بعد الثامنة مساءً، في غرفة طعام عائلة مورتي.
نظر بنسون إلى بقايا الحساء القليلة في طبقه، ورفع يده ليغطي فمه وأطلق تجشؤًا مُرضيًا.
قال مبتسمًا: "رغم أننا أكلناه للمرة الثالثة، إلا أنني لا أزال أجده لذيذًا. الحموضة والحلاوة في الطماطم مع ملمس ذيل الثور الطري ينسجمان ليشكلان نكهة مثالية ومميزة. كلاين، أشعر بالأسف لأن شركة بلاكثورن للأمن حرمت مدينة تينجن من طاهٍ متميز مثلك."
أومأت ميليسا برأسها موافقة، وهي تتكئ إلى الخلف على كرسيها بصمت.
ابتسم كلاين بتواضع وقال: "هذا لأنكما لم تتذوقا الطبخ الحقيقي بعد. إذا سنحت لنا الفرصة لاحقًا، دعونا نذهب إلى مطعم بونابرت في شارع هاوز لتذوق أطباق إنتيس الأصلية، وكذلك إلى مطعم كوستلاين في حي الجولدن إندوس من أجل المأكولات الجنوبية."
كانت هذه مطاعم مشهورة تتكرر أسماؤها في الصحف، ويبلغ متوسط تكلفة الفرد فيها حوالي جنيه ونصف.
قالت ميليسا دون تردد: "أنا أفضل طبخك."
ضحك بنسون، ثم غيّر الموضوع قائلًا:
"لكنني ما زلت أشعر أن هناك شيئًا ناقصًا في حساء ذيل الثور بالطماطم. ربما لا ينبغي تناوله مع الخبز؟"
أومأ كلاين موافقًا:
"يكون أفضل مع الأرز."
تمتمت ميليسا، وعلامات التوق اشتاحت وجهها: "أرز..."
تينجن، التي تقع في الشمال، لم تكن مدينة كبيرة، ومن الصعب العثور على الأرز فيها باستثناء بعض المطاعم المتخصصة.
بالنسبة لبنسون وميليسا، كان الأرز مجرد مادة غذائية سمعوا عنها في الكتب أو الصحف.
ضحك كلاين عند رؤية تعبير أخته، وقال: "انتظري حتى ندخر راتب ستة أشهر إضافية، وسنجد فرصة لنقضي عطلة في خليج ديسي ونتذوق أطايبهم هناك."
كان خليج ديسي يقع في أقصى جنوب مملكة لوين، ويقع ثلثه داخل حدود مملكة فينابوتر. يتمتع بالكثير من أشعة الشمس ومناظر خلابة، وكان طبق الباييا هناك شهيرًا جدًا.
وقبل أن تتمكن ميليسا من الحديث عن الادخار، قال كلاين: "بعد ثلاثة أشهر أخرى، من المفترض أن أحصل على زيادة في الراتب. وبحلول ذلك الوقت، يمكننا أن نحقق رغبتنا في السفر، وفي الوقت نفسه ندخر بعض المال للأشياء الأساسية."
كما هو متوقع، تركزت انتباه بنسون وميليسا على هذه النقطة وسألا معًا: "لماذا؟"
سعل كلاين قليلاً وابتسم وهو يشرح:
"بسبب مهنيتي العالية، تنوي إدارة الشرطة التي تتعاون دائمًا مع شركتنا توظيفي كمستشار تاريخي بدوام جزئي. سيدفعون لي أجرًا إضافيًا، لا يقل عن جنيهين أسبوعيًا. وإذا رأيتموني يومًا في زي الشرطة وأُظهر بطاقة تعريف رسمية، فلا تصدموا."
"بالطبع، كما تعرفان، فإن كفاءة العمل في الدوائر الحكومية بطيئة مثل خطوات سيدة في التسعين من عمرها. لا بد من المرور بإجراءات طويلة، وسيتعين عليهم إجراء فحص دقيق لي. لذا، في أيام عطلتي خلال الشهرين القادمين، سأذهب كثيرًا إلى جامعة خوي لمقابلة أستاذي وبعض أعضاء هيئة التدريس الذين أعرفهم، لأتعلم المزيد."
رؤية الصدمة في عيون أخيه وأخته جعلته يتوقف لحظة، ثم قال بابتسامة غريبة: "كما قال الإمبراطور روسيل: 'لا أحد كبير على التعلم.'"
صمت بنسون لعدة ثوانٍ، ثم قال بنبرة تجمع بين المزاح والتأمل: "هل فات الأوان لأسجل في الجامعة؟ المعرفة حقًا ثروة."
وأيضًا قوة... أضاف كلاين بصمت في ذهنه.
قالت ميليسا فجأة، مستبقة كلمات كلاين: "بنسون، تحتاج إلى كتب قواعد كلاين، وكتبه في الأدب الكلاسيكي."
تغير تعبير بنسون، وصرّ على أسنانه قائلًا: "كلاين، أعطني تلك الكتب الليلة.
حتى لو لم تفعل شيئًا سوى مساعدتي على النوم، فأنا مصمم على قراءتها ساعة — لا، ساعة ونصف يوميًا.
أقسم باسم الإلهة! إن لم أفعل ذلك، فسأكون قردًا مجعد الشعر!"
ظهر على وجه كلاين ابتسامة واسعة وقال:
"لا مشكلة."
...
في صباح اليوم التالي، علّق كلاين معطفه وقبعته على شماعة الملابس في غرفة الاستراحة. ثم اتبع تعليمات روزان ونزل إلى الطابق السفلي إلى غرفة المهام أمام بوابة تشانيس.
كان القبطان دان، والأعضاء فراي، سيكا، رويال، لينارد، وكينلي جميعهم هناك.
وبينما مرت عيناه الرماديتان على المنتسب الجديد، ابتسم دان وقال: "لدينا اجتماع دوري كل يوم خميس لتلخيص المهام السابقة ومناقشة التحديات المختلفة."
أنا رجل اجتاز اختبارات اجتماعات العمل المتكررة... سخر كلاين في نفسه. ثم جلس وسأل ممازحًا: "هل أحتاج إلى تقديم نفسي؟"
ابتسم دان، ثم التفت نحو كينلي وقال:
"أخبرنا باختصار عن تحقيقك في قضية سيريوس أرابيس."
كان كينلي أحد أعضاء موظفي الدعم المدني سابقًا، وقد تمت ترقيته ليصبح نايتهاوك. لم يكن طويل القامة، شعره بني وكثيف، جسده متوسط الحجم، بعضلات مشدودة، ويبدو ذكيًا وكفؤًا.
فكر قليلًا ثم قال: "بمساعدة نيل العجوز، عثرنا على مخبأ سيريوس السري. كان هناك العديد من الكتب والأدوات. ومن خلال الأدلة، تأكدنا أنه أحد أعضاء منظمة أورورا السرية، وكان من فئة 'طالب الأسرار'."
"هناك أدلة كافية تثبت أنه وهاناس فنسنت قاما ببيع مفكرة عائلة أنتيغونوس إلى ويلش. من لا يذكر من هو ويلش، يمكنه سؤال كلاين."
"عثرنا أيضًا على أدوات ثمينة، بما في ذلك ثلاث وصفات لجرعات تسلسلية: المتنبئ (Sequence 9 Seer)، المتدرب (Sequence 8 Apprentice)، والمهرج (Sequence 8 Clown)..."
"المهمة التالية هي استخدام دائرة سيريوس الاجتماعية والرسائل التي وجدناها لتحديد أعضاء الدائرة الخارجية الآخرين في جماعة أورورا. وسيركز بحثنا على الهرطوقي الذي تسلل إلى قسم الشرطة."
"أيضًا، يجب إعادة التحقيق مع الأشخاص الذين تواصلوا مع هاناس."
أومأ دان بإيجاز، ثم نظر إلى كلاين.
"كما سمعت، حصلنا على وصفة جرعة المهرج، لكننا غير قادرين على تأكيد صحتها بعد. علينا انتظار تأكيد الكاتدرائية الكبرى."
"في المهمة المرتبطة بجماعة أورورا، قدمت مساهمة كبيرة. بالإضافة إلى أنك أطلقت النار على عضو في جماعة الأسرار، لذلك لن يمر وقت طويل قبل أن تحصل على ترقية. لكن، يجب أن أحذرك، ليس الجميع مثل ديلي. عليك كبح رغبتك والانتظار ثلاث سنوات. لتجنب فقدان السيطرة، لا يجب أن تسمح لعقلك بالتأثر باكتشافنا لوصفة جرعة المهرج."
أيها القبطان، أنت لا تعلم كم أن "التمثيل" ساحر... لقد أكدت صحة الوصفة من خلال العرافة فوق الضباب الرمادي ليلة البارحة... فكر كلاين، لكنه اكتفى بالرد بطاعة:
"سأحافظ على اتزاني."
ثم قالت سيكا ترون، الشاعرة الهادئة ذات الشعر الأبيض والعينين السوداوين: "ما زلنا لم نعثر على أي خيوط بخصوص مثير الشغب تريس. أعتقد أنه قد فر من تينجن."
...
بعد تبادل المعلومات، غادر كلاين غرفة المهام وتوجه إلى نيل العجوز لمواصلة دروسه في الغموضيات. وفي فترة ما بعد الظهر، ذهب إلى معلمه في القتال، جاوين، للتدريب على القوة الأساسية والتحمل والتنسيق العام.
...
وقبل الغروب بقليل، في تمام الخامسة، خلع كلاين ملابس التدريب، استحم سريعًا، وارتدى ملابسه الأصلية. ثم استقل حافلة عامة إلى شارع بيسك.
لم ينسَ المدخنة الحمراء التي رآها في عرافته بالأحلام، ولا الرجل الذي اشتبه في كونه من "كيميائيي علم النفس" والذي اشترى مكونات تكميلية لجرعة المتفرج في السوق السوداء. فهذه الأمور من الصعب التحقيق فيها بصفته كنايتهاوك.
"رقم 27... شركة هنري للتحقيقات الخاصة... نعم، هذه هي." وجد كلاين شركة محقق خاص حسب وصف الصحيفة. وكانت توصف بأنها موثوقة.
ارتدى قناعًا، خفض قبعته، ورفع ياقة معطفه، ثم صعد الدرج إلى الطابق الثاني.
طرق! طرق! طرق! قرع الباب الذي كان مواربًا بعض الشيء.
قال صوت أجش بدا وكأن البلغم يثقله: "تفضل بالدخول."
رفع كلاين عصاه ودفع الباب ليدخل. فرأى أن الشركة تعتمد تصميمًا مفتوحًا، وكان هناك أربعة موظفين يجلسون في مقصورات صغيرة.
"مرحبًا، أنا المحقق هنري. كيف يمكنني مساعدتك؟" رحب به رجل يرتدي قميصًا أبيض وسترة سوداء.
كان يحمل غليونًا، له فك بارز، حاجبان حادان كالسيف، وعينان زرقاوان داكنتان تمعنان النظر في الزبون.
استخدم كلاين ياقة معطفه لإخفاء نصف وجهه وقال بصوت مبحوح:
"لدي قضيتان أود توكيلهما إليكم. كم أسعاركم؟"
رد المحقق هنري بإيماءة وهو يشير إلى الأريكة في منطقة الضيوف: "يعتمد ذلك على صعوبة المهمة. لنتحدث هناك."
...