استقبل الملك بلشون هيكون ومن معه في موكب لم يتخيله هيكون ولا هازلينا ولا شيحان، فخارج باب الحصن صفت صفوف الجند مرتدين الدروع الذهبية المرصعة بقرون الطاموس البري، يليهم أجمل جميلات المملكة قد ارتدين خللا مليئة بألوان مبهرة تكاد تخطف البصر من شدة بريقها، زينت جوانب الطرقات بالزهور البرية التي يتفجر منها الرحيق كأنه ينابيع نهر جار.

سأل هيكون نفسه متعجبا: "( لم كل هذا؟! أهناك شيء لا أدركه؟)."

بدت الحيرة على وجهه وهو ينظر ويرى كل مظاهر السعادة تلك من حوله ، إنه عالم من الخيال لم يره من قبل ، فكل حياته كانت ما بين دوي أصوات السيوف والرماح، اللون الأحمر هو أكثر الألوان التي اعتاد عليها؛ فهو لون دماء كل من أوقعه حظه العسر في مواجهته، شعر كأن حياة الشقاء قد ولت بلا عودة وأن ما أتي لهو الخير كل الخير له ولطموحه الذي لا ينتهي. فتح باب الحصن الضخم الذي كثيرا ما سمع أنه أكبر حصن وبوابته هي إحدى كبريات البوابات السبعين. إنها حقا مملكة رائعة، أشجارها الزرقاء الهائلة كأنها قطعة من السماء في لونها

وصفائها تغطي على كل شيء وكأنها تحميه، مر وقت طويل، وخزام كبير مساخيط الجن الذي يحملهم في موكبه يسير بهم داخل المملكة بسرعته المذهلة ليريهم كم هي فسيحة مترامية الأطراف، بعد جولة طويلة فتحت أبواب القصر الملكي لتستقبل وفد هازان؛ هيكون وهازلينا وشيحان وأسيرتهم الأميرة الجميلة هميانا. قال بلشون للوفد: "مرحبا سعدت المملكة بقدوم فارس هازان الأول هيكون شيراز العظيم وملكة هازان الجميلة هازلين وكاتم السر الوفي شيحان، وتحيتي الخاصة لملكة بابليون القادمة الأميرة الساحرة هميانا هاروت."

صمت الجميع فقد وضح ما كان يتساءلون عنه ، هكذا هو الأمر إذن ، بلشون يطمع في أكثر مملكة هازل ، إنه يريد كل شيء متاحاً أمامه؛ يريد الوصاية على مملكة هازل، ويريد الزواج من الأميرة الصغيرة، ويريد أن يكون وارث عرش مملكة هازان ، يا له من ماكر أصاب كل ما يريد بدون أي عناء وهو جالس على عرشه، فقد وضح لي سبب حفل بابليون الساحر هذا الآن . هذا ما دار في رأس هيكون عندما علم بمراد الملك بلشون .

سألت هازلينا الملك قائلة بتعجب: "أتريد الزواج من الأميرة سيدي؟"

نظر إليها مغتاظا من سؤالها ثم قال غاضبا: "ولم لا أيتها الملكة؟ ألست كفؤا لها؟ أهي تستحق من هو أفضل مني؟"

"عفوا مولاي الملك، بل هي من ليست كفؤا لك"

"لا عليك أيتها الملكة ، أنا أعرف جيدا من هو كفؤ لي ، فإنني ملك مملكة بابليون ، فلا تنسي هذا الأمر أبدا صديقتي العزيزة هازلينا"

صرخت الأميرة التي شعرت وسط كل هذه الأحداث بأنها في كابوس مزعج لا تريد أن تصدقه قائلة:

"كيف تفعلون هذا بي؟! ولم؟ ومن هذا الذي يريد أن يتزوجني؟ ألا يعلم أن متزوجة بالفعل وحفل زفافي اليوم؟"

ابتسم الملك ابتسامة صفراء تحمل بين طياتها بعض الغضب قائلا: "الفارس المظفر كوبر هامان: أهذا هو من تتحدثين عنه؟ أين كان فارسك الشجاع وانت تحضرين إلى هنا؟ هل استطاع أن يفعل شيئا لك؟ وهل يستطيع أن يخرجك الآن من مملكتي؟ بالطبع لا، هذا هو فارسك الذي تقولين إنه زوجك، إنه ليس كفؤا لك، أنت جوهرة ثمينة لا يقدرك غيري"

"موتي قبل أن تنال ما تريد أيها الملك ، فلن أكون في يوم من الأيام إلا الفارس هازان الأول كوبر هامان"

"أترفضين الزواج مني أيتها الصغيرة؟!" ألا تعرفين من أكون؟! أنا الملك بلشون خامون؛ آبائي هم ملوك مملكة بابليون من آلاف السنين ، أحكم بقبضة من حديد أكبر ممالك السماء الأولى، يتمنى الصغير في بطن أمه رضائي عنه وعن والديه ، فكيف واتتك الجرأة لترفضي ملكا ، يتمنى الملوك العظام قربه؟"

حاول هيكون أن يهدئ من حدة انفعال الملك قائلا: "عذرا مولاي الملك؛ ولكنك تعرف أنها مصدومة مما حدث لها وستتقبل الأمر في القريب العاجل"

تدخل شيحان بمكره قائلا: "مولاي الملك العظيم ، أنت تعرف المرأة وضعفها ، ما هي إلا أيام معدودات في أحد سجون بابليون المرعبة وستجدها شخصا آخر تماما"

التفت الملك تجاه شيحان متعجبا ثم قال: "ماذا تقول يا شيحان؟ هذه هميانا الرقيقة وليست أحد الشاروس أو السادون ، أتريدني أن أقتلها بمثل هذه الفعلة ؟ أين حكمتك ومكرك أيها اللئيم"

قالت هازلينا راجية:

"إذا سمح لي مولاي الملك أن آخذ الأميرة لأحد أجنحة القصر فقد أستطيع أن أهدئ من روعها ، فهي ما زالت صغيرة لا تعرف ما هو الأصلح الها"

"خذيها هازلينا ، وعرفيها من أكون ، فلئن صبرت عليها الآن ففي القريب العاجل سينفد صبري ووقتها لن أرحمها"

نادى بشيء من الغضب قائلا: "أيها الحارس خذهما لجناح الأميرات ووف كل طلباتهما ، وأنت يا شيحان اذهب مع هذا الفارس إلى قاعة الحكماء فمكانك هناك فسنحتاجك كثيرًا لإدارة بعض الشئون التي لا يسيرها غيرك ، فأنا أعلم دهاءك جيدًا"

"أمرك مولاي الملك المعظم"

"أما أنت عزيزي هيكون فستأتي معي إلى البهو الملكي ، فلدينا ما نتحدث فيه ، فتدبيرك المحكم وراء هذا النصر الكبير.

2019/11/30 · 276 مشاهدة · 758 كلمة
Adk3RAK
نادي الروايات - 2024