"لا يمكنك اجباري. "

قلت صارخة بغضب.

"بل يمكنني ، وقد فعلت بالفعل ، وانتِ ستفعلين ما اقوله بلا اعتراض. "

قال بهدوء بينما يشرب قهوته ، قهوته التي اعددتها انا.

"لكن من حقي ان اختار حياتي……ابي. "

قُلت اخر جملتي بصوت منكسر، بينما تجمعت الدموع في عيني.

"وانا اعرف ما في مصلحتكِ ، الان اذهبي ، لدي عمل علي انهاؤه ، انا لست متفرغ وخالي من الهموم مثلكِ. "

ادركت ان النقاش انتهي ، خرجت من المنزل مسرعة.

لا يمككني البقاء هنا ، وهو لم يحاول حتي ايقافي.

يعلم انني سينتهي الامر بي بالعودة مجددا علي اي حال.

لم اعلم اين اذهب ، لا يوجد مكان ليحتويني برحابة صدر ، اشعر اني بلا مأوي.

احارب دموعي لألا تسقط.

مجددا ومجددا ينتهي بي الامر هناك.

اقف امام البوابه الحديديه الكبيره ، علي الاقل هنا حيث لن ارفض ، ولن اكون عبء.

اشتاق اليك ، اتساءل لو انك كنت هنا ، ماذا كنت لتفعل ، كنت ستقف بجانبي ، صحيح ؟

التفكير فيه زاد من همومي ، شعرت بدموعي تنهمر وقلبي ينكسر.

وفجأة امطرت السماء ، هل هذه علامه منك انك لا تريدني انت أيضا ؟

فكرت ان هذا هو موقفي فى الحياة ، اقف وحيدة تحت المطر بلا مأوي ولا حتي مظله.

اريد ان اراك ، لويس.

وكما انهمر المطر فجأة فقد توقف فجأة ايضا.

كلا ، لم يتوقف ، بل كانت هناك مظله تغطيني الان.

التفت الي الوراء سريعا ، حالما رأيته واقفا هناك يلهث ومبلل بالكامل بالمطر ، بينما يغطيني بمظلته ، جعلت عيناي يتوسعان.

ما ان رأيته حتي تعالت شهقاتي.

اقترب سريعا واحتضنني بلطف ، شعرت بالدفئ يجري فى اوصالي ، علي الرغم من ان كلانا مبللين.

بادلته عناقه اللطيف بأخر قوي ، احتضنته كما لو انه سيهرب مني.

وكانت المظله قد وقعت مني.

احتضنته كما لم احتضن شخصا من قبل ، وبكيت كما لم ابكي من قبل.

ابتعد عني ببطء ونظر الي بعينيه الذمرديتان، ثم حول نظره الي السماء.

كنت قد نسيت ان السماء كانت تمطر ، وشعرت بقلبي ينبض بقوة.

امسك يدي بغته وركضنا.

ولم ادرك الامر الا ونحن في منزله.

نقف في الردهة ، نلهث بحثًا عن انفاسنا الضائعه.

ابتسم وامسك بيدي مجددا وجعلني امشي ورائه ، وشعرت بقلبي يدق اكثر بعد ان اصبحت واعية.

ادخلني حمام انيق ، وقال :

" جففي نفسكِ لكي لا تصابي بالبرد. "

ابتسم مجددا وخرج.

يا الهي في اي موقف محرج وضعت نفسي.

بعد ان خرجت كان يجلس الاريكه ويداعب كلب ابيض لطيف.

"ما اسمه ؟"

قلت بصوت مبحوح من الصراخ والبكاء.

"توفاك. "

جعدت حاجبي مستغربة الاسم.

"ما خطب هذا الاسم الغريب ؟"

ضحك ورد قائلًا:

" انها كلمه في لغة احدي قبائل القطب الشمالي ، تعني 'ثلج البحر' ، انه اسم يناسبه ، فهو جميل لكن هش للغايه. "

" بعد التفكير ، هذا جميل للغايه ، كم عمره ؟"

" ثلاثة اشهر. "

"اتسائل ما ان كنت ستدعون علي عيد ميلاده الاول ؟ "

قلت بنبره ممازحة.

"كلا ، لن افعل ، لأنه لن يكمل السنه ، عندما تبنيته كان الطبيب قد قال انه لن يعيش اكثر من اربعة اشهر. "

قال بأكثر نبره حزينه سمعتها علي الاطلاق.

"وانت تبنيته علي الرغم من انك تعلم انه لن يعيش طويلا ؟ لماذا ؟"

" لأشعره ان هناك من يريده ، لأجعله يعيش الاربعه اشهر في حب ، فلم يكن احد ليأخذه ، ان لم افعل فلا يوجد احد اخر سيفعل. "

يا الهي هل يوجد شخص بهذا اللطف ؟

شعرت بالدموع في عيني ، لكن وجدته سريعًا يجذب يدي ويجلسني امامه علي الاريكه ،لنصبح وجها لوجه.

"بحقكِ هل انتِ طفلة ؟ لما لم تجفيف شعركِ بطريقة صحيحة ؟"

امسك بمنشفة من جواره وبدأ في تجفيف شعري بلطف بينما اتذمر بين يديه كالأطفال.

"هل انت بهذا اللطف مع جميع مرضاك.؟"

سألت وتمنيت لسبب ما ان الاجابه هى لا.

"هل ترين ان هذا مجرد لطف بين طبيب ومريضته؟ "

قال بنبره لم افهمها، لكني تجاهلت الامر علي الاقل علمت ان الاجابة هي لا.

"لم يقم احد بتجفيف شعري منذ مدة طويله للغايه ، منذ موت اخي. "

نظر الي عيني وقال :

" لم يقم احد بتجفيف شعري منذ مده طويلة أيضا. "

" منذ متي ؟"

صمت قليلا ثم اجاب :

"منذ خروجي من دار الايتام. "

شعرت بالفزع يجري في اوصالي جراء كلماته ، لكن نبرته لم تكن حزينه على الاطلاق.

اعتقد انه شعر اني علي وشك البكاء ، فقد غير الموضوع سريعا.

"اذا ، هل ستخبرني الانسة كارما لماذا كانت واقفه هناك باكية ؟"

كان بامكاني ان ارفض ، لكني اردت ان اخبره.

"قام ابي بنقلي الي مدرسه اخري دون علمي ، لطالما كان الامر هكذا ، يفعلون ما يريدون دون اخباري ، ذلك المنزل الذي كنت اقف امامه ، انه منزلي القديم ، انتقلنا منه قبل عشر سنوات بعد موت اخي ، وهذا ايضا فعلوه دون اخباري ، لا يراعون مشاعري على الاطلاق ، انا متأكدة ان ابي لا يعلم حتي اني خرجت من المنزل ، ولم يكن في امكاني ازعاج امي وزوجها في منزلهما ، ولا اريد اخبار اصدقائي بهذا ، في كل مره اشعر اني بلا مأوي ، اذهب الي هناك. "

انهمرت دموعي مجددا بهدوء.

احتضنني مجددا ، بلطفه هذا.

"من الان فصاعدا ، كلما شعرتِ انكِ بلا مأوي ، يمكنكِ القدوم الي ، ليس كطبيبكِ ، بل كصديق ، اعلمي اني سأكون علي استعداد لعناقكِ هكذا دائما ، آذان قلبي ستكون مصغيه لكِ دائما. "

بربك ، توقف عن قول اشياء تجعل قلبي يرفرف.

سمعت صوت قلب يدق بصخب ، هل هذا قلبي ام قلبه ؟

قُلت بتهور :

"هل يمكنني البقاء عندك اليوم؟"

ابتعد عني بلطف ثم قال بخفوت :

" هذا سئ ، تجعلينني اتسائل ما ان كنتِ بهذا التهور مع رجال اخرين ، بالطبع ، يمكنك البقاء ، لا يمكنكِ العودة اليوم علي اي حال ، فهناك عاصفه بالخارج ولن تهدأ حتي الغد ، لكن عليكِ الاتصال بوالدكِ لتخبريه. "

وبالفعل اتصلت بأبي وهو لم يهتم كثيرا علي اي حال.

بعد قضائي يوما واحدا في هذا المنزل ، تمنيت لو اني اعيش مع الطبيب.

2023/10/25 · 53 مشاهدة · 968 كلمة
Tasneem
نادي الروايات - 2025