6 - عن بعد خطوة من امساك عدونا

استيقظت من نومي ما ان داعبت اشعة الشمس جفنيّ، نهضت من الفراش واجلت ببصري في المكان.

بالرغم من الجدران المهترئة وقِدم المكان، مقارنة بالغرفة التي كنت اعيش فيها، هذه الغرفة اكبر وافضل، وحتى السرير كان مريحا لدرجة لا يمكنني الاعتياد عليه، اضن ان هذا مايسمى بغرفة نبيل حقيقية.

لمحت النافذة على جانبي واتجهت نحوها.

مررت اصابعي على الزجاج الامسه ونظرت من خلال البلور.


- انه اليوم الثاني...


لقد حدث الكثير من الامور اضافة الى الحرب لهذا لم الاحظ ماحولي، انه الخريف بالفعل.

غرفتي كانت في الطابق الثاني لهذا استطيع رؤية البعض من عجائب هذه الغابة.

السماء غائمة تنذر عن سقوط الامطار باي لحظة والاشجار في الفناء اصفرت اوراقها وتكاد تقع لكن، خلف الفناء مباشرة اشجار الغابة الشاهقة، باوراقها الخضراء الكثيفة، وكانها لم تتأثر بالخريف ابدا.

كان مشهدا غريبا لكن يستحق الإندهاش له. سحبت كتاب الرسم وشرعت برسم هذا المنظر، لايمكنني تفويت رسم شيء عجيب كهذا.

طرق الباب ودخل بيثريون بعد ان استأذن.


- يبدو انك استيقظت مبكرا، لقد جلبت فطور الصبح لك. وهذه بعض الملابس الخاصة، عليك بإرتدائها دائما مثل زي الفرسان.


- اه...شكرا


- انا فقد انفّذ اوامر سيدتي، كلّ طعامك وغيّر ملابسك بسرعة ثم انزل الى الخارج. ستبدأ تدريباتك كفارس.


- حسنا...


غادر بيثريون الغرفة تاركا الطعام والملابس. مجرد بدلة زرقاء يرتديها العامة، اضافة الى رداء.

لا افهم لماذا علي ارتداء ملابس كهذه بلا دروع كزيي الفارس الخاص لكن هذا افضل من زيي السابق.

بحلول نصف ساعة وصلت الى المكان المقصود، ساحة بالقرب من الحديقة الخلفية للقصر، على الارجح المكان حيث كان فرسان الدوق ماريلس يتدربون.

لم الاحظ البارحة لكن، توجد وحوش برية في القصر ايضا. لم ارى اي واحد منها البارحة وسبب هذا ربما خوف الوحوش من البشر، من البديهي ان تختبئ عند رؤيتي اول مرة.

رأيت أكيرا و بيثريون ينتضران وصولي فاتجهت نحوهما.


- لقد تأخرت.


قالت أكيرا وهي تقترب مني، اعتذرت منها فتجاهلتني وبقيت تنظر الي ماليًّا وتتفحص زيي، ثم واصلت كلامها.


- حسنا، يبدو ان الملابس في مقاسك تماما. عليك ارتداء هذه طوال الوقت، حتى الرداء، ولاتقلق من تمزقه.


- لماذا هذه الملابس..؟


سألتُ أكيرا وقد تملكني الفضول. والان حين انظر مجددا، تصميم زييّ و زي أكيرا متشابهة وتقريبا تم استعمال نفس نوع القماش.


- لأنها ملابس سحرية بالطبع. صنعها الأقزام خصيصا لي


- صنعها أقزام؟


- اجل، الأقزام مخلوقات تعمل بجد وبإحتراف. سيوف، ادوات، ملابس، يمكنهم استعمال حتى احجار وخيوط سحرية فيصبح ما يصنعونه يتقبل المانا الملقات عليه. حسنا...في الأصل كلتا البدلتين تخصني، طلبت واحدة للفتيان لاجل مهام التجسس خاصتي ولم ارتديها سوى مرة او اثنين. اعتبر نفسك محظوظا لانني اقدمها لك.


تجمدت في مكاني بعد سماع الجملة الأخيرة، يمكنني تفهم كم هي ثمينة هذه البدلة لكن، انا ارتدي الان ملابس إرتدتها أكيرا سابقا، بمعنى أخر...


- هل أنا قصير لدرجة ان ملابس الفتيات تناسبني الأن...؟


تمتمت بإحباط هذه الكلمات، مدت أكيرا يدها ووضعتها على كتفي كمن يرغب بمواساتي ثم شعرت بتدفق المانا خاصتها علي وفجأة شعرت بالثقل الشديد وكدت أقع على الارض.


- الم اقل انها ملابس سحرية؟ اضف اليها اي نوع من المانا وحسب النوعية تكتسب ميزة ما. من هنا ستبدأ تدريباتك، لديك اقل من اسبوعين حتى تصبح فارسا يستحق خدمتي. سيتم تدريبك على حمل السيف من قبل فارس الظل هذا...خلفك...


التفت خلفي فتفاجأت بضهور مايشبه هيكلا عضميا بدروع فارسٍ سوداء تحيط به هالة سوداء تميل للارجواني، نظرت للأسفل، كان بطريقة ما مرتبطا بي تماما مثل الظل.


- سيتولى هذا الفارس تدريبك و سأبقي هذه الميزة عليك طوال هذه المدة وحتى اثناء المهام. حتى اعترف بك وادربك بنفسي، عليك ان تهزم هذا الفارس بهذه الاثقال عليك وبدون استخدام سحر التعزيز خاصتك


- مـ-مهلا! في اسبوعين فقط؟ هذا مستحيل!


صرخت بإرتباك فتجاهلتني أكيرا ووجهت نظرها الى بيثريون.


- بيثريون، ستقوم بمساعدته في التدريب على استعمال الخناجر والسحر. اي اعتراض؟


- كلا سيدتي.


- حسنا اذن، انا ذاهبة الان لتفقد البلورات الماصة للمانا في الغابة، لن اتأخر.


غادرت أكيرا اتجاه الغابة بينما قدّم لي بيثريون سيفا وعاد لداخل القصر وبقيت بمفردي مع فارس الظل هذا.

الجري والهرولة، تمارين ضغط، التلويح بالسيف مئات المرات ثم المبارزة مع فارس الظل. امضيت اليوم كاملا انجز هذه التدريبات دون توقف حتى غابت الشمس أخيرا وعادت أكيرا.


- اذهب واستعد، هناك مكان علينا الذهاب اليه، ساذهب لإخبار بيثريون بان يحضّر الاحصنة لنا.


اردفت أكيرا بهذا وتوجهت مباشرة لداخل المنزل. لقد بدت في عجلة من امرها لهذا لم اسأل واسرعت للإستعداد كما امرت هي.

ساعة الا ربع مرة. في منتصف الطريق قالت أكيرا التالي:


- في المساء وجدت مجموعة من الصيادين في الغابة يحاولون إصطياد بعض الوحوش البرية، امسكتهم ثم استجوبتهم والان على الارجح بيثريون ذاهب للتخلص منهم. لا معلومات قيمة لكن...اخبروني عن وجود مزاد الليلة في المدينة المجاورة. على الارجح هذا مزاد جديد افتتح اثناء فترة الحرب لهذا لم اكن اعلم بوجوده، اشك بوجود الوحوش به لكن لاضرر في القاء نظرة سريعة.


لم نواجه اي مشكلة في التنقل طوال الطريق ووصلنا بالوقت المناسب الى المبنى المقصود، قُدّمت إلينا عند مدخل القاعة أقنعة ولوحة بها رقمنا كمشاركين، ثم دخلنا قاعة المزاد.

اتخذنا مكانا بعيدا عن بقية المشاركين، لم يكن هناك الكثير منهم على اي حال.


- سنبقى هنا لمراقبة البضائع وسنشترى اي شيء له علاقة باهدافنا فقط، ليس لدي ما يكفي من المال. سارسل احدهم ليتفحص المكان.


قالت أكيرا هذا ثم تمتمت بكلمات غير واضحة فخرج من ظلها فارس اسود مثل فارس الظل من تدريبات اليوم. انتابني الفضول لكن لم ارغب بازعاج أكيرا باسئلتي المتواصلة، اضافة ان الهالة التي تحيط بهؤلاء الفرسان، سوداء تميل الى الارجواني، تماما مثل هالة أكيرا، لهذا يمكنني ان استنتج ان لهم علاقة بسحر الظلام خاصتها، و لا اضن ان هناك معلومات اخرى تخصهم قد تفيدني حقا.

اندمج الفارس مع الظلال في القاعة وغادر.

انها المرة الاولى لي ارى فيها مزادا حقيقيا، على المسرح تعرض كل ما لا تراه في الايام العادية؛ مجوهرات، اسلحة، اثاث و آثار. تتعالى في القاعة اصوات المشاركين ومبالغ مالية لايمكن تخيلها.

أكيرا بجانبي تتثاءب وكأن لا شيء يعنيها.

حتى بعد عرض حجر سحري مصدر المانا فيه الوحوش لم تتحرك من مكانها قائلة:


- لا فائدة من شراء هذا الحجر السحري، لا نستطيع اخذه واعطاؤه للوحوش والقول ببساطة «خذوه، انها مانا شقيقكم الميت».


أكيرا محقة، كما ان شراءه واستعماله، الا يعني اننا شاركنا بالتجارة بالوحوش؟ اضن انه ان كان علينا فعل شيء، فعلينا على الأرجح اخذ هذه الاشياء بالقوة.

لا اعرف كم من الوقت بالضبط امضيناه في الداخل، ساعة؟ ساعتين؟ من الصعب الجزم. انبثق فارس الظل من احدى ظلال الكراسي قربنا وتقدم نحونا ثم نزل على ركبته وانحنى متمتما في اذن أكيرا.


- يبدو انه لاشيء مشبوه هنا سوى احجار المانا، يالها من مضيعة للوقت...


قالت أكيرا هذا وهمّت بالنهوض.


«و الان مع الغرض الذي انتضرتم له بفارغ الصبر...انه خاتم إيريس! سنبدأ بـ200 مليون قطعة ذهبية!»


«235...250...270...» تعالى صوت المشاركين حماسا اكثر من اي وقت بهذه الاسعار، سرعان ما تحول الى صمت قاتل عند سماع هذا السعر.


- 600 مليون.


لقد كان هذا صوت أكيرا.

التفت نحوها بسرعة وتفاجأت بتحول مزاجها النعس الى الإنزعاج.

انه مجرد خاتم بجوهرة قرمزية وتصميم يجلب أنظار الأنسات النبيلات، لاشيء آخر مميز.

مع هذا انفعال أكيرا عند رؤيته يعني انه مهم بالنسبة لها.

لم يستسلم احد المشاركين حتى بعد ان ضاعفت أكيرا سعرها ثلاث مرات، بل حتى سايرها وحاول منافستها، هو في الجزء الأخر من القاعة لهذا على الارجح لا يستطيع الشعور بنية القتل في نظرات أكيرا اليه الأن.


- 1000 مليون.


اختلطت اجواء الإرتباك بالإنبهار وإنهار المنافس في الجهة الأخرى على مقعده، حتى انا بقيت انظر الى أكيرا بإندهاش.

ذلك الثمن الذي اقترحته مبالغ فيه لاجل ذلك الخاتم من دون أي شك، لكن لا اضن ان المال مشكلة لها.

بعد انتهاء المزاد، ذهبنا الى المكتب حيث أخذنا البضاعة ودفعنا ثمنها. لم تحاول أكيرا استجواب المضيف الذي استقبلنا، بل عند الخروج من الباب إحملقت به وقالت:


- قل لصاحب هذا المزاد، لن افعل شيئا لكم الان لان هذا المكان لازال جديد لكن...لن اتردد في احراق المكان ان علمت انكم تتعاملون مع تاجري الوحوش او...ان وجدكم تحاولون بيع ممتلكات الأخرين دون علمهم. لنذهب ليكس


- حسنا...


حالما غادرنا المبنى، وقفت أكيرا في مكانها وبقيت تحدق بالخاتم ثم بكل لطف تغلق عينيها و تضمه الى صدرها.

لقد قالت شيئا عن بيع ممتلكات الأخرين، ربما هذا الخاتم كان لشخص عزيز عليها؟

اردت السؤال لكن لم استطع ترك نفسي تقاطع هذه اللحظات.


- من هناك؟


قالت أكيرا بعد ان رمت -دون ان اتفطن- نصلا على الحائط خلفي، لكن لا إجابة، عوض هذا سمعت صوت خطوات اقدام متسارعة، لقد بدأ ذلك الشخص بالركض بعيدا.


- لاتبقى واقفا هكذا، علينا امساكه!


استدرت للخلف و حاولت اللحاق خلفه مع أكيرا لكن لم استطع مجارات سرعتهما بسبب ثقل الميزة التي وضعتها أكيرا على ملابسي.

نجحت في تقفي اثر أكيرا اخيرا ووصلت الى موقعها لكن...


- طريق..مسدود...؟


- لا يمكنني ايجاده في اي مكان. لايمكن لاي شخص ان يختفي بكل هذا البساطة، على الارجح يمتلك بلورة انتقال آني. لقد فقدنا اثره نهائيا...


بلورة انتقال آني، كما هو واضح من الإسم فهي تسمح بالمستخدم ان ينتقل الى اي مكان يريده آنيا مرة واحدة لكل بلورة. يقولون ان هذه البلورات نادرة لكونها تستهلك الكثير من احجار المانا عند صنعها ولا يستطيع احد الحصول عليها، اضافة الى ندرة صانعيها.


- ان يمتلك شخص ما هذه البلورة...مالذي تضنينه أكيرا؟ هل يعقل ان هذا الشخص هو من نبحث عنه؟!


- حتى انا لا امتلك هذه البلورة، انه ذلك الشخص من دون اي شكّ


- مالذي كان يفعله هنا؟


- كيف لي ان اعرف ليكس؟ ربما اراد رؤية كيف تجري الامور في المزاد او ماشابه


- اذن...مالذي علينا فعله الان؟ لقد هرب ولم اتمكن حتى من رؤية وجهه


تنهدت أكيرا وحكّت رأسها قليلا ثم استدارت نحو طريق العودة.


- لازال لدينا الكثير من الفرص للقبض عليه في المستقبل، اما الان لنعد للمنزل وحسب.


- حسنا...

2020/08/14 · 190 مشاهدة · 1544 كلمة
KiraSama9
نادي الروايات - 2024