لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

====

اليوم الثاني.

أشرقت شمس الصباح, السماء مشرقة والطيور تُغني, وكل ذلك الهراء.

لم يتاح لسيرافينا الاستمتاع بمزايا الصباح لأنها استيقظت في زنزانة مظلمة تُعاني من الرطوبة.

فتحت عينيها ووضعت يديها فوق رأسها, آخر ما تذكرته هو الموت على يد رايكارد, تجربة لا تزال تصدمها.

تخطى قلبها نبضة, أزداد ضغط الدم وبالكاد استطاعت التنفس, جسدها مصدوم… عقلها مصدوم..

لقد ماتت, فكيف لا تزال على قيد الحياة؟ وضعت يدها على صدرها في محاولة لتهدئ نفسها, ولكن بدا أن تلك المهمة مستحيلة.

قبل نهاية الإختبار الأول, إنها مجرد فتاة مُراهقة تملك أهدافًا تفوقها, حتى مع كل قوتها الهائلة.

أسندت ظهرها على الحائط الحجري ونظرت إلى يديها.. ليست مقطوعة, ولم تنتشر أشلائها في كل مكان. أكان ما حدث مجرد حلم؟

ولكن كيف وصلت إلى هذه الزنزانة؟

أنسى أمر الزنزانة, ماذا تفعل وسط صفوف الشياطين حتى؟ ألم تكن في الأكاديمية التي يُفترض أنها الأكثر آمانًا؟ ألم تكن على وشك أختيار تخصصها رسميًا والبدء في حضور الدروس؟

شعرت ببعض الصداع فجأة, أنها بحاجة إلى شرب بعض الماء.. وضعت يدها على حلقها الجاف وهي تنظر إلى الأعلى بعيون خالية.

تحاول فهم ما حدث, ولكن ذلك بدا مستحيلًا عليها.. والأسوأ أن تنفسها لا يزال فوضويًا, وقلبها يكاد يخرج من مكانه لشدة نبضه.

نظرت إلى السوار الذي أُجبرت على ارتدائه, ترك علامة حمراء على يدها من شدة ضيقه, وتلك العلامة ليست التأثير الوحيد.

الزين.. لا تستطيع الشعور به مطلقًا. بغض النظر عن العطش والجوع فإن جسدها في حالة ممتازة, ولكن بدون الزين لن تستطيع فعل شيء..

صدى صوت ضرب عالي فجأة, توسعت عيون سيرافينا ونظرت نحو الجهة البعيدة من الزنزانة, حيث ضرب شيطان ضخم القضبان بلا توقف.

الصوت المفاجئ أرعبها..

"أستيقظتِ بالفعل؟" تنهد الحارس ونظر إلى الجانب, وقام بإشارة يد معينة.

"إلا يفترض أن تستيقظ بعد أسبوع على الاقل؟ " ظهر شيطان آخر من الجانب, استخدم المفاتيح ودخل مع زميله.

"لا تخفض من حذرك, هذه اللعينة قتلت ستة من جنود الأمير." تحدث الحارس في الخلف.

"لا تقلق." بصق الشيطان الذي فتح البوابة على الأرض أمام سيرافينا, أخرج المفاتيح من جيبه ورماها أمامها.

"أخرجي عندما تكونين مستعدة." تحدث, ثم تقدم أكثر نحو النافذة الموجود في الجانب, وهمس بعض الكلمات.

بعدها خرج الاثنان وأغلقوا الباب.

'ماذا حدث للتو…' استغربت سيرافينا كثيرًا.

دخل الشيطان, بصق أمامها وأعطاها المفاتيح, ثم… خرج؟

لا يبدو أي شيء منطقيًا.. لا بد من أنه فخ.

على الرغم من قدرتها على ذلك.. قررت الانتظار وعدم الخروج حاليًا.

****

"لماذا فعلت ذلك؟" سأل الحارس شيطان المفاتيح.

"أنها أوامر شخصية من الأمير.." تنهد, واكمل: "قال أنها تستطيع اختراق زنزانة بهذا المستوى, وأننا قد لا نستطيع منعها بقوتنا."

تجعدت حواجب الحارس قليلًا. "إلا يجب أن نناديه أذًا؟ ألم يقل أنه يُريد رؤيتها عندما تستيقظ؟"

"نعم لقد قال ذلك, ولكنه الآن في اجتماع مع قادة المدينة السابقين. لقد أمرني أن أبقيها في الداخل مهما كلفني الأمر حتى يعود. أنت تعرف ماذا قد يصيبني أن فشلت في ذلك."

توسعت أعين الحارس قليلًا, بدا أنه فهم أخيرًا سبب إعطاء المفاتيح لسيرافينا.

"أتقول أنك أعطيتها المفاتيح لكي تظن أننا نصبنا لها فخًا؟ وتبقى هناك بنفسها؟"

"تمامًا.." أومأ شيطان المفاتيح برأسه. "الطريقة الوحيدة لسجن شخص أقوى هي خداعه. لن يكون هناك داعي لكل هذا إذا بنى البشر سجونًا أفضل.."

"أنت ذكي حقًا.."

"لا تتملقني.." تنهد شيطان المفاتيح, "سأذهب للحصول على بعض المشروبات, هل تريد شيئًا؟"

****

مدينة بريكس الحدودية, تقع بين المجال البشري ومجال الشياطين. نظرًا إلى قلة أهميتها عسكريًا فقد تم إهمالها من الجهتين تقريبًا.

كتيبة شيطانية قررت بدء غزو فجأة, والمدافع الوحيد للبشر كان كتيبة خاصة تُدعى "الأنصال" بقوة قتالية متوسطة.

كانوا متساويين في البداية حتى قرر أمير شيطاني التدخل مع قواته الخاصة, تم احتلال مدينة بريكس في هجوم واحد دام ثلاثة أيام, والآن وصل الأمير الشيطاني لقيادتها بنفسه.

أنها مدينة ذات تطور تكنولوجي متوسط, فيها شوارع مقبولة وسيارات, وسائل نقل ومحولات طاقة نووية وغير نووية.

في وسط المدينة حيث يقع مقر الحكومة بالأصل, مبنى أبيض ذو خمسة عشر طابقًا, نوافذه المضادة للرصاص مميزة والنظر لها ممتع.

في الطابق العلوي داخل غرفة الاجتماعات الرسمية, حيث تناقل أفراد الحكومة الأخبار والمعلومات مع كتيبة الأنصال.

غرفة الاجتماعات النظيفة والمصممة جيدًا, الطاولة الزرقاء الدائرية وكراسي المكتب السوداء, ألواح التخطيط وشاشات البيانات العديدة, نظر رايكارد باهتمام إلى كل شيء أثناء الإيماء برأسه.

جلس على الطاولة دون أدنى اهتمام, وأمامه وقف خمسة عشر رجل وامرأة بأعمار مختلفة, ارتدوا بدلات كانت نظيفة في البداية, ولكنها مغطاة بالأوساخ الآن, انتشرت رائحة كثيفة منهم.

"أفتح النوافذ." أمر رايكارد.

خلفه وقف رجل واحد فقط, بطول 190 سنتيمتر وظهر مستقيم, لون جلد رمادي وشعر أسود يصل إلى منتصف ظهره.

عيونه خضراء, ولكنها ليست مثل الخاصة بالبشر, بل مثل الأضواء المشرقة, بدا أنه يستطيع إنارة الغرفة حتى دون أضائتها.

خرج له قرن واحد فقط على جانب رأسه, يبدو أنه ليس بمثل جودة قرون رايكارد الشاسعة.

ارتدى ملابس خدم رجولية, ونفذ أوامر رايكارد بدقة.

هذا هو الرجل الذي أحتل مدينة بريكس مع قوات لا تزيد عن المئتين شيطان, المسمى سيليت, فقد اسم عائلته بعد أن تعهد بخدمة رايكارد.

على الرغم من أنه خادم رايكارد الشخصي, إلا أنه كان مساعد جنرال عظيم في الماضي, وتعلم الكثير منه.

"ا-النوافذ لا تُفتح! يُمكنك تشغيل معقمات الهوا-" تمت مقاطعة الرجل عندما ركل سيليت النافذة المضادة للرصاص, وكسرها بسهولة.

تناثر الزجاج في الداخل والخارج, أحد الشظايا طارت "بالخطأ" لتخترق عين الرجل الذي تحدث.

لم يمت, ولكنه ركع على ركبتيه ووضع يده على عينه, وبكى بصوت عالي.

"للبشر الكثير من الرجال الأقوياء, رأيتهم بنفسي في ساحة المعركة السابقة, لا أفهم سبب تعيين أمثالكم للحكم.." تحدث سيليت, لم يرد عليه أحد.

"لا وقت للتحدث دون فائدة, أريد من كل واحد الجلوس على مقعده القديم. حالًا." نهض رايكارد بمجرد الانتهاء, وأبتعد ليعطيهم مساحة.

مرت الثواني ولم يتحرك أحد, تنهد رايكارد.

"يبدو أني لم أظهر ما يكفي.." تقدم نحو الرجل الذي فقد عينه للتو.

[Dismantle | تفكيك]

"لا تبكي هكذا… سأصلحها لك." صفعه بقوة بعدها, ليتفكك بالكامل. أمسك العين المُصابة وسحقها بين أصابعه.

أمام النظرات المرتعبه, حمل قطع لحم عشوائية بيديه, ووضعها أمام كرسي عشوائي.

[Assemble | تجميع]

تم أصلاح الرأس فقط, وضعه رايكارد فوق الكرسي, ثم نظر إلى الباقين.

أشار براحة يده نحو الكراسي, وأمال رأسه. "ماذا عن الآن؟" أبتسم بمرض.

المشهد الدموي غرس أنطباعًا وحشيًا في عقولهم..

****

وقف رايكارد فوق منتصف الطاولة, نظر إلى الخمسة عشر الذين جلسوا على الكراسي كما أمرهم تمامًا, ما عدا ذلك المسكين الذي لا يملك إلا رأسه.

لم يتحدث, استمر بالارتجاف عالقًا مع أفكاره لوحدها, رأى بعين واحدة فقط.

"أبدأ بسرد أنجازات كل واحد.." أمر رايكارد.

"كما تقول." رد سيليت فورًا, ومشى ليقف خلف الأول. رجل في منتصف العمر.

"هذا الرجل هو من بنى النظام الدفاعي للمدينة, بعد حادثة تفجير الجدار الشرقي بدأ يخطئ باستمرار, سلسلة من القرارات السيئة مكنتنا من السيطرة على المدينة بنصف المدة الأصلية."

ارتجف الرجل أكثر بعد كل كلمة قالها سيليت, وصر على أسنانه بغضب وندم. يريد أن يهيج, يريد أن يصرخ, ولكنه يعرف مصيره إن فعل ذلك.

"ما هي العقوبة الملائمة له؟"

صمت سيليت قليلًا, ثم تحدث: "أتباعًا لقوانين البشر, فإن الجنرال الخاسر يحتاج إلى الدفع إما عن طريق أصبع, لسان, أو أنجازات حرب سابقة."

وضع رايكارد يدًا على ذقنه, متظاهرًا بالتفكير. "وهل يملك هذا الشخص أنجازات حرب سابقة؟"

"أنا لست جنرالًا بحق الخالق!" فقد الرجل صوابه أخيرًا وصرخ بصوت عالي, في الأيام السابقة لم يأكل أو يشرب شيئًا, ولم يُسمح له بقضاء حاجته حتى. بدأ يُجن ببطء..

وضع سيليت يدًا فوق رأس الرجل, وبالأخرى بدأ يسحب أحد أصابعه. انتهى الأمر سريعًا كما لو أنه يتعامل مع حلوى قطنية, وليس كائن حي آخر.

توسعت أعين الرجل وهو ينظر إلى إبهامه المقطوع, فتح فمه للصراخ ولكن لم يخرج شيء, انفجر الأدرينالين في جسده ولكنه لم يساعده على استيعاب ما يحدث.

قبل أسبوع فقط, كانت حياته مثالية.. مكانة عالية في المجتمع, يحسده الملايين.

أنظر له الآن.. مثير للشفقة. يا لتقلبات الحياة.

كان عاليًا جدًا, وذلك جعل سقوطه أكثر شدة.ضربة قوية لشخص لم يدنو إلى هذا المستوى في حياته.

"أنت صاخب للغاية." تحدث رايكارد متظاهرًا بالأنزعاج, فتح فمه وأشار إلى الداخل.

فهم سيليت التلميح, أمسك الإبهام وحشره في فم الرجل, ثم ضغط على فكه بقوة لإجباره على العض.

هدأت الغرفة فجأة, حدق الجميع نحو سيليت دون تصديق, ما فعله الآن لم يكن ضروريًا بتاتًا..

سمع الرجل الذي يملك رأسه فقط ما يحدث, ولكنه لم يرى سوى سيقان زملائه المرتجفه تحت الطاولة.

"الرجل التالي."

****

"هذا الشخص كان مسؤولًا عن توفير الغذاء والموارد الضرورية للجنود, لقد قام بعمل جيد نوعًا ما, لم يجوع جنوده إلا عند النهاية." شرح سيليت بهدوء أنجازات الرجل الجالس على الكرسي أمامه.

"جيد.. جيد.." أومأ رايكارد برأسه, ثم بدأ يمشي ببطء نحو الرجل.

"لقد قمت بعمل جيد, ولكن رجالك جاعوا عند النهاية, أليس هذا أهمالًا؟" وضع يده على بطن الرجل, وبدأ يعد ببطء.

من ثلاثة, وحتى صفر.

بمعرفة أن الألم قادم لا محالة, وأنه لا يوجد مفر, امتلأ رأس الرجل بالعرق, وبكى دون حول ولا قوة.

[Dismantle | تفكيك]

تحول جسده إلى أشلاء, ولكن ذلك لم يطل.

[Assemble | تجميع]

تجمع جسد الرجل على الفور, خسر ملابسه للأسف وكان عاريًا بشكل مُهين, ولكنه لا يزال يملك أغلب جسده على الأقل, ليس مثل زميله الآخر…

أمسك رايكارد عضوًا ورديًا في يده, تدلى بشكل دائري نحو الأسفل ليقابل عيون الرجل تمامًا.

"يبدو أنك عانيت من بعض الأمراض, مفهوم قليلًا." سخر رايكارد وهو ينظر إلى بعض النقاط الصفراء في المعدة, بعض الطفيليات أيضًا.

لقد أخرج معدة الرجل.. أفكاره تزداد أبتكارًا بعد كل مرة. لا حدود لخيال هذا الرجل.

بأي نوع من الطفولة مر بحق الخالق؟ إنه مجرد طفل في منتصف سن المراهقة!

***

استمر سير رايكارد وسيليت ببطء, لم يستعجلوا على الإطلاق, وأعطوا كل فردًا من القادة وقته المستحق.

وأخيرًا, جاء دور الأخير.

"هذا الرجل.. لقد فر من الخطوط الأمامية قبل أن نخترق البوابات ببضع ساعات, حاول أن يُفجر المفاعلات النووية في المدينة لمنع دخولنا, ولكن زملائه أوقفوه في الوقت المناسب لحسن حظنا." شرح سيليت وهو ينظر الى مؤخرة عنق الرجل, في عينيه أزدراء شديد.

لو لم يمنع البشر هذا الرجل, لأستسلم سيليت وسط عملية الغزو وتراجع فورًا, لا فائدة من احتلال مدينة لا يستطيعون دخولها.

ولكن لحسن الحظ, أوقفه زملائه.

مشى رايكارد نحو الرجل, أمسكه من أكتافه, ثم….

[Dismantle | تفكيك]

[Assemble | تجميع]

الرئتين, المعدة, الدم, أغلب الأعضاء التي تتطلب الموارد والبيئة السليمة للعيش, سلبها جميعًا دون أن ترمش عينه.

ثم أعاد تجميعه.

"أسقطه في خرسانه, ثم ألقي به داخل المفاعل النووي, سأحرص على تزويده بالطاقة عن بعد لكي لا يموت… حتى بعد شهر."

أومأ سيليت برأسه, لقد حُكم على هذا الرجل بمصير لا يمكن وصفه..لن يموت أبدًا, بل سيستمر بعيش حياته في ألم.

"أريد رؤيته مرة شهريًا, أتسائل هل سيحتفظ بهذه الشجاعة عندما أراه مجددًا؟"

وهكذا, انتهت فقرة الحكم التي أستمتع بها رايكارد كثيرًا. وحان وقت التوجه نحو الفقرة التالية.

سيرافينا آريين.

===

لا تنسوا التعليق.

نقابة المؤلفين في خانة الدعم.

2024/06/19 · 73 مشاهدة · 1717 كلمة
DOS
نادي الروايات - 2024