111 - محار الحظ الناري

"أنتِ في حاجةٍ إلى استقرار تدريبِك، وأنا أيضاً أريد صناعة حبّة طبية لِتنقية جسَدي من الطاقة الشيطانية التي تسرّبت إليه، لذلك سنَبحث عن فندقٍ فخم ونرتاح فيه لبِضعة أيام"

غادر شوفين وسويكا منطقة البُحيرة نحو اتجاهٍ عشوائي، وبعد ثلاثة أيامٍ من السفر.. وصلا إلى مدينةٍ كبيرة يحرسُها العديد من الحرّاس، تحسّباً لِأن يَلتقي بِأحدٍ أعدائه.. قام شوفين بإدخال سويكا إلى عالمِه ثم تقدّم نحو المدينة، كان غرض شوفين مِن زيارة هذه المدينة هو البحث عن بعض المواد الطبّية الجيدة، وفي نفس الوقت سيقوم بِبيع العديد من الأغراض التي قام بِسرِقتها من العشائر في الأشهُر الماضية، وعندما اقترب من بوابة المدينة.. وجد صفاً طويلاً من المُقاتلين الذين يرغبون بِالدخول، وهذا كان مُستغرباً بعض الشيء لأنها مجرّد مدينة متوسّطة ولا تحتاج إلى كل هذا الاهتمام.

وقف شوفين في الصف وبدأ يتنصّت على ما يقوله الناس

"سأكون الأول هذه المرة، سأعوّض خسارتي في الأعوام السابقة"

"الأول ؟
لا بد بأنك تمزح، هل تعتقد بأن الأمر يعتمِد على الحظ ؟"

"يُشارك الناس في هذه المسابقة كل سنة، لكن فتح محار الحظ الناري يحتاج إلى خِبرةٍ كبيرة، فليسَت جميعُها تحتوي على موادّ مُفيدة"

"سمِعتُ بأن أكبر جائزة كانَت مِن نصيب السيد شِرمان، ولم يُحقّق أحدٌ مثلَها منذ بداية المسابقة قبل آلاف السنين"

"حقاً ؟
وماذا كانت ؟"

"قلادة حماية عبارة عن سلاح مصنّف من المستويات المُرتفِعة"

"يا للروعة، لو أني حصلتُ على مثلها فسأعيش حياتي كلها في ترف"

ابتسم شوفين مِن بعيد ثم بدأ يقترِب من المجموعة، وصل إليهِم وسألهم

"هل يستطيع أي شخصٍ المشاركة في هذا النشاط ؟"

نظر إليه الجميع وكان أكبرُهم يبدو في شكل رجلٍ خمسيني، وأصغرُهم شابٌّ عشريني، كانت نظرات الجميع مليئة بالاستحقار إلا ذلك الشاب الذي كان يبدو ودوداً بعض الشيء، أجابَه الخمسيني بِنبرة جافّة

"هذه المسابقة ليست للأطفال لأنها تحتاج إلى خبرة كبيرة وأموال طائلة"

قاطعهُ الشاب بعد شعورِه بأنه مُستهدفٌ أيضاً كونَه شاباً صغير السّن، قال على عُجالة

"لا تُنصِت له، لقد سمِعتُ عن العديد مِن الشباب الذين حصلوا على بعض الكنوز الرائعة"

ابتسم شوفين نحوَه وقال

"إذن.. أستطيع المشاركة أيضاً ؟"

أجابه الشاب

"هذه المسابقة يتم تنظيمها بِشراكةٍ بين حاكِم مدينة تيسلي ومتجَر الجواهر الثلاث، لذلك تستطيع المشاركة ما دُمت تستطيع الدفع، لكنّك ستحتاج إلى خبيرٍ لِتقيِيم المحار قبل شرائه وفتحِه"

صمت شوفين قليلاً وبدأ يُفكّر في متجر الجواهر الثلاث، لاحظ الشاب صمتَه فقال بِوجهٍ بَشوش بينما يجذِب ثلاثينياً من ثيابِه

"أخي الصغير، هذا السيد خبير تقيِيمٍ قُمت بِاستئجارِه لِمساعدتي، تعالَ معي وسيُقدّم لك نصائحَه بِالمجان"

يحتاج محار الحظ الناري إلى خِبرةٍ كبيرة لِتوقّع مُحتوياتِه، لذلك يوجد خبراء في هذا المجال حيث يشترِطون مبلغاً مُعيّناً مُقابِل النصائح أو حتى نِسبة من الكنوز التي سيتمّ إيجادُها، نظر شوفين نحو هذا "الخبير" ثم أومأ بِرأسه وقال

"دعونا ندخُل، زوجَتي تَنتظِرني في الداخِل"

قال هذا ثم بدأ يتّجِه نحو البوابة مُتجاوِزاً جميع الواقفين في الصّف، ناداه الشاب العشريني من الخلف

"أخي الصغير، يجِب أن تَنتظِر في الصف"

رفع شوفين يدَه دون أن يَلتفِت إليه ثم قال

"اِتبعني إذا أردتَ الدخول"

نظر الشاب نحو الخبير بِصدمةٍ قبل أن يتبَع شوفين بِسرعة، نظر إليهم الخمسيني بِحُرقةٍ رغم أنه لا يعلم ما الذي سيفعَله شوفين، وصل الثلاثة إلى الحراس فأخرج شوفين رمز الشخصيات الهامة الذي حصل عليه مِن متجر الجواهر الثلاث الموجود في مدينة روبيا، اهتزّ الحارِس عندما رأى الرمز الذهبي ثم انحنَى وقال باحترام

"السادة الكِرام، اتبعوني رجاءً"

تفاجأ العشريني والخبير، ومِن خلفِهم كان الخمسيني يعضّ شفتَه السفلى بِحَسد، لأنه لو لم يُسِئ إلى شوفين لَربما كان هو المُستفيد مِنه الآن، خاصةً أنه شخصية مهمة وسيحصُل على مُعاملة راقية.

تبِع الثلاثةُ الحارِس حتى وصل بهِم إلى مبنىً يتبع متجر الجواهر الثلاث، أدخلَهم إلى المسؤول وقدّمهم له فرحّب بهِم ثم قادَهم إلى مُدير المتجر، وبعد عشر دقائق كان شوفين مع المُدير في مكتبِه، أما الشاب العشريني والخبير الذي معه فقد طلب مِنهما الذهاب إلى شؤونِهما لأنه سيبحَث عن زوجتِه التي تنتظِره، طبعاً لا يُريد أن يراه أحد وهو يُخرِجها من عالمِه الفراغي كما لا يحتاج إلى تطفُّل الآخرين على شؤونِه، لذلك صرفهُما ودخل وحدَه إلى المدير.

راجع المدير رمز شوفين ثم راجع التقارير التي معه قبل أن يعبِس ويتغيّر لونُه، ابتسَم شوفين وقال

"لا تقلق، أنا لن أتسبّب بِأية مشاكِل في هذه المدينة إلا إذا تجاوزوا حدودَهم"

تنهّد المدير لِأن التقرير ذكر إساءة الآخرين إلى شوفين وليس فقط إساءة شوفين إليهم، ومع أن شوفين قد كان نشيطاً خلال الأشهُر الماضية وسرق العديد من المدن والشخصيات الهامة إلا أنه كان كلما دخل فرعاً من فروع الجواهر الثلاث إلا وتاجرَ معهم، وفي كلّ مرة كان المُدراء يشعرون بِالسعادة ويُضيفون علامة التميّز إلى رمزِه الذهبي، ما جعلَه مِن أفضل عُملائهم عبر التاريخ لأنه كان يبيع لهم جِبالاً من الكنوز ولا يسرِق منهم مهما حدث، بل حتى إذا بقِي معه شيءٌ من مُمتلكاتِهم.. كان يضعُه في فرعٍ آخر حتى يقوموا بإرجاعِه، وهذا مُختلفٌ تماماً عن طريقة تعامُلِه مع الآخرين.

أخرج شوفين سبعة خواتِم تخزين ورماها على المكتب ثم قال

"أُريد بيع هذه الكنوز مُقابل الأحجار الصفراء"

ابتلع المدير ريقَه وقال

"لقد كُنتَ تبيع للفروع الأخرى مُقابل الحجارة البُنّية"

حسب التقارير التي لدى المدير.. كانت هذه أول مرة يطلُب فيها شوفين أحجاراً صفراء، ولأنها نادِرة وقيّمة فقد شعَر المدير بِنوعٍ من الظلم، ابتسم شوفين وقال

"نحن الآن أقرب إلى وسط القارة، أليس الحصول على الأحجار الصفراء مُتاحاً لكم أكثر مِمّا هو متاح لِلفروع الأخرى ؟"

استشعَر المدير كميات الكنوز الموجودة في الخواتِم السبعة قبل أن يتغيّر لونُه ويقول

"للأسف.. لا أستطيع توفير مُقابلٍ لهذه الكنوز بِالأحجار الصفراء، لكني سأقوم بِمجهودٍ كبير لأجلِك، والباقي ستأخذُه من الأحجار البنّية أو السّلع التي ترغب بِها من المتجر"

رمى شوفين ورقةً على المكتَب وقال

"جهِّز لي إقامةً هادئة ثم أرسِل لي هذه الأغراض"

وافق المُدير فخرَج شوفين مع أحد الموظّفين نحو مكان الإقامة، وكان عبارةً عن منزلٍ فخم في منطقةٍ قريبة من المتجر يتم حِمايتها من طرف حراس الجواهر الثلاث، استقرّ شوفين في المنزِل وأخرج سويكا ثم قال لها

"مسابقة محار الحظ الناري ستكون بعد خمسة أيام، سيكون من الجيد المشاركة فيها"

كانت سويكا تُشاهِد كل شيء في الساعات الماضية لذلك علِمت عن هذه المسابقة، لكنها لا تعلم ماذا يكون محار الحظ الناري هذا، لذلك سألته

"ما هو محار الحظ الناري ؟
وكيف يحتوي على كنوزٍ من صُنعٍ بشري ؟"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. ما هو محار الحظ الناري ؟
وكيف يحتوي على كنوزٍ من صُنعٍ بشري ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/01/30 · 467 مشاهدة · 1004 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024