الفصل الخمسمائة والتاسع والعشرون: الجندية

____________________________________________

"لو تعرض أي امرئ عادي لمثل هذه الضربة لكان قد لَقِيَ حتفه على الفور، لكن أنفاسك لم تنقطع بعد، إن في أمرك لشيئًا فريدًا حقًا." تنهد غو شانغ في خفوت ثم خطا بقدمه، وسدد بمقدمتها ركلة قاصمة إلى رأس خصمه. وفي اللحظة التالية، كان الرجل قد سقط في غياهب الموت، مرتكبًا ذاك الخطأ الفادح الذي يقع فيه كل فانٍ.

سُفِكت الدماء، وأُزهِقت روح. وما إن رأى البقية بركة الدم المتسعة على الأرض وجسد الرجل الهامد، حتى أدركوا أن الأمر قد اتخذ منحى خطيرًا. وسرعان ما أفاق أولئك الواقفون في الإسطبل، الذين كانوا يكنّون بعض التعاطف لغو شانغ، على هول الصدمة، وهرولوا على عجل نحو الداخل، نائين بأنفسهم عنه.

أما ذاك الرجل الذي غطى الغبار جسده، فقد تسمّر في مكانه للحظتين قبل أن يطلق ضحكة هستيرية. لكنه ما لبث أن أدرك خطورة الموقف، فولّى هاربًا في الأفق دون أن ينبس ببنت شفة. بقتله ذاك الرجل، كان غو شانغ قد ختم مصيره بنفسه، فالهلاك محتومٌ عليه الآن. ذلك هو القانون السائد في هذا المكان، قانونٌ لم يجرؤ أحد على كسره طوال عقود خلت.

لكن يبدو أن هذا الفتى يمتلك قدرة قتالية هائلة، ومن أجل الحفاظ على حياته، كان عليه أن يبادر بالهرب بدلًا من التشاجر مع شخص لا مستقبل له. عبس غو شانغ قليلًا، فقد كان دائمًا شخصًا لا ينسى ثأره، ورغم أنه يستطيع أحيانًا كبح جماح مشاعره من أجل ما يُسمى بالمصلحة العامة والمستقبل، إلا أنه لا يرى ضرورة لذلك الآن.

لقد وجد مفتاح الارتقاء في هذا العالم. التقط حجرًا من الأرض وقذفه إلى الأمام بقوة، مستخدمًا تقنية خاصة جعلت الحجر ينطلق كالسهم ويستقر في الجانب الأيسر العلوي من ظهر الرجل. كانت تلك نقطة ضعف بالغة الحساسية في جسد الإنسان، وتحت وطأة تلك الضربة العنيفة والسريعة، هوى الرجل على الأرض صريعًا في الحال.

انبثق أمام عينيه سطر من الكلمات يخبره بازدياد خبرته، فلم يتردد غو شانغ للحظة، وبحركات خاطفة قليلة قضى على الرجال الثلاثة المتبقين. لقد استعاد ثقته بنفسه، فها هو ذا برنامج، أو نظام، يمكّنه من تطوير ذاته من خلال القتل. فبعد أن قتل الرجل الأول، انبثق هذا النظام من أعماق كيانه وكشف له عن كل شيء.

بصفته عابرًا يحمل في طياته أصل كل شيء، كان غو شانغ يمتلك بطبيعة الحال خصائص فريدة. ففي أي عالم يذهب إليه، يمنحه هذا الأصل الذي يحمله قدرة خاصة، تسمح له بالصعود سريعًا إلى القمة وامتصاص المزيد من القوة. غير أن هذه القدرة كانت عشوائية ومحفوفة بالغموض، كما أن استدعاءها كان علمًا معقدًا للغاية.

في هذا العالم، كان قتله لرجل واحد كافيًا لإطلاق العنان لقدرته، لكن الحال قد يختلف في عوالم أخرى. فبعد أن قضى على خمسة رجال، لم تزدد خبرته سوى بنسبة ضئيلة، ولا يزال الطريق طويلًا أمامه قبل أن تصل إلى الكمال. جمع غو شانغ حفنة من الحجارة ووضعها في جيوبه على كلا الجانبين.

خارج الإسطبل، امتدت مساحة شاسعة ومفتوحة، تحيط بها إسطبلات أخرى مماثلة لتلك التي خلفه، تجاوز عددها العشرة. كانت رائحة الروث الكريهة تعم المكان طوال العام، مما أثار اشمئزاز غو شان-غ الذي كان يعاني من رهاب القذارة. استدار وعاد إلى داخل الإسطبل، وجالت عيناه على أجساد كل من فيه.

بعد أن تأكد من هوية أهدافه، أطلق الحجارة من جيبه بسرعة. ورغم أنه كان مجرد شخص عادي، إلا أن تقنيته الخاصة مكنته من زيادة قوة الحجارة المقذوفة أضعافًا مضاعفة. وبفضل مهاراته الفريدة، كان كل حجر يطلقه كفيلًا بإزهاق روح أحدهم بضربة متقنة. وفي لمح البصر، سقط معظم من في الإسطبل قتلى، وارتفعت خبرته بشكل ملحوظ.

تجاوز غو شانغ عدة جثث، ثم قذف آخر حجر كان معه نحو شجرة، فأصاب قلب رجل كان يختبئ خلفها بدقة متناهية. ظهر أمامه سطران من الكلمات يخبرانه باكتمال خبرته وارتقائه. وكما توقع، بدأت قوته تزداد بشكل كبير بعد أن اكتملت خبرته، وتجاوزت قوته الإجمالية حدود البشر العاديين تمامًا.

بعد تحليل دقيق، استنتج أن قوته قد تضاعفت ثلاث مرات عن قوة الشخص العادي. لم يقتصر الأمر على قوته الجسدية، بل بدا أن تفكيره قد تحسن جزئيًا أيضًا. يبدو أن الارتقاء هنا كان شاملًا ومتكاملًا. بعد هذه الترقية، لم يتبق في الإسطبل سوى بضعة عشر رجلًا على قيد الحياة.

كانوا يرتجفون في زاوية من الإسطبل، ينظرون إلى غو شانغ بعيون تملؤها الرهبة، وكأنه شيطان جاء ليقبض أرواحهم. تجاهلهم غو شانغ وسار نحو الخارج، فهو، في أي عالم يحل فيه، يظل رجلًا ذا مبادئ ما لم يواجه خطرًا محدقًا. لا يهاجم إلا من يضمر له الشر، ويا للمصادفة، كان في هذا الإسطبل الكثيرون ممن تمنوا له الموت.

كلهم أناس عاديون، خدم في أدنى مراتب المجتمع، فلماذا كل هذا الحقد والضغينة تجاهه؟ ما إن خرج من الإسطبل، حتى أشرقت الشمس على وجه غو شانغ مجددًا. توقف للحظتين مستمتعًا بدفئها، ثم اتجه نحو الإسطبلات الأخرى. كان هناك الكثير من الناس، والكثير من الخيول.

بعد أن ازدادت قوته، أصبحت سرعته في القضاء على أعدائه أكبر بكثير، لكن عدد الذين أضمروا له السوء كان قليلًا. والأهم من ذلك، أن الخبرة التي اكتسبها قد انخفضت بشكل كبير. فبعد أن كان يحصل على نسبة خبرة معينة مقابل كل شخص يقتله، أصبحت النسبة الآن لا تتجاوز عُشر ما كانت عليه.

وبعد أن رفع خبرته إلى مستوى معين، اضطر غو شانغ إلى التوقف عن هذه الأفعال المملة، فقد وصل من هم أصحاب الخبرة الأكبر. استدار وسار إلى خارج الإسطبل، حيث كانت الساحة الشاسعة قد امتلأت بأكثر من عشرة جنود يرتدون دروعًا ثقيلة وتفيض منهم هالة القتل. اصطفوا في صفوف منتظمة خارج الإسطبل، وما إن رأوا غو شانغ يخرج، حتى رفعوا رماحهم في وجهه ونظروا إليه بحذر.

"لا تتحركوا." في تلك اللحظة، دوى صوت جهوري، ثم تقدم رجل في منتصف العمر يرتدي درعًا أسودًا ملتصقًا بجسده، ويبدو عليه الوقار والهيبة. "سائس خيل يتجاوز حدوده هنا." ثم وجه كلامه إلى غو شانغ قائلًا بجدية: "يا فتى، أتدري أنك ارتكبت جرمًا عقوبته الموت؟ بعد أن قتلت كل هؤلاء الناس، حتى أنا لا أستطيع إنقاذ حياتك."

لم يتحرك غو شانغ، بل نظر إليه بهدوء، وكأنه ينتظر كلماته التالية. ضحك الرجل وقال: "سأمنحك فرصة للتكفير عن ذنبك، فهل تريدها؟ ارتدِ درعك وانضم إلى جيشي. ما دمت تقتل ألف عدو، يمكنني أن أعفو عنك وأسقط عنك عقوبة الإعدام. ليس هذا فحسب، بل ستتخلص من مكانتك الوضيعة إلى الأبد."

أكمل الرجل وعوده قائلًا: "باختصار، إن اتبعتني فلن ينقصك طعام أو شراب..." بدا أنه يريد الاستمرار في الكلام، لكن غو شانغ لم يرغب في سماع المزيد من الوعود الجوفاء، فقاطعه مباشرة قائلًا: "أوافق."

"حسنًا!" نظر الرجل في منتصف العمر إلى غو شانغ وضحك بصوت عالٍ، ثم صاح في رجاله: "أيها الرجال، أحضروا له درعًا وجنودًا وجوادًا!"

2025/11/13 · 6 مشاهدة · 1028 كلمة
ZEUS
نادي الروايات - 2025