الفصل السبعمئة والثامن والثلاثون: إمبراطور الأرواح الشريرة (الجزء الثالث)
____________________________________________
"تذكرتُ، إنه أنت." بدا أن المرأة قد استحضرت شيئًا ما فجأة عند رؤية حركة غو شانغ، فقد تغير وجهها في الحال وبادرت بالتحرك دون تردد، فضمت كفيها معًا في هيئة من يعبد بوذا، وعلى إثر ذلك، انشطر الفضاء من حولها على هيئة تموجات، وظهرت كائنات صغيرة لا حصر لها تحيط بها، لتشق صدعًا فضائيًا هائلًا.
وأخذ شعرها الأبيض يتراقص مع الريح، وهي تخطو رويدًا رويدًا نحو ذلك الصدع الفضائي. نظر غو شانغ إلى المشهد ببرود دون أن يحرك ساكنًا ليمنعها، فقد كان على يقين تام بأنها لن تفلت من قبضته أبدًا. وفي تلك اللحظة، كانت قطرة السائل التي ألقى بها قد سقطت بجوار المرأة، فأسرعت تتفاداها، محاولةً الاندماج في الصدع الفضائي بوتيرة أسرع، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل.
انفجر السائل في الحال، متحولًا إلى بقع ضوئية لا تُحصى، وفي طرفة عين، اندمجت تلك البقع في جسد المرأة، لتحولها إلى واحدة من أتباعه. وبعد أن استعادت وعيها، مدت المرأة يدها فاختفت كل تلك الكائنات الصغيرة، وتلاشى معها الصدع الفضائي في لمح البصر.
اقترب غو شانغ منها وسألها: "هل كنتِ تعلمين بوجودي من قبل؟"
ابتسمت المرأة وقالت: "لقد شعرنا بوجود خطب ما على نحو غامض، لكننا لم نربطه بأي شيء محدد. أما سبب اكتشافنا لوجودك فيعود إلى قدرة خاصة أمتلكها." قالت المرأة ذلك ثم كشفت له عن قدرتها.
تملكت الدهشة غو شانغ قليلًا، فلم يكن يتوقع وجود شخص في هذا العالم يمتلك وسيلة لكشف الولاء، كما أن تلك الكائنات الصغيرة التي ظهرت للتو قد أثارت اهتمامه.
"أخبريني بكل شيء، فأنا بحاجة إلى المزيد من المعلومات." فبصفتها إمبراطور الأرواح الشريرة، فهي تسيطر على جزء من ثلاثين من أراضي العالم الافتراضي بأسره، وهو ما يكفي للإجابة عن معظم شكوكه.
انحنت المرأة في خضوع ثم شرعت تروي له كل ما تعرفه من معلومات شيئًا فشيئًا، مؤكدةً على صحة ما توصل إليه غو شانغ من قبل. وبعد نصف ساعة كاملة، تكوّنت لدى غو شانغ صورة أكثر دقة ووضوحًا عن العالم الافتراضي بأكمله، لقد كان الأمر شبيهًا بما خمّنه سابقًا.
أدرك في تلك اللحظة أنه لم يبلغ بعد حد السيادة المطلقة، فإمبراطور الأرواح الشريرة الأقوى في هذا العالم يمتلك قوة مرعبة تصل إلى المستوى عشرة آلاف. ينقسم العالم الافتراضي إلى جزأين رئيسيين؛ الجزء الأول هو المركز الذي يزخر بالموارد ومصادر المياه والغذاء التي لا حصر لها، أما الجزء الثاني فهو أرض الحرية الواقعة على الأطراف.
عادةً ما ينظر سُكان المركز بازدراء إلى نظرائهم في أرض الحرية، فالفجوة في القوة بينهما هائلة منذ لحظة الولادة. وفضلًا عن ذلك، فقد اعتاد سكان المركز على إطاعة الأوامر، ولا يهمهم العيش بحرية من عدمه. أما في أرض الحرية بأكملها، فلا يتجاوز أقوى الكائنات مرتبة ملك الأرواح الشريرة، بينما يستطيع المركز إخضاع أرض الحرية بأسرها بسهولة، وذلك بإرسال إمبراطور واحد فحسب.
ينقسم المركز إجمالًا إلى ثلاثين منطقة، يتولى شؤون كل منها إمبراطور من الأرواح الشريرة، وقد حُددت هذه التقسيمات الإقليمية منذ نشأة العالم الافتراضي. ومهما حاول الخلف الصعود، فلا يمكنهم أبدًا أن يحلوا محل الإمبراطور الحاكم ليصبحوا سادة تلك المناطق.
وتُصنّف المناطق الثلاثون في ثلاثين مستوى من الأضعف إلى الأقوى، ويتربع على القمة بطبيعة الحال جلالة الروح الشريرة الذي يمتلك قوة مرعبة تبلغ المستوى عشرة آلاف، وهو الذي يطلق على نفسه لقب الإمبراطور الأصلي. أما إمبراطور الأرواح الشريرة التي تقف أمام غو شانغ، فلا تحتل سوى المرتبة العشرين، لكن هذا يُعد أمرًا نادرًا بالفعل.
"المناطق الثلاثون مستقلة وتخضع لإشراف وعي العالم بأسره. ولا يُسمح لكل منطقة إلا بالقتال الداخلي، ويُحظر عليها الاقتتال فيما بينها. وتحت سيطرة وعي العالم هذا، لا تحدث ظاهرة ابتلاع الكائن الأقوى لكل شيء وفرض هيمنته على العالم الافتراضي بأسره. ولكن تحت وطأة القوة الساحقة، يتبع معظم الأباطرة الإمبراطور الأصلي الأقوى، وقلة قليلة منهم تستطيع رفض أوامره."
بعد أن استوعب هذه المعلومات، لم يتردد غو شانغ لحظة واحدة، وأصدر أمره مباشرة إلى الإمبراطورة التي أمامه بالعودة إلى إقليمها واستدعاء المزيد من الأقوياء ليتجمعوا حوله. كان عليه أن يغتنم الوقت، ويرتقي بمستواه ليكتسب قوة أعظم، ثم يكتسح العالم بأسره دفعة واحدة!
"سيدي، انتظر قليلًا، سأعود في الحال." غادرت الإمبراطورة التي تُدعى ليو يي فاي على عجل.
استحضر غو شانغ في ذهنه بعض القدرات الخاصة التي أخبرته بها، وشرع على الفور في محاولة جديدة. ففي العالم الافتراضي، ما إن يخترق مستوى التدريب حاجز الألف، حتى يصبح بالإمكان استخدام هذه القدرات للتواصل مع العالم الحقيقي. ومن خلال عقد الصفقات مع أناس من العالم الحقيقي وامتصاص أرواحهم وأعمارهم وأجسادهم، يمكن للمرء أن يزيد قوته زيادة هائلة، وهي طريقة أسرع بكثير من مجرد التهام الأرواح الشريرة ذات المستوى المتدني.
اتبع غو شانغ الخطوات التي تعلمها للتو، فجلس متربعًا وأفرغ عقله، ثم بدأ يستشعر العالم أمامه بعناية فائقة. وعندما بلغ تركيزه أقصاه، شعر في الحال بظهور أربع بقع ضوئية عنيفة، كانت تمثل مصفوفة الهبوط التي قام بتفعيلها أربعة مخلوقات تنتمي إلى العالم الحقيقي في الوقت نفسه.
ألقى غو شانغ نظرة عليهم الواحد تلو الآخر. كان من أعد المصفوفة في العالم الأول فتاة صغيرة ذات ضفيرة، يغطي جسدها الجراح، وكانت في تلك اللحظة تنظر إلى الضوء الساطع أمامها بأمل. أما في العالم الثاني، فكان من أعد المصفوفة رجلًا في منتصف العمر، تنبعث منه هالة غريبة للغاية بدت شهية جدًا. أدرك غو شانغ أن هذا يعني أن جودة روح هذا الرجل عالية للغاية، فإذا تمكن من عقد صفقة معه والحصول على روحه أو جسده أو عمره، فسيحقق ذلك له تطورًا هائلًا.
أما الشخصان في العالمين المتبقيين، فكانا عاديين ولم يجذبا اهتمامه. لذا، اختار غو شانغ الرجل في منتصف العمر من العالم الثاني دون أي تردد.
"أيها العبد الحقير! أخبرني بأمنيتك!" اتصل غو شانغ بذلك العالم بسرعة، متجسدًا في هيئة طويلة وشريرة، ورد على الطرف الآخر بوقاحة.
عندما رأى الرجل من السهول الوسطى الروح الشريرة تظهر أمامه فجأة، بدا واضحًا أنه قد أصيب بالذهول للحظة، ثم ابتلع ريقه بحذر وسجد في خشوع.
"يا سيد الروح الشريرة المبجل، أريد أن أحظى بقوة أعظم، أرجوك ساعدني!"
ألقى غو شانغ نظرة عليه، وقدر أن قوة الرجل تقارب المستوى الثامن وفقًا لمقاييس العالم الحقيقي الأول. لا يزال أمامه طريق طويل لبلوغ المستوى التاسع، ناهيك عن المرتبة التي ارتقى إليها هو.
"إذًا، أيها الفاني، أخبرني ما الثمن الذي يمكنك دفعه مقابل القوة؟"
صر الرجل على أسنانه وقال بحزم: "ما دمت ستساعدني على اختراق عالمي وبلوغ المستوى التاسع، فأنا على استعداد لأهبك روحي وجسدي بعد مماتي. وإن لم يكن هذا الثمن كافيًا، فأنا مستعد للتضحية بعمري أيضًا."
كشف غو شانغ ما تبقى من عمر الرجل بنظرة واحدة، وازداد اهتمامه على الفور.