115 - عبيد الذهب السائل

"سأشترِك أنا أيضاً"

نظر الجميع نحو المُتحدّث وكان أربعينياً يلبِس رداءً ذهبياً ويُمسِك في يدِه عصاً ذهبية، كان يبدو عليه البذخُ مِن منظرِه وكأنه ملِك عظيم، وكان قد نزل مِن عربةٍ طائرة مركونة على الجانِب لذلك لم ينتبِه له أحد، عبس مُدير الجواهر الثلاث وقال

"السيد راصان، لم أتوقّع بِأن يزورَنا أحد مسؤولي عبيد الذهب السائل"

يُعتبر عبيد الذهب السائل مشروعاً تِجارياً مُوازِياً لِمتاجر الجواهر الثلاث، لذلك تعرّف عليه المدير بينما استغرَب جميع الكِبار لأن عبيد الذهب السائل لم يتعاملوا مع مدينتِهم مِن قبل، ضحِك الأربعيني وقال

"أنا أتجوّل فقط يا سيد سميتو، ولا أنوي التدخّل في شؤونِكم الخاصة"

كان يتحدّث بينما يتقدّم حتى وصل إليهِم ونظر إلى شوفين ثم قال

"إذن فهذا هو السيد شوفين الشهير، سأكون سعيداً جداً إذا شرّفتني بِزيارة مركزِنا التجاري، أنا واثقٌ بأن لدينا بعض العروض الرائعة لأجلِك"

اهتزّ المدير سميتو لِأن راصان يُحاوِل أخذ أحد عُملائه المهمّين، لكنّه لم يستطِع قول أي شيء لأن هذا الأمر يتعلّق بِشوفين، ابتسم شوفين وقال

"لماذا لم تبيعوا ذلك الكتاب بعد ؟"

ارتجَف راصان وقطّب حاجِبَيه وهو ينظُر إلى شوفين بِصدمة، نظر شوفين نحو العربة ثم قال

"لماذا لا تدعو صديقَنا المُشترك للنزول ؟"

زادت قوة استشعار شوفين كثيراً بعد تطوّر قِواه الروحية، لذلك استطاع معرِفة الشخص المُختبئ في العربة، طأطأ راصان رأسه ثم أشار نحو العربة فنزل منها شيخٌ كبير، اقترَب منهم ونظر نحو شوفين ثم قال بابتسامة مُحرَجة

"لقد مرّ وقتٌ طويل.. سيد شوفين"

لوى شوفين فمَه لِأن هذا الشيخ كان ذلك الشيخ الأكبر من متجر أعلى جبل من جزر سمهريا، وكان في مهمّةٍ لِبيع كتاب التاريخ المجيد، لكن شيئاً ما قد منع عبيد الذهب السائل من بيعِه لِحدّ الآن.

لم يهتمّ شوفين بِهذا الشيخ وإنما نظر نحو راصان وسأله

"هل ترغَب بِالمشاركة معنا في الرهان ؟"

أومأ راصان بِرأسه ثم نظر نحو الحاكِم والمدير سميتو وقال

"لدي فِكرة ستجعل النشاط أكثر روعة، وفي نفس الوقت.. ستزداد أرباحكُم من بيع المحار"

اتّسعت عينا الحاكِم وقال

"إذا كانت لا تُخالِف تقاليدنا فلا بأس بها"

قال راصان

"اقتراحي هو أن يكون الرهان مفتوحاً للجميع، ومن يربَح يكسِب كلّ شيء مِن أموال المُراهنة إلى الأغراض التي وجدَها المُراهِنون الخاسِرون، ولا يهمّ كم تملِك من المال، ما دُمتَ تملِك أقلّ مِن خمس محاراتٍ وحجراً بُنياً واحداً أو ما يُعادِله من الأحجار الأدنى فأنت تملِك الحق في المشاركة، وإذا كُنتَ ستُشارِك بِأكثر من خمس محاراتٍ فسيُضاعف مبلغ الرهان خمس مرّات، بِمعنى.. أن المشارِك بِخمس محاراتٍ أو أقل.. يُراهِن بِحجرٍ بُنّي واحد فقط، والمشارِك بِما بين ستة إلى عشر محاراتٍ يُراهِن بِخمسة أحجار، والمشارِك بِما بين أحد عشر إلى خمسة عشر محارةً يُراهِن بِخمسة وعشرين حجراً، وبِما بين ستة عشر إلى عشرين محارةً.. يُراهِن بِمائة وخمسة وعشرين، وهكذا.."

للتبسيط:
1~5 🐚 = 1 💎
6~10 🐚 = 5 💎
11~15 🐚 = 25 💎
16~20 🐚 = 225 💎
21~25 🐚 = 625 💎
26~30 🐚 = 3125 💎
31~35 🐚 = 15625 💎

كان راصان يتحدّث بِصوتٍ مُرتفِع وهو ينظُر للمُشارِكين الفقراء، وعندما لاحظ بِأن الفِكرة قد أعجبتهُم.. قال

"مع أن المُراهِن بِحجرٍ واحدٍ قد يربح كل شيءٍ إلا أنه يحتاج إلى حظٍّ عظيم حتى يربح باستخدام خمس محاراتٍ فقط، وبهذه الطريقة سيكون هناك نوعٌ من التوازُن بين الحظّ والخسارة"

تهلّلت وجوه الفقراء والتجّار لِأنهم الأكثر استفادة، وخسارةُ حجرٍ واحدٍ فقط ليس بالشيء الكبير، لذلك بدأ الجميع يصرخون على الحاكِم ويُنادونه لِقبول هذه الطريقة، نظر الحاكِم نحو المدير سميتو ثم أعاد نظرَه نحوَهم وقال

"سنحرِص على تنظيم عملية البيع وتسجيل الرهانات، يُمكِنكم البدء باختيار المحار أولاً ريثما نُجهّز منصّة مُناسِبة للحدث"

كانت هذه الفِكرة جيدةً للحاكِم حتى أنه بدأ يُفكّر في تطبيقِها كل سنة، لذلك كان نشيطاً وهو يأمر أتباعَه لِبناء منصةٍ واسعة يستطيع الجميع رؤية ما يحدُث عليها، وأمر خُبراء فتح المحار بِتجهيز أنفُسِهم لاستقبال الطلبات فوق المنصّة، وفي هذا الوقت.. نظر راصان نحو شِرمان وقال

"تجهّز يا شِرمان، سأتغلّب عليك هذه المرّة أيضاً"

وسسسسسس~

ساد الصمت فجأة في الساحة عندما قال راصان هذا، هل خسِر السيد شرمان لِصالِح راصان من قبل ؟

ابتسم شرمان ولم يقُل شيئاً وإنما نزل من المنصة واتّجه إلى الطاوِلة التي تحتوي على أفضل أنواع المحار، استدار شوفين أيضاً وجرّ معه سويكا نحو الطاوِلات، إلا أنه اختار البحث بين أرخص أنواع المحار، وبِطريقة غريبة.. كان يمرّ على الطاوِلات ويأخُذ محارةً أو اثنتَين بِطريقة عشوائية ثم يرمي حجراً بُنّياً على صاحِبها رغم أن هذا النوع من المحار هو الأرخص، وسِعرُه يصِل بالكاد إلى بِضعة أحجارٍ بُرتقالية، وكان شوفين يتخطّى أحياناً بِضع طاوِلاتٍ حتى يستأنِف الاختيار، استغرَب منه الجميع واعتقدوا بِأنه يختار عشوائياً، إلا سويكا التي كانت واثقة بأنه يعلم ما الذي يفعلُه وأنه بالتأكيد يملِك طريقة جيدة للاختيار.

أثناء ذلك.. سمِع شوفين نداءً من الخلف

"سيد شوفين، لقد التقَينا مرّة أخرى"

التفَت وابتسم عندما رأى ذلك الشاب العشريني الذي دخل معه إلى المدينة قبل أيام، وكان الشاب قد سمِع اسم شوفين فناداه به، وخلفه.. كان ذلك الخبير الذي استأجرَه، ابتسَم شوفين وقال

"هل اخترتَ شيئاً أم ليس بعد ؟"

ابتسم الشاب بِخجل وقال

"ليس بعد، لا زِلنا نبحث عن بعض الفُرص"

نطق الخبير الذي كان معه لِأول مرة

"دعني أختار لك بعضها سيد شوفين، وستكون فُرصُك بِالتأكيد أفضل من الاختيار العشوائي"

ابتسم شوفين من هذا الانتهازي الذي يُريد استغلالَه، لم يُجِبه وإنما أخرَج ثلاث محاراتٍ وأعطاها إلى الشاب العشريني ثم قال له

"لا تُشارِك في الرهان، اِفتح هذه وقد تجِد فيها بعض الأغراض الجيدة"

قال هذا ثم استدار وغادر، عبس الخبير وقال باستهجان

"هل يعتقِد بأن الأغراض الجيدة سهلة الإيجاد ؟"

نظر الشاب في المحارات الثلاث لِبعض الوقت ثم قال

"لا أعتقِد بأن السيد شوفين كان يختار عشوائياً، دعنا نفتح هذه المحارات ونرى"

أمسَك الخبيرُ إحداها وكان يملِك بعض الخِبرة في فتح المحار أيضاً، أخرج سكيناً مِن حِزامِه ثم بدأ يشقّها بِهدوء، وبعد ثلاث دقائق.. تغيّر لونُه وقال بِعبوس

"إنها مليئةحقاً، وفيها غرضٌ جيد أيضاً"

أنهى فتحَها فظهر أمامهُما رأس سهمٍ قديم، وكان يملِك هالةً جيدة توحي بِأنه كان جزءً من سلاح ملكي، ومع أنه قد فقدَ الكثير من هالتِه الأصلية إلا أنه غرضٌ مُفيد لِأسياد الصقل، ويُمكِن بيعُه بِثمنٍ جيد، ابتسم الشاب بِسعادةٍ لِأن هذا السهم وحدَه سيجعلُه يسترجِع خسائرَه ويتبقى معه مبلغٌ مُحترم، أخرج المحارتَين وقام الخبير بِفتحِهما قبل أن يُصاب بِالحسد والغيرة لأنهما كانتا مليئتَين أيضاً وفيهما غرضان جيّدان، رمى الأغراض على الشاب ثم غادر نحو الطاوِلات وهو يقول

"دعنا نفترِق هُنا، سأقوم بِتجربة حظّي أيضاً"

...

انتهى شوفين من الطاوِلات التي تحتوي على المحار العادي وكان قد اختار أكثر من ثلاثين محارة، اتّجه نحو الطاوِلات المتوسّطة واختار منها خمسةً فقط، وأخيراً.. اتّجه نحو الطاوِلة الوحيدة التي عليها محارٌ مُميّز وأسعارُه غالية، بدأ يبحث كالعادة باستخدام قدراتِه الروحية عبر عينَيه حيث صار إدراكُه أكبر بِكثيرٍ من السابق بعد ترقية روحِه إلى اللون الأصفر، بحث بين المحارات واختار منها واحِدةً فقط، دفع ثمنَها ثم استدار تحت استغراب سويكا، قادها إلى المنصة الرئيسية دون أن يشرح لها فسألَته

"لِماذا اخترتَ واحدة فقط من المحارات المُصنّفة في الدرجة العُليا ؟"

ابتسم وقال

"لأني حصلتُ على أفضل مِنها بِكثير من الطاوِلات الأخرى، وإحداها.. هيهيهي.. ستجعَل الجميع يختنِقون من الحسد"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. ما هو الغرض الذي سيجعل الآخرين يختنِقون من الحسد ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/02/01 · 552 مشاهدة · 1134 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024