ذلك المهمة أسهل بكثير.
بعد خمسة عشرة دقيقة..
"فيوه"
نظرت الى الوحش الذي أمامي وهو يستلقي على الارض بلا حراك ، ثم التفت نحو ريكس الذي عاد الى حجمه الطبيعي وهو بالقرب من ثيو الذي يبدو بخير.
"هذا مطمئن."
سيكون من السيء رؤية ثيو يتضرر بأي شكل من الأشكال.
أعدت نظري نحو الأمام حيث ان الجبل بدأ يصبح واضحا ، صخورها سوداء لا يظهر عليه أية ملامح الحياة ولا يمكن رؤية قمته التي تختبئ بين الضباب.
"علينا فقط الصعود."
نظرت الى جانبي الأيمن حيث أن ثيو قد اقترب بالفعل معي وهو ينظر الى الجبل الشاهق الذي امامنا وحولها العديد من الجبال الصغيرة.
بدأت انا وثيو بالسير للاقتراب منه و تسلقه.
***
"هوف … هوف.."
' هل اتخيل ذلك أم أن الجو قد أصبح أسخن من قبل؟ '
من الطبيعي عند تسلق جبل ما ان تشعر بالبرودة كلما ارتفعت الى الاعلى ولكن بدلا من ذلك أشعر وكأنني سأحترق من الحرارة.
التفت الى ثيو الذي استلقى فوق ريكس الذي ضخّم من حجمه مرة اخرى في وقت سابق حيث قبل ان نصل الى منتصف الطريق بدأ باللهاث والشعور بالتعب.
لم ارد التوقف في الوقت الحالي .. فالوصول إلى هناك سيحتاج يوما على الأقل ، لذا طلبت من ريكس مساعدتي هذه المرة.
'بدأت اشك على أنه قادر من فهم لغة البشر.'
***
" هااه.."
اخرجت نفسا عميقا من فمي بعد وجدت انا و ثيو اخيرا كهفا صغيرا الحجم يبدو عليه علامات بأن المكان خاليٌ من الحيوانات ، لذا قررنا المكوث فيه و الاستراحة لفترة قصيرة.
على عكسي كان ثيو مرتاحا جسديا فقد تسلق مسافة اقصر من خاصتي ، ومنذ أن بدأنا بالجلوس دخل ريكس في حالة نوم مفاجئة لذا شعر ثيو بالأسف عليه قليلا لأنه قد سبب بإرهاق ريكس.
"ويليام ، يبدو أننا سننام هنا فلَمْ يستيقظ ريكس الى الان."
نظرت الى ريكس الذي كان بجانبي يغطُّ في نوم عميق ثم قلت لثيو.
"دعنا نأكل إذن."
خرج دخان من اللحم الذي بدأت بطهيه بالقرب من ثيو حيث حل الظلام بالفعل لذا بدأت بتحضير العشاء معه ، وحينها شعرت بثقل خلف ظهري وعندما رفعت رأسي رأيت ريكس ينظر الي من الأعلى ويداه على كتفي.
'تستيقظ من أجل طعام إذا؟'
ابتسمت اليه ليس فرحا بل لأنني اشعر بالمكر الذي بداخله ، حسنا انها طبيعة حيوانية يجب علي تفهمها لذا سألت ثيو ان كان لديه لحم إضافي.
***
صباح اليوم التالي..
هبّ نسيم بارد أمام وجهي مما جعل جسدي يقشعر بردا للحظة ، فقد أصبح الجو أفضل من السابق حيث كانت البراكين حولنا خامدة ولأننا تحركنا في وقت مبكر من الصباح قبل شروق الشمس.
رغم الضباب الذي حولنا الا انها لم تشكِّل مسألة صعبة بالنسبة لي ولثيو فقد قررنا جعل ريكس في الامام حيث ان لديه نظرة ثاقبة على عكسي انا وهو.
"غررر"
توقف ريكس عن التقدم وبدأ بإصدار صوت زمجرة عنيفة نحو الظل الذي يقترب من بعيد.
نظرت الى ثيو حيث أخبرته بسرعة بالابتعاد قليلا كي لا يصاب بالاذى ثم ازلت سيفي من غمده ووجهته نحو الظل الذي بدأ بالظهور بين الضباب.
' وحش '
كان قريبا من شكل الذئب الذي قاتلناه سابقا لكنه كان أصغر قليلا ، يمكن رؤية ايضا أنيابه الطويلة الذي يسيل منه اللعاب وتلك العيون الحمراء الذي تنظر نحونا.
ركض مسرعا نحوي لكن ريكس دفعه إلى الجانب فيتدحرج على الأرض.
'هذا سيء.. المكان لا يساعدنا.'
كنا بالقرب من جرف عالي مما سهل الصعود علينا سابقا فلم نحتج إلى التسلق بالايادي ولكن الأمر سينتهي عند سقوطها من أعلى الجرف بسبب وحش صغير.
ركضت نحو الوحش وبدأت بضربه لكنه دفعني بقوة الى الخلف.
'تبا!'
نظرت الى الاسفل حيث رأيته انني بحافة الجرف والذئب يركض نحوي ، شعرت بالخطر حينها وعندما قفز ليقترب مني .. انزلت جسدي بسرعة ثم ركض ريكس نحوه ليدفعه بعيدا.
رفعت جسدي وأنا أنظر إلى الذئب الوحشي الذي يسقط من أعلى الجرف فيختفي بين الضباب مرة أخرى.
'تخيُّل حدوث ذلك لي عوضا عنه…'
شعرت حينها بقشعريرة حول جسدي لاعيد النظر نحو ريكس.
"شكرا"
مسحت يدي اليمنى على رأسه ثم وضعت سيفي في غمدِه و اتجهت بعدها نحو ثيو لاكمال مسيرتنا.
***
"يبدو ضخم الحجم حقا."
نظرت الى اعلى البرج الذي استطعت رؤية نقطة نهايته من بعيد ، أحجار متراصة مع بعضها البعض تكوّن بها برج أسود اللون…كانت مثلما وصفه ثيو.
استطعت اخيرا رؤية السماء حيث انها بدأت بالغروب لتعطي لونا جميلا للمكان ، فكنت انا و ثيو في منتصف قمة الجبل حيث لا نبات ولا ماء ، الجو لم يكن سيئا هنا لكن رائحة رماد البراكين منتشرة في الأنحاء لذا شعرت بالخنقة قليلا.
"ويليام دعنا ندخل."
كان أمامنا باب خشبي متوسط الحجم وعندما فتحه ثيو خرج بعض الغبار منه ثم دخلت مع الجميع.
' آمل ان يمر الامر بسلام.."
.
.
شكرا على القراءة~♡