"هل حصل شيءٌ ما؟
تبدين قلقة"
نظرت كايا بقلقٍ إلى ريا التي كانت تبدو على هذه الحال منذ عودتها من لقاء ليلا.
'هل ربما توبيخها بقسوة؟'
فكرت كايا أثناء انتظار اجابة ريا، كان من غير المفهوم كيف تصالحتا بهذه السرعة عندما قالت ريا أنها لن تكلمها ثانيةً ولكن انتهى بهما الأمر فقط بالحديث بشكلٍ طبيعي عند عودة ريا من غرفة الأميرة.
لذا ربما شعور ريا بالذنب مما ستفعله بكايا، جعلها تنسى غضبها الطفولي منها.
"لا لا شيء على وجه التحديد"
"حقاً؟أنتِ لا تكذبين صحيح؟"
أجابت ريا بابتسامة متكلفةٍ أثناء خدش وجهها لكن كايا نظرت إليها أثناء إمالة رأسها كما لو لم تكن مقتنعة.
"هاها مستحيل..
بالمناسبة هل يمكنكِ مرافقتي لتناول وجبةٍ ما بعد انتهاء العمل غداً؟"
ضحكت ريا بتكلف ثم دعت كايا للخروج معها غداً مع محاولة عدم مقابلة الأعين قدر الإمكان.
ربما بسبب شعورها بالذنب؟
"حسناً أنا لا أمانع ولكن...
لم فجأة..؟"
تحدثت كايا بنبرةٍ متحيرةٍ كما لو أنها لا تستطيع أن تفهم لمَ كانت ريا تدعوها للخروج معها فجأةً عندما كانوا في مثل هذا الوضع حيث حياتهم معرضةٌ للخطر طوال الوقت، لكن ريا فقط ابتسمت بتكلفٍ أثناء التعرق.
"لا شيء فقط.."
حاولت ريا التفكير بعذرٍ بسرعة، لم تستطع أن تخبرها أن الهدف من هذه النزهة هو جعلها تقابل هاروكي ورين ليحل الطرفين مشاكلهما العالقة.
لأن كايا بالتأكيد سترفض الذهاب إن علمت ذلك، لذا دحرجت عقلها لمحاولة العثور على أفضل عذرٍ ممكنٍ لهذه الحالة.
ثم كما لو أنها وجدت شيئاً ما صافحت ريا يديها وتحدثت بنبرةٍ متحمسة.
"من الأفضل أن نرفه عن أنفسنا من وقتٍ لآخر، ألا تظنين ذلك!؟"
"هممم ربما"
بدا العذر مقنعاً لذا أومأت كايا برأسها بالموافقة بالرغم من شكوكها الكثيرة الأخرى.
***
'من الأفضل أن نرفه عن أنفسنا من وقتٍ لآخر، ألا تظنين ذلك!؟'
'همم ربما'
'هذا ما قلته ولكن...'
"ما الذي يفعله هذان الإثنان هنا!!؟؟"
نظرت كايا بسخافةٍ إلى الإثنين الواقفين أمامها، فكما اتفقت مع ريا البارحة غادرت إلى مكان اللقاء بعد انتهاء عملها ولكن تفاجئت عندما وصلت.
السبب؟
بالتأكيد كان ذلك لأن هاروكي ورين كانا موجودين أيضاً.
'هل وقعت بفخ؟'
دعتها ريا بالتأكيد لأجل شيءٍ عن الترفيه عن النفس أو ما شابه ولكن عندما وصلت وجدت رين وهاروكي، لذا بالنسبة لها لم تستطع إلا أن تفكر بأن هذا كان تعذيباً لا ترفيه.
لكن كما لو أنها لم تعلم بمشاعرها المعقدة التي شعرت بها، ابتسمت ريا بشكلٍ مشرقٍ وأجابت على سؤالها.
"لقد دعوتهما أيضاً..!
ألن يكون الأمر أكثر متعة مع أشخاصٍ أكثر؟"
"لا لن يكون ممتعاً البتة!!!
أنا سأعود يمكنكم الذهاب بمفردكم!!"
تحدثت كايا بوريدٍ على جبينها ثم لفَّت جسدها للمغادرة، لكن كما لو أنها لم تكن مستعدةً لتسمح لها بالمغادرة بعد، فقد أمسكت ريا يدها بكل قوتها وتحدثت إليها بابتسامة.
"هيا الآن، لا تكوني عنيدة"
"لن أذهب!أنا بالتأكيد لن أذهب أبداً!!"
كانت ريا تبتسم ولكن وجهها بالتأكيد كان يتعرق، مهما بلغت قوتها فلم تكن لتضاهي قوة كايا لذا كان الأمر أشبه بنملةٍ تحاول منع فيلٍ من التحرك.
لذا كما لو أنها استسلمت، أفلتت ريا يد كايا وتنهدت بما يكفي لإسقاط السماء، ثم تحدثت بتعبيرٍ قاتم.
"لم تتركي لي خياراً آخر"
توقفت كايا عن السير لأنها شعرت بالقشعريرة تسري أسفل عمودها الفقري.
آخر مرةٍ قالت لها ريا تلك الجملة كان عندما قامت بتهديدها بسرها لذا كان من الطبيعي أن تتساءل أثناء بلع لعابها عن ما الذي تخطط لفعله هذا المرة.
ربما سبَّب الأمر صدمةً لها أكثر من المتوقع.
لكن كما لو أنها لم تفهم مشاعرها فقد أدارت ريا رأسها باتجاه هاروكي ثم تحدثت إليه بابتسامةٍ مشرقة.
"هارو، هل يمكنك جرُّها؟"
"أنا؟"
"ما-"
أشار هاروكي باصبعه إلى وجهه بينما أعطت كايا علامة استفهامٍ كما لو كانت لا تفهم.
"أجل سأقدر كثيراً فعلك ذلك"
"حسناً إذا كنتِ تقولين هذا.."
كان هاروكي يشعر بالتردد من فعل ذلك لشخصٍ يقابله للمرة الأولى، لكنه لم يستطع رفض طلب ريا لذا أمسك بكايا التي كانت على وشك الهرب وبدأ بجرها.
"اتركني!!!لقد أخبرتك أن تتركني!!!
اتركووووووونييييييييي"
صرخت كايا طوال الطريق حتى خروجها من بوابة القلعة.
كل من رأى المشهد فكر بالشيء نفسه.
'ما هذا؟'
'اختطاف؟'
لكن الأربعة الذين خرجوا من القلعة بالفعل لم يكن لديهم بالتأكيد طريقةٌ لمعرفة ذلك.
***
"هيا الآن إلى متى ستبقين غاضبة؟"
تحدثت ريا بصوتٍ منخفضٍ إلى كايا التي كانت تجلس بجانبها بتغبيرٍ متجهم، يبدو أنها كانت غاضبةً أكثر بكثيرٍ مما توقعت ريا لأنها أجابت دون النظر إلى وجهها حتى.
"إلى الأبد"
"هذا طويلٌ جداً"
خدشت ريا وجهها كما لو كانت تفكر فيما عليها فعله بكايا التي كانت غاضبةً بشدةٍ منها، بالتأكيد كان خطأها لفعل ذلك دون اخبارها لكن مازال أنها فعلت ذلك بطريقةٍ ما من أجلها لذا سيكون من المضيعة ان ظلت كايا غاضبةً طوال النزهة.
حاولت ريا التفكير بكلماتٍ قد تجعل غضب كايا يهدأ قليلاً، ثم كما لو أنها وجدت شيئاً، فقد رفعت اصبعها السبابة بابتسامةٍ وتحدثت.
"عليكِ استغلال هذه الفرصة والإستمتاع
فلا أحد يعلم إلى متى يمكننا الإسترخاء!"
"هل تتوقعين مني الإسترخاء في وضعٍ كهذا؟
انهما آخر اثنين يمكنني التقليل من حذري بقربهما!"
"هذا صحيحٌ ولكن ما يزال..."
كان كلام كايا صحيحاً بالتأكيد، حيث لم تستطع ترك هويتها تكشف في الوقت الحالي، بالطبع حتى لو علم هاروكي ورين بهويتها لن يذهبا لإخبار الأميرة لكنه ما يزال خطِراً.
حيث أنهما لازالا تحت تأثير القصة بعكسها هي وريا لذا اذا كان الشخص الذي ادخلهم إلى القصة يستطيع التحكم بالشخصيات فسيتم بالتأكيد التحكم بهم، وفي حال كان ذلك الشخص يتعاون مع الأميرة فربما يستخدمهما لإخبارها بكونها على قيد الحياة.
والذي سيؤدي لجعل الأميرة تطاردها لمحاولة التخلص منها، لذا لم تستطع أن تدع أحداً يعلم، بأنها كانت على قيد الحياة، حتى هما.
في هذه الأثناء كانت ريا وكايا كل منهما منغمسٌ في أفكاره الخاصة بعمقٍ شديد، لكن قاطع سير أفكارهم صوت شخصٍ ما.
"المعذرة..
هل يمكنك أن تعرفينا بالآنسة؟"
كان صوت رين الذي يبدو أنه تم تجاهله منذ فترة.
"اه، لقد نسيت!
تحدث ريا بحرجٍ كما لو أنها لا تستطيع أن تفهم كيف نسيت مثل هذا الشيء الأساسي، ربما لأن كايا والاثنين الآخرين كانوا بالفعل يعرفون بعضهم البعض لذا نسيت أنهم لا يعلمون أن هذه الفتاة كانت كاي.
"هذه هي كايا لقد بدأت العمل في القصر مؤخراً
كايا هذا هو القائد العام للجيش السيد رين وهذا السيد هاروكي، لقد تم ترقيته مؤخراً ليصبح نائب الجيش الملكي"
"اه، هكذا إذن تشرفت بمعرفتكم"
"الشرف لنا"
تحدثت كايا أثناء خفض رأسها لمحاولة عدم مقابلة الأعين قدر الإمكان بينما لوح رين بيده بابتسامة، أما هاروكي فقد أومأ برأسه فقط دون أن يتحدث.
"أنا حقاً تفاجئت من أن الآنسة خادمةٌ جديدة
فهي تعطي شعوراً مؤلوفاً، لذا توقعت أنها تعمل في القصر منذ وقتٍ طويل"
"هاها هل هذا صحيح؟
ربما لأنك رأيتها عندما كانت معي في المرة السابقة؟"
"هممم هل هو كذلك؟
اه!ربما يكون بسبب لون شعرها الذي يعطي شعوراً مألوفاً"
"هممم ربما هاهاها"
"أجل هههه"
أجرى رين وريا محادثةً بتعابير من الصعب معرفة ما يفكرون به من خلالها، حيث كانت أفواههم بالتأكيد تبتسم، ولكن بدا أنه أعينهم لم تكن كذلك.
بينما كانت كايا تجفل فقط مع كل جملة، أما هاروكي فقد وجَّه نظره إلى النافذة كما لو لم يكن مهتماً.
"على أي حال هل نبدأ بطلب الطعام؟"
"اه معكِ حق ماذا تريدين أن تأكلي؟"
تحدثت ريا وأومأ رين بالموافقة.
"همم ربما البيتزا ماذا عنك؟"
"لم أقرر بعد
ربما سآخذ بيتزا أيضاً"
"لا تقلدني"
كان من غير المفهوم ما كان سبب وجود البيتزا في العصور الوسطى لكن كما لو أن هذه المسألة لم تقلق أحداً فقد طلبت ريا ورين البيتزا وتجادلوا لفترة بينما حافظ هاروكي على نفس التعابير.
أما كايا....
فقد كان من الواضح أن تعابير وجهها الذي استمر بالإنخفاض كانت تزداد قتامة.
'لا أستطيع رفع وجهي
أنا خائفة..
خائفة من النظر إلى وجهيهما
لا أعلم..
لا أعلم كيف أواجههم بعد الآن
أنا حقاً خائف
يا لي من مثيرٍ للشفقة'
عضت كايا شفتها إلى الحد الذي ستخرج فيه الدماء بأكثر التعابيرِ قتامةً في العالم.
في هذه الأثناء، كان وجه هاروكي لايزال موجهاً إلى النافذة ولكن،
عيناه بالتأكيد لم تكن كذلك.