"متى ستُغادِر ؟"

رفع زِنهار حاجِبَيه عندما سأله شوفين بدون مُقدّمات، وقبل أن يفهَم قصدَه.. أضاف شوفين

"يجب أن نفترِق الآن بعد أن وجَدنا تلميذَك القديم"

استنشق زِنهار شهيقاً عميقاً وقال بِنبرة اعتذارية

"أعتذِر لِأني اعترضتُ طريقك قبل قتل سفيار، إنه.. مثل ابني"

استدار شوفين وهو يقول

"هذه مشكلتي الآن، يُمكِنك أخذ تلميذتِك والمغادرة"

قال هذا ثم توجّه نحو المذبح والحوض المليء بِالدماء، أحاطَه بِطاقتِه الداخلية ثم قام بِتخزينِه، توجّه بعدَها نحو الخارج وأخرَج صلجان وريكو وإينجِه، صمت طويلاً قبل أن يلتفِت إلى زِنهار ويقول له

"ستقوم بِمهمّة أخيرة لِأجلي"

اقترب زِنهار بِسرعة وقال

"أخبرني وسأفعل المستحيل لِتنفيذِها"

نظر شوفين نحو رِفاقِه وقال

"راموليا، ريكو وإينجِه.. انتم ستذهبون مع زِنهار في رحلة مُختلِفة عن رِحلتي"

عبست راموليا بينما صاح ريكو

"هل تتخلّى عنّا بِهذه البساطة ؟"

هزّ رأسه ثم قال

"لن يكون عالمي الفراغي صالحاً للعيش لِبعض الوقت، ولن أستطيع أخذَكم معي في رِحلتي، لذلك ستذهبون مع زِنهار إلى إحدى العشائر القوية وتُحاوِلون الانضمام إليها، سأعود لأخذِكم لاحقاً"

تضاربَت مشاعِر الثلاثة وتفاوتَت حِدّتها، كانت راموليا تتشارك مع ريكو في أن شوفين يرغب في التخلّص منهما، لكنها تعلم أيضاً بأن إينجِه شخصٌ مُهمّ لِشوفين، ما يعني بأنه ربما يكون صادقاً، خاصة أنه يستطيع جعلهم يُغادِرون حتى دون شرح الأمور لهم، وهذا ما لم يُفكّر فيه ريكو لذلك كانت حالُه سيّئة، أما إينجِه فقد كان الوحيد المرتاح بينهم لأنه يثِق في أخيه الكبير ولا يعتقِد بأنه سيتخلى عنهم، وحتى إن فعل ذلك فلَن يغضب لأن شوفين قد أنقذ حياته وأعطاه أملاً جديداً وتقنية قوية.

نظر شوفين نحو زِنهار وسأله

"هل تستطيع تدبّر مثل هذا الأمر ؟"

أومأ زِنهار وقال

"أعرِف شخصاً في الأرض الوسطى، سأقصِده وأدّعي بأن هؤلاء تلاميذي"

أومأ شوفين ثم أخرَج خاتم تخزينٍ وأعطاه لزِنهار ثم قال

"هنا بعض الأسلحة الملكية ومجموعة من الحبوب والأعشاب القيّمة، استخدِمها لإغراء شيوخ عشيرةٍ ما لِقبولهم بين التلاميذ"

أومأ زِنهار وقال

"أعتقد بأنهم يستطيعون الالتحاق بِإحدى العشائر الأقوى اعتماداً على قدراتِهم الحالية، والشخص الذي أعرِفه يملِك بعض المعارِف في عشيرة القبضة الحمراء، سأحاوِل إدخالَهم إليها بِطريقة ما"

كانت راموليا في الحادية عشر من عُمرِها، وإينجِه في الثالثة عشر، وكِلاهما في مرحلة التألق، ما يعني بِأنهما في صفوف العباقرة ولن ترفُضهم أية عشيرة في القارة، لذلك لن يكون من الصعب إدخالُهما إلى عشيرة القبضة الحمراء التي تُعتبر من بين العشائر الخمس الأقوى.

يستطيع ريكو الذهاب مع راموليا مثل حيوانِها الأليف، كما أنه يستطيع البقاء في خاتم التخزين لِعدّة أيام، لذلك سيكون بِخيرٍ معها، أما إينجِه فهو يعلم الآن نُدرة أبناء الغابة في هذا العالم، لذلك سيقوم بإخفاء نفسِه حتى لا يتمّ اكتِشافُه، وسيتدرّب على تقنية الشجرة واستخدام القوس، أما صلجان فتدريبُها لا يزال ضعيفاً لذلك ستُرافق معلّمها أينما ذهب.

أخذ شوفين قوس إينجِه وقام بِإخراج شعلة النار الروحية الحمراء وكأنه يقوم بِصقلِه، وبعد دقائق من ذلك.. أخرج أرفود وقال له

"ستبقى داخِل هذا القوس حتى نلتقي مرة أخرى، مهمّتك هي حِماية إينجِه، لكن.. لا تُظهِر نفسك إلا في اللحظات الحرِجة"

كان أرفود قوياً روحياً بعد العلاج المتواصِل لعدّة أشهُر، لذلك يستطيع الخروج من العالم الفراغي والبقاء داخِل القوس لِعدّة سنوات، وافق أرفود دون أي اعتراض، دخل في القوس فطار القوس نحو إينجِه، ابتسَم إينجِه بِسعادةٍ وخزّن القوس في خاتمِه الخاص، ورغم سعادتِه إلا أن تعابير راموليا وريكو كانت عكسَه هو لأن شوفين قد قرّر ما سيكونان عليه في المستقبل دون استشارتهِما، لكنهما لم يستطيعا الاعتراض على قرارِه المفاجئ، لذلك غادرا مع زِنهار بعد أن أعطاهم شوفين بعض الأموال والأغراض المُفيدة، التفتَ شوفين نحو سويكا وقال لها

"من اليوم.. لن يُوجد مكانٌ آمن لك في عالمي الفراغي، لذلك يجب أن تُصبحي أقوى"

أومأت بِلطافة وكأنها زوجة مُطيعة فاستدار وقال

"قبل أن نُغادِر.. دعينا نُفتّش هذه العشيرة ونرى إن كانت لديهم أغراضٌ مُفيدة"

...

بعد ثلاثة أيام.. وصل شوفين وسويكا إلى مدينةٍ صغيرة على مشارِف الأراضي الوسطى، استأجرا فندقاً صغيراً ثم دخلا إلى العالم الفراغي، أخذ شوفين البيضة من سويكا وقام بِتقيِيدها عبر خيوط النور ثم أخرج حوض الدماء الذي أخذَه من سِفيار، اهتزّت البيضة بقوّة عندما شعرَت بالدماء فضحِك وقال لها

"هل تُريدين بعضها ؟"

اهتزّت بِسعادة فقال لها

"إذن.. اسمحيلي بِوضع ختم الروح عليك"

سكنَت حركتُها لِبعض الوقت قبل أن تقول سويكا

"لا أعرف لماذا.. لكني شعرتُ بِأن المخلوق يُريد منك عقداً مُتساوياً، ما هو العقد المتساوي ؟"

عبس شوفين فجأة ونظر نحو البيضة ثم قال

"إذن فهذا اللعين ليس مخلوقاً حديثاً، وإلا فلَن يعلم عن العقد المتساوي"

استغربَت سويكا فشرح لها

"يبدو أنه وحشٌ قديم اضطرّ للعودة إلى شكل البيضة، أو ربما يختبئ فيها فقط، ولابد بِأنه هو مَن دخل إلى الوريد الروحي حيث وجدتُه أول مرةٍ وظننتُ بأن أحدَهم قد وضعَه هناك"

هزّ البيضةَ بِقوة وقال لها

"تُريد عقداً مُتساوياً معي أيها الحشرة ؟
هل تدري أصلاً مع مَن تتحدّث ؟"

فجأة.. قالت سويكا وعلى وجهِها نظرة صادِمة

"يقول بأنه سبق ورآك في عالم الجمرة الخبيثة"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. ما هو العقد المتساوي ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/01/28 · 480 مشاهدة · 780 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024