مجددًا……

يراودني كابوس …استيقظ فزعًا…امشي بلا هدف…الى ان اصل الى هنا …مجددًا….

جالسًا على هذه الحافة .

هذه الحافة التى حاولت القفز منها عدة مرات.

اليس هذا مثيرًا للشفقة ؟

ان يكون عملي تخفيف هموم وآلام الاخرين ، بينما لا استطيع السيطرة على مشاكلي النفسية ؟ على كوابيسي ؟ على وساوسي ؟ على عقد نقصي اللامتناهية ؟

تركت الحافة وعدت سريعا الى منزلي قبل ان يأتيني ميل انتحاري مفاجئ .

اجل ، هذه واحدة اخري من الاشياء التى لا استطيع السيطرة عليها …..ميول انتحارية.

احاول النوم …..لا استطيع ….. اعاني من الأرق .

لذا حاولت بدلا من ذلك العمل ، التحضير لجلسات الغد .

الجلسة الرابعه : كارما.

اريد مساعدة كل مرضاي.

لكن تلك الفتاة هى اكثر من اريد مساعدته.

هي لم تتكلم بعد ، لكني اعلم ان لديها الكثير من الآلام ، تحتاج فقط ان تجد شخصا يدركها.

اريد ان انتشلها قبل ان تغرق.

قبل ان تصبح مثلي.

قبل ان تستوطنها الآلام والهموم وتصبح جزءً منها ، قبل ان يصبح من المؤلم المساس بها.

ربما هي لا تعلم ، لا تعلم انها على حافة الانهيار.

من يؤدي به الخوف ، التوتر والألم الى ايذاء مشاعر الأخرين ، فهو على حافة الانهيار.

وانا لا يمكنني السماح لها بالوقوع من الحافة ، على جرها بعيدًا.

سأجعلها تتكلم وتبوح بمخاوفها ، بلطف وهدوء.

انتهي بي الامر نائمًا بعد ان وضعت خطط بعدد حروف الابجديه بأكملها لأشعرها بأمان كافي لتتكلم.

لكن لحسن الحظ لم احتج لاستخدامها فى اليوم التالى ، فقد بدأت الجلسه بعد ان حيتني بقولها :

" انظر ايها الطبيب ، لقد فكرت فى الامر ، وهذا ماتوصلت اليه ".

نظرت اليها بفضول ، انتظر منها ان تتابع.

" بما انني مجبرة على اخذ هذه الجلسات على اي حال ، وادفع فيها مبالغ طائلة أيضًا ، لذا فلنستغل الامر ، لأحاول التعافي ".

قالت بنظرة متوترة لكن حازمة فى الوقت نفسة ، ولم استطع منع ابتسامتي من الاتساع.

لقد كنت محقًا لديها ما يلزم التعافي منه.

" بالطبع ، سأكون سعيدًا لو انكِ فعلتِ ".

" لذا….اه….حسنًا….".

انها متوترة للغايه ، وهذا طبيعي .

سعلت محاولة تنظيف حنجرتها.

" ان والدي مطلقان ، منذ حوالى اربعة اعوام ، قبل ان يتطلقا كانت هناك الكثير من الشجارات ، لم يتشاجرا امامي ، فى محاولة ليكونا والدان جيدان فى شئ واحد على الاقل ، كان لديهما طقوس خاصة للشجار ، فى الليل بعد ان يأتي ابي من عمله متأخرًا كالعادة ، يتأكدان انى نائمة ، يغلقان الانوار والابواب ، ويبدآن بالشجار ".

صمتت قليلا ، تأخذ انفاسها، ثم تابعت.

" ربما لهذا السبب اخاف من الماكن المظلمة المغلقة ؟ "

" هل تعلمين سبب شجارهما المتواصل ؟ "

" كلا لكني اتذكر متي بدأ ، اتذكر متي كنا اسرة سعيدة اخر مره ، قبل عشر سنوات ، عندما كنت فى السابعة ".

" هل تتذكرين اي تغيير حدث قبل تلك الفترة ؟".

صمتت تحاول ان لا تخونها الدموع.

" لا بأس يمكنك البكاء ".

ما ان قلت ذلك حتي انهمرت دموعها.

" اجل ، موت اخي ".

قالت بصوت خافت يكاد يسمع.

شعرت بقلبي يهبط مع دموعها.

نهضت من مكاني ، جلست بجانبها ، ناولتها بضعة مناديل، وقلت :

" ان كنتِ تريدين يمكننا ان نتوقف هنا اليوم ".

" اجل ، لنفعل ذلك ".

شكرتني وخرجت بعد ان هدأت ، ولم ابدأ الجلسه التاليه فى الوقت المحدد .

كان على ان اهدأ انا الاخر .

2023/10/21 · 36 مشاهدة · 543 كلمة
Tasneem
نادي الروايات - 2025