كان منزل رائد قريبا من مدرسته، لذا سرعان ما وصل سريعا للمنزل


كان منزلا عاديا ذو شرفة واحدة، وباب أبيض وذو 3 طوابق، أخوه فاروق متزوج ولا يعيش معهم، يعيش في مدينة الرئيس الأعظم (سميت كذلك لأنه يحكمها عمدة يقال أنه الأقوى في كل دولة التاج المرصع) المحاذية لمدينة الأمل، زوجة فاروق تدعى حنين وهي من أغنى أغنياء مدينة الأمل، عموما هناك علاقة متذبذبة سيئة لحد ما بين حنين وأسرة زوجها فاروق، لأنها غنية وهم من الطبقة المتوسطة


دخل رائد منزله، لديه أقل من ساعة قبل العودة مرة أخرى للمدرسة حتى يحضر الدروس المسائية، كانت غرفة رائد في الطابق الأرض مباشرة، لذلك نزع حذاءه وارتدى صندلا، أخبر أمه أن توقظه بعد نصف ساعة، فقد قرر رائد النوم قليلا في سريره


بمجرد ما أغمض عينيه حتى حلم بحلم غريب، تنين أزرق ضخم يحدق إليه بعينين حمراوين، ثم التف حوله وأخذ بالضغط عليه حتى كاد أن ينفجر، استيقظ رائد بسرعة والعرق يغمره، هدأ من نفسه وقال "ذلك الحلم اللعين مرة أخرى"، يبدو أن هذا الحلم تكرر كثيرا حتى أنه أرقه


نهض من فراشه، ودخل الحمام، كان الحمام صغيرا لدرجة أنه لا يستطيع 3 أشخاص الوقوف فيه، استحم ثم غير ملابسه، ودع والدته ورجع إلى المدرسة


كانت الساعة تشير إلى 13:35 لما سمع ضوضاء غريبة وهو في الطريق، كان مصدر الضوضاء شارعا ضيقا مسدود النهاية، توجه رائد إلى هناك، وجد شخصين يثبتان فتاة من الواضح من زيها المدرسي أنها من مدرسته، كانوا يريدون خلع ملابسها، وضع أحدهم يده على فمها كي لا تصرخ، كانت الدموع تسيل من عينيها على يد ذلك الرجل، وهي تقاوم بكل ما أوتيت من قوة، لكن في المقابل كان الرجلين مجرمين فقد هددها من يمسكها واضعا سكين على رقبتها، والآخر شرع في نزع الملابس، من يمسكها كان يملك وشم تنين أسود على كتفه، والآخر وشم تنين أسود على ظهره، كانت بنيتهما الجسدية عادية لا قوية ولا ضعيفة


بدون سابق إنذار، وعاء طماطم فارغ ضرب رأس الشخص الذي شرع في نزع ملابس الفتاة المسكينة، التفت بسرعة قائلا "من الوغد الذي يتجرأ على رمي هذا؟"، التفت صديقه أيضا


لقد كان رائد، تقدم الشخص ذا وشم التنين على ظهره نحو رائد وأمسك من ياقته وقال "إذا لم ترغب بالموت فانقلع من هنا أيها الصرصور" مباشرة بعد انتهاؤه من كلامه، أمسك رائد إحدى يديه وقام بكسر معصمه ثم بضرب مائلة بيده على قفاه أفقده الوعي


تغيرت تعابير الشخص الآخر، قام بتقديم الفتاة أمامه وقال مرتجفا "لو... لو تحركت سـ... سأقتلها، أن...ن...نا لا أمزح ! " تقدم رائد قائلا "أقتلها، وسيكون هذا آخر شيء تفعله في حياتك" كانت نظرة رائد مرعبة بحق


رمى ذلك الشخص السكين وأطلق سراح الفتاة وقال "أرجوك أرجو اعفو عني، لقد تركتها فلتدعني أذهب"، كان الرجل راكعا على ركبتيه رافعا يديه مع ضمهما معا مترجيا رائد، لكن تفاجأ بركلة مباشرة لوجهه أفقدته وعيه وحطمت أسنانه الأمامية وتركته مضرجا بدمائه


توجهت تلك الفتاة نحو رائد وقالت بصوت عذب "ش... شكرا لك سيدي" قال رائد "لا حاجة للشكر، أي شخص كان سيفعل ذلك" سكت رائد قليلا ثم قال "ما الذي أتى بك إلى هذا الشارع الضيق المسدود؟" قالت "لقد كنت أتبع قطتي التي هربت مني ولكني لم أجدها، وحدث ما حدث"


تنهد رائد وهم ليعود إلى طريقه، أوقفته الفتاة وقالت "هل تسمح لي بالذهاب معك" قال رائد بسرعة "افعلي ما تريدين ولكن اسبقيني بـ5 خطوات ولا تسيرين معي" أومأت تلك الفتاة برأسها موافقة مع أنها تبدو سعيدة لكت بدا عليها تعابير الأسى أيضا


مشى رائد خلف الفتاة، كانت تردي زيا مدرسيا، قميصا أبيض وتنورة زرقاء، كانت مشيتها محتشمة وخطواتها صغيرة، هذا عطل وتيرة رائد في المشي فتحتم عليه أن يساير طريقة مشيها ويبقى خلفها بـ 5 خطوات


ما هي إلا برهة حتى فاجأته ضربة على ظهره، لقد كان ياسين صديقه، قال ياسين "أوه، أهلا رائد، كيف كانت حصة الرياضيات قبل قليل؟" نظر رائد له بنظرة اشمئزاز وقال "لا تذكرني وإلا قتلتك" ضحك ياسين بجنون وبادله نظرة الاشمئزاز "أنت تقتلني؟" ثم نظر له نظرة ملائكية "وكيف يطاوعك قلبك على قتل أعز صديق لك؟ وكيف تقول لي هذا أصلا؟ أنت تغيرت، لم تعد رائد الذي أعرفه، لقد أصبحت ..." تظاهر أنه يبكي فوضع ذراعه على عينيه متباكيا "أصبحت..." ثم نظر له مباشرة وقال "وحشااااا"، نظر رائد له بغضب "لا تستفزني أكثر، لست في مزاج جيد اليوم" ضحك ياسين بجنون


نظر ياسين للأمام فشاهد الفتاة السابقة تختلس النظر بين الحين والآخر لهما، ابتسم ياسين ببلاهة وقال "أظن أن شعبيتي قد زادت، حتى الفتيات ينظرن لي وأنا لا أدري" كانت ملامحه تحمل أفكارا منحرفة وغرورا ساطعا


كان ياسين ذا شعر أسود، وملامح طفولية تمتزج بالبراءة والطيبة، لكن يبدو أن شيطانا منحرفا يكمن داخل هذا البريء مظهرا


تنهد رائد بهدوء وصمت، لم يعقب على كلام ياسين فهو يعرف صديقه وأفكاره المنحرفة تلك


لم تمضي دقائق إلا وكانوا داخل المدرسة، بعدها رن جرس المدرسة فتوجه الجميع إلى أقسامهم، كانت الحصة الأولى المسائية الرسم، كانت أستاذة الرسم بارعة جدا في الرسم، وكان موضع اليوم أن يرسموا أول شيء يطرأ على بالهم لما يغمضوا أعينهم


أغمض رائد أعينه وفتحها ثم أغمضها عدة مرات، في كل مرة كان يرى التنين الأزرق من حلمه، بعد برهة نظر لورقة الرسم أمامه فرأى التنين مرسوما، لم يصدق نفسه، متى استطاع رسم هذا التنين؟ لم يكن في وعيه وهو يرسمه


قبل نهاية وقت الحصة أخذت الأستاذة جولة بين الطاولات لترى أعمال تلاميذها، كان ياسين قد رسم تفاحة حمراء، وحمزة رسم سيفا، وعلي رسم كتابا، وباقي الرسومات كانت عادية جدا


الذهول ملأ الأستاذة عندما رأت رسم رائد، كان تنينا أزرقا شبه حقيقي، تكاد الرسمة أن تخرج إلى الحياة، اقتربت الأستاذة إلى رائد وقالت "كيف استطعت رسم هذه في أقل من ساعة؟" كانت رسمة متقنة حتى هي لا تستطيع فعلها في مثل هذا الوقت الضيق، أجاب رائد "لا أعرف"


كانت الساعة التي بعدها فراغ، أي لا يوجد حصة، وهي فترة راحة من الحصص، خرج الجميع من القسم، ففي حصة الفراغ اعتاد التلاميذ الذهاب إلى الساحة أو المكتبة ولا يجلسون في القسم إلا قليلا، رائد لم يكن مهتما، لذلك بقي جالسا في مكانها متعجبا من تلك الرسمة


لم يمضي وقت طويل على خروج الجميع، حتى أتت تلك الفتاة على استحياء وقالت "هل يمكنني أن أجلس معك؟" صمت رائد ولم يرد، أخذت الفتاة ذلك على أنه علامة موافقة وإنما استحى من الرد، جلبت كرسيا وجلست أمامه


رأت الفتاة رائد مسمرا نظره على مكان واحد فنظرت لذلك المكان، فقالت بتعابير الإعجاب "أوه، هل أنت من رسم هذا؟، يبدو أنك موهوب بالإضافة أنك شجاع" كانت كأنها تكلم صخرا، رائد كان اهتمامه منصبا على الرسمة وكيف رسمت


فجأة شعر بالخطر، فقلب كرسيه وتشقلب للخلف، لقد كان سكين موجه لرأسه، لو لم يتفاداه في الوقت المناسب لقتله، نظر رائد ودهش، لقد كانت تلك الفتاة من تحمل السكين


قال الفتاة بتعبير غريب "الآن أرني قوتك الحقيقية؟" كان رائد متعجبا فقال في نفسه "عن ماذا تتحدث بحق الإله؟"، صدمته لم تدم طويلا، فقد تحتم عليه الدفاع ضد ركلة وجهت له، كانت ركلة الفتاة سريعة وقوية لدرجة أن رائد لم يستطع صدها بالكامل بيديه الاثنين فحول مسار الضربة


قال رائد صارخا "ماذا تفعلين؟"، قالت الفتاة وقد استقامت بعد ركلتها "ماذا أفعل؟ إني أريد أن أرى قوتك الحقيقية أيها التنين الأزرق" قال رائد "ماذا؟ التنين الأزرق؟" لم يكمل رائد كلامه حتى توجهت له الفتاة كالسهم، وجهت لكمة لبطنه، لكن رائد تراجع للخلف فلم تصبه اللكمة، ثم تفاجأ بالسكين منهال على رأسه، فتجنبه والتف إلى اليمين، ثم قام بدفع الفتاة بيديه من ظهرها حينما أصبح خلفها


قال رائد صارخا "انتبهي ! هل تريدين قتلي؟" قالت الفتاة وهي تنظر له بتعبير مرعب "وهل تظن أني ألعب معك؟" ثم أسرعت وهجمت عليه


فكر رائد في نفسه "الأمر لن يحل هكذا، يجب أن أفقدها الوعي" في نفس الوقت اتخذ وضعية دفاعية


ركلة وجهت من الأسفل لما بين رجله، رائد قام بضم ركبتيه فأصابت الركلة ركبتيه وفي نفس الوقت انهال بمرفقه على رأس الفتاة فأصابه، تراجعت الفتاة للوراء وقالت بابتسامة مجنونة "لست سيئا"، ذهل رائد كثيرا، كانت هذه الضربة كافية لإفقاد رجل وعيه، لكن الأمر لم ينطبق مع هذه الفتاة، فقط ما مدى صلابة رأسها


قفزت الفتاة في الهواء وسددت ركلة جانبية للجانب الأيسر لرائد، رائد صدها بذراعه ورفع رجله اليمنى ليوجه ركلة لبطنها، لكن هي قامت بالارتكاز على الرجل الموجهة لها بيديها ووجهت ركلة برجلها الأخرى مباشرة لوجه رائد


هذا جعل رائد يحلق بعيدا حتى جدار القسم، سالت بعض الدماء من فمه، استشاط رائد غضبا لكن هدأ نفسه، هو لا ينوي أبدا كسر هذه الفتاة أو قتلها، لكن لابد له أن يعترف أن هذه الفتاة قوية


وهو كذلك، سكين طائر توجه نحو رأسه، أمال رائد رأسه فانغرس السكين في الجدار، أسرعت الفتاة وانهالت عليه بسلسلة من اللكمات والركلات، رائد وهو يصد يقول في نفسه "لماذا تريد هذه الفتاة قتلي؟"


استغل رائد ثغرة، فقام برفع رجل الفتاة التي توجهت له، وقام بركل الرجل الأخرى ليسقطها أرضا، لكن تفاجأ بارتفاع الرجل الأخرى للفتاة، وإمساك الفتاة لرقبته برجليها ثم رميه بعيدا وشقلبته في الهواء


سقط أرضا على ظهره بقوة، سحبت تلك الفتاة السكين من الجدار، جلست فوق رائد، رفعت السكين وانهالت به مباشرة على رأسه


صرخ رائد "يكفي لعبا"، قام باستباق ضربة السكين فأمسك حوضها بيديها ثم رماها بعيدا بقوته المجردة


وقف رائد ووقفت الفتاة، قال رائد بحزم "إذا كنت تريدين أن أكون جديا معك، فلك ذلك، ولكن لا تلوميني لما يحدث معك"


قالت الفتاة بابتسامة تشويق "أجل، أجل، يا له من أمر ممتع، اليوم سأقتلك أيها التنين الأزرق"

2017/07/26 · 594 مشاهدة · 1475 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024