كانت الفتاة لا تزال تحمل السكين في يدها اليمنى وتتخذ وضعية هجوم بينما تنظر لرائد بشراسة


المحيط من حولهم تدمر، الطاولات تراكمت على جوانب الجدران، حتى أن هناك ثقبا صغيرا في الجدار جراء الرمية القوية للسكين


بينما تستعد الفتاة للهجوم، شعرت برياح ما، ما إن أدركت الوضع حتى كان رائد أمامها، وجه لكمة لبطنها جعل اللعاب يخرج من فمها، بعدها وجه ركلة بركبته لنفس المنطقة من بطنها ما زاد من الألم ثم ركلة بنفس القدم لنفس المكان جعلها تسقط أرضا على بعد مترين


وقف رائد أمامها في حين يراها تصارع الألم وقال "أفهمتي الآن الفرق بين قوانا القتالية؟ كنت متساهلا معك لأنك فتاة، ولكن إذا أردت قتلي سيكون لي معك تصرف آخر"


نهضت الفتاة متثاقلة على قدميها المرتعشتين وقالت "يبدو أنني سأستخدم بعض الأساليب حتى أفوز عليك"


قال رائد مبتسما "استطاعتك الوقوف بعد أن ضربت نفس المنطقة من بطنك ثلاث مرات هو في حد ذاته مدهش، هذا يدل على أنك مررت بتدريب صارم من قبل وإلا ما كنت لتتحمل مثل هذه الضربات، أشيد بك يا فتاة"


بمجرد ما أنهى رائد كلماته، الدهشة ملأته وفتح عينيه على مصراعيها


لماذا؟ لأن الفتاة أمامه قامت بمد يديها أمامها للأسفل، فبدأت طاقة غريبة بيضاء تخرج منها، بعدها قامت بضم يديها إلى خصرها مشكلة لكمتين، وصرخت "آآآآآآ"، طاقة بيضاء انبعثت منها جعلت كل شيء قريب منها يلقى بعيدا


في عالم حضاري، يبدو هذا تماما مثل السحر، ولا يمكن تفسيره أبدا


بعدها ابتسمت الفتاة وقالت "حسنا، هذا أفضل، استعد الآن"


تدارك رائد نفسه بسرعة، واتخذ وضعية دفاعية، لم يجرؤ على إهمال شعور الخطر المنبعث من هذه الفتاة الغريبة


بخطوة واحدة، وصلت إليه الفتاة سددت لكمة مباشرة إلى صدره، قام رائد بإنزال ذراعه ضاربا بها معصم الفتاة، ليبطل بذلك لكمتها، لكن ما فاجأه، أن الطاقة البيضاء انبعثت من جسد الفتاة، وبذلك استطاعت رمي ذراعه المدافعة بعيدا ما أفقده التوازن، بعدها مباشرة سددت ركلة لأسفل ظهره، جعلته هذه الركلة يلتصق بجدار القسم من قوتها، بل أنها كادت أن تحطم عاموده الفقري


استخدم رائد يداه لضرب الحائط ليحمي وجهه من أي أذى قائلا في نفسه "تبا، ما هذه القوة، هذا ليس طبيعيا البتة"


وهو كذلك، شعر بخطر لكمة قادمة لظهره، استجمع طاقته، والتف لليمين، تلك اللكمة كانت موجة إلى قفاه مباشرة لو أصابته لقتله، الأكثر إثارة للدهشة، أن لكمة الفتاة اخترقت الجدار، مخلفة ثقبا بحجم اللكمة


رائد لم يرتح إطلاقا، وهو يواجه لكمة خلفية مباشرة لوجهه، أسقط رائد نفسه على الأرض جالسا، فأصابت اللكمة الجدار مرة أخرى، وقامت بترك شقوق على الجدار بأكمله


قام رائد بالتشقلب عدة مرات، حتى أصبح بعيدا نسبيا عن الفتاة


وقف ونظر إليها بتعبير خطر، بعدها هدأ تنفسه ونظمه، ثم قام بالتلويح بيديه بحركات وهمية، واتخذ وضعية دفاع أخرى ليست كالسابق


الفتاة لم تهتم أبدا بما يفعله رائد، كانت واثقة 100 % من نصرها، لذلك تقدمت بخطى ثابتة، وسددت لكمة جانبية لخد رائد الأيسر، لكن رائد تراجع للخلف بهدوء، حيث أن اللكمة مرت بجانب أنفه حتى، لو تأخر لثانية كانت اللكمة أصابته، وهذا أدهش الفتاة


استمرت الفتاة بإلقاء لكمات وركلات وحتى حاولت القبض على رائد لإلقائه أرضا وتثبيته، لكنها لم تفلح بذلك، كان رائد مثل الزئبق لا يمكن حتى أن تمسكه، بدون ذكر إمساكه، لم تتمكن هذه المرة من ضربه حتى


قامت الفتاة باستعمال السكين، كانت تأمل فقط أن تصيبه ولو مرة بالسكين، بدأت هجمات عشوائية مباشرة بالسكين، استطاع رائد تفاديها وكأنه يعلم كيف ستهاجم


في الواقع كان رائد ينتظر هذه الفرصة، باستعمالها للسكين بطريقة عشوائية ومتهورة يعني أنها فتحت ثغرة في دفاعها، وهي أنها تخلت تقريبا على رجليها وأصبحت تعتمد أكثر على يديها لتوجيه هجمات بالسكين


ابتسم رائد، واستغل لحظة ما، وجه كل قوته في ركلة وجهها إلى وراء ركبتها حتى تجثو ويكمل هجومه، لكن سرعان ما انمحت تلك البسمة، كان كأنه ضرب حديدا، سحب رجله بسرعة لتجنب أكبر ضرر قد ينعكس عليه


ابتسمت تلك الفتاة قائلة "لقد قمت بزياد صلابة جسدي، الطاقة البيضاء التي رأيتها قبل قليل، كانت تقنية خاصة لتصليب الجسد، لذا لا تحاول ضربي، بقوتك هذه، حتى لو وقفت دون حراك وضربتني لساعات وساعات، الضرر الذي سيحدث لك سيكون أكبر بكثير مما سيحدث لجسدي، بل يمكنني القول أن جسدي لن يُضر أبدا"


دهش رائد بشدة، رغم خبرته في الفنون القتالية، لم يسمع أبدا عن تقنية تصدر طاقة بيضاء مرئية يمكنها تصليب الجسد، هذه أول مرة يسمع هذا


تنهد رائد بخفة قائلا "لا تقلقي، ما دمت فتاة، حتى إذا كنت صلبة كالجبل لدي حل لهذا ... "


بمجرد ما أنهى كلماته، حتى ضم يديه إلى بعض لكن أبقى كفيه مفتوحتين، قام بإدارتهما قليلا يمينا ويسارا ووجه ضربة مباشرة إلى صدر الفتاة


كان يعتقد رائد أنها ستشعر بالخجل من لمس صدرها، فتخفض دفاعها، لكن هيهات هيهات، لم ترمش تلك الفتاة أبدا، كل ما فعلته أنها أمسكت رائد من يديه المهاجمتين، ابتسمت وقالت "أمسكتك الآن"


تلكما الكلمتان جعلت القشعريرة تنساب على طول ظهر رائد، كانت خطته تعتمد على خجل الفتيات الطبيعي، لكن كل ما فعله أنه فتح ثغرة في دفاعه استغلتها الفتاة


قامت الفتاة برفع رائد من يديه، وأسقطته وراءها على ظهره، مباشرة لما سقط وجهت لكمة مباشرة لبطنه، هذا جعل الدماء تخرج من فمه، لم يعد الأمر مضحكا الآن، هي حقا تريد قتله


استلت السكين وانخفضت به نحو رأسه، قام رائد بسرعة بإمساك رأسها برجليه، وقلبها إلى الأمام، بمجرد ما سقطت أسرع بالنهوض


قرر الآن الهرب، لم يعد لديه شيء يقدمه ضد هذه الفتاة، أسرع بالركض كالمجنون لكن ما فاجأه، وجود حاجز غير مرئي يغطي الباب والنوافذ، بل وكل الجدران


"حاجز غير مرئي؟ هذه ليست تكنولوجيا حديثة؟ أليس كذلك؟" كان هذا ما يدور في ذهن رائد


في لحظة، أمسكت الفتاة ياقته من الوراء، ورمته بعيدا على الأرض، قذف رائد الدماء من فمه


نهض رائد بتعبير من الغضب وقال "حسنا، سأقتلك الآن"


اندفع رائد نحوها مباشرة، في الواقع رائد لم يكن ينوي قتلها لأنه لم يكن يعتبرها تهديدا على حياته، الآن اختلفت الظروف، إن لم يقتلها أولا ستقتله بكل تأكيد


ضحكت الفتاة "هههههههه، هيا فلنرى إمكانياتك الحقيقية، أيها التنين الأزرق"


كان رائد كالعاصفة، سرعان ما وصل إليها، برياح قوية


سبقته الفتاة بالهجوم، وألقت لكمة جانبية على خده الأيمن، أخفض رائد رأسه، وقام بضرب مكان ما في بطنها بأصبعه


شعرت الفتاة بقشعريرة، وأحست أن هذا ليس هجوما طبيعيا


لم تستطع فهم الأمر حتى، قام رائد بالاستمرار بالهجوم مستخدما أصابعه، بعد عدة هجمات مختلفة في أنحاء جسد الفتاة، تراجع رائد بخطوات سريعة إلى الوراء


قالت الفتاة بازدراء "هذا ما استطعت فعله أيها الغر؟ كانت ضربات كمشي النمل، لم تؤثر في أبدا"


ابتسم رائد وقال "حسنا، حاولي الهجوم علي إذا"


كانت الفتاة تريد أن تخطو للأمام، لكن يبدو أنها شلت تماما، قالت غاضبة "ما الذي فعلته أيها الوغد؟"


قال رائد "لا شيء، فقط خبير فنون قتالية عالي المستوى مثلي، يمكنه بسهولة ضرب نقاط الضعف في الجسد، وهذا ما فعلته بالضبط"


أكمل رائد قائلا "لا تقلقي سيتوقف تدفق الدم في عقلك بعد قليل، بعدها ستموتين، وسيبدو الأمر كجلطة دماغية لا غير"


صرت الفتاة على أسنانها قائلة "أيها الوغد" حاولت التحرك يمينا وشمالا لكن لم تستطع، بعد دقائق سقطت الفتاة ميتة


تنهد رائد، وأراد الخروج، لكن دخان أسود غريب تجمع حول جثة الفتاة، بعد برهة، تكونت هيئة فتاة من ذلك الدخان الأسود، هذا أرعب رائد بشدة حتى النخاع، فسقط أرضا مرعوبا مرتعدا


قال رائد في نفسه "ما هذا الشيء ! "


تقدمت تلك الفتاة الدخانية إليه، وهي كذلك حتى تكونت عيناها الحمراوان، ولما فتحت فمها، بدا كأنها كله من أنياب قالت "تبا، أنا في هيئتي الروحية، سأقتلك بسرعة قبل أن تستيقظ"


حلقت كالدخان متجهة نحو رائد، وجهت مخالبها إليه بسرعة فائقة


في هذه اللحظة، أيقن رائد من موته، لكن ما حز في نفسه، أنه سيموت على يد شيء لا يعرف أصلا ما هو، ذكرياته الجميلة انسابت كلها في عقله


في تلك اللحظة، ضربت مخالبها درعا أصفر شفافا نوعا ما، رفعت الفتاة رأسها وقالت "تبا، لقد تأخرت"


كان فوق رائد تنين أزرق عظيم، لم يعطيها أي فرصة وقام بابتلاعها


شهد رائد هذا المشهد، فارتعب أكثر، إنه بالتأكيد التنين من حلمه والذي رسمه


بعد أن فعل التنين هذا، عاد مرة أخرى للرسمة، لكن هذه المرة الرسمة اختفت وبقيت الورقة بيضاء

2017/07/27 · 439 مشاهدة · 1269 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024