118 - كيف يبدو السفّاح ؟

"سأبقى في منزلي لِبضعة أيام، أتمنى أن تبيع جميع هذه الأغراض وتجمعَها مع أموالي"

عاد شوفين إلى منزِله ودخل في عزلة جديدة لإكمال صقل قِواه الروحية وتثبيت عملية دعم وعائِه وخطوطِه الزوالية بعد أن كان قد دمج معها الزئبق الأخضر، وذلك لِأنه كان قد توقّف اضطرارياً عن التدريب بِسبب سويكا، ليس لِأنه كان خائفاً عليها وإنما كان قلقاً مِن حجم الضجة التي ستُحدِثها إذا لم يتدخل.

بقِي في عُزلةٍ لِأكثر من عشرة أيام، وكانت سويكا تردّ كل زوارِه الذين أرادوا إقامة علاقة طيبة معه، وعلى رأسِهم حاكم المدينة الذي أحضر عدة حراس أقوياء وجعلَهم يحرسون منزِل شوفين خوفاً مِن أن يتم إزعاجُه، لِأنه لا يرغب أن يحدث أمرٌ ما ويُضطر شوفين إلى استخدام تميمة النجاة فيدمر المدينة ولو عن غير قصد.

خلال عُزلته.. قام شوفين بِمواصلة صقل القوى الروحية التي تركتها له أجريس، فمَع أنها قد اندمَجت مع شُعلتِه الروحية إلا أنها لا تزال غير متناسقة مع قوتِه الروحية الخاصة، وسيحتاج الأمر لبعض الوقت حتى تختفي بَصمة أجريس نهائياً.

من جهةٍ أخرى.. كان وريدُه الروحي قد تحوّل إلى وريدٍ شبه أصفر، وصار يستطيع سحب طاقةٍ ضخمة منه واستخدامِها مباشرة وكأنها قادِمة من وعائِه، وهذا بِسبب تعزيز وتوسيع وعائِه وخطوطِه الزوالية بِاستخدام الزئبق الأخضر، ما جعلَه يستطيع شنّ هجماتٍ قوية جداً مقارنة بِمستوى تدريبِه، كما حصل على خاصيةٍ أخرى لا يحصُل عليها حتى مُتدربوا مرحلة الفراغ.

خرَج من تدريبِه واتّجه إلى وسط منزِله ثم ضخَّ بعض الطاقة من قدمَيه وبعض أعضاء جسدِه فبدأ يرتفع في الهواء، وكانت هذه هي الخاصية الجانبية التي منحَتها له عملية دمج الزئبق الأخضر، وفي العادةِ لا يستطيع حتى متدربوا مرحلة الفراغ الطيران بسبب القيود على كمية ومرونة الطاقة التي يستطيعون إخراجَها من أجسادِهم، ولا يطير المتدربون إلا بعد عدة مراحل تدريبية أخرى فوق مرحلة الفراغ حيث تكون أجسادُهم وخطوطهم الزوالية مرِنة وتستطيع استحمال ضغط ضخّ الطاقة بِكثافة عالية.

أخذ معه سويكا وذهب إلى متجر الجواهر الثلاث لِأن المُدير كان قد أرسَل خبراً بِأنه قد جمع أموال شوفين كلّها، وصل إلى المُدير وأخذَ أموالَه ثم قال له المدير سميتو

"أتَتنا اتصالاتٌ كثيرة من المركز يسألون عن تميمة النجاة لِأن العشائر الخمسة تُريد الحصول عليها، هل تُريد مِن مَتجر الجواهر الثلاث تنظيم مزادٍ عالمي ودعوَة العشائر الكُبرى إليه ؟"

هزّ رأسَه ورفض بِدون تفكير

"ليست للبيع"

قال هذا ثم استدار وهمَّ بِالمُغادرة، طأطأ المدير سميتو رأسَه بِحُزنٍ رغم أنه كان قد توقّع شيئاً مثل هذا لِأن التميمة غرضٌ لا يُمكِن التخلّي عنه بِبساطة، لذلك قال قبل أن يخرُج شوفين

"وماذا عن ذلك القرص العظمي التابِع لِآثار تيرامورا ؟"

أخرجَه شوفين وتصفّحه ثم استدار نحو المدير سميتو وسأله

"هذا يبدو وكأنه جزءٌ من مِفتاحٍ قديم، هل تعلم ما هو ؟"

عبس سميتو لِأن شوفين لَم يمنَحه فُرصةً للتحايُل عليه، تنهّد وقال

"هذا الشيء مطلوبٌ عِند البعض أكثر من تميمة النجاة، لأنه جزءٌ من سبعة أجزاء مِن مفتاح آثار تيرامورا في وسط القارة، وهي آثار قديمة لا أحد يعلم ما يوجد فيها، لكن الجميع يعلمون بِأنه أمرٌ قيِّم بِسبب نُدرة الكنوز التي تمّ استِخراجُها من المحيط الخارجي للبوابة، لكن المفاتيح السبعة قد اختفَت منذ وقتٍ طويل ولا أحد يعلم مع مَن توجد"

سأل شوفين باستغراب

"ولماذا هو مهمّ بِما أن باقي المفاتيح ضائعة ؟"

قال سميتو

"هي ليسَت ضائعة، نحن فقط لا نعرِف مَن يملِكُها"

قطّب شوفين جبينَه وكأنه لم يفهَم فشرح سميتو

"مع أن المفاتيح الأخرى ضائعة إلا أن بوابة تيرامورا قد ظهرَت عليها أضواءٌ غريبة، وكانت هذه الأضواء تزداد كل بِضعة آلاف من السنين، وقبل ألف سنة.. تم إضاءة الضوء السادِس، لذلك اعتقدَ البعض بِأن الأضواء تُشير إلى عدد المفاتيح التي صار لها مالِك"

صمت قليلاً ثم قال

"لكن الضوء السابِع لم يظهر لِحدّ الآن مَع أنك قد صِرتَ مالِكاً للمفتاح السابِـع"

عبس شوفين قليلاً قبل أن يُغلق عينَيه ويبدأ بِتصفّح المفتاح باستخدام قوّتِه الروحية، وأخيراً.. ابتسم وقال

"هذا سهل"

جرَح أصبُعه وأخرَج قطرةً من الدماء ثم وضعَها فوق القرص العظمي، وفجأة.. خرج منه ضوءٌ قوي وطار بعيداً في السماء، ابتسَم شوفين وقال

"أخبِر الجميع بِأن المِفتاح السابع مع شوفين مِن طائفة العقل الأرجح، وأني أُرغب بِفتح البوابة مع الجميع"

اتّسعَت عينا المدير سميتو لِأنه اعتقدَ بِأن شوفين كان يكذِب على العشائر الأخرى عندما كان يُخبِرهم بِأنه من طائفة العقل الأرجح، لكن الأمر ليس كذلك كما يبدو، لذلك قال باحترامٍ أكثر من السابق

"حسناً، سأحرِص على تنفيذ هذه المهمة بِكل تأكيد"

ودّعه شوفين ثم خرج من المبنى ونظر نحو سويكا قليلاً قبل أن يسألها

"هل جرّبتِ الطيران بِحزام الطيران الخاص بِك خارِج العالم الفراغي ؟"

هزّت رأسَها بالنّفي فقال

"حسناً، سنطير دون استِخدام الطيارة، أنا أيضاً أرغب بِتجرِبة مهارة الطيران التي حصلتُ عليها حديثاً"

اتّسعَت عيناها وقالت باستغراب

"مهارة الطيران ؟"

ابتسَم وقال

"جميع المُتدرّبين يستطيعون الطيران عندما يتقدّمون في تدريبِهم، ستفعلِينها أنتِ أيضاً يوماً ما"

نظر نحو الأعلى وركّز طاقتَه تحت قدمَيه ثم ارتفع بِسرعة كبيرة حتى وصل إلى ارتفاعٍ كبير، نظر نحو الأراضي الوسطى ثم غيّر اتّجاه الطاقة الدافِعة وانطلق بِشكلٍ أفقى، نظرَت إليه سويكا قليلاً ثم أخرجَت أجنِحة الطاقة من حِزامِها وفعَّلت مصفوفة الرياح قبل أن تلحقَ به، وكانَت أسرع مِنه في الوقت الحالي لذلك قلّلت مِن سُرعتِها وهي تطير بِجانِبه، وكان الناس ينظرون إليهِما من الأسفل باستغرابٍ حتى خرجا من المدينة نحو البراري.

أثناء طيرانِهما.. جرّب الاثنان عدّة وضعِياتٍ مثل المناورة وتغيِير السرعة وغيرِها من حركات الطيران، وكان شوفين يُركّز على مهارتِه الجديدة بينما كانَت سويكا تتأقلَم مع حِزام الطيران الذي كان لديه جناحان رقيقان جعَلاها تبدو مثل الجنّية، وأثناء ذلك.. ابتسم شوفين وقال

"لدينا صُحبة"

نظرَت سويكا خلفها فقال لها

"إنهم بعيدون جداً، يُريدون إمساكَنا عندما نكون بعيداً عن السكان، زيدي سُرعتَك واتبعيني"

زاد الاثنان سرعتهما حتى توغّلا في البراري، وبعد نِصف ساعةٍ من الطيران.. توقّف شوفين وسويكا وتظاهرا بالمشي وكأنهما لا يعلمان بالذين يتبعونَهما، وبعد دقائق معدودة.. بدأت العرَبات الطائرة بِالوصول وخرَج منها العديد من المقاتلين الأقوياء في قمّة مرحلة المجال، وكانوا ينتظرون خروج شوفين لِعدّة أيامٍ في المدينة لذلك لن يُفوتوا فرصة الإمساك به بِسهولة، وبسبب دهائِهم فقد أحاطوه من كل جانبٍ حتى لا يُصابوا جميعاً بِهجومِه في حال استخدم تميمة النجاة.

صرخ أحدُهم بِأعلى صوتِه

"سلِّم تميمة النجاة وجميع كنوزِك وسندعُك تذهب، نحن لا نُريد قتلكما أو اعتقالَكما"

نظر شوفين إلى الجميع بِنظراتٍ هادئة بينما تغيّرت تعابير سويكا قليلاً وهي تسأل

"هل سنُقاتِل هؤلاء جميعاً ؟"

مع أنها تعرِف بِأن شوفين قوي إلا أن عدد الأقوياء هذه المرة كان يزيد على المائتَين، ابتسم شوفين وقال

"هل تعرفين كيف يبدو السفّاح ؟"

ارتفع حاجِبا سويكا وقالت باستغراب

"أليس هذا ما كُنتَ تُعلّمُه لي في البراري ؟"

ضحِك وقال

"لا، ذلك يُسمّى فُتوّة وتنمّر، أما السفّاح فهو شخصٌ لا يجِب العبث معه"

تغيّرَت هالة شوفين فجأةً وبدأَت تخرُج طاقة الظلام مِن جسدِه وكانت خليطاً بين الظلام العادي والطاقة الشيطانية المشؤومة، فرَد ذِراعَيه وكوّن مِخلبَين حادَّين مِن طاقة الظلام على يدَيه وكأنهما خِنجران طويلان، وفجأة.. بدأ جسدُه يندمِج مع طاقة الظلام حتى صار وكأنه مجرّد سراب، ضحِك عالياً ثم صرخ بِنبرة مجنونة

"اِفتحي عينَيك جيداً يا سويكا، اليوم.. سوف ترَين كيف يبدو السفّاح"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. هل يُخطّط لِجعل سويكا سفّاحة أيضاً ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/02/03 · 488 مشاهدة · 1119 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024