وصلَت مجموعة الخاطفين الشيطانيِّين إلى أسفل الجبل وتوقّفوا لِبعض الوقت قبل أن تُفتح لهم بوابةٌ مخفية ويظهر كهفٌ عميق خلفها، دخل الجميع ومِن بينِهم شوفين المربوط بِالسلاسِل، قادوهم عبر النفق حتى وصلوا إلى منطقة داخلية واسِعة يملؤها الظلام، وفي وسطِها مذبحٌ عتيق تُحيط بِه خمسة تماثيل مُخيفة، وكان المذبح عبارة عن حوضٍ واسِع ومليء بالدماء، وبالقرب من الحوض.. كان يقِف اثنان من المبجّلين في بداية مرحلة المجال.

في هذه اللحظة.. ارتفعَت هالةٌ قوية قادمة من نفقٍ آخر، ارتعَب جميع المقاتلين وسقطوا على رِكابِهم للترحيب بِالشخص القادِم نحوَهم، وحتى المُبجّلَين قد سقطا أيضاً نحوَه وكأنهما يعبُدانِه، وتمّ إجبار المخطوفين أيضاً على الجلوس أرضاً فتظاهر شوفين بِالجلوس، وبِسبب خِبرتِه فقد لاحظ بأن جميع الأقوياء هنا كانوا مربوطين بِعقد العبودية مع هذا الوافِد الجديد، وعند التركيز على قوة الوافِد.. عبس شوفين لأن مستواه كان في بداية قمّة مرحلة المجال، ما يعني بأنه أقوى شخصٍ يلتقي به شوفين بعد انبِعاثه الجديد، وليس بينه وبين مرحلة الفراغ سوى مرحلتان فرعيتان.

لم يقلق شوفين مِن أحدٍ في هذا الغار أكثر من هذا الشخص القوي، لذلك تحدّث مع زنهار وسويكا وراموليا وطلب منهم المشاهدة عبر الشاشة والاستعداد للقتال، خاصة أن الشخص القادم ليس أي شخص، ليس لأنه قوي فحسب وإنما لأنه الشخص الذي جعل شوفين يهتم بهذه العشيرة، لذلك كان يصبّ كل انتباهِه عليه.

وصل الشخص وكان ثلاثينياً وسيماً جداً، يلبِس ملابس جلدية حمراء ويُمسِك في يدِه مروحة طويلة، وعند ظهورِه.. صرخ زِنهار أمام الشاشة بِغضب

"سفيار"

كان هذا الشخص هو تلميذ زِنهار السابق والذي غدَر به، ومع أنه كان في آخر مرةٍ في مرحلة التألق إلا أنه قد اخترق بِطريقة ما إلى قمة مرحلة المجال، وهذا أمر غريب في عالم التدريب.

تصفّح سفيار جميع الحاضرين ثم سأل

"كيف هي الإعدادات ؟"

قال أحد المبجّلين باحترام

"لقد انتهينا مِن كل شيء، كان هذا آخر فوجٍ يلتحِق بنا"

أومأ بِرأسِه وظهرت على وجهِه ابتسامة الرضا، اقترب من حوض الدماء وقال

"أكمِلوا التجهيزات حتى أبدأ مرحلة الاختراق"

وقف الجميع وقام المقاتِلون بقِيادة أحد الأطفال نحو الحوض، وبِحركة خفيفة.. تم قطع رأس الطفل وسكبوا دِماءَه في الحوض، وبعدَه.. قادوا الثاني والثالث..، وبعد خمس دقائق.. انتبَه أحد المقاتلين إلى أن شوفين لم يعُد في مكانِه وكانت السلاسل فارِغة، عبس وأخبَر المقاتل أحمر البشرة، إلا أن الأحمر أمسك فم المقاتل وقال له بِصوتٍ مُنخفض

"ابحثوا عنه أيها الحثالة قبل أن يعرِف السادة"

بدأ الجميع يبحثون عن شوفين دون إثارة الانتباه، ابتسم شوفين وكان واقفاً في زاوِية مظلمة بِهدوء، ومع أنهم كانوا يمرّون بالقرب منه إلا أنهم لم يستطيعوا رؤيتَه، وذلك لأنه استخدم تقنية النور المظلم وصنع حاجزاً من الظلام فاندَمج مع مُحيطِه، ولن يشعروا بِه ما لم يتحرّك أو يُسرّب هالته.

بقي شوفين في مكانِه بينما لم يجرؤ المقاتلون على إخبار القادة، وبعد عشر دقائق كان جميع الأطفال والشباب مقطوعي الرأس، ولم تنفَعهم صرخات اليأس التي كانوا يُطلِقونها، وفي هذه اللحظة.. ابتسَم سفيار وأطلق هالةً روحية قوية فتجمّد جميع أتباعِه، وبعد بضع دقائق بدأ العديد من الأتباع ينزِلون من أعلى الجبل ويأتون إلى المغارة حيث يتواجد سفيار، وصل الجميع وكانوا مثل الدمى بِسبب عقد العبودية الذي وضعَه سفيار عليهِم.

بعد اجتماعِهم.. ضحِك سفيار وقال لهم

"هل أنتم مستعدون لِخدمة سيدكم لآخر مرة ؟"

صرخ الجميع بقوة

"المجد للسيد العظيم"

وفجأة.. بدؤوا يقطعون رؤوس بعضِهم البعض ويجمعون الدماء داخل الحوض، وعندما بقي المبجّلان فقط.. تقدّما نحو الحوض ونحر كل واحدٍ منهما نفسَه بِسعادة ودون أي تردّد، وبِهذا.. لم يبقَ أحدٌ في المغارة على قيد الحياة غير سفيار وشوفين.

نظر زِنهار عبر الشاشة وقال بِعبوس

"هذا الأسلوب الشيطاني، ألم أسمع عن مثلِه في مكانٍ ما ؟"

ابلتعَت راموليا ريقَها وبدأت تفكّر في أن شوفين يستطيع جعلهم أيضاً يُضحّون بِأنفسِهم لِأجله إذا أراد ذلك، وقد سبق وجرّبت الأمر فعلياً عندما جعلَها تجرَح نفسَها في ذلك الوقت، والأكثر إخافة في الأمر هو أنها كانت تتذكّر سعادتَها وهي تجرَح نفسها لأجل شوفين.

وقف سفيار أمام الحوض قليلاً قبل أن ينزِع ثيابَه الجِلدية الحمراء ويغطِس في الحوض المليء بِالدماء، جلَس وسطَه وبدأ يستخدِم تقنيةً غريبة فبدأت الدماء تُطلِق طاقة شريرة مثل الظلام، وبعد نصف ساعة.. استقرّت الطاقة الشريرة فأغلق سفيار عينَيه وبدأ يمتصُّها، وأثناء ذلك.. كان شوفين يُراقِب مِن مكانِه دون إصدار أي صوت.

استمرّ امتصاص الطاقة لِأكثر مِن ساعتَين حيث كانَت سرعة الامتصاص بطيئةً جداً وكأنّها لا تُريد الدخول إلى جسد سفيار، وكان شوفين يُراقب كل حركةٍ من سفيار في انتظار اللحظة المناسبة، وبينما هو كذلك.. شعَر بِأن سفيار قد بدأ يُعاني من استيعاب الكثير من الطاقة الشريرة، ابتسَم شوفين وأطلق عجلة التدمير في عالمِه الفراغي حتى صارَت سرعة دورانِها كبيرة جداً، وبعدَها.. مدّ أحد خيوط الظلام من تقنية النور المظلم، اقترَب الخيط مِن رقبة سفيار ثم أخرج عجلة التدمير وهي هائجة ومستعدّة لِقطع أي شيءٍ أمامها.

خرجَت عجلة التدمير واستهدفَت رقبة سفيار، إلا أنه فتح عينَيه فجأة وأخرج هالة قوية جداً وحمى بها جسدَه، ما جعل عجلة التدمير ترتدّ بعد اصطدامِها بالحاجِز، عبس شوفين وسحَب العجلة ثم جعلَها تتحوّل إلى نمط سيف الريشة القاطعة بينما وقف سفيار ونظر إلى شوفين بِاستغراب.

نظر الاثنان إلى بعضِهما البعض قبل أن يسأل سفيار بِهدوء

"من أنت ؟"

صمت شوفين قليلاً ثم ابتسم وقال

"لقد كُنتُ أطارِدك منذ فترة يا سفيار، مَن كان يعتقِد بأني سأجِدُك عالقاً في حوضٍ من الدماء ؟"

عبس سفيار وعدّل وقفتَه وهو ينظُر إلى شوفين، وذلك لأن شوفين قد ناداه باسمه، وهذا يعني بِأنه يعرِف خلفِيتَه حيث لم يكُن يستخدِم اسمه الحقيقي في هذه الأراضي، وثاني شيءٍ وأخطرَها هو أن شوفين قال بأن سفيار "عالق" في حوض الدماء، ومع أنه لس متأكداً ما إذا كان شوفين يعني ذلك أم هو مجرد تعبيرٍ عادي.. إلا أنها كانت حقيقةً أليمة بالنسبة لِسفيار، حيث لا يُمكِنه إيقاف عملية امتصاص الطاقة الشريرة بعد بدء العملية، وإذا انسحَب الآن فسوف يرتدّ الأمر عليه بالسّلب ولن تنفَع معه عملية الامتصاص مرة أخرى.

لاحظ شوفين جمودَه فقال

"أتساءل ما الذي ستدفعُه لي مُقابل رحيلي ؟"

عبس سفيار أكثر من السابق لأن شوفين يعلم بأنه في موقفٍ حرِج، لكنه لم يُصدّق بأن شوفين سيرحل، لذلك لم يُجِبه وإنما سأله مرة أخرى

"لماذا كُنتَ تطارِدني ؟"

ابتسم شوفين ولم يقُل شيئاً، صمت الاثنان طويلاً قبل أن يقول سفيار

"لا أعلم ما الذي يربِطك بي، فأنا لم أرَك من قبل، لكني سأعطيك بعض الكنوز وأطلب منك الرحيل"

ابتسم شوفين وقال

"وإذا لم أرحَل ؟"

ابتسم سفيار أيضاً وقال

"أولاً.. أنا لستُ ضعيفاً كما تعتقِد، سأدافِع عن نفسي حتى وإن عنى ذلك خسارتي لِبعض الأمور، وثانياً.. أنت لا ترغَب بِالتصادُم معي، وذلك لِأن هذا المشروع ليس مِلكي أنا، بل هو ملكٌ لِطائفة الدين المتين، وأنا مُجرّد تابعٍ عادي فيها، وإذا وقفتَ في طريقي فسوف يُطارِدُك الدين المتين أينما ذهبت"

صرخ زِنهار أمام الشاشة

"علِمت ذلك"

أما شوفين فقد اتّسعت ابتسامتُه وقال ساخراً

"إذن.. سيكون الأمر أسرَع بِهذه الطريقة، فأنا أنوي أصلاً زيارة طائفة الدين المتين"

وبِحركة من يدِه.. ظهرَت ثلاثة ظِلالٍ بالقرب من شوفين، عبس سفيار وصرخ

"الفراغ.. أنت.."

وقبل أن يُنهي حدِيثَه.. شعر بِهالةٍ مألوفة له فصرخ مرة أخرى

"معلّمـ.. أنت.. كيف وصلتَ.."

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. هل هناك فرصة لـ سفيار حتى يتوب عن خطئِه ويعمل مع شوفين ضد الدين المتين ؟

#تحت_المجهر
--------------

🔴 أنشأت صفحة على فيسبوك ونقلتُ إليها الفصول السابقة، سيتم نشر الرواية في الصفحة أيضاً من اليوم فصاعِداً.

🔴 رابط الصفحة:
https://fb.com/MicroShowFine

🔴 سبب إنشاء الصفحة:
هذا الموقع لا يسمح بِتعديل الفصول القديمة، حاولتُ تعديل الفصل 0 المخصّص لِمستويات التدريب لكنه لا يسمح لي، نفس الشيء بالنسبة لِتعديل صورة ووَصف الرواية، كما أن الخط الكوفي ليس للنصوص وإنما للعناوين، وأتمنى أن يهتم الموقع بالتطوير، عموماً.. النشر سيتم هنا وهناك.

2020/01/27 · 549 مشاهدة · 1190 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024