سكون الحاكم وعدم تحرك أحدهم يجعل الشعب أكثر غضباً، ليس ولأنها الأميرة السابقة فحسب، ولكن كون الحاكم بتلك الفظاعة ليترك أحد أتباعه السابقين يقوم بتحريضه من خلالها. إنه من العار على العائلة الحاكمة، المعظم يتوقع أن يغلي الدم في الأمير أنيس ويتحرك، ولكن الحاكم جرده من قوته العسكرية تماماً!
بينما تتجمع الحشود أمام باب القصر، تجري نورس ممسكةً بذراع نغم على عجل، يعيدان مشهد هروبها مجدداً من تلك العصابة البحرية، لم تستطع نغم أن تفهم ما يجري حولها، كما كانت تفكر إذا ما سالتها لن تفهم شيئاً أيضاً، فهي لا تستطيع الكلام!
اتخذتا من إحدى الأزقة ملجأً ليلتقطا أنفاسهما، فاستغلت نغم الفرصة لتنظر نحو نورس، والتي يظهر على وجهها علامات الذعر الشديد، يبدو أن الأمر أكبر مما تصورته! بأي أمر ورطت نفسها به الآن!
- هؤلاء ...
أخذت تستلفظ أنفاسها:
- ... هل تعرفينهم؟
هزت نورس رأسها بالايجاب، لابد أنهم المسؤولون عن كونها مكبلة الذراعين حين رأتها لأول مرة، كادت تتنهد بقلة حيلة، حين سحبتها نورس من يدها برفق، وهمت بها نحو طريق تعرفه تماماً، فسحبت يدها بعنف:
- ماذا تفعلين؟
لكن نورس عاندت على سحبها، إنها تعود بها إلى منزلها، يمكنها رؤية ذلك بوضوح، فها هم يعيدون أدراجهم بعد أن مر على ضياع أولئك الرجال زمن معقول.
- لا!
سحبت يدها بعنف أكبر، لكن نورس سحبتها، بالنظر إليهما تظن لوهلة أن فتاة تحاول استدراج فتاة أخرى، بالتأكيد سينظر الجميع حول هذا المشهد بريبة شديدة، لكن ما الذي يمكن لنورس فعله، تريد أن تعتذر للفتاة التي أنقذتها وتبعدها عن طريقها الملغم، ولكن هل يمكنها قول ذلك؟
فتحت نورس فمها، وأخذت تحاول الشرح، لكن أصواتاً مثيرة للشفقة خرجت فقط، لا يمكن لصوتها أن يخرج، مهما حاولت الضغط على حنجرتها، لا تزال تتكلم عدولفين ميت.
- دعيني!
صرخت نغم بغضب:
- لا يمكنك سحبي بهذا الشكل، فأنا لست طفلة!
نظرت نورس نحوها بدهشة، جسدها تجمد، وعيناها تحدقان نحوها ببلاهة، ظنت لوهلة أنها تشتبه بها، لكن أهذا ما يقلقها؟!
- لقد تورطت في هذا الأمر بإرادتي...
قالت نغم وهي تتمطط:
- لذلك ليس من الجيد أن أختبئ في منزلي وأتركك.
أخفضت نورس رأسها بحزن، تعلم جيداً أن احتمالية خسارة صديقتها على أيدي هؤلاء الأشخاص كبيرة، هناك أطفال ينظرونها في الحي، وأشخاص يتوقون لرؤيتها، حتماً لا تستطيع توريطها بذلك، ولكن أنى لها اخبارها؟
- لستِ بحاجة للقلق.
ابتسمت نغم وكأنما قرأت ما يدور في مكنون نورس:
- فنحن صديقتين!
نظرت نورس نحو نغم التي حافظت على ابتسامة لطيفة على وجهها، من المفترض أن تشعرها تلك الكلمات بالسعادة، لكن كيف؟ إن كل من يحيطها يصاب بلعنة لا يمكنها تفسيرها، بمعنى آخر هي لعنة لكل من يقترب منها، هي أذى يجب تجنبه، هي لا تستطيع أن تتحمل كون الأشخاص لطيفين معها بهذا الشكل، فهي ستخسرهم حتماً.
ما إن قررت، حتى صرخ أحد الرجال:
- إنهما هناك ... أمسكوا بهما!
بادرت نغم وأمسكت ذراع نورس وركضت بها من خلال الأزقة، السيدات خرجن من نوافذ منازلهم العالية على صوت ضجيج الرجال، بعضهم بدأ يصرخ في فزع وأخريات أخذن يرمين عليهم ما يجدنه مناسباً للرمي من دمى خشبية وكراسي ومياه الغسيل، رما سهل على نغم ونورس في التملص منهم ولو قليلاً.
وصلتا شارعاً ترابياً ضيقاً وعلى الطرف الآخر توجد غابة مليئة بأشجار السنديان، يبدو بأنهما وصلتا حدود المدينة، فها هي عربة قادمة يظهر على سائقها التعب الشديد من طول رحلته.
نظرت نورس نحو نغم التي بدورها نظرت نحوها نظرات حادة، هي تقرأ أفكارها تماماً، هي حتماً تعتزم الرحيل من موطنها في سبيل حماية صديقتها. اختبأتا خلف إحدى الأشجار في انتظار عربة خارجة من المدينة ليستقلانها إلا أن السعادة تلاشت حين سقطت نغم في غمضة عين، لم تستطع نورس لمح الأمر حتى لاحظت سهماً مغروساً في ظهرها. نظرت حولها بسرعة، لتجد أحدهم وهو يستعد ليطلق سهماً آخر، حين أمسكت نورس صديقتها على عجل وهمت بها بعيداً. اختبأت في جوف الغابة، ما إن شعرت بعدم تتبعه لهما، حتى اتكأت بها على جذع شجرة السنديان، حيث تلعب النسائم بأوراقها لتصدر رنة خافتة تشكل مع كل رنة دقات جرسية عذبة.
- إنها ... غابة ... الأجراس
ابتسمت بضعف، وهي تلفظ أنفاسها بصعوبة:
- لم أتخيل أنني سأموت ... هنا!
خرجت قطرات الدموع من عيني نورس، تريد أن تصرخ بأنها ستنقذها، هي لن تدعها تموت، لكن صوتها خذلها ككل مرة. حاولت تهدأتها بمسح عرقها الذي أخذ يتصبب بغزارة، لكن ما الفائدة فهي لا يمكنها أن تشجعها بكلمات ناعمة، حاولت مسح الجرح بمنديلها، لكن يديها ترجفان، بالكاد تستطيع السيطرة على نفسها، أوقفها لمسة باردة على يدها، لتستيقظ لابتسامة نغم تحدق نحوها، همست:
- أنا سعيدة لتعرفي عليكِ نورس!
"لا!"
صرخت:
"لا تفعلي هذا بي!"
ثم همت لتوقف النزيف
"تماسكي أرجوكِ!"
قلبها يصرخ مع كل ثانية تمسك في منديلها وتضغط فيه على الجرح، ولكنها لا تملك ما يمكنه مساعدتها، حتى الأعشاب التي تحيطها ليست سوا حشائش برية لا تفي بالغرض كما سيكون من الجنون أن تتركها لتبحث عن عشبة طبية ... بل يعد انتحاراً!
"تماسكي!"
ساعدتها على النهوض، ستحاول أن تعود بها إلى المدينة، لعلها تجد طبيباً يمكن مساعدتها، لم تعارض نغم أفعالها، يبدو أنها متعبة لدرجة عدم قدرتها على المقاومة، هي حتماً فقدت الكثير من الدماء، ولا تزال تفقده.
"تماسكي أرجوكِ!"
حاولت أن تتكلم في داخلها لعلها تصل رسائلها إليها، لكن ما إن مرت بعض الوقت بالفعل حتى تراخى جسد نغم البارد على جسد نورس وسقط أرضاً. همت نورس نحوها بسرعة، أخذت تمسح عرقها، لكن نبضات قلب نغم أخذت بالتباطؤ، وجسدها أصبح أشد برودة، وجهها مكفهر شاحب، وشفتاها جافتين اختفى عنهما لونهما الوردي الناصع، أمسكت بيدها في محاولة أخيرة للمسها، وخرجت أنفاسها الأخيرة:
- نو ... ر ... س!
ثم تراخى جسدها خالياً من أي نبض، تجمدت نورس مكانها، ثم أخذت تهز جثتها في عدم تصديق.
"لا، لا ... لا يمكن!"
لكن شحوب وجهها وبرودته جعلها موقنة تماماً بأنها تركتها وحيدة الآن، أمسكت نورس بجسد نغم المتيبس وضمتها إلى صدرها، انهارت دموعها وأخذت تصرخ صرخات متقطعة كدلفينٍ باكٍ، تضم جسدها إلى صدرها بقوة مع كل صرخة تحاول بجدٍ إخراجها، مع كل صرخة تشعر بقلبها ينتفخ وينتفخ في استعدادِ للانفجار، تمزقت حنجرتها وأصبح ثغرها حوضاً دموياً، ثم انهارت وأخذت تتقيأ الدماء، لا تزال تخرج تلك الصرخات المتألمة، تغني معها أجراس أوراق السنديات ترنيمة حزينة.
...
نامت تلك الليلة في العراء بجانب جثة صديقتها، لم تهتم حتماً للدم الذي لوث جيدها وصدرها، وجهها شاحب شبحي، تبدو كمصاص دماء فقد سيطرته. جلست بجانب جثة نغم تودعها لآخر مرة، ثم حفرت لها قبرها بكفيها، أخذت تحفر بأظافرها حتى دميتا، لم تهتم بذلك، لكن مع كل حفرة تشعر بقلبها يخرج من مكانه، انتابتها موجة حنين فدمعت عيناها مجدداً، ثم تمالكت نفسها ومسحت دموعها بكم ثوبها، فكرت في نفسها بأنها يجب أن تنتقم لصديقتها، يجب أن تجد هؤلاء الرجال وتلقنهم درساً كما يجب أن يكون.
بعد أن دفنتها بشكل لائق وودعتها، استمرت في السير داخل الغابة، تسير بخظوات غير مستقرة، مترنحة كالسكارى، بالكاد تحمل جسدها، حتى وجدت بركة صغيرة، نظرت من خلالها إلى وجهها المثير للشفقة، لا تزال آثار الدماء على عنقها، ضربت صفحة الماء بعنف، ثم همت تغسل وجهها وملابسها، هي لن تستطيع التخلص من الدماء على ثوبها بالكامل، تريد حتماً التخلص من ثوبها لكنها لا تملك خياراً آخر.
تابعت مسيرها نحو الغابة، الاختباء بين الاشجار أفضل من المسير في ذلك الشارع الترابي المكشوف، ربما تتجه للمنطقة الشمالية حيث يقع أنيس، على الأقل ستكون في مكانٍ آمن يمكنها الاختباء فيه. كما أن ذهابها هناك سيسهل على شقيقها من التحرك وافساد كل ما قام به في سبيل حمايتهم. هي تعلم تماماً أنه حالما يصل خبر اختفاءها إليه سيكون أمام قرارٍ صعب، نورس لا تود لشقيقها أن يوضع في موقف كهذا لذا عليها أن تتماسك وتنقذ نفسها.
لم يمضي وقت كثير حتى سمعت تحرك واضح بين الأعشاب، يبدو أنهم وجدوها مجدداً، أو ربما ذلك القناص رامي السهام، هي فقط تتساءل من أين أتى؟ فالقراصنة لا يستحدمون القوس والسهم! ازدردت ريقها بصعوبة حين سمعت خطواته تقترب، بينما تتخذ من جذع الشجرة ملاذاً، تتبع صوت حركاته حتى هم نحو الشجرة -التي من المفترض أنها تختبئ خلفها- فلم يجدها، ارتبك الرجل الملثم حامل القوس، يقف في وضعية الاستعداد للهجوم، بينما رجل ملثم آخر يقف بجواره يحمل سيفاً، نظرت نورس نحوهما من أعلى الشجرة على أمل أن لا ينظرا إلى الأعلى.
"هل يملك سيراف شخصاً كهذا؟"
فكرت، وأخذت تحدق في زخارف سيف ورمح الرجلين علها تجد إشارة عن هويتهما.
- كيف يحصل هذا؟
علق الرجل حامل القوس بانزعاج، فعلق الآخر:
- أخبرتك أن لا تستخف بها، إنها ابنة الحاكم السابق لازاك.
- تباً!
ضرب ساق الشجرة بقبضته بغضب، فاهتزت لتتاسقط الأوراق وتشكل فوضى عارمة، أمسكت نورس أجد الأغصان بقوة، يتملكها الفزع، قبضته هذه وحدها من فعلت كل هذا فكيف إن أمسك بها!
حاولت تمالك نفسها، لكنها أصبحت أشد ذعراً حين توقف الرجل الملثم للحظة وأخذ يلتفت إلى أعلى، أغلقت عينيها تدعو أن لا يتم اكتشاف مكانها، لكنه بدا متشككاً.
- مارك! الفتاة هنا!
- حقاً!
- انظر!
وأشار إلى أعلى حيث انكمشت نورس في ذعر شديد، ضرب ساق الشجرة مجدداً لكن هذه المرة فقدت نورس اتزانها وسقطت على الأرض، وما إن ابتعدت الاوراق المتناثرة عن مجال رؤيتها حتى وجدت سيف الرجل الملثم باتجاهها.
- حركة أخرى وستكونين في عتاد الموتى.
زمت شفتيها، عيناها تحدقان بأوسعهما، هزت رأسها بطاعه، فسحب سيفه عنها شيئاً فشيئاً لتنهض، أخذ يحذرها:
- واحدة أخرى من ألاعيبك وسأغرس هذا السيف في عنقك!
أخذت تتحرك ببطئ، بينما يبعد سيفه بحذر، وما إن نهضت حتى هرعت راكضة.
- أنتِ ... !
- بسرعة!
ركضا يتبعانها، سرعتهما تضاهي سرعتها حتماً، فما إن فرت هاربة حتى أصبحا يركضان على كلا جانبيها، جهز الرجل الملثم قوسه ليرمي سهمه نحوها، صرخ:
- توقفي!
لكنها استمرت بالهرب، فأطلق سهمه لكنها تفادته، ما جعل الرجل يقف مشدوهاً:
- استيقظ أيها المغفل!
فهم يرمي سهماً آخر، لكن صدمته جعلته يخطؤ التصويب، فبدلاً من توجهها نحوها قدمها اتجه السهم نحو صدرها مباشرة، فصرخ مارك:
- ستقتلها أيها الغبي!
هم مارك يصد السهم بسيفه، فهما إن قتلاها سيفقدان حياتهما، لكن نورس ظنت أنه يصوت السيف نحوها فتوقفت عن الركض بذعر، ما جعل احتمال اصابتها بالسهم أكبر من قبل. صرخ:
- اهربي!
حدقت نحوه بصدمة، هل فقد عقله؟ لكن قبل أن تفكر بأي شيء، شعرت بجسد ضخم يحوطها ويدور بها في الاتجاه الآخر، صد هذا الجسد الرمح كصد الذباب، وترك سيف الرجل الملثم يخدش ظهره. اكفهر وجهه أمامها، أمسكت في وجهه بذعر، وصرخت داخلها:
"روهان!"
لكنه سرعان ما تمالك نفسه، دفع نورس عنه بسرعة، التفت وأسدل سيفه في مواجهة للرجلين. صرخ مارك:
- أيها النذل! كيف تجرؤ!
لكنه صده بسهولة، فهم الرجل الآخر يدعمه بسهامه، لكنها لم تكن شيئاً يذكر أمام روهان.
وقفت نورس تحتمي بجذع شجرة، تنظر نحو جرح ظهر روهان بقلق شديد، وكأن ذلك المشهد أعاد في نفسها ذكرى أليمة، وما إن تداركت الوضع حولها، حتى قضى روهان على الرجلين، إلا أنه سرعان ما سمعا صراخاً:
- هل أنت متأكد؟
- أجل، رأيتها تدخل هذا المكان بعيني هاتين.
- من الافضل أن تقول الحقيقة وإلا سأقتلع هاتين العينين.
"إنهم مجموعة سيراف" هتفت في قلق، ولكن روهان هم نحوها بسرعة، أمسك ذراعها وهمس:
- بسرعة!
وسحبها معه، اختبأ داخل جدار من الشجيرات الكثيفة، وانتظرا حتى يبتعدوا، ثم نظر نحوها، وضع يده على جبهتها يتحسس حرارتها، وسأل بقلق:
- هل أنتِ بخير؟ هل تأذيتِ؟
حدقت نحوه بعينيها البلهاوتين، استمرا على هذه الوضعية بضع دقائق، هدوء تام، عدا صوت خرير الماء، وأجراس أوراق أشجار السنديان الرنانة. عكرت صفوة اللحظة بابعاد يده عنها، ثم نهضت، تبعها بناظريه بدهشة، حتى أخذت تسير بعيداً، وقف مكانه مشدوهاً، ثم هم يتبعها على عجل، حين وجدها تجلس بقرب نهرٍ جارٍ تبلل منديلاً، ثم اتجهت نحوه وأخذت تخلع عنه ملابسه العلوية. أمسك ذراعها يوقفها، وصرخ بفزع:
- انتظري! يمكنني فعل ذلك.
ابتعدت، خلع قميصه وجلس يواجهها بظهره، ابتسمت لحياءه، وجثت بقربه وهمت تغسل الجرح، إلا أنها صدمت بالندوب التي على ظهره، تبدو جراحاً لا تزال في بداية التآمها، أخفضت رأسها بحزن، هو حتى أتى لنجدتها بعد انجازه لمهمة صعبة، أخذت تمسح الخدش بلطف، تشعرها الندوب الأخرى بالتوتر، ثم مزقت قطعة من ثوبها غسلتها بماء النهر وهمت تغطي بها الجرح. ابتسم وقال بخجل:
- كم هذا مخجل!
لم تنظر نحوه وانشغلت بربط قطعة القماش، بينما استمر:
- أتيت لانقاذك فانتهآ بي المطاف لتنقذينني.
نظرت نحوه بوجه خال من أي شعور، فوجدته ينظر نحوها بالمثل، حرك ذراعه، وأمسك وجهها بلطف، وقال برقة:
- أنا آسف! لقد تأخرت.
اغرورقت عيناها بالدموع، ثم أخذت تشهق شهقات متقطعة، وضعت يدها على ثغرها في محاولة لتمالك نفسها، لكنه اقترب منها وضمها إلى صدره:
- أنا آسف حقاً.
أخذت تشهق على كتفه، كطفل رضيع يشهق بعد الرضاعة، يمسح روهان بلطف على رأسها، وهمس بلطف:
- قمتِ بعمل حسن حتى الآن.
...

2019/11/13 · 333 مشاهدة · 1983 كلمة
بيان
نادي الروايات - 2024