" ن-نعش؟!"

" أجل"

"آاااااااااااااه"


تراجع لاي و هو يصرخ حتى سقط


" ما بك؟"

" ن- نعش. أنا .. أنا لم أرى شخص ميت من قبل!"

" هل تسخر مني الآن؟ "

" أأليس من الخطاء إقلاق راحة الموتا؟"

"..."


كان شبح السلحفاة مع عينين نصف مغلقتين و حاجبيه مرفوعين و فمه مفتوح ينظر إلى لاي الذي لازال على الأرض يرتجف


" حقاً؟!"

"....."

" أسمع . أنت الأن بالغ أو شيء كهذا. يجب أن تتعامل مع هذه الأمور بطريقة أفضل ."

" ل.. لكن"

" إهداء ( تنهيد) رغم أنه نعش إلا أن الموجود داخله ليس ميتاً بل العكس"

" ليس ميتاً؟"

" أجل. جن الطبيعة ينسجموا مع الطبيعة عندما يموتون و لا يبقى جثة "

" إذاً إنه ليس ميت ؟ الجني السامي؟"

" لا . هو ميت . رحل منذ زمن. الفرق الوحيد هو أن الجني السامي يتمتع بقوة أكبر و أكثر غموضاْ لذلك يبقى جزء منه موجود بهذه الطريقة في المكان الذي يختاره الجني السامي لترك إرثه . بمجرد أن تحصل على الإرث فإن كل ما تراه سوف يتحلل و يختفي "

" حسناً"


بهذه الطريقة تشجع لاي للوقوف و التقدم نحو النعش مجدداً

بمجرد أن وضع يده على السطح الجليدي للنعش أضاء الكتاب و طار في الهواء


لاي شعر كما لو أنه قد سقط في هاوية لا قعر لها

عندما بدأت حواسه تعود له وجد نفسه مستلقياً على أكثر أنواع العشب نعومة على الإطلاق


" أين أنا؟"

" في منزلي"


صوت مريح ذكوري تحدث بهدوء

أستقام لاي و تتبع مصدر الصوت و إذ بشاب في العشرينيات من عمره

كان الشاب لديه شعر طويل ذو لون غريب ، ليس أخضر و ليس أزرق بل مزيج منهما ، لم يعرف لاي بما يصف هذا اللون

كما أن الشاب كان يرتدي سروالاً أخضر طويل ذو رسوم غريبة فقط

يمكن بالنظر للقسم العلوي العاري من جسده معرفة كم يمضي في التدريب ، لقد حسده لاي من كل قلبه


" هههه، أنا لم أتدرب يوماً لقد ولدت ببساطة بهذا الشكل"

".."


بدأ الشاب بأرتداء رداء طويل لتغطية القسم العلوي من جسده بينما ضحك و أجاب لاي كما لو أنه يعلم تماماً بما يفكر به لاي


" من أنت؟ و أين أنا؟" لاي فعلاً لا يشعر بالراحة مع هذا الشخص ذو العضلات المفتولة و خصوصاً أنه يستطيع قراءة أفكاره

" إهداء ، إممم سيكون من الصعب أن أقول لك أسمي بلغتي لكن لجعله أسهل فمعناه في لغة البشر هو { القلب الحكيم} كما ترى إن كلمة قلب إجباريا عندما تكون جني سامي "

" جن- جني سامي؟ هل هذا يعني؟"

" أجل ، أنت الآن .. أعني جسدك المادي موجود في مكان البداية الخاص بي"

" مكان البداية؟"

" إننا جن الطبيعة نؤمن بأن الحياة مكونة من رحلتين الأولى هي بالوجود في جسد مادي و الثانية عندما نندمج مع الأرض و نصبح جزأً منها"

" آه"

" بالنسبة لبشير أن شجاع جداً"

"...؟ ههه أظن أن السلحفاة سختلف معك جداً ، فقط منذ قليل كدت أبلل نفسي من شدة الخوف"

" و صادق ، هذا جيد. إن من يحمل إرثي يجب أن يكون شجاع و صادق"

" سيد جني أ أقصد سيد قلب حكيم إنني حقاً لست بشجاع"

" الشجاعة هي ليست بأنعدام الخوف بل بأن تكون خائف لدرجة كبيرة و تواجه هذا الخوف من أجل الآخرين .. كما فعلت عندما وقفت أماما معلمك السلحفاة في مواجهته ضد عمك زورين"

" ك- كيف عرفت؟"


أشار الشاب نحو رأسه و تابع كلامه


" لأَنِّي أقراء الأفكار ، كل أفكارك و ذكرياتك و حتى أحلامك ظاهرة أمامي "

"...."

" لا تقلق أن لن أفعل أي شيء سيّء لك. "

" إذن أنت تعلم ..."

" أجل . أنت خائف من مغادرة جدك .. لا داعي للخوف عليه ، مما رئيسه في ذاكرتك فإن جدك يستطيع الاهتمام بنفسه و يوماً ما ستدرك أنت ذلك أيضاً "

" حقاً؟"


أقترب الجني السامي من لاي و أمسكت من رأسه ثم وضع جبينه على جبين لاي الذي كان متفاجئً


" لا وقت للشرح فقط إهداء"

"....."


لمع شعر الجني السامي و كذلك شعر لاي

كانت هذه طريقة الجني السامي بنقل كل ذكرياته و أفكاره للاي

لم يدرك لاي ما كان يحصل

شعر فجأة بأن هناك عدد كبير من السنوات قد ملأت ذكرياتها دماغه

سال خط من الدماء من أنف لاي

ابتعد الجني السامي و كان هناك ابتسامة راضية على وجهه

فجأة شعر لاي أنه يتم سحبه بطريقة عكسية من الهاوية التي سقط فيها فبل قليل


" لا تقلق مع الوقت ستجد الأجوبة المناسبة .. آه أيضاً أرسل سلامي إلى حيواني الأليف و أخبره أنني فخور به.. وداعاً لاي "

"...."


كانت تلك هي الكلمات الآخيرة التي قالها الجني السامي للاي

عندما فتح لاي عينيه مجدداً كان يجلس على الأرض و رأسه على النعش الجليدي


" ماذا حصل للتو؟"

" منذ متى و أن على هذه الحالة؟"

" منذ لحظة .. أعني أنك تشجعت أخيراً للاقتراب ثم فقدت الوعي.. يجب أن تكون أكثر شجاعة"

"... لحظة؟!"

" ماذا؟ ماذا حصل للتو؟!"


فجأة ومضت ذكرة في رأس لاي

استقام لاي و اتجه نحو منتصف المكان تماماً

كان الأن يقف بين مجموعة من الحشائش الطويلة

حنى نفسه قليلاً و التقط شيء من الآرض


" زهرة عبق الماء؟ إنها المفضلة لدى معلمي .. أعني أنها كانت"

" أنا أعلم"


تفاجىء السلحفاة لرد فعل لاي و جوابه الغريب فهو لم يقابل معلم السلحفاة من قبل بحسب اعتقاد السلحفاة


" لماذا الزهرة شكلها غريب؟"

".."


لم يتحدث لاي بل وضع يده على الانتفاخ الغريب الذي كان موجوداً بالزهرة و دفعه نحو قمة الزهرة بلطف

ظهرت جوهرة يشبه لونها لون شعر الجني السامي


" قلب طاقة المعلم!!"

" أجل "


( بلع)


بلع لاي الجوهرة كما هي


" ماذا؟ ماذا فعلت؟!"

" آه كدت أن أنسى . إنه يرسل لك سلامه و يخبرك أنه فخور بك"

"..أنت؟ أنت قابلت المعلم؟! ... عندما..."


ربط السلحفاة الأحداث في ما بينها

في هذه اللحظات و بعد أن تم بلع جوهر قلب الجني السامي بدأ المكان بالتحلل و الإندثار

أختفى سقف الكهف تماماً كما أن النعش تحلل في لحظات

بقدر الوقت الذي يحتاجه الإبريق ليغلي كان المكان بأسره قد أختفى و حل محله شجرة جميلة

هناك شئين فقط بقيا


الكتاب الذي كان فوق النعش

و حقيبة جلدية ذات رسمة ورقة شجر من الأمام


برؤيت ذلك تذكر لاي ماهيت هذه الأشياء

حمل الحقيبة و وضعها حول كتفه ثم وضع الكتاب داخلها

من الغريب بالموضوع أن شكل الحقيبة لم يتغير رغم وضع هذا الكتاب الكبير داخلها إلا أنها لا تزال تبدو فارغة تماماً

انطلق لاي يتابع جمع الأعشاب و الأخشاب و هو يبتسم كلما وجد شيء من الأعشاب يجعل بعض الذكريات الجديدة تضيء داخل رأسه

لقد كانت هذه المعلومات و الذكريات جزأً من إرث الجني السامي

احترم لاي ذكريات الجني السامي بل إن بعض معتقدات الجني السامي و عادته أعجبت لاي كثيراً وقرر الالتزام بها

كانت الأيام تمضي و وقت الرحيل يقترب

لم يكن لاي يعلم بعد كيف سيخبر جده بأمر رحيله

2018/02/16 · 607 مشاهدة · 1104 كلمة
M.G.D1
نادي الروايات - 2024