117 - تهديد مع ابتسامة واسعة

"نبدأ المزاد من ألف حجر بُنّي"

ضجّت الساحة بِالنقاشات على الفور بعد تصريح شوفين

"يضمَن بأن إحدى هذه المحارات هي الرابحة ويُريد بيعها ؟"

"سيبيع واحدةً من الثلاث محارات بِشكل عشوائي ؟"

"قال بِأن الفائز في المزاد يستطيع اختيار واحدةٍ من الثلاث محارات، وإذا كان محظوظاً فسيربح المراهنة وكل الرهانات الأخرى، أليسَت هذه مقامرة جريئةً منه ؟"

نظر شوفين نحو المدير سميتو وسأله

"هل ترغب بإدارة مزادٍ مُصغّر ؟"

هزّ المدير سميتو رأسه وقال

"هذه مجرّد مُزايدة صغيرة ولا تحتاج إلى إدارة، كما أني أرغَب بِالمزايدة أيضاً ما دُمتَ ستُتيح لنا فحص المحارات الثلاث والاختيار بينها"

أومأ شوفين وقال

"بالتأكيد.. سأسمَح بِمدّة ربع ساعة لِفحص المحارات الثلاث للشخص الذي يربَح المزاد"

قال المدير سميتو

"حينها.. سأرعى الأمور المالية للمزاد ضماناً لِحقوق الجميع، لكني كما قُلت.. سأشارك أيضاً، وأوّل مُزايدةٍ منّي هي ألف ومائة حجر بُنّي"

تحرّك الجميع عندما رأوا المدير سيتو يُشارِك أولاً، ما يعني بِأن عرض شوفين قد جذَب وحش مالٍ مِثله، وبالطبع.. لن يبقى راصان على الجانِب حيث قال

"ألف وخمسمائة حجر بُنّي"

عبس الحاكِم ونظر نحو أحد الشيوخ فقال

"ألف وستمائة حجر بُنّي"

انطلقَت بعدها المُزايدات مِن كِبار الشخصيات

"ألف وسبعمائة حجر بُنّي"

"ألف وتسعمائة حجر بُنّي"

...

بعد بِضع دقائق.. وصلَت المُزايدة إلى أربعة آلاف حجر بُنّي، وبدأ المُزايِدون يتناقصون حتى لم يبقَ غير المدير سميتو وراصان والحاكِم، وبعد مُزايداتٍ مُتكاسِلة.. وقفَت المُزايدة على الحاكِم الذي دفع تسعة آلاف حجر بُنّي، تراجع المُدير سميتو لِأنه لا يُزايِد بأموال المتجر وإنما بأموالِه الخاصة، لذلك لم يستطِع المُقامرة بِملبغٍ كبير مُقابِل مُجرّد ضربة حظ، أما راصان فقد كان خائفاً مِن مَكر شوفين، لذلك لم يُرِد أن يصير أضحوكةً أمام الجميع.

انتهى المزاد فقال شوفين للحاكِم

"أتمنى أن تختار بين الثلاثة، لكنك لا تستطيع فتحَها حتى ينتهي المزاد"

اتّسعَت أعيُن الجميع ولَم يفهَموه لأن المزاد كان قد انتهى بالفِعل، إلا أن شوفين قال بِصوتٍ هادئ

"سأبيع محارةً أخرى وأترُك معي واحِدة فقط"

تنهّد المدير سميتو لأن شوفين كان وحش مالٍ أكثر مكراً حتى مِنه هو، وهذا ما حدث بالفِعل حيث أرسل الحاكِم خُبراءَه واختاروا إحدى المحارات بعد وقتٍ طويل من الاستشعار والتقيِيم، لكنهم تركوا المحارة على الطاوِلة حتى ينتهي المزاد كما طلب شوفين، وبعد نِصف ساعةٍ كان قد باع الثانية لِراصان بِأكثر من خمسة آلاف حجر بُنّي، وسبب مُزايدة راصان عليها لأنه رأى المحارة التي اختارَها خُبراء الحاكِم واعتقدَ بأنهُم قد أخطؤوا في الاختيار، لذلك حصل على التي كان يُريدها بِمبلغٍ أقل مِن التي يراها خِياراً غبياً.

أخيراً.. أخذ راصان محارتَه وخُبراءُ الحاكِم محارتهُم بينما رفَع شوفين محارتَه الخاصة بِخيوط النور وبقِيَت تطفو أمام أعيُن الجميع، وفي هذه الأثناء.. كانت تعابير شوفين جامِدةً دون ابتسامةٍ أو عبوس، لذلك لم يستطِع أحدٌ أن يعرِف ما الذي يُفكّر فيه أو إذا ما كان يعلم من هو الفائز بين الثلاثة مِنهم، نظر نحو الاثنَين وقال

"إحدى هذه المحارات تحتوي على غرضٍ سيرغَب به الأقوياء والأغنياء، حتى العشائر العظيمة ستفعَل المُستحيل حتى تحصُل عليه، وإذا كان كلامي خاطئاً فسأُرجِع لكم أموالكم"

ساد الصمت لِبعض الوقت قبل أن يبدأ راصان فتح محارتِه بِحذرٍ شديد، وبعد بِضع دقائق.. وصل إلى لُبِّها وعبس بشِدّةٍ قبل أن يصيح

"كيف.. كيف يُعقل هذا ؟"

نظر الجميع إلى المحارة المفتوحة وكانَت فارِغة تماماً، لكن الغريب هو أن وسطَها كانت فيه علامة غرضٍ مطبوع بِسبب الضغط، وهذا الأثر يظهَر عندما يتم إخراج الغرض، ولو كانت فارِغة لما كان فيها مثل هذا القالب الفارِغ، فهل قام أحدُهم بِسحبِه بِطريقة ما ؟

عبس راصان وبدأ ينظُر نحو شوفين بِنظرات الاتّهام، لكنّه لا يستطيع اتّهامَه بأي شيءٍ دون دليل، لذلك ابتلَع غيظَه وقرّر ترك الأمور إلى ما بعد المُسابقة، نظر نحو خُبراء الحاكِم وكان أحدُهم قد بدأ يفتح المحارة، وبعد دقائق.. اسودّ وجه الحاكِم والخُبراء ونظر الجميع نحو شوفين الهادئ، وذلك لأن المحارة كانت فارِغةً أيضاً وبِنفس الطريقة، ومع أنهم لا يعلمون بأن شوفين قد اخترَق المحارات بِخيوط النور وأخذ مُحتوياتِها إلا أنهم صاروا مُتأكّدين بِأنه يخدعُهم، عبس الحاكِم وقال بِنبرة الاتّهام

"ما الذي يحدُث هُنا.. سيد شوفين ؟"

التفَت إليه شوفين وقال بِهدوء

"ما قصدُك ؟"

قال الحاكِم

"نحن نُتاجِر بِمحار الحظ الناري منذ آلاف السنين ورأينا منهُ الكثير من العجائب والغرائب، ومع ذلك.. هذه هي أول مرّة نسمع فيها عن شيءٍ مثل هذا، فالمحارة إما تكون فارِغةً دون أثرٍ للغرض وإما تكون مملوءة، لكن المحارتان كانتا فارِغتَين مع آثارِ الأغراض التي كانت داخِلها، ما يعني بِأن أحدهُم قد سحب الأغراض مِنها بِطريقة ما"

ابتسم شوفين وقال بِهدوء ودون أن تطرَف له عين

"بِما أنكم خُبراء في المحار فيجِب أن تعلموا بأنه مجال الحظ، ومع كل محارةٍ جديدة تتعلّم شيئاً جديداً، مثلاً.. هل يستطيع أحدُكم إخباري عن مُحتويات محارتي هذه ؟"

رفع المحارة الأخيرة وسألهم، صمت الجميع فسألهم مرّة أخرى

"هل يستطيع أحدُكم إخراج ما بِداخِلها دون فتحِها ؟"

صمت الجميع مرة أخرى، ابتسم أخيراً ثم قال

"كما قُلتُ سابقاً فإن عالم المحار واسعٌ جداً، مثلاً.. هذه المحارة ستجعلُكم تتعلّمون درساً جديداً في عالم المحار"

قال هذا ثم فتحها فظهر حجرٌ عادي داخلِها، ولو كان شخصاً آخر لربما اعتقدَ بأن المحارة فارِغة وأن هذا الحجر قد التصق بِها فقط، رفعَه شوفين وضخّ طاقتهُ فيه فإذا بِهالةٍ قوية تتشكّل وتنمو مِثل مخلوق عظيم، وفي جُزءٍ من الثانية.. ظهر شيخٌ عجوز على شكل صورة ضبابية عملاقة مثل النسخة الروحية التي تركَتها أجريس خلفها، لكن هذه الصورة كانت تحمِل قوّة هجومية وليس قوّة روحية مثل نسخة أجريس، فتح الشيخ العجوز عينَيه ونظر من الأعلى نحو الجميع قبل أن يُطلِق هالة قوية دون قول كلِمة واحِدة، سُحِق الجميع تقريباً تحت هذه الهالة وصاح أحد الشيوخ الكِبار

"مرحلة الفراغ ... إنها تميمة النجاة"

ابتسم شوفين ثم سحَب الشخصية فاختفَت الهالة، نظر نحو الجميع وقال

"هذه تميمة النجاة الخاصة بِأحد مُقاتلي مرحلة الفراغ وتستطيع تدمير مدينة كبيرة، ربما كان قد تركَها لِأهلِه فضاعَت في البراري واستولَت عليها هذه المحارة، أعتقِد بأني الفائز في مسابقة الرهان، أليس كذلك ؟"

صمت الجميع ولم يُجيبوه لأن امتلاك تميمة النجاة التي تركها مُقاتِلٌ من مرحلة الفراغ يعني بأن شوفين يملِك سلاحاً يُهدّد بِه أقوى أقوياء القارة، لذلك لم يجرؤوا على إظهار أي شيءٍ قد يُزعِجُه، نظر شوفين نحو الحاكِم ثم قال

"هل لديك أي اعتراض يا صاحِب الجلالة ؟"

قهقه الحاكِم ثم قال رغماً عنه

"اعتراض ؟
يبدو بأن السيد شوفين يُحب المزاح، بالتأكيد.. أنت الرابِح في هذه المُسابقة"

استدار شوفين نحو راصان فعبَس هذا الأخير واستدار مُباشرة وهو يقول

"لا تعتمِد على حظّك كثيراً يا صغير"

قال هذا ثم غادر مع الشيخ الأول لِمتجر أعلى جبل، ركِبا العربة الطائرة ثم غادرا على الفور، لم يهتم بهِما شوفين وإنما نظر نحو المُدير سميتو وقال له

"سأبقى في منزلي لِبعض الوقت، أتمنى أن تبيع جميع هذه الأغراض وتجمعَها مع أموالي"

أمسك يد سويكا وغادر معها دون أن يُضيف أي كلِمة أخرى، وكان قد سرق أموال الجميع دون قِتال، بل وقد هدّدهم مع ابتسامةٍ واسعة دون أن يجرؤوا على اعتِراضه.

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. كيف ستتَعامل العشائر الخمس العُظمى مع خبر امتلاك شوفين لِتميمة النجاة ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/02/01 · 484 مشاهدة · 1100 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024