"ما هذا؟"

تحدثت الفتاة ذات الشعر الأسود والعيون الأرجوانية بنبرة منزعجة أثناء النظر حولها.

"في البداية تركوني خلفهم والآن يخرجونني من جسدي؟"

حدقت الفتاة في جسدها شبه الشفاف الذي كان يطفو في الهواء.

كان هذا جسدها لكنها شعرت بأنه غير مألوف لها إلى حد ما.

ربما لأنها قضت فترة في جسد الأميرة داخل القصة.

"أولئك الحقراء...سأقتلهم!"

على أي حال الفتاة ذات الشعر الأسود التي فهمت أنها كانت في هذا الشكل الآن لأن شخص ما أخرجها من جسد الأميرة بالقوة شتمت بالهواء وتوعدت بالقتل.

لكنها سرعان ما توقفت لأنها لاحظت شيئاً غريباً.

عندما نظرت إلى الأسفل لاحظت أن جسد الأميرة كان يقف كما لو كان هناك روح بداخله.

وأمامه كان جسد الأمير في نفس الحالة.

كان من المفترض أن ريا والآخرين خرجوا وعادوا إلى أجسادهم الأصلية لذا كان من غير المفهوم كيف كانت هذه الشخصيات تتحرك الآن.

"هذان الاثنان هل هما.."

لكن وبعد الاستماع إلى محادثتهم، استطاعت الفتاة ذات الشعر الأسود أن تخمن هويتهم.

"الرجل العجوز وزوجته؟"

وكان تخمينهما...

صحيحاً تماماً.

***

"يو..ميكو..لما..ذا؟"

تمتم جيم بذهول كما لو كان لا يستطيع التصديق لكن يوميكو ابتسمت فقط ثم أجابت.

"يبدو أن الأطفال يريدون منا أن نتحدث...."

قالت ذلك أثناء النظر إلى السماء ثم خفضت بصرها لتواجه عيني جيم التي مازالت تحدق بها بذهول.

"لطالما أردت التحدث مع جيم لذا أنا سعيدة بذلك

وأيضاً...هناك سؤال أردت طرحه عليك"

"..."

"جيم لماذا...أدخلتني إلى هذه القصة؟"

"..."

لم يعد تعبير يوميكو التي طرحت هذا السؤال يبتسم.

لا كان فمها لايزال يبتسم لكن عينيها لم تبدو كذلك بالتأكيد.

بدلاً من ذلك بدا كما لو كان هناك حزن عميق خلف عينيها التي كانت تحدق بجيم.

جيم الذي لاحظ ذلك لم يستطع الاجابة لفترة.

"لكي..أجعلكِ..سعيدة"

لكنه في النهاية فتح فمه وأجاب أثناء خفض رأسه.

"لماذا ظننت أن ذلك سيجعلني سعيدة؟"

"لأنكِ...قلتي ذلك"

بدا أن نبرة يوميكو التي كانت تتحدث إليه كانت تزداد حدة، لذا لم يستطع جيم الذي شعر وكأن كلماتها الحادة تخترقه النظر إلى وجهها.

بسماع إجابته تنهدت يوميكو.

كانت تنهيدة تحتوي على مشاعرها.

الحزن والغضب والاحباط.

جيم الذي سمع ذلك لم يستطع سوى أن يعض على شفته دون أن ينبس ببنت شفة.

"بسبب محادثة عابرة بيننا...."

ثم فتحت يوميكو فمها بنبرة مريرة.

"بسب هذا المحادثة العابرة...أنت أضعت عشر سنوات من حياتك في صنع ذلك الجهاز...ثم قمت بتوريط أطفال أبرياء بالأمر وأدخلتني رغماً عني إلى هذه القصة لألعب دور المشاهد؟"

"..."

"قل شيئاً!!!!"

برؤية جيم الذي لم يجب صرخت يوميكو بغضب.

"لا تبقى صامت هكذا!!!

لماذا فعلت هذا؟؟!!!

لقد ظننت أنك تفهمني!!!

حتى لو لم أستطع الحديث..!!!!

لقد آمنت بأنك ستفهم ما هي السعادة بالنسبة لي حتى لو لم أخبرك بذلك!!!!

لذا..

لذا...

كيف آلت الأمور إلى هذا المآل؟؟؟!!

أجبني!!!

جيم!!!"

"..."

صرخت يوميكو بأعلى صوتها كما لو كانت غاضبة.

المشاعر التي كانت تحبسها منذ سنوات.

المشاعر التي لم تستطع إخراجها.

المشاعر التي أرادت التحدث عنها.

جميعها كانت تخرج الآن في هذا اللحظة.

لدرجة أنها لم تستطع معرفة ما كانت تشعر به الآن.

أكان الحزن أم الغضب؟

أم ربما السعادة؟

لم تستطع أن تعلم.

كان ذلك طبيعياً.

فالنسبة لها هي التي لم تتحدث لعشرين عاماً، كان من الطبيعي أن مشاعرها كانت مختلطة.

لكن كان هناك شيء واحد مؤكد.

أنها أرادت أن تسمع الإجابة.

لماذا لم يستطع فهمي؟

ألا يعلم ما هي سعادتي؟

لماذا أدخلني إلى هذه القصة؟

لماذا أضعاع سنين حياته من أجلي؟

لماذا ورط أطفال لا ذنب لهم من أجلي؟

لماذا ظن أني سأكون سعيدة بدخول قصة؟

حتى لو كان الواقع مؤلماً فهل ظن أني سأكون سعيدة في قصة؟

لماذا؟

آلاف الأسئلة كانت تدرو في رأسها.

لكن ما خرج في النهاية كان واحداً.

كيف آلت الأمور إلى هذا المآل؟

لقد أرادت أن تعلم.

منذ متى تحول كل شيء بشكل خاطئ؟

منذ أن قالت على سبيل المزاح أنها تريد دخول قصة؟

أم منذ أن أخذ جيم ذلك على محمل الجد وبدأ بصنع ذلك الجهاز؟

أم ربما منذ أن أصيبت بالمرض الذي جعله يصبح على هذه الحال؟

أم ربما قبل ذلك بكثير؟

منذ اليوم الذي زارت فيه مقهاه للمرة الأولى..

ربما منذ ذلك الوقت كان كل شيء بالفعل يسير في الاتجاه خاطئ؟

لم تعلم يوميكو الجواب.

لذا أرادت من جيم أن يخبرها.

لكن في النهاية كان جيم مثلها..

حتى هو...لم يكن يعلم.

كيف سارت الأمور بشكل خاطئ.

"لا أعلم..أنا لا أعلم!!

لن أعلم ما ترغبين به م لم تتحدثي!!!!

لقد حاولت!!!

لقد حاولت بكل الطرق حتى أجعلكِ سعيدة!!!!!

لذا...

لذا..!!!

لماذا؟؟!

لماذا تبكين الآن؟؟؟

هل فعلت كل شيء بشكل خاطئ؟؟

هل أنا لم أنجح حتى النهاية؟؟!!

ألم أستطع جعلكِ سعيدة؟؟

أخبريني!!!

كيف أجعلكِ سعيدة؟؟؟!!"

"..."

في النهاية كان جيم أيضاً بشراً.

مهما كان مقدار قربك من شخص ما فلم يكن ذلك يعني أنك ستتمكن من فهمه بشكل أعمى.

فلم تكن القدرة على قراءة الأفكار شيء يتمتع به الانسان.

في المقام الأول لم يستطع الشخص نفسه في كثير من الأحيان فهم نفسه لذا هل كان من الممكن لشخص آخر أن يفهمه بينما هو نفسه لم يستطع ذلك؟

كان ذلك مستحيلاً.

ما يكتسبه الانسان من قضائه وقتاً طويلاً مع شخص ما هو القدرة على قراءة تعابيره وليس القدرة على قراءة أفكاره.

واللذان كانا شيئين مختلفين تماماً.

على سبيل المثال سيستطيع القول من تعابيره أن هذا الشخص سعيد.

لكن ذلك لا يعني أنه سيستطيع معرفة ما كان سعيداً بشأنه.

باختصار سيستطيع قراءة مشاعره حتى لو لم يعلم سببها.

النتيجة والسبب.

كانا شيئان مختلفان تماماً.

لذا كان من الطبيعي أن جيم لم يستطع معرفة ما سيجعل يوميكو سعيدة.

عندما تحدثت يوميكو عن كونها تريد دخول قصة استطاع جيم أن يقرأ السعادة في مشاعرها.

لكنه بالتأكيد لم يستطع معرف مصدرها.

ربما كان ذلك لأنها كانت تفكر الآن في عقلها أنها كانت داخل قصة؟

أو ربما لأنها كانت تتحدث معه؟

أو ربما فقط لأن القصة التي قرأتها للتو جعلتها سعيدة؟

كان هناك الكثير من الأسباب.

ومالم يستطع قراءة الأفكار فلم يكن ليستطيع معرفة أيٌ منها كان صحيحاً.

لذا وبعد فترة من مرض يوميكو تذكر جيم تلك اللحظة وفكر.

ربما كان الخيار الأول؟

وهكذا انتهى به الأمر بادخالها إلى هذه القصة.

لذا في النهاية كانت سلسلة من سوء الفهم الذي لم يكن هناك طريقة لحله.

لكن الآن فقط كان يستطيع أن يعلم.

أن يوميكو التي كانت تحدثه الآن..

لم تكن بالتأكيد سعيدة.

"جيم...ما هي السعادة بالنسبة لك؟"

"سعادتي؟"

تمتم جيم على سؤال يوميكو بنبرة سخيفة كما لو كانت تسأل عن أوضح شيء في العالم.

"بالطبع رؤيتك سعيدة"

لو لم يكن كذلك فهل كان سيقضي كل هذا الوقت في كل ما فعله؟

لذا في النهاية كانت سعادته هي سعادتها.

يوميكو التي علمت بأنه سيقول ذلك أومأت برأسها ثم سألت.

"لذا لم ظننت أن الأمر مختلف بالنسبة لي؟"

شعر جيم كما لو أن شيء تحطم في تلك اللخظة.

لم لم يفترض ذلك؟

لم لم يستطع معرفة ذلك؟

اذا كانت سعادته هي رؤيتها سعيدة فلم ظن أن سعادتها ستكون مختلفة؟

كان ذلك سخيفاً.

للتفكير أن الاجابات التي تستغرق سنين لحلها من الممكن أن تكون بهذه البساطة.

كان ذلك سخيفاً جداً لدرجة أنه أراد ضرب نفسه في هذه اللحظة لكن يوميكو التي لم تلاحظ ذلك تابعت الحديث فقط.

"ألم تفترض أبداً أن مفهوم السعادة بالنسبة لي هو نفس مفهوم السعادة بالنسبة لك؟

طوال المدة التي كنت تغيب فيها كنت أشتاق لرؤيتك ولكني لم أرد أن أكون أنانية وأجبرك على البقاء بجانبي طوال الوقت

لا..حتى وان أردت ذلك فلم أكن لأستطع

فلم يكن لدي طريقة للتعبير عن ما يجول في ذهني دون التكلم!

عندما أدخلتني لهذه القصة كنت أتمنى رؤيتك أيضاً، لكن...وبالرغم من استطاعتي الكلام فلم تكن هناك طريقة لايصال كلامي لك!

أنت...ضحيت بالكثير من الأشياء من أجل اسعادي، لكن..ذلك لم يسعدني بل كان عبئاً عليَّ فحسب..

وفي النهاية...كلانا لم نكن سعيدين..

لقد أضعنا الكثير من الوقت واستمرينا في اساءة فهم بعضنا البعض...رغم...أن الاجابة كانت واضحة أمامنا طوال الوقت.."

سعادة جيم هي رؤية يوميكو سعيدة وسعادة يوميكو هي رؤية جيم سعيداً.

جيم يكون سعيداً بامضاء الوقت مع يوميكو ويوميكو تكون سعيدة بامضاء الوقت مع جيم.

لقد كانت الاجابة الأكثر وضوحاً في العالم لدرجة أنه كان من السخيف التفكير في أنهم أمضوا ما يقارب عشرين عاماً للوصول إليها.

في النهاية كان كلاهما مجرد زوح من الأغبياء.

"يبدو أني وجيم غبيان حقاً أليس كذلك؟"

"أجل..نحن الأكثر غباء في هذا العالم"

قالت يويكو ذلك بابتسامة منتعشة بطريقة ما ورد جيم على سؤالها بنفس الابتسامة كما لو كان لديه نفس الشعور ثم عانق يوميكو التي بدا وكأنها تتلاشى بطريقة ما.

"جيم..من الآن فصاعداً أرجوك كن سعيداً"

يوميكو التي شعرت بشيء دافئ على كتفها تحدثت أثناء التساؤل عما اذا كان من الممكن للدموع أن تكون بهذا الدفء.

"حتى لو لم أكن معلك...أرجوك واصل العيش وأبحث عن أشياء تجعلك..سعيداً..أرجوك...فلتكن..سعيداً من أجلي"

"أجل..أنا آسف لأني لم أستطع جعلكِ سعيدة"

"لا بأس..فأنا الآن...أسعد انسانة في العالم!"

يوميكو التي قالت ذلك.

كان لديها حقاً أسعد ابتسامة في العالم.

"اه..يبدو أن وقتي شارف على الانتهاء..

أتمنى لو كنت أستطيع البقاء هكذا لوقت أطول..

لكن يبدو أنه حان وقت الوداع

وداعاً جيم"

"ودا..عاً..يو..ميكو"

كان من غير المعلوم اذا كانت يوميكو التي تلاشت تماماً في تلك اللحظة سمعت كلامه لكن جيم قال ذلك على أي حال.

"الوداع..يوميكو"

قال جيم ذلك أثناء النظر للسماء بابتسامة على الرغم من عينيه المليئة بالدموع.

"أرجوكِ أرقدي بسلام سيدتي"

أغلقت ريا الجهاز على شكل كتاب الذي كانت تشاهد ما كان يحصل من خلاله ثم وضعت يديها معاً وتمنت.

"الوداع"

قالت ريا ذلك أثناء النظر إلى جثة المرأة المستلقية على السرير أمامها.

من الآن فصاعداً ستكون بدايتهم.

كان من الصعب القول أن البداية من نهاية شخص ما كانت الأفضل لكن لم يكن ذلك دورها لتعترض على ذلك.

ريا التي تمنت السلام من كل قلبها للسيدة الميتة نظرت مرة أخيرةً إليها ثم غادرت الغرفة.

فمن الآن فصاعداً.

سيبدأون حياتهم من جديد.

في المكان الذي تركوه هرباً من معاناتهم.

تمنت ريا أن يجدوا السعادة فيه هذه المرة.

ثم أغمضت عينيها وخطت خطوتها الأولى نحو حياتها الجديدة.

2022/06/21 · 124 مشاهدة · 1546 كلمة
Shizuka
نادي الروايات - 2025