الفصل الأربعمائة والسابع عشر: قَدْرَ المُستطاع

____________________________________________

منذ أن ظهر الفتى في هذا العالم، وهو يتواصل مع مرافقيه في العربة، وبفضل الذكريات التي استقرت في عقله، بدأ يفهم هذا العالم شيئًا فشيئًا، حتى تجهم وجهه وهو يفكر في قرارة نفسه.

'كوارثٌ في كل مكان، ووحوشٌ آكلةٌ للبشر، ومدنٌ غريبة، وشياطينٌ تلتهم الناس. يبدو أن هذا العالم ليس عاديًا على الإطلاق!'

لقد ظن أن هذه الهيئة الجديدة ستكفل له حياة هانئة، لكنه لم يتوقع قط أن يكون هذا العالم على هذا القدر من الخطورة. ثم ما لبث أن نفض عن رأسه تلك الهواجس قائلًا لنفسه: 'فليكن، لا بأس ببعض الخطر، فأنا آمنٌ الآن على كل حال. لقد عبرتُ الزمن أخيرًا، ويجب أن أستمتع بهذه الحياة حق قدرها.'

بعد أن استقر رأيه، نهض من مجلسه واتكأ على مسند وثيرٍ خلفه، بينما كان جسده يهتز مع حركة الرجال الذين يسيرون بالعربة. طوال الطريق، ظل مغمض العينين يفكر مليًا في خطوته التالية.

بعد برهة، وصل إلى مسكنه الجديد، فرُفع ستار العربة ببطء بيدين ناعمتين، وقالت له امرأةٌ وقورةٌ فاتنةٌ بصوتٍ رقيق: "يا سيدي، لقد وصلنا إلى القصر."

نظر الفتى إلى وجهها الجميل وابتسم ابتسامة خفيفة، ثم نهض وخرج من العربة، ومدّ قدمه وأمسك بذراعها قائلًا: "هيا بنا، لننل قسطًا من الراحة."

لقد قضى عمرًا طويلًا في عزلته قبل عبوره، حياةٌ لم يعرف فيها طعم الوصال قط. وفي هذه اللحظة، لم يكن الفتى يرغب في شيءٍ سوى أن يمضي وقتًا ممتعًا، حتى لو كان العالم سينتهي غدًا، لم يكن ليأبه لذلك.

وفجأة، رنّ في عقله صوتٌ نقيٌ: "تم تفعيل النظام الرئيسي!"

تجمدت الخادمة شياو تسوي في مكانها من شدة الذهول، فقد رأت سيدها الشاب الذي كان يبدي اهتمامًا بها قبل لحظاتٍ يقف جامدًا بلا حراك، وعيناه باهتتان وكأنه أبصر شيئًا لا يصدق.

"يا سيدي، يا سيدي؟" قالت شياو تسوي وهي تهز كتف السيد الشاب برفق.

أفاق الفتى من شروده بسرعة، وبينما كان يحدق في الشاشة الافتراضية التي ظهرت أمامه فجأة، علت وجهه إثارةٌ متزايدة، بل كانت فرحته أشد من فرحته بعبوره بين العوالم.

'أليست هذه ميزتي الذهبية؟ لقد قلت في نفسي كيف يمكن أن أفقدها بعد عبوري؟ هذا يعني أنني بطل هذا العالم.' جالت في رأسه الأفكار شتى، وتزاحمت في ذهنه خواطر لا حصر لها في تلك اللحظة.

ثم أتاه صوت النظام مجددًا: "المهمة الأولى قد صدرت، هل تقبلها؟" وتابع الصوت محذرًا: "أيها المضيف، عليك الاختيار في غضون ثلاثين ثانية. إن رفضت المهمة، فسيقوم النظام بفك ارتباطه فورًا والبحث عن مضيفٍ آخر."

عندما سمع الفتى ذلك الصوت في عقله، لم يتردد للحظة، بل صرخ في قرارة نفسه موافقًا. 'وكيف لي أن أضيع فرصة كهذه! إنها فرصة لا تعوض، فهذا النظام هو أقوى معين لي في هذا العالم، وهو ورقتي الرابحة.'

وعاد صوت النظام ليرن في ذهنه من جديد، معلنًا عن تفاصيل المهمة الأولى.

"الإنقاذ: بسبب ظهور الوحوش الآكلة للبشر، سقط الكثير من الناس بين قتيل وجريح في مدينتكم، وتزايدت أعداد اللاجئين بشكل هائل. يُرجى استخدام ما في يديك من قوة لإطعام أولئك اللاجئين قدر المستطاع."

"مكافأة المهمة: الارتقاء بمستوى زراعتك درجة كاملة."

"عقوبة الفشل: سيُصاب المضيف بضعفٍ كلويٍّ يلازمه مدى الحياة."

بعد أن تلقى المهمة، تنفس الفتى الصعداء، فقد كان إنجازها يسيرًا عليه بمساعدة عائلته. ولكن الغريب فيها أنها لم تحدد المدى المطلوب لإتمامها بدقة.

"أطعم اللاجئين قدر المستطاع." كانت هذه العبارة غامضةً للغاية وذات معنى دقيق، مما جعله يتأمل في مقاصدها الخفية.

2025/11/03 · 16 مشاهدة · 528 كلمة
ZEUS
نادي الروايات - 2025