لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
====
لا يمكن أدراك الألم, أنه شعور يجاوز فهمي وقدرتي على الشرح, أردت الصراخ ولكني لم أستطع, حيث تمزت رئتي وقُذفت في مكان عشوائي.
لم أستطع شرح أو أدراك الألم حتى مهما حاولت, كما لو أن جزار مبتدئ يتعامل مع كل سنتيمتر من جسدي, أو أن يتم سحبي فوق أرضية مصنوعة من المسامير الحارة والحادة.
لأول مرة في حياتي شعرت بأعصابي وهي تتفكك ببطء وتتجول في الأرجاء, كما لو أن جسدي أنقسم إلى مئة طبقة.
شعرت كل لحظة مرت مثل الأبدية, لا اعرف كيف استطيع التفكير حتى وعقلي ممزق على الارجح.
لا استطيع الرؤية ولا استخدام مهارتي بالطبع, فقدت كل شيء يؤهلني لأن أصبح مخلوقًا حيًا.
ولكن حتى وسط هذا العذاب اللانهائي, لا أزال اشعر بالصداع يقاتل عقلي.
الصداع ليس مجرد ألم عشوائي, بل أنه نتيجة جانبية للجنون الذي أُصبت فيه من الذكريات الملعونة.
بدأ الجنون بفكرة واحدة, في اليوم الثاني تحولت إلى عشرات الأفكار, والآن الآلاف من الافكار المشئومة تصرخ داخل عقلي بألم, ولا أستطيع إلا أن أعاني من صداعها.
وهي مصممه بحيث تزداد حدتها كلما أعتدت عليها, أو كلما شعرت بألم أكبر في مكان آخر, وبعد أن تمزق جسدي لآلاف الأجزاء, تضاعفت الأفكار بمئات المرات.
لدرجة أن الألم الناتج عنها… تجاوز حتى ألم التفكيك… يا للسخرية..
شعرت بجسدي يعيد تجميع نفسه فجأة, ولكن ذلك الشعور كان زائفًا, لقد أعاد تجميع رأسي فقط.
أستطعت أن أرى وأسمع مجددًا, ولكني لا أزال اشعر بألم كل شيء تحت رأسي, ولم أقدر على الكلام بما أني غير متصل برئتي حاليًا.
أمسك رايكارد رأسي بيد واحدة ونظر الي بأبتسامة, ولكن في اللحظة التي تليها أمتلئ وجهه بخيبة الأمل.
الصداع جعل عقلي يفقد كل السيطرة على العضلات تقريبًا, وأُصبت بالشلل كنتيجة, أردت الصراخ أو البكاء على الأقل للتخفيف, ولكني لم أستطع…
حتى ابداء تعبير متألم بات مستحيلًا.
"أنت ممل للغاية, لماذا لا ارى أي ألم على وجهك؟" سألني.
ليس الأمر أني لا أشعر بالألم, الحقيقة هي أني فقدت القدرة على التعبير عنه…
وضع رأسي جانبًا بعدها, أجبرني على فتح فمي, أمسك لساني ومزقه بسهولة.
ثم أدخل أصابعه إلى محاجر عيوني, حرك أصابعه في الداخل لبعض الوقت وفي النهاية سحب عيني قاطعًا حميع الأعصاب التي تربطها بي.
بسبب تأثير مهارته لا أزال اشعر بها.
"هل تعرف ما هي أكثر الأعضاء حساسية في جسم الأنسان؟" بدأ يتحدث معي على الرغم من تعذري على الكلام والرد.
"اللسان والعينين طبعًا, ألم التعرض لجروح خفيفه في هذه المناطق يعادل ألم طعن مناطق أخرى." أحكم قبضته على لساني وعيني.
لقد حرص على ترك عين واحدة بحيث أستطيع رؤية المشهد بنفسي.
بدأ يفكك لساني وعيني مرارًا وتكرارًا, يعيد تجميعها ويفككها.
شعرت بألم لا مثيل له, ولكن صداع رأسي أستمر بالزياده لينافس ألم رايكارد في كل مرة.
وصل الصداع إلى عتبة معينة وشعرت بأفكاري العادية تُصاب بالشلل أيضًا.
ولسبب ما… لم أستطع أن أفقد وعيي.
"ممل, ولكن مذهل في نفس الوقت, أنها المرة الأولى التي ارى فيها شخصًا مثلك, بدأت أشعر بالملل من الذين ينكسرون سريعًا, أتسائل كيف سأشعر بمجرد أن أكسرك أيضًا.."
فرقع أصابعه فجأة, وأعاد تجميع جسدي كاملًا, أختفى الألم فجأة كما لو أنه لم يكن حقيقيًا.
حتى ملابسي الرثة أُعيد تجميعها.
لم انسى الألم على الاطلاق, لا أزال اتذكره ولساني يرتجف داخل فمي.
لم اشعر بالخوف ولا القلق, ولكن جسدي ارتعش كردة فعل تلقائية.
لا اعرف كيف, ولكن كلما زاد الصداع الذي اعاني منه زاد هدوئي الغير طبيعي.
وكلما زاد الألم الذي اشعر به بشكل عام, يزداد ألم الصداع.
عندما شعرت بألم تفكك الجسد, زاد ألم الصداع أضعافًا مضاعفة ليغطي حتى على شعور التمزق.
والآن بعدما توقف الألم, عاد الصداع المعتاد, مؤلم للغاية ولكن ليس لدرجة أصابتي بالشلل.
كما قلت, الصداع مصمم بحيث يكون مؤلمًا دائمًا بغض النظر عن حالتي او نفسيتي.
"ستكون انت الوجبة الرئيسية في وقت اقامتي داخل هذه المنطقة, حان موعد تدريبي لذا ألحقني." أعطاني ظهره واشار بأصبعه لكي اتبعه.
بعد أن استخدم التجميع علي, جميع كسور عظامي تعافت بالكامل, وعدت إلى حالتي المثالية بالكامل,
مشيت خطوة, ثم سقط جسدي على ركبتين.
مهما كنت نشطًا او قويًا عقليًا, بعد الألم الذي شعرت به للتو لم أستطع التحرك ببساطة.
اشعر بضغط شديد, والتحكم بجسدي يبدو صعبًا للغاية.
ولسوء الحظ لم يكن المشي خياري حتى, سرعان ما دخل بعض جنود الشياطين وحملوني على ظهورهم, ومشوا خلف رايكارد.
شخص مثله يتدرب يوميًا, رغم أنه قوي للغاية بالفعل…
بالطبع تدريبة ليس عاديًا, أنه جزء من هوايته في الواقع.
قد يظن البعض أنه يقاتل وحوشًا او جنود أقوياء اخرين, أو على الأقل تدريبات بدنية عادية, ولكن ذلك ليس صحيحًا.
تدريباته تلائم رغباته.
وصلنا إلى ساحة دائريه صغيرة تم رسم حدودها بأحجار صغيرة, أحاط حوالي العشر جنود بها, وفي وسطها أمرأة بشرية أخرى.
بالطبع تدريباته ستكون القتال ضد ناس عاجزين…
خلع رايكارد معطفة الأسود النظيف ورماه نحو أحد الجنود خلفه, ثم خلع قفازاته أيضًا وتركها على الأرض.
بدأ يمشي ببطء نحو المرأة - ضحيته.
كانت بلا حول ولا قوة, أتعبت أوامر الجنود مقتنعه بآمال كاذبه للنجاة, قالوا أنها ستكون حرة بالذهاب وأستعادة حريتها أن قاتلته وفازت, وأن رفضت قتاله فسوف تُعذب حتى الموت.
ركضت نحوه ويدها مرفوعه لتوجيه لكمه, فأمسكها من معصمها ورفعها عاليًا, ثم ضربها ارضًا بقوة.
جلس فوقها, وبدأ يلكم, مرة تلو الأخرى, عشرات اللكمات بقوة شديدة.
من المرجح أنها ماتت بعد اللكمة الثانية, ولكنه استمر حتى تحول رأسها بالكامل إلى عجينة مختلطة مع الأرض.
انها بشرية عادية ليست مستيقظة حتى, من الطبيعي أن لا تكون قادرة على التحمل.
"ه-هل نجلب التالية؟" سأل جندي رايكارد, الخوف واضح في صوته بعدما رأى تلك الوحشية الشديدة.
"جهزها, سأستمتع مع شخص آخر الآن.." نظر بعدها نحوي, قبل أن أرد دفعني الجندي خلفي لأقف داخل حدود الساحة.
ذهب الجندي ليجلب الضحية التالية.
رفع رايكارد يديه بشكل جانبي, وأبتسم بشكل سادي لا يوصف, لا تزال يده مصبوغة باللون الأحمر, وجثة المرأة تحته.
تقدم أحد الجنود فجأة إلى وسط الساحة وسلم سيفًا خشبيًا للأمير.
"انت قوي للغاية, لا أستطيع مواجهتك دون سلاح" ضحك وهو يشير السيف الخشبي نحوي.
هو اقوى مني في كل الحالات, والآن يتم أعطائه ميزة أخرى.
بدأت أدور ببطء حول الساحة, لن أهاجم أولًا مهما يحدث.
يبدو أن رايكارد قد لاحظ نيتي, فتقدم بسرعة عالية نحوي.
أستخدمت خطوة الريح على الفور للأبتعاد, ولكنه لا يزال سريعًا لذا فقد تحكمت بنظره ليفقد التوازن.
ولكنه فاجئني بعد أن أغمض عينيه طوعًا, وبدأ يتحرك نحوي دون الرؤية حتى.
تفوقت عليه قليلًا في السرعة لذا لم يستطيع اللحاق بي, ولكنه خلفي تمامًا.
شعرت فجأة بشيء يمسك قدمي, اللعنة!
أستخدم الزين الخاص به لأنشاء حبل وربطه بقدمي مما جعلني أتعثر, سقطت على الأرض وكسرت أنفي مرة أخرى.
ركلة جانبية جعلتني أتقلب وأستلقيت على ظهري, لم أستطع الحفاظ على مهارتي لوقت أطول.
عاد بصره كما كان, فتح عينيه القرمزيتين ورأى مظهري البائس.
"هل تعلم أنه هناك حواس غير البصر؟ مثل السمع والشم. خطواتك الصاخبة علمتني عن مكانك, ورائحتك البشرية القذرة مثل منارة في الظلام." جلس فوق صدري كما فعل مع تلك المرأة, ولكمني للمرة الأولى, وضرب السيف الخشبي على جبهتي.
لقد قمع نفسه, مما جعل اللكمة مضرة فقط, ولكن الأمور لم تنتهي سريعًا.
لكمة تلو لكمة تلو لكمة, دخل الدم إلى عيوني وفمي, وبدأ الصداع يزداد كلما زاد الألم أكثر.
وفي النهاية اصبحت عاجزًا عن اظهار أي تعابير بسبب الصداع, مما جعل رايكارد يسيء الفهم مجددًا.
"مذهل حقًا, مهما لكمتك, كسرت أنفك وأسنانك, لا تزال تعابير وجهك نفسها." وجه لكمة أخرى, وعندما اراد توجيه الثانية صوت صراخ ملئ المكان.
ليس صراخي طبعًا…
"توقف!" صوت أمرأة ناعم انتشر, تعرفت عليه فورًا.
بشعرها الفضي وعيونها البنفسجية, وقفت سيرافينا هناك وهي مقيده, خمسة شياطين احاطوها من كل جهة.
أهي الضحية التالية لرايكارد؟
"شخص آخر يبدو مثيرًا للأهتمام, من أين أمسكتوها؟"
بدأ الجنود يشرحون, أنصت إلى كلامهم.
"لقد عثر عليها بعض الكشافة عند حدود الغابة, يبدو أنها ظهرت من العدم وهي تعاني من اصابات بليغة, كسور في الاضلاع واليدين, وكاحلها ملتوي, ولكنها استطاعت قتل ست رجال في تلك الحالة قبل أن نمسك بها."
أمال رايكارد رأسه قليلًا, أمر بعض الجنود بحملي ووضعي عند حدود الحلبة, لقد أنتهى امري.
لا تزال عيون سيرافينا مثبتة علي على الرغم من أن الامور لا تبدو جيده لها, أنها تستطيع رؤية المشاعر لذا فهي تفهم ما في عقلي على الارجح.
أستطعت فتح عيوني بالكاد لمشاهدة المعركة تبدأ.
سيرافينا بأذرع مكسورة وكاحل ملتوي, ضد رايكارد الذي حصل الآن على سيف حقيقي حاد.
انتشرت الطاقة الحمراء الغازية من جسد رايكارد واحاطت الساحة على الفور, ولكن سيرافينا استطاعت الرد في حالتها.
نوع الزين الخاص بها هو الغاز أيضًا, لذا فقد خرجت طاقتها الخضراء لتقاوم.
الغاز الخاص بها مُشبع بالطاقة النووية المضادة للشياطين, لذا فقد فازت في معركة الطاقة على الفور.
"طاقة نووية, مثير للأهتمام…" أدرك رايكارد الأمر فورًا.
أعاد أستدعاء طاقته بالكامل لتشكل درعًا رقيقًا حول جسده.
"نوع الزين الخاص بكِ يتفوق علي كثيرًا, ولكني استطيع الدفاع ضده أن أستخدمت ما يكفي من الطاقة, ولكن ماذا عن النواحي الجسدية؟" بمجرد أن انتهى من الكلام, أستطعت رؤية عضلاته تشتد حتى عبر ملابسه, وتحرك بسرعة متفجرة نحو سيرافينا.
{أتوميك / Atomic}
أرتفعت قدم سيرافينا فجأة ونوع من الطاقة الخضراء الكثيفة غطتها مزودةً أياها بقوة أنفجارية.
ركلتها كادت تضرب رايكارد من الجانب, ولكنه أستغل تفوقه الجسدي للقفز عاليًا, هبط على قدم سيرافينا بينما لا تزال في الهواء.
ثم رفع سيفه عاليًا, وبدأ ينزله بشكل عامودي ليقطعها إلى نصفين.
{Critical Mass / الكتلة الحرجة}
أنفجرت الطاقة النووية حول قدم سيرافينا فجأة وجعلت رايكارد يفقد توازنه, أُجبر على ألغاء هجومه والتراجع.
ثم بدأ يركض بشكل جانبي حولها مستعدًا لأنهاء أمرها في أي لحظة.
{Gamma Burst/ أنفجار الغاما}
بدأ الغاز الأخضر حولها يزداد عمقًا, وشعرت بتعابير الجنود حولي تتغير.
نقطة ضعف الشياطين هي الطاقة النووية, أنها مثل السم بالنسبة لهم, ولكنهم بخير طالما لم يتعرضوا إلى كمية كبيرة بشكل مباشر.
رايكارد تحمل خطر الهجوم كاملًا, وبدا أنه في حالة سيئة جزئيًا.
"الأمور تصبح خطيرة.. أسف, ولكن يجب أن ننهي المعركة هنا." تحدث بصوت هادئ, ولكن الجميع سمعه.
وضع راحة يده على الأرض, وتحول نصف الساحة إلى حفرة لا عمق لها, لقد فكك الأرض حرفيًا.
سيرافينا وجدت نفسها تسقط فجأة, وبدأت تبحث عن حلول لتفادي السقوط إلى موتها.
ولم تلاحظ أن رايكارد قد اندفع نحوها بالسرعة القصوى. "لديكِ وجه جميل." قال قبل أن تصطدم قدمه بوجهها.
أختفى البؤبؤ في عينيها, فقدت الوعي ولكنها استعادته بعد ثواني.
أعاد رايكارد تجميع الحفرة, ولكنه تركها تمتد إلى الأسفل لعدة امتار, ضرب سيرافينا بالحائط وركها في بطنها, ثم لوح سيفه بشكل سريع قاطعًا كلتا يديها.
صاحت من الألم, صررت على اسناني عندما رأيت ذلك.
أن ماتت سيرافينا الآن فسوف يقع العالم في النهاية الثانية بلا ادنى شك, لن استطيع صنع النهاية الرابعة.
لحسن الحظ, أو لسوءه, لاحظ رايكارد تشوه تعابير وجهي.
نظر الي, واشار بسيفه نحو رأس سيرافينا التي سقطت على الأرض, حدقت في ذراعيها المفقودتين دون تصديق.
"أنت. هل تعرفها؟" سألني.
كيف ارد؟
"أن لم تكن تعرفها…" وضع سيفه فوق رأسها, وأنزله بمقدار سنتيمتر واحد.
"أعرفها!" أجبت على الفور.
سوف يستخدمها ضدي دون ادنى شك, ولكنها لن تموت على الأقل.
توسعت أبتسامته, وأمسك رأسها بيده.
<تفكيك.>
===
لا تنسوا التعليق.
نقابة المؤلفين في خانة الدعم.