21 - أشياءُ لا يمكن إصلاحها..(٣)

'لقد تأخروا كثييراً

ألم يعثر عليها بعد؟'

فكرت كايا أثناء شدِّ قضبتها برين وريا اللذان لم يعودا بعد بالرغم من مرور الكثيير من الوقت، ثم قامت بالشهيق والزفير لمحاولة تخفيف التوتر الذي شعرت به، والذي كان سببه واضحاً.

كان ذلك بالتأكيد بسبب هاروكي الذي كان يحدق بها وعلى وجه الخصوص في يديها بتعبيرٍ غامض، لذا لم تستطع سوى الشعور بالقلق من كونه ربما قد اكتشف هويتها.

'يا الهي، لم تستمر بالتحديق بي!

كما توقعت كان علي الذهاب والبحث عن ريا بنفسي!

ااه تباً انا متوتر..ة جداً!!!

أرجوك لا تتحدث معي

لا تتحدث معي

لا تتحدث معي

لا تتحدث معي'

وكما لو أنها تلقي تعويذة، فقد استمرت بتكرار نفس الجملة مراراً وتكراراً على أمل أن يتم الاستجابة لندائها اليائس.

'أشعر أن لساني سيزِلُّ ان تحدثنا!

يا الهي كيف انتهى الأمر هكذا؟

مهلاً...'

فكرت كايا بجديةٍ في كيف آل بها المآل إلى هذا الحال، ثم كما لو أن شيئاً خطر ببالها فقد وضعت تعبيراً جاداً على وجهها.

'هي لم تضِع عمداً لتجعلنا نبقى بمفردنا أليس كذلك..؟

هل كانت تعلم أن القائد سيذهب للبحث عنها وسيتركنا معاً بمفردنا..؟!!!'

فكرت كايا بذلك وتحول تعبيرها الجاد إلى غضب.

لم يكفي أن ريا قد خدعتها وجعلتها تقابل آخر شخصين أرادت مقابلتهم في وضعها الحالي لكنها أيضاً تركتها رفقة الشخص الذي كان لديها أسوء شعور تجاهه حالياً لذا كان من الطبيعي أنها لم تستطع منع الغضب الذي شعرت به لكنها سرعان ما هزت رأسها أثناء تخفيف تعابيرها.

'لا لا هذا مستحيل!

أنا أبالغ في تقدير ذكاءها

في الغالب هي قامت بالركض بشكلٍ عشوائي خلف عربة مثلجاتٍ أو ما شابه!

أجل هذا يشبهها أكثر'

أومأت كايا برأسها كما لو كانت مقتنعةً بالاستنتاج الذي توصلت إليه، لم تكن ريا من نوع الأشخاص الذين كانوا يخططون على المدى البعيد بل كانت من النوع الذي يسير خلف الدوافع اللحظية.

ألم يظهر ذلك في كيف أنها دعت كايا ورين وهاروكي إلى نزهةٍ معاً بالرغم من المشاكل المعقدة بينهم فقط لأنها شعرت بالقلق عليهم؟

لذا كان التفكير بأنها ستتصرف أثناء التفكير في تأثير أفعالها على المستقبل هو أغبى شيءٍ لفعله.

وبالطبع كان تفكير كايا بأنها لحقت عربة مثلجاتٍ بعشوائيةٍ صحيحاً تماماً.

***

"اممم هل تريد أخذها؟"

تحدثت ريا أثناء مد يدها لرين الذي جلس بجانبها أثناء انتظارها لتنتهي من تناول المثلجات.

"كنت أخطط لاعطائها لكايا ولكن يبدو أني لن أستطيع ذلك

ولا أعتقد أن باستطاعتي أكل الاثنتين وحدي"

بالطبع كان باستطاعتها ذلك لكنها قررت مراعاة رين الذي كان على هذه الحالة بسببها وفوق كل ذلك لم يكن من المهذب الأكل هكذا أمام شخصٍ آخر.

بالطبع لم تكن ريا الشخص الذي اهتم بالآداب ولكن ربما لأنها شعرت بالغرابة بطريقةٍ ما اليوم؟فقد قررت التصرف باحترامٍ تجاه رين.

"حسناً لا مانع لدي.."

أجاب رين بنبرةٍ غريبة، ربما لأنه لاحظ سلوك ريا الغريب والذي كان مختلفاً عن العادة.

أعني بالطبع لطالما كان سلوك ريا غريباً بالنسبة له لكنه كان غريباً بشكلٍ خاص اليوم.

"..."

"..."

'ما الذي من المفترض أن نتحدث عنه؟'

أخذ رين المثلجات من ريا ثم ساد الصمت لفترة حيث لم يسمع سوى صوت لعق شخص ما للمثلجات وفكرت ريا في ما الذي من المفترض أن تقوله لكسر هذا الصمت المحرج ولكن، وقبل أن تقول أي شيء، فقد تحدث رين إليها أولاً.

"لقد ظننت أنكِ ستكتئبين كثييراً بعد موت كاي، لكني سعيدٌ برؤية أنكِ تستمتعين بوقتك"

لقد فكر رين بصدقٍ في ذلك حيث كان قلقاً على حالة ريا النفسية بعد موت كاي لذا كان سعيداً برؤية أنها تتخطى الأمر بالرغم من المشاعر المؤسفة.

بالطبع لم تشعر ريا بأي نوعٍ من الحزن حيث بالنسبة لها لم يكن كاي قد مات بل فقط غير وظيفته لذا لم يكن لديها أي مشاعرَ خاصةٍ تجاه موته لكن رين على الأقل اعتقد ذلك.

على أي حال وكما لو أن رين قد سأل السؤال الذي كان يضغط على حلقها فقد نظرت ريا بغرابةٍ إلى رين ثم تحدثت دون تغيير تعبيرها.

"حسناً هذا ينطبق عليك أيضاً

لقد توقعت أنك ستكون أكثر حزناً على موت الشخص الذي عمل معك لوقتٍ طويل

لكنك لا تبدو حزيناً البتة"

تساءلت ريا بصدقٍ عن سبب ذلك، حيث تصرف رين بشكلٍ مختلف عن القصة التي عرفتها.

ففي القصة الأصلية، شعر رين بالكآبة أيضاً لموت كاي، لكن على عكس هاروكي فلم تُخَفَّض رتبته حيث كان من النوع الذي فصل مشاعره الشخصية عن العمل.

لكنه بالتأكييد عبر عن حزنه بطرقٍ مختلفة حيث استمر بذبح الوحوش لعدة أيام، كما أن تفاعله مع الجنودِ المحيطين قد قل.

لذا ربما كان هذا هو السبب الذي جعله يقع في حب الأميرة؟حيث كانت الأميرة لطيفة بما يكفي لمواساته وخففت عنه في كثييرٍ من الأوقات.

ربما لأنها اعتقدت أن وفاة كاي كانت بسببها حيث تم تعيين الكثير من الجنود للبحث عنها عندما هربت ما أدى إلى قلة الجنود الباقين لحراسة القلعة والذي بطبيعة الحال كان سيؤدي إلى تسهيل اقتحام الساحرة للقلعة وقتل كاي والتنكر بشكله.

بالطبع كان سبب موت كاي هو حرقه ظلماً وليس أياً من ذلك، لكن الأميرة بالتأكيد لم يكن لديها طريقةٌ لمعرفة ذلك.

على أي حال وعلى عكس كل ما حدث في القصة فقد بدا أن رين كان غير مبالي إلى حدٍ ما بموت كاي ما جعل ريا تشعر بالحيرة لكن رين أجاب بتعبيرٍ مُحرج على سؤال ريا أثناء خدش رأسه.

"اه هذا..

انه ليس وكأني لست حزيناً..

لكن كيف أقولها..

بطريقةٍ ما لا أستطيع التفكير في أن كاي قد مات

أدرك ذلك بعقلي لكن قلبي يرفض الاقتناع بطريقةٍ ما..

كيف أقولها..

كما لو أني استطيع الشعور بكونه على قيد الحياة؟"

كان رين رفقة كاي لفترةٍ طويلة، لذا كان الشخص الأكثر درايةً به، لقد كان كاي نوع الشخص الذي عاد على قيد الحياة عندما ظن الجميع أنه سيموت لذا كان من الصعب التصديق أن ساحرةً ستنال منه.

اذا كان سيموت فقد كان متأكدةً على الأقل من كونه لن يموت بهذه الطريقة، لم يكن ذلك مثل كاي الذي عرفه، لذا ربما لهذا السبب لم يستطع تقبله؟

لكن بالطبع كونه لم يستطع تقبله لا يعني أن الحقيقة ستتغير.

كاي قد مات.

كانت حقيقة لا يمكن تغييرها.

لذا سواء أراد ذلك أم لا فلم يكن لديه خيار سوى الاقتناع به.

لكن وفي مرحلة ما وقبل أن يدرك ذلك

تلاشى تصديقه لهذه الحقيقة.

لم يستطع أن يعلم كيف أو متى حدث ذلك لكن الشيء الأكيد هو أن قلبه كان يصرخ بكون كاي على قيد الحياة إلى الحد الذي أثر على مشاعره.

كان كاي على قيد الحياة.

كانت تلك هي الحقيقة التي صدقها قلبه وبالرغم من أنها كانت مختلفة عن الحقيقة التي صدقها عقله فلم يستطع سوى التأثر بها.

لذا ربما كان هو السبب في أنه تصرف بطريقةٍ غير مباليةٍ عن غير قصد.

"ما الذي أقوله...يبدو أني بدأت أتحدث بالهراء...أرجوكِ انسي ما قلته...آنسة ريا...؟"

خدش رين وجهه بتعبير محرج لكن ريا حدقت في وجهه فقط بعينيها مفتوحةً على مصراعيها لذا لم يكن لديه خيارٌ سوى مناداة اسمها بقلق.

لكن وكما لو أنها لا تستطيع سماع ذلك فقد استمرت ريا فقط بالتحديق في وجهه بنفس التعبير.

ربما لأنها أدركت في تلك اللحظة.

لا، لم يكن لديها خيارٌ سوى ادراك ذلك.

لقد علم رين منذ ذلك اليوم.

هوية كايا الحقيقة.

بالرغم من أن جنسها وشكلها قد تغير.

فقد استطاع التعرف عليها.

لذا فقد كان ذلك هو السبب في أن موقفه قبل وبعد مقابلة كايا كان مختلفاً تماماً.

لقد كان ذلك مذهلاً إلى الحد الذي جعلها تريد التصفيق لكنها لم تقم بذلك.

ربما بسبب أنها شعرت بطعمٍ مرٍ في فمها؟

كان هذا غريباً عندما كانت تتناول المثلجات.

لكنها لم تستطع انكار ذلك حيث كان قلبها يدق بشكلٍ غريب وشعرت بالالتواء في معدتها.

ربما كانت تجربه للمرة الأولى في حياتها.

الشعور المسمى بالغيرة.

2022/05/29 · 154 مشاهدة · 1191 كلمة
Shizuka
نادي الروايات - 2025