اخمد القرويين النيران المشتعلة وسط قريتهم ، وعالجو جرحاهم ، فقد كانت المشعوذة الصغيرة بينهم ، كانت الصدمة كبيرة على وجوههم ، كيف لكل هاذا الجمال والرقة ، ان تلقب بالمشعوذة ، وتحاك قصص مخيفة عنها ، تحكى للاطفال ليلا ، ما عدا الطبيب الكبير ، وكانه كان يعلم بكل شيئ ، وفجاة اقتربت الخالة هيلين من اوليفر وربتت على راسها ، وكانها كانت تعرفها من قبل ، لكن الوليفر كانت لا تفقه شيئا ، فهي لا تذكرها حتى ، ثم اقتربت من الطبيب

●الخالة : يبدو انك لاتزال بخير ايها العابس
■الطبيب : سررت بلقاءك ايضا ، ايتها الصيدلية العجوز

كانا وكانهما يعرفان بعضهما من قبل

○اوليفر : من تكون هاته السيدة
●هلين : مبتسمة صديقة قديمة


●●●فلاش باك : ملاحظة : يتم تخيل الشخصيات باللون الاسود والابيض مع تواجد الوان اساسية ●●●

فلاش باك : [ امراة في ريعان شبابها ، ذات بطن منتفخة تمشي وسط الغابة ، وهي تمارس هوايتها في جمع الاعشاب الطبية والاعشاب النادرة الثمينة ، فجاة توقفت لانها لمحت ظلا بين الاشجار ، اقتربت ببطئ لتجد هناك عجوزا في الستين ، لكن ذلك غير باد على وجهها ، كانت الاخرى جاثية على الارض ، تقطف بعض الاعشاب بلطف وحنان ، ما ان التفتت لترى من خلفها ، واذا بهما تتفاجئان ، فكلاهما كانتا تحملان سلة تحتوي على مجموعة من الاعشاب ذات الجودة الجيدة ، ما ان لمحت الفتاة الواقفة سلة الاخرى حتى قفزت نحوها بسرعة ، و كانت بهجة لاتوصف مرسومة على وجهها ، ففي الاخير كانت مهوسة بجمع الاعشاب ، كانت تتامل ما بسلة الاخرى بلهفة لا تصدق ، لم ترد العجوز باي كلمة ، غير نظرة عادية على وجهها ، بعد لحظات تداركة الشابة خطاها واعتذرت بسرعة ، لكن الاخرى لم ترد بشيئ ، وكانها كانت تحمل هموم الدنيا على كتفها ، وقفت العجوز ورحلت ، تبعتها الشابة لكن لم تجدها ، وكأن الظلال اخذتها ، عادت الشابة الى قريتها ، بيتها وزوجها اللطيف البشوش ، كان كل اهل القرية يحبونها ويقديرونها ، كيفا لا وهي تلك الطبيبة اللطيفة دائمة البسمة ، التي تشفي جميع مرضاها مهما كان مصابهم ، تكرر مشهد لقاءها بالعجوز عدة مرات اسبوعيا ، كانت الشابة كل يوم تاتي بحل جديد لحمل العمة على ملاحظتها و الكلام معها ، يوم تلعب الغمضية معها ، واخر تحاول اخافتها ، لكن لا شيئ فرد فعل العجوز كان نفسه يوميا ، تغادر مباشرة فور رؤيتها ، لكن جاء اليوم الذي وقعة فيه الواقعة ، بينما كانت العجوز مستلقية على الارض في احد الاركان تجمع اعشابها الطبية واذا بصرخة قوية وسط الغابة ، كان الصوت مالوفا ، نهظت العجوز مسرعة وقد نسيت سلتها خلفها ، كانت تتبع صوت الصراخ والخوف يتملكها ، حتى هي لم تستطع ان تصدق انها خائفة ان يحصل مكروه لتلك الفتاة الطائشة الغبية ، فجاة لمحتها ساقطة على الارض ، اسرعت نحوها ، ما كادت تصلها حتى انطلقت رائحة دماء قوية ، كانت الفتاة على وشك الانجاب ، لكنها كانت تنزف بشكل غير طبيعي ، اسندتها العجوز على احدى الاشجار ، كانت الفتاة بحاجة الى عملية قيصرية ، والا فقد يودي ذلك بحياتها او حياة الرضيع او ربما كلاهما ، على الرغم من كل ذلك الالم كانت الفتاة تضحك ضحكات خفيفة

العجوز : ما الذي يضحكك
الفتاة : لو كنت اعلم ان هاذا سيجذب انتباهكك ، لقمت به منذ مدة طويلة
العجوز : اصمتي ايتها الطائشة الغبية
الفتاة : كيف هو الوضع
العجوز : لا يبشر بخير
الفتاة ( ضاحكة ) : يال سخرية القدر ، معالجة لا تجد معالجا في اشد الحاجة له
العجوز : اذن كوني ممتنة لقدرك
الفتاة : ماذا ؟؟

وضعت العجوذ ذراع الفتاة حول رقبتها وحاولت مساعدتها في الوقوف ، فجاة فتح بعد امامهما ، دخلا عبره ، ليجدا نفسيهما في الجهة الاخرى ، داخل غرفة تحتوي على سرير ، وكان صوت بكاء قوي صادر من الغرفة المجاورة ، وضعتها العجوز على السرير ، واحظرت معدات الجراحة من اجل القيام بالعملية القيصرية ، وبعد دقائق طويلة من الصراخ والالم ، الدماء والدموع ، واذا بصرخة بريئة قوية ، تبشر بقدوم حياة طاهرة جديدة الى هاذا العالم البائس ، اتمت العجوز عملية الخياطة ، ولفت المولود الصغير في لفافة قماشية بيضاء ووضعته في ذراع والدته ، كانت عينا الام تذبلان وتغمضان شيئا فشيئا من شدة التعب والالم ، لكن قبل ان يغمى عليها وتنام ، لمحت وجه ابنتها الصغيرة ، كان لها عينين بنيتان واسعتان وجميلتين ، ذرفت الام دمعتها الاخيرة قبل ان تفقد وعيها ، بعد مرور يومين كاملين استيقضت الام ، اول شيئ بحثت عنه كان ابتنها الصغيرة ، لم تجدها امماها ، نهظت جازعتا ، بحثت في كامل ارجاء المنزل لكن لم تجد اي احد ، فجاة سمعت صوت بكاء صادر من الخارج خرجت بسرعة وهي مجزوعة ، لتجد العجوز هناك ، جالسة على الارض وفي حظنها صغيرتان اثنان ، الاولى كانت ابنتها ، لكن الثانية كانت اكبر منها قليلا ، ذات شعر اصفر ذهبي وعينان زرقاوتين ناصعتا الجمال ، كانت كلاهما تبكيان ، ولم تكن تعلم العجوز ما يجب القيام به ، تقدمت الشابة نحو ثلاثتهم ، حملت كلتا الصغيرتين في ذراعها ، وبدات تحركهما ذهابا وايابا ، مع تعابير مضحكة على وجهها ، شيئا فشيئا اعتدل مزاج الصغيرتين ، وتفاعلتا مع الشابة ، كانت صدمة صغيرة مرتسمة على وجه العجوز ، قامت الشابة بارضاعهما معا حتى شبعتا ونامتا في حجرها ، شيئا فشيئا بدات كل من الشابة والعجوز بالتعرف على بعضهما البعض اكثر واكثر ، بل وصارتا اعز صديقتين ، ولم يتوقف الامر هنا ابدا ، فقد استطاعة الشابة التاثير على شخصية العجوز وجعلها انسانة مرحة ولطيفة من جديد ، بعد ان ظنت انها فقدت ذلك والى الابد ، تكرر لقاءهما كثيرا ، وخاصتا في الكوخ القديم ، كانتا تشاطران بعظهما البعض كل اسرارهما وامورهما الشخصية ، بل وحتى حبهما في تجميع الاعشاب الطبية ، مرت الشهور والسنوات ، كبرت ونمت الفتاتاة الصغيرتان ونمت معهما علاقة العجوز والشابة ، وخلال كل هاته الفترة كان جنود الكنيسة يتفقدون الكوخ القديم مرة او اثنان شهريا ، كانت العجوز تخبئ الشابة وابنتها قبل وصولهم ، فقد كان محرما لاي كان ان يتواصل معهما ، فهما كنز نادر وثمين تقوم الكنيسة بتخباته وحمايته ، لكن فجاة وفي احد الايام حدث ما كانت كل من الشابة والعجوز تخشى حصوله ، فاثناء دورية الحراسة لجنود الكنيسة ، وبينما كانت الشابة مختباء مع ابنتها في القبو ، واذا بالصغير تبكي ، لكن قبل ان ترفع صوتها قامت الام بتغطية فمها ، لكن للاسف كان ذلك متاخرا ، فقد سمع الحراس الصرخة ، اسرعو نحو القبو ، كان خوف العجوز اكبر من خوف الشابة نفسها ، فهي تعلم ما سيحدث لكلتهما ان امسكهما الحراس ، اسرعت هي كذلك نحوهم ، وقبل ان يفتح الحراس باب القبو ، قامت العجوز بانشاء باوبة بعدية داخله تؤدي الى القرية مباشرة ، دخلتها الشابة قبل ان يفتح الفرسان باب القبو ، لكن الكنيسة كانت حذرة جدا ، فقامت بتكثيف الدوريات وزيادة عددها ، بل وقامت حتى بنشر اشاعات عن ذلك المكان حتى تبعد الزوار الغير مرغوب بهم ، مرت الايام وكانت الاثنتان تلتقيان بحذر شديد ، مرت الشهور ، حتى صار في عمر تلك المولودة الجديدة خمس سنوات تقريبا ، في القرية ، قامت الشابة التي صارت الان اما مخضرمتا ، على فاجعة مهولة فقط اصابة "الحمى القرمزية " معظم اطفال القرية ، ( الحمى القرمزية : ■ مرض من وحي الكاتب ■ هو فيروس يستهدف الكريات الدموية الحمراء الاصلية " المتواجدة داخل نقي العضام " ويحدث طفرة عليها ، تسمح بانتاج نوع جديد من الدماء يكون لونها قرمزيا ، هاته الكريات الدموية الجديدة تحتوي على عدد اقل من صفائح هيل " المسؤولة عن نقل الاوكسيجين الى باقي اعضاء الجسم واخراج الكربون منه " بالتالي يصبح لون الدم قرمزيا غامقا ، ويصاحبه ارتفاع شديد في حرارة الجسم بسبب نقص دخول الاوكسيجين ، وبطئ طرح الكربون ، فيموت المصاب به اما اثر الارتفاع الشديد لدرجة حرارة الجسم ، او بالعجز الوظيفي نتيجة نقص الاوكسيجين في الجسم ) في العادة يكون امام المصاب ثلاثة ايام كحد اقصى قبل ان يموت ، لم يكن هاذا اول مرض خطير يصيب اهل القرية ولن يكون الاخير ، لكن براعة وخبرة الشابة المعالجة سمح بتقليص عدد الضحايا الى العدم تقريبا ، فقدرتها "اينجل بلود " ( دماء الملاك ) سمح لها بانقاذهم جميعا
( ■ اينجل بلود : هي الكارا الخاصة بالشابة ، من النوع العلاجي ، يسمح بعلاج اي مرض فيروسي مهما كان ، لكن الشرط هو ان تشرب قطرات من دماء الشابة ، وهاذا الامر الذي ياثر سلبا على صحتها وعلى قدرتها الجسدية فهو ينكها ويستهلك طاقة حياتها شيئا فشيئا ) ، كانت فرحة اهل القرية عارمتا ، فقد استطاعو النجاة من احد اخطر الفيروسات فتكا في تاريخ البشرية ، وكل هاذا بفضل معالجتهم الماهرة ، لكن للاسف لم تكتمل فرحتهم ، وفرحة معالجتهم ، فعلاجها الاخير لم يعطي نتائج اجابية على شخص واحد وحيد ، ذلك الشخص كان ابنتها الصغيرة ، فبسبب ان دماء المعالجة كان يجري في عروق الصغيرة ، واستطاع الفيروس استهدافه وهزيمته ، فلم يؤتي دم والدتها اي نتائج تذكر ، لان كريات الام الدموية ، لم تستطع تميز الكريات الدموية المصابة لانهما كانتا تقريبا متماثلتين ، لذلك لم يستطع دم الام هزيمة الفيروس ، و كانت حالت الصغيرة تزداد سوءا بمرور كل ساعة ، دفع ذلك الام الى السفر على ظهر الهيفر ( الهيفر : حيوان اليف كالحصان له ضعف سرعة الحصان وله عينان زرقاوتان غامقتان ) ، الى كوخ الشجرة القديم ، حيث تسكن صديقتها العجوز ، ادخلت ابنتها الى غرفة العلاج ، حيث قامت الفتاة الصغيرة صاحبة الشعر الاصفر والاعين الزرقاء بمعالجتها بقدرتها ، هنا ارتاحت الام لشفاء ابنتها ، لكن للاسف فرحتها لم تدم ففجاة اذا بالجنود في البيت ، اكتشفو امرها بسبب الهيفر خاصتها الذي كان مربوطا في الخارج ، بسبب تسرعها في شفاء ابنتها ، حاصرها الحراس ، لكن العجوز بسرعة قامت باخفاء ابنتها الصغيرة ، فلم ينتبهو لها ، قام الجنود بحبس الشابة في زنزانتهم ، وتم اعتبارها مشعوذة شريرة ، وخادمة للشيطان بحد ذاته ، بسبب ان قدرتها مرتبطة بالدماء ايضا ، كل ذلك فقط لابقاء امر العجوز والصغيرة صفراء الشعر سرا ،بعد ان تم استخلاص باقي دماءها من اجل دراسته ، تم اعدامها حرقا امام باقي اهل القرية ، وامام اعين زوجها البشوش ، الذي اصيب بصدمة ولم يبتسم بعدها ابدا ، وتم تحريم زيارة المشعوذة مهما كان الامر ، كان اسم الشابة هو " ايفر " والدة " اوليفر " ، اما العجوز فقد كانت الخالة " هيلين " ، اعادة الخالة ابنة صديقها الى والدها ، واخفو امرها عن الكنيسة ، كما انهم اخفو امر موت والدتها عنها ، مرت الايام والسنوات ، الى هاته اللحظة حيث التقتا من جديد .


2020/05/06 · 236 مشاهدة · 1701 كلمة
نادي الروايات - 2024