"معلّمـ.. أنت.. كيف وصلتَ.."
ارتعب سفيار لِأنه لم يتوقّع رؤية معلّمِه أمامه، عبس وبدأ يُراجِع إشارة دودة تقصّي المصير، رفع رأسه فجأة ونظر بِغضبٍ نحو شوفين لأنه كان قد عكَس الإشارة وجعلَه هو المُستهدَف، عمّم سفيار طاقته الروحية وتخلّص من إشارتِه فصار مِنَ المستحيل على شوفين تتبّعه مرة أخرى، لكن الوقت قد فات لأنهم قد وجدوه بالفِعل.
اسودّ وجه زِنهار وهو ينظُر إليه قبل أن يصرُخ عليه
"لقد بِعتَ روحك للشيطان سعياً وراء القوة، هل هذا ما علّمتُه لك ؟"
نظر إليه سفيار لِبعض الوقت قبل أن ينفجِر بِالضحك وهو يقول
"الوغد العجوز، هل لا زِلت تعتقد بأني تلميذُك الضعيف الذي تتحكّم في مصيرِه ؟
هل كُنتُ سأحصل على هذه القوة لو أني بقيتُ تحت يدَيك ؟
ألستَ أنت من كان يُخفي عنّي الكنوز والموارد الطبية لأنه لا تُريد مني أن أصير أقوى منك ؟"
كان الجميع صامتين وهو يصرُخ، عبس زِنهار وقال
"أنت لم تكُن جاهزاً حينها، ولو صبرتَ قليلاً لكُنتُ قد جعلتُك خليفتي"
وبمجرّد انتهائه.. انطلقَت هالة شريرة من الحوض وصرخ سفيار
"اللعنة عليك أيها الكاذب، دعنا لا نُضيّع مزيداً من الوقت"
ارتفعَت الهالة الشريرة وغطّت شوفين ومَن معه، عبس الجميع لِأن الهالة كان مشؤومة وتُسبّب تآكُل كل ما تَقترِب منه، وقام كل واحدٍ منهم بِصدّها بِطريقتِه الخاصة، لكن جليد راموليا لم يكُن بمِثل قوة مصفوفة الحماية الخاصة بِـ سويكا، لذلك زادت من نسبة السموم لإنقاذ نفسِها حتى صارَت بين سائلٍ سامّ لا يقِلّ شؤماً من تلك الهالة الشريرة.
كان زِنهار وشوفين الأكثر راحةً بين الجميع، خاصة شوفين بعد استخدامِه لِطاقة النور التي تُعادي كل طاقات الظلام، ومن بينها جمع أنواع الطاقات الشيطانية.
انتهَت الهجمة ثم أخرِج سفيار سوطاً طويلاً وسدّد ضربة نحو راموليا التي كانت الأضعف بينهم، إلا أن شوفين ظهر أمامها وصدّ الضربة بِسيف الريشة القاطعة، صرخ على راموليا وسويكا عبر التخاطر
"ابتعدي أنت وسويكا وسدّدا ضرباتٍ بعيدة المدى"
تراجعَت راموليا وسويكا فقال شوفين عبر التخاطر
"زِنهار.. دعهُ لي لِبعض الوقت، سيكون مادةً تدريبية جيدة"
تراجع زِنهار للخلف وجهّز نفسَه بينما ابتسم شوفين ولوّح بِسيفِه فأطلق نية سيفٍ قوية واخترقَ بِها الهالة المشؤومة، عبس سفيار لأن نية السيف كانت مصنوعة من طاقة النور، ما يجعلُها تخترِق هالتَه، لكنّه ضحِك بعدَها وقال
"كُنت لِأخاف مِنك لو كُنتَ في مرحلة المجال، لكنّك لا زِلت ضعيفاً جداً"
رفع سوطَه وكان سلاحاً ملكياً متوسطاً، ومع ذلك كان يُجيد التعامل معه حيث تحوّل السوط إلى أكثر من مائة سوطٍ واتّجهَت جميعُها نحو شوفين، وفي نفس الوقت.. اندمَج مِقبض السوط مع ذراع سفيار وصار وكأنه جزءٌ من جسدِه، ابتسم شوفين ولوّح بِالريشة القاطعة فتغيّر شكلُها أيضاً وصارَت ريشةً طويلة وصدّت السّياط العديدة، عبس سفيار وزاد حدّة الهجمات، إلا أن شوفين كان يصدّ ضربات السّياط ويُبعِدها عنه، لكن هذا لم يدُم طويلاً حيث أتَت ضربة قوية أصابَت ذراع شوفين ونزعَت منه الريشة القاطعة ورمَتها بعيداً.
عبس شوفين وظهر الرعب على وجهِه عندما اتّجهَت نحوَه العشرات من السّياط ذات الطرف الحادّ، اصطدَمت بِه ورمَته بعيداً حتى اصطدم بالجِدار وصنع حفرة عميقة، وفي هذه اللحظة.. سالَت الدماع مع صرخة ألمٍ قوية، عبس زِنهار الذي كان على وشك التدخّل، لكنه عبس وتوقّف عِندما سمِع صرخة الألم من سفيار، نظر إليه فإذا بِالريشة القاطعة مغروزة في ظهرِه، تراجعَت الريشة القاطعة نحو شوفين وكان قد خرَج من الحفرة دون جرحٍ واحد.
عبس سفيار وصرخ
"كنت تتظاهر فقط بأنك أسقطتَ سيفك أيها اللعين"
نظر إلى شوفين بِاستغراب وعلِم بِأنه يملِك جسداً صلباً جداً بِما أنه قد استقبل هجومَه دون جرحٍ واحِد، لكن زِنهار كان يعلم من ملامِح شوفين بأنه قد اضطرّ لاستخدام الجسد الهلامي، وذلك لأن الضربة كانت أقوى من أن يتحمّلها جسدُه المعدني، ومع ذلك.. لا يزال لدى شوفين القوة اللازِمة للاستمرار في القتال، كما أنه نجح في جَرح سفيار من أول حركة.
تهلّل وجه الجميع عندما عاد شوفين للقتال مرة أخرى، إلا أن تعابيرَهم تغيّرت فجأة عندما بدأ جُرح سفيار يلتئِم بِسرعة اعتماداً على قوة حوض الدماء، ومن حينها.. كلما نجَح شوفين في جرحِه إلا واختفى الجرح في لمحة عين، ضحِك سفيار وقال
"شكراً لأنك ساعدتني على اكتشاف طريقةٍ سريعة لامتصاص طاقة المذبح، بِهذه الطريقة ربما قد أنتهي منه في ثلاثة أيام بدل ثلاثة أشهُر"
كان يشعُر سفيار بِأن عملية الامتصاص تتِمّ بسرعة كبيرة بِسبب الجروح، وهذا يعني بِأن الجميع سيكونون في وضعٍ أصعب كلما زاد تدريبُه، خاصة أنه بدأ يتعمّد ترك دِفاعاتِه مفتوحة أمام الريشة القاطعة، وشوفين لا يبدو بأنه يوقف هجماتِه أو يُقلّل منها، ما جعل زِنهار يستغرِب لأن شوفين يُساعِد سفيار بِهذه الطريقة.
استمرّ القتال لِأكثر من رُبع ساعةٍ قبل أن يعبِس سفيار لأنه بدأ يشعُر بِالتشنّج، توقّف بِسرعة ولم يعُد يمتصّ الطاقة من الحوض ثم بدأ ينظُر إلى يدَيه باستغراب، وحينها.. انطلقَت ضحكة مكتومة من شوفين وقال
"أنت مجرّد مُبتدئ في الطاقة الشيطانية، واصِل ما تفعلُه ولن أكون في حاجةٍ للقضاء عليك بِنفسي"
تغيّر لون سفيار لأنه قد وقع مرة أخرى في فخّ شوفين، وبدأ ينظر إليه بجدّية الآن لأنه شابٌّ قوي وواسع المعرفة، كما أن زِنهار كان يستمِع إلى أوامِره وكأنه سيّدُه، ما يعني بأنه العدو الحقيقي هنا وليس معلّمه السابق، ومع ذلك.. كان شوفين أيضاً في حالةٍ حرِجة بعد تلقّيه لِعدّة ضرباتٍ قوية واستنزاف طاقتِه بِسبب تفعيل الجسد الهلامي، لذلك التفَت إلى زِنهار وقال له عبر التخاطُر
"هذه هي فُرصتُك، دعنا نهجُم عليه معاً"
أومأ زِنهار ورفع سيفَه الغليظ ثم انقضّ نحو سِفيار، وكانَت ضربتُه قوية ومليئة بالطاقة عكس ضربات شوفين التي كانت هادئة وتستهدِف الخصم بِذكاء، استمرّ الاثنان بِالهجوم بينما بدأت سويكا بالعمل على مصفوفةٍ هجومية قوية بِطلبٍ من شوفين، ونفس الشيء لِراموليا التي بدأت تستغلّ أي فُرصة سانِحة لِتوجيه الضربات من بعيد، وهذا التعاوُن كان بإدارة شوفين عبر التخاطُر لأنه يعلَم بِأن سفيار ليس بسيطاً، ليس فقط لِأنه في قمة مرحلة المجال وإنما لأنه يعلم قوة التضحيات الشيطانية.
استمرّ هجوم الثلاثة عليه قبل تُنهي سويكا مصفوفتَها وكانَت تستخدِم هجوماً نارياً، أطلقَت هجومَها خُفية على ظهر سِفيار فاخترَق دِفاعه وسبّب له جرحاً عميقاً بينما استغلّت راموليا الهجوم وحقنَت كمية من السموم داخِل جُرحِه، صرخ سفيار من الألم إلا أنه لم يرغَب في استيعاب الدماء لِشفاء جروحِه بعد تجرِبته السابقة، لذلك استخدَم طاقتَه الداخلية لإيقاف النزيف ثم جمع طاقتَه وأنشأ هجوماً من البرق واستهدَف بِه شوفين.
تهرّب شوفين من الهجوم بِسرعة الألف ظل ثم ضحك وقال ساخراً منه
"تتدرب على عنصر البرق وتُريد استيعاب الطاقة الشيطانية ؟
هذا أسخف ما رأيته في حياتي"
تُعتبر طاقة البرق مُعادِيةً للطاقة الشيطانية، ما يعني بِأن الجمعَ بينهما قرارٌ غبي، مع أن سفيار قد قرّر التخلي عن عنصر البرق بعد استيعاب الطاقة الشيطانية مِن المذبح، إلا أنه اضطر إلى استخدامِها الآن، وهذا زاد من جروحِه الداخلية بسبب تشبّع جسدِه بالطاقة الشريرة، لكنّه لم يجِد أمامَه خياراً آخر بِسبب قوة العمل الجماعي لِلأربعة، فمع أنه أقوى منهم جميعاً إلا أنه لا يستطيع الخروج من حوض الدماء وإلا سيخسَر فرصَته الوحيدة للاختراق نحو المرحلة العُليا من قمة مرحلة المجال ويصير أحد أقوى أقوياء القارة.
استمرّت هجمات الجميع بقيادة شوفين عبر التخاطُر، ما جعل زِنهار ينبهِر من حُسن تخطيط شوفين وإدارتِه لِما بين يدَيه من قوات، وفي المقابل.. كان سفيار يزداد تعباً واتسعَت رُقعة جروحِه، وبِسبب اليأس.. قرّر العودة إلى امتصاص الطاقة الشريرة لِعلاج نفسِه لأنه لن يستطيع القضاء على الأربعة ما لم يزدَد قوة بِسرعة، بدأ يمتص الطاقة فقال شوفين للجميع
"هذه فرصتنا، إذا لم ننجَح في الإطاحة به فاستعدوا للتراجُع، لأنه سيخرُج عن السيطرة قريباً"
استعدّ الجميع في انتظار إشارة شوفين، وبعد أقل من دقيقة.. بدأ جسد سفيار يتشنّج ويتغيّر شكلُه حتى صارَت ملامِحُه سوداوية بشِعة، حينها.. صرخ شوفين عبر التخاطر
"الآن"
وجّه شوفين خيوط الظلام وكبّل بِها سفيار في لحظة ضُعف، بينما قفز زِنهار وسقط بِسيفِه على كتِف سفيار وقذفَه بعيداً عن الحوض، وبِمجرّد سقوطِه.. أطلقَت راموليا #زوبعة_القفل_السام وقامت بِتثبيته على الأرض بِمساعدة مصفوفة #سلاسل_الطمر من سويكا، وكان سفيار يصرُخ بِطريقةٍ وحشية جعلَت الجميع يشمئزّون منه، تساءل زِنهار
"ما الذي يحدُث له ؟"
سأل لِأن سِفيار لم يكُن في بالِه وإنما كان مثل وحشٍ مُقيّد فاقد للإدراك، اقترب شوفين وقال
"الطاقة الشيطانية ليست بتِلك البساطة، والتحكم فيها يحتاج إلى إرادة قوية وذهنٍ صافٍ، ولو لم نُخرِجه من الحوض لَكان قد تحوّل إلى وحشٍ لا يُشقّ له غُبار"
التفتَ إلى زِنهار وقال له
"هذه فُرصتك للانتقام، لا تدَعه يستعيد إدراكَه"
كان سفيار الآن في أضعف أحوالِه، لذلك سيكون سهلاً على زِنهار القضاء عليه، رفع زِنهار سيفَه الضخم واقترَب من سفيار، وقف أمامَه طويلاً وغرِق في ذكرياتِه معه، لأنه كان تلميذَه وفي مقام ابنِه، ومع أنه قد غدَر به إلا أن هذا من سوء تعليمِه له، لذلك كان مُتردّداً في قتلِه، اغرَورقت عيناه وقال
"اللعنة عليك يا سِفيار"
استدار مباشرة وابتعدَ عنه، ابتسم شوفين وقال
"هذا ما توقّعتُه منك، لكني لن أدَعه يذهب لأنه عدو مُزعِج"
رفع سيف الريشة القاطِعة واقترَب من سِفيار، وقبل أن يضرِبه.. اعترضَه زِنهار وعلى وجهِه نظرة مليئة بالعواطِف، عبس شوفين وكاد يغضب عليه لأنه لا يُحب مَن يقِف في طريقِه، إلا أن الاثنين التفتا بِسرعة نحو سفيار لأن هالتَه قد تغيّرت فجأة من الطاقة الشيطانية إلى طاقة البرق، ارتفعَت هالتُه عالياً وقامَت أقواس البرق بِتحريرِه، ضحِك من داخل الصواعق مثل الشيطان وهو صرخ
"اللعنة عليكم جميعاً، هذا الأمر لن يبقى دون حِساب"
وفجأة.. ازدادَت طاقتُه قبل أن تجتمِع وتتحوّل إلى قوسٍ كبير من البرق، اتّجه قوس البرق نحو النفق الذي يقود إلى أعلى الجبل حتى خرج نحو السماء واختفى نهائياً.
استدار شوفين نحو زِنهار وقال له بِنبرة بارِدة وعلى وجهِه علامات الغضب
"متى ستُغادِر ؟"
--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. ما الذي يقصِده شوفين عندما سأل زِنهار متى سيُغادِر ؟
#تحت_المجهر
--------------
صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine