بعد الانتهاء من المأساة ، هلم الاصدقاء بالمغادرة ، لكن قبل ذلك كرمهم اهل القرية بوليمة كبيرة اشبعت جوعهم الطويل ، في الصباح حزمو امتعتهم واهمو بالرحيل ، اعطو الاذن لوليفر وليليث الانظمام لهما متى ما ارادتا ذلك ، كان رفض اوليفر سريعا ومعذورا ، فهي تريد ان تكون مثل والدتها ، قائدتا فعلية للقرية ومعالجة امراضها ، اما ليليث فردها كان اكثر ظبابيتا وغموض ، ردها الوحيد كان " ليس الان " ، سلك الرفاق الطريق الشرقية ( الطريق التي نصحتهم بها ليليث ) ، لكنها زودتهم بمعلومة مهمة اضافية ، انهم اذا ما ارادو اللحقا بالديكون السادس ، فيجب عليهم ذلك قبل مغادرته للقاء القمة في قارة "اثينا" بعد عشرة ايام ، والا فان الفرصة ستفوتهم ، افترقو عن اهل القرية ، عن اوليفر ووالدها ، وعن الخالة هيلين وليليث ، اللتان عادتا الى كوخهما الخشبي ، بعد مسيرة خمسة ايام ، اذا بلامح مدينة حظارية تبدا بالظهور ، شيئا فشيئا حتى صارو امام ابواب مدينة ( ريفال ) ، كان لها بوابة عملاقة حديدية ، كما كان بجوار المدينة سد كبيير ، يستخدم في توليد الطاقة الكهربائية ، وكان مظهر المدينة يوحي بتطورها ، فهي تملك بنايات وشوارع متطورة عن باقي القرى التي راوها من قبل ، وتملك انارات شارعية تتغذى على الطاقة كذلك ، تم استوقافهم امام البوابة ، لدفه رسوم الدخول ، لكن يا ليت ذلك لم يحدث ، فقد شب قتال بين الحراس والرفاق ، ففي الاخير زيكسل ورفاقه كانو قطاع طرق ، اي ياخذون من الحكومة لا العكس ، احدث الرفاق فوضى كبيرة امام البوابة الكبيرة ، كما انهم اطاحو بكل الحراس هناك ، ثم تسللو هم وباقي الناس في الطابور داخل المدينة دون دفع الرسوم ، واختلطو بسرعة بين الناس قبل وصول دعم الجنود ، وقبل ان تغلق بوابة المدينة الحدبدية العملاقة ، كانو يسيرون بين اروقة المدينة والدهشة على وجوههم ، فهم لم يرو مثل هاته الاشياء سابقا ، اعمدة ضوئية تنير اروقة كاملة ، وكأن نجم مضيئ موجود داخلها ، وعربات ذاتية السير ، كانها ممسوسة او شيئ من هاذا القبيل ، والبنايات العالية ... وغيرها وغيرها من الاثار الحضارية المتطورة ، لكن دهشتهم لم تكتمل ، فقد افترق بلاك وزيكسل عن التوام وجينيس وسط حشود الناس ، اكملا مسيرتهما داخل سوق شعبي لبيع الخضر والفواكه ، الاسماك وغيرها ... لكن فجاة واذا بعينهما تقع على مشهد مستفز ، اذا برجل كبير سمين الجثة ذات لحية على خده ، ولباس انيق ، يتنمر على طفل صغير ، كان اصغر من زيكسل وبلاك سنا وحجما ، واضعف بنيتا ، وكان يملك ضمادات تغلف كل يده وذراعه اليمنى لتختفي تحت قميصه ، لم يكن الصغير يحاول التصدي للظربات حتى ، لم يكد يكمل الرجل ظربته الاخيرة ، وقبل ان يتدخل زيكسل حتى ، واذا بظربة قوية على وجهه جعلته يفقد ضرسان ، كانت دهشة خارقة على وجه كل المارة واخرى اكبر على زيكسل ، فالمتدخل كان بلاك ، ونظرة مرعبة على وجهه ، اسرع زيكسل نحو الصبي ، مسح عنه الغبار وساعده على النهوض ، كان الصبي هشا ضعيف البنية ، بسبب نقص التغذية والمشرب ، و مليئا بالكدمات والجروح، نهض الرجل الضخم من الارض ، يده على فمه ، ونظرة مخيفة على وجهه

■الرجل : كيف تتجرا على لمسي ايها الحثالة

اكتفى بلاك بنظرته المرعبة التي جعلة الرجل يتراجع قليلا

■الرجل : ستدفع ثمن ذلك غاليا

لكن بلاك استدار وكان مغادرا ، فقد انفعل للحظة ، فهاذا نادر الحدوث بالنسبة لشخصيته القاسية ، كما ان هاذا الرجل ليس من مستواه اصلا ، وهاذا ما استفز الرجل اكثر ، ثم اخرج خنجرا وحاول مهاجمة بلاك من الخلف

■الرجل : لا تدر ظهرك وانا اكلمك

ثم فجاة تلقى ظربة من اسفل ذقنه ، جعلته يفقد سنا اخرى ، ثم سقط مغمى عليه ، كان زيكسل صاحب تلك الظربة القاضية ، كان الناس يشاهدون في ذهول تام ، فكيف لهاذان الصغيران ، والغريبان حتى ، ان يفعلا كل هاذا في احد اكثر الرجال نفوذا في المدينة ، في مكان اخر قريب ، لاحظ جينييس والتوام تجمع حشود من الناس في مكان واحد ، تجمعو معهم ، وكانو يحاولون فهم ما يجري ، واذا بهم يصلون في مشهد زيكسل يفقد الرجل وعيه ، لمحهم زيكسل هو الاخر ، اسرعو نحوه ، لكن فجاة واذا بالجنود يفرقون الحشد للوصول اليهم ، حمل زيكسل الفتى على ظهره وغادر مسرعا مع رفاقه ، قبل ان يقبض عليهم الجنود ، لكن هيهات ، فهاهي فرقة من الجنود تلمحهم وتتعرف عليهم ، كيف لا ومعهم مراهق بصلعة تنير الاحياء المظلمة كاملة ، كان الرفاق يركضون بين الازقة الضيقة والمظلمة لمحاولة تشتيت الحراس ، لكن للاسف كان الجنود ادرى بأزقة المدينة اكثر منهم ، كانو في موقف حرج فقد سد الحراس كل اماكن الهروب ، كانت مسالة وقت حتى يطبقو عليهم قبضتهم ، لكن فجاة وبصعوبة ، رفع الطفل الصغير الذي كان على ظهر زيكسل يده واشار الى مدخل صغير في اسفل البناية يؤدي الى قبو صغير ، دخله الرفاق بسرعة واعادو المدخل الصغير الى مكانه قبل ان يصل الجنود ، كان عبارة عن منزل صغير ، يحتوي على مكان نوم صغير ، كان يصلح للجرذان التي تعيش هناك اكثر مما هو لبشري ، ذلك المكان الصغير ، كان يخص الطفل الصغير الذي احظره زيكسل ، بسرعة حاول الصبي الاعتماد على نفسه والوقوف على قدميه ، بصعوبة بالغة استطاع ان يمشي بضعة خطوات نحو فراشه قبل ان يسقط ، ساعده زيكسل والتوام ، بينما كان جينيس يجهز قطعة قماشية نظيفة مبللة بالماء النظيف ، بدا بالمسح على وجه الصغير ، لكن فجاة توقفت يده لا اراديا من هول المشهد ، لم يستطع ان يكمل عمله لبضعة ثواني ، قبل ان يعود له رشده ويتحكم في اعصابه ، كان الصبي ذو شعر اسود اللون يملك تحته عين سوداء عادية ، لكن عينه الاخرى كانت حمراء اللون ، ويملك ندبة كبيرة وطويلة على طول وجهه وتمر على عينه اليمنى ( العين الحمراء ) وكان يملك اسنانا حادتا كاسنان القرش ، كاش شكله مخيفا للناظرين ، لكن بالنسبة لزيكسل كان الامر عاديا ، فهو لم يحاول الحكم على الطفل من اول نظرة ، اكمل جينيس مسح وجهه ، وحاول ابعاد قميصه عنه لينظف باقي جسده ، لتقع صدمة اخرى اشد عليهم جميعا ، حتى بلاك الذي كان يحاول ان يظهر بانه غير مهتم ، كان جسمه مليئا بالكدمات ، الجراح والندوب ، بسبب الضرب و الجلد المستمران ، واكثر ما اثار دهشتهم كانت تلك الضمادات المحكمة التي تملئ جانبه الايمن كاملا حتى انها كانت تغطي كامل ذراعه الايمن ويده وحتى اصابعه ، وكانت ندبة وجهه مستمرة حتى رقبته لتغطيها تلك الضمادات ، لم يسمح الصبي لهم بازالة الضمادات ، بل لم يسمح لهم بلمسها اصلا ، تفهم الرفاق رغبته ،اكمل جينيس تنظيف جسده دون الاقتراب من الضمادات التي كانت تغطي نصف صدره وبطنه الايمنين ، كان زيكسل خلال ذلك يحادثه ويمزح معه ، في محاولة لينسيه ألمه ، وفي تلك الاثناء كان التوام خارجا يفتشان المنطقة ويحرسانها ، بعدها استيقض الفتى وشكرهم جميعا ، لكن عينه لم تفارق بلاك ابدا ، ذلك الشخص القوي ، الهادئ ، الغامض الذي انقذه

◇الفتى : شكرا ، شكرا جزيلا لكم جميعا ، لكن يجب ان تغادرو بسرعة
□جينيس : لا تتحرك كثيرا ، جسدك يحتاج للراحة
◇الفتى : لا ، انتم لا تفهمون ...
○زيكسل : ماذا ، ما الذي لا نفهمه
◇الفتى : ذلك الرجل ، انه ذو شان كبير في هاته المدينة ، انه الاخ الاصغر لحاكم هاته المنطقة ، واخوه الحاكم " ارسيد " لن يسمح بامر كهاذا ان يمر مرور الكرام

انتظر الصبي ان يتركه الرفاق ويغادرو خوفا على انفسهم بعد هاذا الكلام ، لكن ما حدث ...
رفع زيكسل يده الى راسه ومسح على شعره

زيكسل : اطمئن الان ، فنحن هنا ولن نتركك ابدا

هنا اتسعت حدقتا الصبي ، وكانه تذكر لمحة خفيفة من ماضيه ، ثم انهمر باكيا على صدر زيكسل ، كانت الصبي يبكي بحرقة فتلك الدموع المكبوتة لعدة سنوات ، لم تستطع الظروف المعيشية له ان تسقطها ولا حتى الاضطهاد والظلم الذي كان يتعرض له ، لكن زيكسل استطاع فتح ذلك الباب بل اختراقه مباشرة ، كان الصبي يبكي بحرقة ، حتى توقف

○زيكسل : هي يمكنني معرفة اسمك
◇الصبي : فرانك ... فرانكشتاين
○زيكسل : انا اسمي زيكسل ، زيكل ماد في ، وهاؤلاء هم اعضاء فرقتي ، بلاك و جينيس و التوام اللذان يامنان لنا المنطقة خارجا
◇فرانكشتاين : قلت فريق ؟؟
○زيكسل : اجل
◇فرانكشتاين : هل تسمح لي بسؤالك عن اسم فريقك ، سيدي

هنا كانت مفاجاة على كل من زيكسل وجينيس ، حتى وجه بلاك لم يسلم من ذلك

○زيكسل : تبا ، لم نفكر في ذلك بعد ، كيف نسينا شيئا مهما كهاذا

هنا ابتسم فرانكشتاين من تصرف زيكسل الابله ، والاهوج ، كانت ضحكته جميلة جدا على الرغم من التشوه الذي يشوب وجهه
_ تدخل جينييس وحاول مخاطبته بنفس اسلوب كلامه الحذر والمحترم

جينيس : اتسمح لي بسؤالك عن عمرك ؟؟
فرانكشتاين : اثنا عشر سنة ،اثناعشر سيدي

هنا ادرك جينيس ما مقدار المعاناة التي عاناه الصبي ، فان تلتصق كلمة سيدي بفتى في الثانية عشر من عمره ليس بالامر الهين ، لكنه حاول تدارك الامر ، وجعله لصالحه

□جينيس : ليس لانني اصلع فقط ، فانه يجب عليك مناداتي بسيدي كل مرة ، فانا مازلت في سن الزهور

ضحك فرانكشتاين من نكتة جينييس التي لم تزد بلاك الا ضيقا

●بلاك : دعونا من هاته التفاهات ، لماذا لم تدافع عن نفسك هناك ، لماذا تركت الرجل يشبعك ضربا ، كان بامكانك الدفاع عن نفسك او حتى الهرب

هنا شعر الصغير بالخوف ، واختبئ خلف جينيس وزيكسل

□جينييس : انت تخيفه هاكذا يا بلاك
●بلاك : الست اسال هنا ، كمعظمكم ؟؟

قبل ان يجيب اي احد ، رد فرانكشتاين

◇فرانكشتاين : الى اين ؟؟ فانا اعتبر عبدا حثالة بالنسبة لهم ، اي انتفاضة صغيرة مني تعني الموت المحتم ، فهاذا حال كل الاطفال بدون اباء هنا

○زيكسل : لا عليك
●بلاك : توقفو عن معاملته كانه اميرة صغيرة ، لعل الامر صحيح لعلك حثالة حقيقية ، فالحثالة هي من ترضى بالذل والعار وتبقى صامتة دون فعل اي شيئ

ثم هلم بلاك بمغادرة المكان ، على الرغم من عتاب جينييس وزيكسل له على رده الاخير ، لكن شعور فرانكشتاين كان مختلفا تماما ، كان ينظر لبلاك بنظرة استغراب ، وكانه يسمع هاذا الكلام لاول مرة في حياته ، زرع هاذا الكلام داخله شعورا غريبا ، املا منيرا ، روحا جديدة

اثناء مغادرة بلاك كان التوام في لحظة الدخول اليهم ، وهم يحملون طعاما ساخنا من اجل فرانكشتاين ، امضى الرفاق الليلة في مهجع فرانكشتاين الصغير للاطمئنان عليه وعلى صحته ، ما عدا بلاك الذي امضى الليلة خارجا ، لا احد يعلم مكانه ، اطل الصباح ، ومعه صيحات وصرخات الجنود ، فقد تضاعف عددهم عدة اضعاف ، بعد ان استدعو الدعم من باقي المدن المجاورة بسبب حادثة البارحة ، كانت شوارع المدينة مكتضة بهم ، استيقض زيكسل ، اول شيئ لمح مكان بلاك ، وفرانكشتاين ، لم يجد فرانكشتاين ، بسرعة انتفض خارجا للبحث عنه ، تبعه جينييس والتوام بعدما ايقظهم ، كانو يتجنبون الحراس قدر الامكان ، كانو يقفزون فوق البنايات ، فجاة لمح زيكسل فرانكشتاين برفقة مجموعة جنود مقيدا و يقتادونه نحو القصر الاعلى الموجود وسط المدينة ، بسرعة وبدون تفكير مطول اندفع نحوهم ، كان يطيح بهم بسرعة كبيرة ، لكن فجاة توقف ، كان قائد تلك المجموعة يمسك بفرنكشتاين بيده اليسرى ، ويضع خنجرا على رقبته بيده اليمنى

■القائد : خطوة واحدة وساقطع رقبة هاذا الصغير
○زيكسل : ارجوك لا تفعل
■القائد : اذن انت هو الصبي ذو الشعر الرمادي الذي اطاح بالاخ الاصغر لعائلة " اوفيس " الحاكمة ، تبا لقد تصدرت الاخبار لتوك

حاول زيكسل التقرب منه قليلا ، لياتي رد القائد سريعا ، واذا به يدخل راس الخنجر برقبة فرانكشتاين ، بدات الدماء بالسيلان

■القائد : اخبرتك ، خطوة اخرى وينتهي امر الصبي ، فانا لا امزح في اوضاع كهاته ، الان ضع يديك خلفك ، ستاتي معنا ، فقد وضع الحاكم جائزة كبيرة على راسك

تقدم احد الحراس ووضع اصفاد زيريس على يدي زيكسل ، اما زيكسل فقد كان ينظر بعينه الاثنتين نحو جينييس والتوام ، وكانه كان يامرهم بعدم التدخل الان ، لان حياة فرانكشتاين كانت على المحك ، اخذ الحراس زيكسل وفرانكشتاين الى قصر الحاكم ، لتنفيذ حكم الاعدام على زيكسل ، وتطبيق عقوبة قاسية على فرانكشتاين

2020/05/08 · 222 مشاهدة · 1966 كلمة
نادي الروايات - 2024