"أنا أكثر مِن كافِية لِجعلِكم تأكلون التراب، أما رجُلي فسيَتطيع مَسح هذه المدينة عن بُكرة أبيها"

عبس الثلاثة بِشدّة، وأثار تصريحُها انتباه الحاكِم وكِبار العشائر أيضاً، بدأ الشباب الثلاثة بِالتعقيب عليها بِنبرةٍ غير مُحترمة هذه المرّة

"هذه كلمات كبيرة يا آنسة، أنا أريد رؤية من يكون هذا الشخص"

"يا لها مِن مهزلة، يستطيع مسح المدينة عن بكرة أبيها ؟"

"لماذا لا تأتين معنا ونَنتظِره فوق تلك المنصة ؟"

وكان المُتحدّث يشير إلى منصة الشخصيات الهامة، لكن.. وفي هذه اللحظة.. انطلقَت موجةٌ رهيبة مِن القوى الروحية مِن مكانٍ ما، اجتاحَت الموجة كامل المدينة ثم واصلَت الانتشار بِسرعةٍ خارقة حتى شملَت مِنطقةً كبيرة جداً مِن الأراضي الوسطى، وهذا جعل الحاكِم وكِبار العشائر يقِفون بِسرعة وتتغيّر ألوانُهم، لكن الموجَة لم تدُم لِأكثر من جُزءٍ من الثانية لذلك لم يشعُر بِها الضعفاء، عبس الكِبار وقال أحدُهم

"الروح الصفراء، قرأتُ عنها في الكتب ولم أعتقِد بِأني سأراها في حياتي"

بدأ النقاش بينهم

"لكن.. مِن أين أتَت ؟"

"لا نستطيع تحديدَها، ربما أتَت من إحدى العشائر القوية"

"يبدو بِأن ميزان القِوى سيتغيّر قريباً، خاصة إذا اخترَق أحدٌهم إلى مرحلة الفراغ"

الاختراق إلى مرحلة الفراغ أمرٌ صعبٌ جداً في هذا العالم، وكلّ مَن يخترِق سيكون أمامَه وقتٌ محدود للمُغادرة حتى لا يتأثّر بِالطاقة المُتدنّية في هذا العالم حيث سيحتاج إلى طاقةٍ مُركَّزة لِاستقرار تدريبِه، ومُغادرَتُه تُعتبر مُغامرة كبيرة أيضاً لأنه مُتدرّبٌ جديد في استخدام الفراغ وقد يضيع قبل وصولِه إلى عالمٍ أكثر قوة، أو قد يدخُل عالماً مُتدنّياً آخر فتضيع عليه فُرصة الارتقاء، لذلك يكون من الصعب على سكان العوالِم المُتدنّية مُزاحمة سكان العوالِم الأعلى في القوّة.

مع أن من ينجح في الاختراق سيكون أمامَه أقلّ مِن أسبوعٍ للمُغادرة.. إلا أن بعضهُم يقومون بِمُساعدة عشائرِهم خلال ثلاثة أيام الأولى بعد الاختراق حتى يتركوا أمامهُم إرثاً للأجيال القادِمة، وهذه المساعدة قد تكون بِالإغارة على العشائر الأخرى وقتل أقوِيائها أو بِتوفير موارِد مُعينة لا يستطيع أحدٌ توفيرَها إلا إذا كان في مرحلة الفراغ، أو أي طريقة أخرى، لكن المهم هو أن العشائر القوية تقلق دائماً عندما تستشعِر بِأن أحدهُم قد اخترَق، لذلك يهربون ويختبئون حتى لا يتمّ قتلُهم، ولا يخرجون مِن مخابِئهم إلا إذا كانوا متأكّدين بِأن الأمور آمِنة.

في اللحظة التي انتشرَت فيها الموجة الروحية الصفراء.. انتبهَ الشباب الثلاثة إلى أن هناك شخصاً آخر بينَهم، أعادوا أنظارهُم بعدما كانوا ينظرون إلى الحاكِم وكِبار العشائر بِسبب وقوفِهم المُفاجئ، دقّقوا النظر في الشخص الذي كان يقِف إلى جانِب سويكا مُمسِكاً يدَها بينما كانت تبتسِم بِسعادة، فهِم الشباب الثلاثة مُباشرةً بِأن هذا هو رجُلها الذي كانَت تتحدّث عنه، وما أثار حفيظَتهم أكثر هو أنه قد أمسَك يدَها وبدأ يقودُها بعيداً عنهم وكأنهم غير موجودين أصلاً.

كان الشباب الثلاثة جميعاً في قمّة مرحلة التألّق، وهذا يعني بِأنهم يُصنّفون بين العباقرة حتى داخل العشائر الخمسة الأقوى والتي كانوا تلاميذ داخليّين في بعضِها، فقد كان الشاب بِالأبيض أحد عباقِرة عشيرة العين الذهبية، والشاب الجميل ينتمي إلى عشيرة الحكماء التسعة، بينما كان الثلاثيني باللباس الأخضر من عشيرة عملاق جاوا، ما يعني بأنهم أسياد الشباب في هذه المنطقة بأكملِها، وما عادوا إلا للمشاركة في هذه المسابقة السنوية وإظهار قدراتِهم وإمكاناتِهم.

تحرّك الشباب الثلاثة بِسرعة عندما بدأ شوفين يبتعِد عنهم، قطعوا طريقَه وقال الشاب بِالأبيض

"لقد أساءَت فتاتُك إلى مدينَتي وقالَت بِأنك تستطيع تدميرَها، أتساءَل.. كيف ستقوم بِتعويضِنا الآن ؟"

ابتسم شوفين وقال بِهدوء

"وإن لم أفعل ؟"

تغيّرت تعابير الشباب الثلاثة و بدأوا يفكرون في مَن قد يكون شوفين هذا، لأنه كان يبدو مرتاحاً وليس وكأنه خائف منهم، ما يعني بأنه يملك خلفيةً تجعلُه واثقاً منَ النجاة مِن تنمُّرِهم وفي هذه اللحظة قال مدير متجر الجواهر الثلاث

"السيد شوفين ضيفٌ مُميّز لدى متجر الجواهر الثلاث"

نظر إليه الحاكم باستغرابٍ ثم قال للشباب الثلاثة

"اليوم يوم مسابقة وليس يوم قتال، يُمكِنكم حلّ ما بينكُم مِن خصوماتٍ بالطريقة التقليدية"

ضحِك الشاب الجميل وقال بِفخر

"لِماذا لا نتبارى نحن الأربعة ونرى من سيربَح أكثر مِن خِلال فتح محار الحظ الناري ؟"

عبس الشاب الثلاثيني والشاب بالأبيض لِأن الشاب الجميل يعتمِد على السيد شِرمان، إلا أنهما لم يعترِضا ما داموا سيُلقِّنون شوفين درساً جيداً، كما أن حظوظَهما ليسَت أضعف بِكثير من حظوظ الشاب الجميل بِسبب امتِلاكِهما للكثير من الأموال، لذلك قال الشاب بِالأبيض

"ومَن يفوز.. سيُرافِق هذه الفتاة الجميلة لِباقي اليوم"

هزّ شوفين رأسَه ثم قال

"امرأتي ليسَت للرّهان، لكن.. إذا كُنتم مُصِرّين جداًّ فماذا عن الرهان مُقابل عشرة آلاف حجر بُنّي ؟"

اهتزّ الشباب الثلاثة وصرخ الشاب بِالأبيض

"لا تُبالِغ كثيراً، مِن أين لك بِعشرة آلاف حجر بُنّي ؟"

نظر شوفين نحو مُدير متجر الجواهر الثلاث ثم قال

"لدي الكثير من الأموال عند متجر الجواهر الثلاث"

نظر الجميع نحو المدير فقال

"نعم، أنا أضمن هذا المبلغ"

تغيّرَت وجوه الشباب الثلاثة لأنهم بالكاد يملِكون تحت المائة حجر بُنّي، صمَت الثلاثة وبدأَت الدماء تغلي في أجسادِهم من الحرج، ضحِك شوفين وسخِر منهم

"مجموعة من الفقراء تُريد أخذَ امرأتي ؟
أنتم لا تستحقّون حتى الحديث معي"

قال هذا ثم بدأ يبتعِد منهم، وكانت سويكا تتبعُه بابتسامة واسِعة لأنه لم يخذُلها، وقبل أن يبتعِد.. قفز خمسينيٌّ من المنصة ووَقف بالقُرب من الشاب الجميل ثم قال

"صديقي الصغير يقبل تحدّيك، وأنا سأكون الخبير الذي يختار له المحار"

نظر الجميع إلى الخمسيني لِأنه كان السيد شرمان الشهير، توقّف شوفين واستدار دون قول أي شيءٍ وإنما نظر إلى الشاب بِالأبيض والثلاثيني ثم قال

"وماذا عنكما ؟"

عبس السيد شرمان لِأن شوفين لم يهتم له، لكنه كتم غضبه ونظر نحو الجالسين على المنصّة، ضحِك الحاكِم وقال

"كيف لا نُشارِك في مثل هذا النشاط الرائع ؟"

ابتسَم الشاب بِالأبيض وقال بِاحترام

"شكراً لك يا صاحب الجلالة"

عبس شيخٌ آخر من إحدى العشائر وقال وكأنه مُرغَم

"نحن أيضاً"

وكان هذا شيخ العشيرة التي ينتمي إليها الثلاثيني، ابتسم شوفين ثم نظر إلى مُدير متجر الجواهر الثلاث وقال له

"أنا لا أعرِف أحداً هنا، فهل سيضمن متجر الجواهر الثلاث جَمع أموالي منهم ؟"

عبس الثلاثة عندما لجأ شوفين إلى متجر الجواهر الثلاث لأنهم لن يستطيعوا التراجُع الآن، كما أنه كان يتحدّث عن مالِه وكأنه قد ربِح بالفِعل، نظر مُدير متجر الجواهر الثلاث نحو الثلاثة ولم يعترِضوا فقال

"نعم، سنهتمّ بِجمع أموالِك إذا ربِحت، وإذا خسِرتَ فسنقتطِع المبلغ مِن أموالِك"

أومأ شوفين ولم يعترِض، نظر إلى الشباب الثلاثة وقال

"هل نبدأ ؟"

وفي هذه اللحظة.. سمِع الجميع صوتاً من الجمهور يقول

"سأشترِك أنا أيضاً"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. مَن يكون هذا الوافد الجديد ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/01/31 · 525 مشاهدة · 1000 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024