42 - في العالم الحقيقي من جديد(٢)

سقوط

"هاه؟ما الذي يحصل؟"

الأشخاص الأربعة التي كانت تحدثهم للتو سقطوا فجأة واصطدموا بالأرض لذا كان من الطبيعي أن الفتاة ذات الشعر البرتقالي أو يونا كانت متفاجئة.

"مهلاً..ما الذي تفعلونه فجأة؟..هل هذا نوع جديد من المزاح؟"

"..."

بالرغم من حديثها المستمر فلم يكن هناك جواب لذا نمت شكوك يونا.

وكما لو كان لتأكيد شكوكها فقد جلست يونا على الأرض واقتربت من الجثث ثم وضعت اصبعاها السبابة والوسطى على رسغهم الواحد تلو الآخر.

وكما هو متوقع.

لم يكن هناك نبض.

لذا الآن كانت يونا متأكدة من أن شكوكها كانت حقيقية.

ما كان أمامها الآن لم يكن سوى مجرد جثث.

والأشخاص الذين من المفترض أن يكونوا داخلها...

في الغالب تم اعادتهم.

"هاااه"

تنهدت يونا ونظرت نحو السماء بتعبير معقد.

كان من الصعب معرفة ما اذا كانت غاضبة أم حزينة.

ثم في النهاية أعادت نظرتها إلى الجثث الأربعة حولها واستمرت بالتحديق بهم لفترة من الوقت دون أن تنبس ببنت شفة.

ربما كانت محاولتها اليائسة لتقمع شعورها بأنه تم التخلي عنها.

لذا ليونا التي كانت ما تزال تحدق في الجثث بصمت.

تحدث شخص ما فجأة.

***

فتح أربعة أشخاص أعينهم في مكان مألوف وغير مألوف.

"ما هذا..هل عدنا..؟"

كان أول من فتح فمه بين الأشخاص الأربعة هي الفتاة ذات الشعر الأشقر التي بدت في الخامسة عشرة من عمرها تقريباً.

"هذا حصل أسرع مما توقعت.."

تمتم الشاب ذو الشعر الأسود بذهول كما لو كان متفاجئاً.

في هذه الأثناء نظرت الفتاة الشقراء حولها وسألت كما لو أنها لاحظت شيئاُ غريباً.

"لكن ماذا عن يونا؟"

كان المعنى الوحيد لعدم وجود يونا في الجوار هو أن يوي وآرثر لم يستطيعوا العثور عليها والذي كان سيئاً لذا تمنت ريا سماع اجابة مختلفة من فم يوي ولكن يوي التي بدت شاحبة إلى حد ما لم تجب سؤالها.

"هذا ليس الوقت المناسب للسؤال عن هذا!!!

نحن في ورطة!!!"

صرخت يوي بصوت مرتجف ثم بدأت الشرح على عجل.

وبمجرد انتهائها سألت ريا بعينيها مفتوحة على مصراعيها كما لو أنها لا تستطيع التصديق.

"تم مهاجمة آرثر؟؟؟"

"أجل والعجوز يحاول الآن الدخول إلى هنا!!"

عندها فقط لاحظت ريا الصوت الصاخب الذي كان يصدر من ناحية الباب.

'لذا فقد كان مصدر الصوت هو الرجل العجوز الذي يحاول كسر الباب والدخول لقتل يوي..'

"ان استمر على هذه الحال فسيستطيع الدخول قريباً!!"

صرخت يوي بهلع.

وكان ذلك طبيعياً.

فلم يكن باب منزلهم والذي كان بوضوح منزل للفقراء قوياً بما يكفي لتحمل الضرب لوقت طويل دون أن ينكسر.

لذا فقد كانت مسألة وقت قبل أن يدخل إلى هنا.

لكن كايا التي سمعت ذلك كان لديها شيء أهم للتفكير فيه أكثر من العجوز الذي كان على وشك اختراق منزلهم.

"في الوقت الحالي من الأفضل جعل أولويتنا هي انقاذ آرثر، فحتى لو لم تكن ضربة قاتلة فسيموت ان استمر بالنزيف دون علاج"

كان من المضحك أن الشخص الذي قال بتعبير جاد على وجهه كان في الواقع طفلاً في العاشرة من عمره لكن لم يعلق أحد على ذلك.

وكان ذلك طبيعياً حيث كان هذا الطفل هو كايا التي كانت تقوم بدور نائب قائد الجيش الملكي داخل القصة لذا كان من الغباء السخرية منها في الوقت والوضع الحاليان.

على أي حال يوي التي سمعت كلامها انفجرت بالبكاء وتمتمت بصوت مرتجف.

"هذا خطأي!!...كان عليَّ ايقافه عندما قال أن سيذهب وحده"

"اهدئي! كل شيء سيكون على ما يرام"

"هذا صحيح!"

أومأت كايا برأسها كما لو كانت تتفق مع ما قالته ريا ثم تحدث رين الذي كان يستمع بابتسامة متغطرسة أثناء طي يديه.

"مع من تظنين أنكِ تتحدثين؟"

"نحن أشخاص تغلبوا على دمى بشرية فهل تظنين أننا لا نستطيع التغلب على محض عجوز؟"

أضافت ريا بنبرة مغرورة أيضاً وكان كلامها صحيحاً.

كان من السخيف المقارنة بين الدمى البشرية التي عانوا للتغلب عليها وعجوز بلا أي قدرات خاصة.

حتى لو فقدوا مهاراتهم السابقة فلم يكن من الصعب التغلب عليه.

لا حتى لو لم يكن لديهم ذكريات قتالاتهم في القصة فلم يكن من الصعب التغلب على العجوز عند النظر إلى أنهم كانوا متفوقين بوضوح عليه من الناحية العددية.

لذا كانت فرص هزيمتهم على يده..

هي بالتأكيد صفر.

بالطبع سيتغير الاحتمال لو كان لديه مسدس ولكن لم يبدو أن الرجل العجوز كان كذلك لذا كان من الطبيعي أن ريا تحدثت بثقة.

"نحن أقوياء الآن...نستطيع انقاذ الجميع!"

مجدداً كان من المضحك سماع ذلك من طفل في الحادية عشر من عمره.

اذا سمع شخص آخر ذلك لضحك فقط وقال أن الطفل يشاهد الكثير من الأفلام لكن لا أحد من الموجودين قال ذلك عند التفكير في أن هذا الشخص كان قائد الفصيلة الأولى الذي تم ترقيته ليصبح نائب القائد بعد موت كاي.

أو بمسمى آخر، هاروكي.

عند سماع ما قاله الجميع مسحت يوي دموعها وأومأت برأسها بعيون حازمة.

"نعم!"

"حالياً لنخرج من النافذة ونتجه إلى منزل العجوز!"

بالطبع كان الخروج من الباب خياراً لكن ريا قررت أنه سيكون من الأفضل الخروج من النافذة لتجنب المواجهات غير الضرورية التي ستضيع وقتهم بلا داع.

والذي كان سيئاً عندما كانت كل دقيقة مهمة لإنقاذ حياة آرثر.

وأيضاً كان هذا هو الطابق الأرضي لذا لم يشكل القفز من النافذة مشكلة.

"فليتأكد كل منكم من أخذ أي نوع من الأسلحة معه!"

"حسناً!"

بمجرد سماع كلمات ريا أومأ الجميع برأسهم ثم تفرقوا للحصول على سلاح.

بالمجمل كان الجميع يحمل عصا في يده.

ربما لأنهم اعتادوا على استخدام السيوف.

بينما كانت يوي تمسك بمقلاة بالاضافة إلى رذاذ الفلفل الذي كان معها في وقت سابق.

أما ريا فقد كانت تمسك بمطرقة.

ربما كان مايزال لديها ضغينة في قلبها ضد يوي؟

أو ربما كانت ببساطة تحب المطارق؟

لم يعلم أحد السبب لكن لم يجرؤ أحد على السؤال عند النظر إلى ريا التي كانت تلوح في المطرقة بالأرجاء بابتسامة شريرة كما لو كانت تنوي قتل شخص ما.

على أي حال وبمجرد انتهاء الجميع من اختيار أسلحتهم قفزت ريا أولاً من النافذة وتبعها الجميع بالقفز على التوالي.

ثم ركضوا بأقصى سرعتهم متجهين إلى منزل الرجل العجوز.

كسر!

كسر الرجل العجوز أخيراً الباب ودخل إلى المنزل.

ولخيبتة أمله كان المنزل فارغاً تماماً عندما دخل.

عند النظر إلى النافذة المفتوحة كان لديه توقع لما حصل.

"تباً لقد هربت!"

لف العجوز جسده بسرعة وخرج من المنزل متجهاً إلى منزله بأقصى سرعته.

لأنها ستكون خسارته اذا استطاعت يوي استعادة يونا وآرثر.

وربما بسبب ذلك؟

لم يلاحظ أن الأطفال الذين كان من المفترض أنهم مستلقين في الصالة قد اختفوا.

***

"لندخل بسرعة!!"

قالت ريا ذلك ثم فتحت الباب ودخلت على عجل وتوجهت إلى غرفة الضيوف.

عند رؤية آرثر الذي كان ينزف ببشرته التي تحولت إلى اللون الأزرق حولت نظرها بسرعة إلى كايا وتحدثت.

"كايا فلتقدمي الاسعافات الأولية لآرثر!!!

ورين فلتقم باحضار يونا!"

"حسناً!!"

مذ أن كانت كايا في الجيش فقد كان من الطبيعي أنها تملك خبرة طبية أكثر منهم وبما أن رين كان الأقوى جسدياً في الوضع الحالي فقد كان من الطبيعي أنها طلبت منه حمل يونا.

كايا ورين الذين فهموا ذلك أجابوا على عجل ثم ذهبوا لتنفيذ ما طُلِب منهم.

"وهارو أنت.."

همس

اقتربت ريا من هارو وهمست في أذنه.

"فهمت!"

بمجرد أن سمع ذلك أومأ برأسه ثم ذهب عل عجل لتفيذ مهمته.

برؤية ظهر هاروكي الذي غادر الغرفة.

ابتسمت ريا ابتسامة شريرة جعلت من رأوها يشعرون بالقشعريرة أسفل ظهورهم.

لكن بالطبع لم يقل أحد ذلك.

***

"وجدتكِ!...اوه؟"

العجوز الذي وصل للتو إلى منزله توجه بسرعة إلى غرفة الضيوف لأنه كان المكان الذي ستكون يوي فيه بكل تأكيد لكنه تفاجئ بالمشهد الذي رآه.

"أنا رأى..اذا فقد استطعتي اعادتهم"

وذلك لأن يوي لم تكن الوحيدة في هذه الغرفة.

تحدث الرجل بذهول كما لو أنه لم يتوقع أن تستطيع يوي اصلاح اسلاكهم بهذه السرعة لكن سرعان ما تحول تعبيره المذهول إلى ابتسامة قذرة.

"ولكن هذا مؤسف..فلا أحد منكم سيخرج من هنا على قيد الحياة!"

"دعنا نذهب!!"

"هل أنتي تتوسلين الآن؟

آسف لهذا ولكن مهما فعلتم فلن أرحمكم!"

"بففف"

ضحكت ريا على الرجل العجوز الذي ظن أنها كانت تتوسل أليه عند رؤية ذلك عبس الرجل العجوز كما لو كان لا يستطيع أن يفهم سبب ضحكها.

"أيها العجوز ألا تظن أنك تسيء فهم الموقف؟

لماذا تظن أنك تستطيع التغلب علينا؟

ألا ترى أننا أكثر منك عدداً؟

اه!هل ربما ضعف بصرك بسبب التقدم في السن؟

لا بأس!لا داعي لأن تخجل من الأمر فهذا شيء يحصل للجميع!"

قامت ريا باستفزاز العجوز بشكل علني لكن وبشكل مدهش فلم يفقد العجوز أعصابه لذلك بل رد فقط بابتسامة متكلفة.

"التخلص من مجموعة أطفال ليس بالأمر الصعب حتى بالنسبة لعجوز مثلي"

في الواقع لقد كان ذلك أمراً صعب حتى على شاب مُدرب ولكن ريا لم تكلف نفسها عناء شرح ذلك بل فقط تحدثت كما لو كانت لم تنتهي مما أرادت قوله.

"وأيضاً ان فعلت شيء ما لنا.."

رفعت ريا زوايا فمها وتابعت التحدث بابتسامة خبيثة.

"فمن يدري ما الذي سيحصل لزوجتك الجميلة؟"

"...!!"

'مستحيل!'

عندها فقط لاحظ العجوز أن شخص ما كان مفقوداً.

ظن في البداية أنهم لم يملكوا الوقت لإصلاح جهازه لكن الآن وبعد سماع ما قالته ريا فقد عنى ذلك شيئاً واحد.

"لا تخبريني.."

"هذا صحيح!هارو الآن ينتظر اشارة مني ليقوم بقطع شريان حياتها الذي مازالت على قيد الحياة بفضله!

أتعلم ما الذي يعنيه هذا؟"

"..."

"صرخة واحدة مني ستكون كفيلة بالقضاء على الحياة الضئيلة لزوجتك!!

ألا يجعلك هذا تريد الضحك؟؟!"

"أيتها اللعينة!!"

نظر العجوز إلى ريا بعينيه محتقنة بالدماء كما لو كان يريد قتلها لكن كان من الواضح ما الذي كان أكثر أهمية الآن لذا استدار وركض بسرعة بلا ندم.

"متى قمتِ باخبار هارو بفعل شيء كهذا؟"

اقترب رين الذي كان يحمل يونا على ظهره من ريا وسأل لكن ريا فقط ابتسمت بدلاً من الاجابة.

عند رؤية ذلك سأل رين بتعبير قلق.

"أليس علينا اللحاق به..؟"

صحيح أن هاروكي كان شخصية قوية في القصة وأيضاً لديه الكثير من الخبرة حتى لو فقد مهاراته ولكن ما الذي كان من الممكن أن يفعله بجسد فتى في الحادية عشر من عمره؟

كان ما يستطيع اظهاره محدود لذا حتى العجوز الذي كان بلا قدرات خاصة سيستطيع التغلب عليه لكن ريا فقط هزت كتفها بابتسامة كما لو لم يكن بالأمر الجلل.

"لا تقلق بشأن ذلك..هارو سيتولى أمره"

ابتسمت ريا بثقة.

لا..في الواقع بدلاً من ثقة فقد ابتسمت بشر.

رين الذي رأى ذلك كان متأكد في تلك اللحظة.

'اه..ذلك العجوز بالتأكيد قد تم خداعه'

ابتعد رين ببطئ عن ابتسامة ريا التي تجلب القشعريرة لكن ريا التي لم تعلم مشاعره استمرت بالضحك بشرٍ كما لو كانت مستمتعة.

لم يعلم الجميع متى حصل ذلك لكنهم كانوا متأكدين من أن شخصية ريا ازدادت سوءاً في مرحلة ما.

لكن بالتأكييد...

لم يقل أحد ذلك.

***

في هذه الأثناء وصل العجوز أخيراً إلى غرفة زوجته وصرخ بيأس.

"يوميكو!!!!"

ولكن ولمفاجأته كانت زوجته مستلقية كما تركها ولم يكن هناك شخص بالغرفة خلافها.

عندها علم العجوز.

أنه تم خداعه.

"تلك الشقية لقد خدعتني!!!:

تحدث العجوز بغضب.

"لن أدعها تفلت!"

وبمجرد أن كان على وشك الالتفاف.

ضرب شيء ما مؤخرة رأسه جعل المشهد أمامه يهتز.

حاول العجوز التوازن لكنه سرعان ما سقط على الأرض وفقد وعيه.

"آسف..أنا أنفذ فقط ما قالته لي أختي ريا....."

كان هذا آخر ما سمعه قبل أن يفقد وعيه بالكامل.

2022/06/19 · 122 مشاهدة · 1717 كلمة
Shizuka
نادي الروايات - 2025