"هل ستمنح لي خرزة الحكمة الخاصة بِك أم آخذها بِنفسي ؟"

قال شوفين للصوت القديم دون أن يترُك له أي خيار، فجأة.. خرجَت كرةٌ من الضوء من جبهَة الجثة وبدأت تتشكّل حتى ظهرَت نُسخةٌ روحية تُشبِه أرفود، وكان صاحِبها رجلاً نحيلاً يلبِس ثياباً مُمزّقة، نظر نحو شوفين وقال له

"حتى إن أردتُ إعطاءَها لك فهي لن تُفيدَك يا زميل، لأنها ليسَت غرضاً يُمكِن تخزينُه، ولا يُمكِنك استيعابُها وصقلُها لأن قلبَك مُلطّخٌ بالدماء وليس نظيفاً"

قال شوفين مُبتسِماً

"إذن.. ما رأيُك أن ندَع النور المُقدّس يُقرّر ذلك مِن خلال مُبارزةٍ صالِحة ؟"

عبس الشبح الأبيض ونظر باستغرابٍ نحو شوفين لأنه ذكر شيئاً لا يجِب أن يعلم بِه سوى الحكماء، صمت طويلاً قبل أن يسأل

"هل السيد يعرِف أشخاصاً مِن مجلِس الحكمة ؟"

ضحِك شوفين وقال

"قصتي مع مجلِس الحِكمة تعود إلى زمنٍ قديم، وأنا أُريد زِيارتهُم في المُستقبل، لكني لا أعلم إن كان لا يزال الصغير إلكاي على قيد الحياة أم لا"

ارتجفَ الشبح الأبيض وصرخ من الرّعب

"هل تعرِف السلف العظيم إلكاي ؟"

أومأ شوفين وقال بابتسامة واسِعة

"هل لا يزال على قيد الحياة ؟
وماذا عن أينور.. هل لا تزال مع إلكاي ؟"

صمت الشبح طويلاً قبل أن يقول

"لا أدري ما هي أخبار مجلس الحكمة منذ سبعين ألف سنة، لكني تركتُ السلف العظيم رئيساً لِمجلس الحكمة، والسيدة أينور.. لا أدري أين هِي لأنها لم تكُن تظهر للأتباع العاديّين مِثلي"

ابتسم شوفين وقال

"إذن.. هل نترُك النور المُقدّس يُقرّر ؟"

عبس الشبح الأبيض طويلاً قبل أن يُخرِج كُرةً زجاجية شفّافة بِحجم الإبهام، نظر إليها ثم قال

"إذا كُنتَ تعتقِد بأنك تستطيع إجراء مُبارزة صالِحة.. فهذا يعني بأنك تستطيع تفعيل خرزة الحِكمة وإشعال أضوائها، أنا أستطيع إشعال ضوءٍ واحد فقط، والسيد إلكاي هو صاحِب أعلى سجلّ في استخدام الطاقة النورانية، وقد استطاع إشعال ثلاثة وسبعين ضوءاً، وإذا استطَعتَ أنت إشعال ضوئين أو أكثر فسوف أتخلى عن ملكية الخرزة لِصالحِك"

كان الشبح يتحدّث ويضخّ طاقتَه في الكرة الزجاجية حتى تكوّن ضوءٌ واحد خارِج الكرة، اختفى الضوء بِسرعةٍ قبل أن يمدّ الكرة الزجاجية نحو شوفين وهو يقول

"لا أعلم إن كُنتَ حقاً على علاقةٍ مع سلفِنا العظيم، لكني أُريد تذكيرَك بِأن استخدام خرزة الحكمة بِمثل قلبِك الآثِم قد يتسبّب في قتلِك"

ابتسم شوفين وأمسَك الكرة الزجاجة ثم بدأ يستشعِر طاقة النور المُخزّنة في داخلِها، وبعد ثوانٍ قليلة.. بدأت الطاقة النورانية تخرُج منها وتُشكّل ضوءً أقوى من الذي أخرجَه الشبح الأبيض، اتّسعَت عيناه عندما رأى مهارة شوفين في التعامُل مع النور المُقدّس، وقبل أن يُدرِك.. كان شوفين قد كوّن أكثر من عشرة أضواء، صاح الشبح بِصدمة

"كيف.. كيف هذا ؟"

في العادة.. لا يجِب أن يتحكّم أي شخصٍ في النور المُقدّس إلا إذا كان من أتباع مجلِس الحكمة، لكن شوفين لا يبدو بأنهم مِنهم، خاصة أن إنشاء أكثر من عشرة أضواء لا يفعلُه إلا القادة الفرعيّين على الأقل، ابتسم شوفين ثم بدأ صقل خرزة الحكمة دون استئذان الشبح الأبيض، وكان يُخزّن النور المُقدّس الموجود داخِلها في النصف النوراني مِن وِعائه، ومع أنه في العادة كان سيحتاج إلى طاقة ظلامية ثالِثة لِتحقيق التوازُن بين الطاقات النورانية والظلامية.. إلا أن هذا لم يعُد ضرورياً بعد دمج الزئبق الأخضر مع وِعائه، لذلك انتهى من صقل خرزة الحكمة في وقتٍ قياسي.

فتح الشبح الأبيض فمَه وقال وهو غير مُصدِّق

"كيف فعلتها ؟
هل أنت أحد القادة الفرعيّين ؟
لكن.. لماذا قلبُك.."

ضحِك شوفين وقال

"أنت لَم تفهَم دينَك جيداً، لكن وقت التعلّم قد فات، ومع ذلك.. ألَن تُقدّم احتِرامك لِقرار النور المُقدّس ؟"

ارتجف الشبح الأبيض لأن شوفين كان يُرغِمه على تقديم الاحترام له بِحجّة احترام النور المُقدّس، ومع ذلك فهو يعلم أيضاً بأن النور المُقدّس فوق كل اعتِبار، لذلك انحنى باحترامٍ وقال

"التابِع يُقدّم احترامَه للشخص الذي اختارَه النور المُقدّس"

أومأ شوفين بالرضا ثم سأله

"ما الذي تقود إليه تِلك البوابة في الخارِج ؟"

قال الشبح

"جِيتُ إلى هذا العالم المُتدنّي بِأمرٍ من أحد فروع مجلِس الحكمة لِإنشاء قاعِدةٍ جديدة لِنشر النور المقدّس واستكشاف العباقرة، لكني تعرّضتُ لِحادِثةٍ في النفق الفراغي الذي أتَيتُ عبرَه، وبِسبب إصابتي.. قرّرتُ تركَ إرثي لعل أحداً يرِثني ويتواصل مع مجلِس الحِكمة لإنهاء هدفي الرئيسي"

نظر إليه شوفين بِعبوسٍ لِأنه لا يسألُه عن قصّة حياتِه وإنما عن البوابة، حمحم الشبح وقال بِنبرة اعتِذارية

"الناس في هذا العالم لا يعلمون شيئاً عن النور المقدّس، لذلك صنعتُ متاهةً فيها العديد من الأسئلة والخيارات، ويحصلون على بعض المكاسِب حسب أجوِبتِهم، ومن خلال تلك الأجوِبة سأختار أفضلهُم لإرثي، لكن.. ربما حدث شيءٌ ما وضاعَت المفاتيح السبعة لِعشرات الآلاف من السنين"

همهم شوفين وكأنَه يُفكّر في شيءٍ ما قبل أن يُخرِج جميع رِفاقِه ويقول للشبح

"بِما أنك تملِك بعض الأغراض الجيدة فأتمنى مِنك إعطاء بعضِها لِرفاقي"

كان الرفاق يُشاهِدون عبر الشاشة لذلك لم يتفاجؤوا كثيراً، نظر إليهِم الشبح بدءً من زِنهار ثم راموليا وسويكا، وقف على سويكا وقال بِصدمة

"القلب البدائي.. هذا رائع، هل تُريدين أن تكوني وريثتي ؟"

ضحِك شوفين وقال

"دَع سويكا لي أنا، ربما عليك سؤال صاحبة هيئة الطاووس المقدّسة لأنها أكثر مُلاءمة مع النور المقدّس"

صرخ الشبح بِسعادة واستغراب

"هيئة الطاووس المقدّسة ؟
أين هي ؟"

أشار شوفين نحو صلجان وقال

"لقد ختمتُ هيئتَها بِغرض حِمايتِها، هل تملِك ما يكفي من الطاقة في إرثِك لِجعلِها تخترِق إلى مرحلة الفراغ ؟"

صمت الشبح قليلاً ثم قال

"لقد مرّ عليّ وقتٌ طويلٌ وضاع الكثير مِن طاقتي، لكني أستطيع جعلَها تخترِق إلى مرحلة المجال في أقلّ من سنة"

نظر الجميع نحو صلجان فنظرَت هي أيضاً نحو زِنهار، ابتسم زِنهار وقال

"هذا قرارُك يا صغيرة، وأنا لن أقِف عثرةً في طريق تدريبِك"

في هذه اللحظة.. سمِعَت صلجان صوتاً في ذِهنِها يقول

"اِقبلي وسأجعلُك أقوى شخصٍ في هذا العالم المُتدنّي"

ارتجفَت قليلاً قبل أن تقول

"سأقبل إذن"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. هل تنتهي حكاية صلجان هنا أم ستظهر في الرواية مستقبلاً ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/02/07 · 528 مشاهدة · 912 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024