125 - الروضة المباركة

"سأقبل إذن"

وافقَت صلجان على البقاء مع الشبح الأبيض من مجلس الحكمة حتى تحصُل على إرثِه، ابتسم الشبح وأخرج حجراً زُجاجياً ثم سلّمه لها وقال

"حاوِلي التواصُل مع هذا الحجر لأنه سيكون خرزة الحكمة الخاصة بِك"

استلمَت الحجر ثم ظهرَت مصفوفةٌ تحت قدمَيها ونقلَتها إلى مكانٍ آخر، نظر شوفين نحو الشبح وقال بِدون خجل

"رِفاقي يحتاجون إلى بعض الهدايا"

عبس الشبح لِأن شوفين يطلُب الهدايا الآن، صمت قليلاً قبل أن ينظُر نحو سويكا ويقول لها

"جسدُك مصقول جيداً، وأعتقِد بأنكِ خبيرة في المصفوفات، صحيح ؟"

أومأت بِرأسِها فأخرج خاتماً رقيقاً وقال

"التحكّم في المصفوفات يحتاج إلى ذهنٍ صافٍ، ومع أنكِ تملكين القلب البدائي إلا أن هذا الخاتم سيُساعِدك على التركيز أكثر أثناء التحكّم في المصفوفات لِأنها تستخدِم طاقة نورانية أيضاً، كما سيُخفّف آثار الارتداد عندما يتمّ كسر مصفوفاتِك"

أمسكَت الخاتم بِسعادةٍ فنظر الشبح نحو راموليا وأخرَج قلادةً دائرية ثم قال

"هذه سوف تحميك من هجمات الطاقة الشيطانية، كما ستمنَع الضّرر الذي يتراكَم في جسدِك بِسبب استخدام السموم"

قطّبت راموليا حاجِبَيها وهي تنظُر نحو الشبح لِأنه استطاع اكتشاف استِخدامِها للسموم من نظرةٍ واحِدة، ما يعني بأنه خبيرٌ حقيقي مثل شوفين، أمسكَت القلادة وانحنَت نحوَه باحترامٍ قبل أن تتراجع للخلف، ابتسم الشبح ونظر نحو زِنهار ثم أخرج قفازَين معدِنيّين وقال

"هذا سلاحي القديم، سيكون جيداً لِشخصٍ ضخمٍ مثلِك"

أمسكهما زِنهار واحمرّ وجهُه مُباشرةً لأنهما كانا عبارةً عن سلاحٍ مُصنّف، أراد شُكر الشبح الأبيض إلا أنه كان ينظر نحو ريكو بِطريقة غريبة، وأخيراً.. عبس قبل أن ينظُر نحو شوفين ويسألَه

"لِماذا أشعُر بِهالةٍ بشرية من هذا القرد ؟"

ابتسم شوفين وقال

"هذا أخي ريكو، فقدَ جسدَه في حادِثة فاضطُرِرت إلى وضع روحِه على هذا القرد بدل سرِقة جسد شخصٍ آخر"

شعر الجميع بالضّيق من شوفين وكأنه ليس هو الذي سرق جسدَه من الأساس، لكنّهم لم يقولوا شيئاً بِما أن شوفين يُريد إخفاء الأمر عن الشبح الأبيض، أومأ الشبح وقال

"يبدو بأنك لا تزال مُحافِظاً على إنسانيتِك ولستَ وحشاً كما ظننتُك، لكني لا أعلم ما الذي يحتاج إليه رفيقُك وهو في مثل هذا الجسد!"

قال شوفين

"أخي ريكو لديه أملٌ في الرجوع إلى شكلِه البشري، لكن الأمر يحتاج إلى جوهر دمٍ بشري، وكلّما كان نقياً كلما استطاع أخذ ميزاتِه الوراثية"

قال هذا ثم نظر إلى جثّة الشبح الأبيض، نظر الشبح أيضاً نحو الجثة ثم قال

"جثتي يابِسةٌ منذ وقتٍ طويل، ولا أعتقِد بأنها لا زالت تملِك جوهر الدم"

هزّ شوفين رأسه وقال

"كما قلتُ سابقاً فأنت لا تعلم ماهية النور المقدّس، مستخدموا النور المقدّس لديهِم حالةٌ خاصة بِسبب نقاء الطاقة التي يستخدِمونها، لذلك تُصبِح جميع أجزاء أجسادِهم قيّمةً مثل جوهر الدم، دعني أتصرّف وسترى ما أقوله"

ودون انتظار مُوافقتِه.. أرسل شوفين العديد من خيوط النور وجعلَها تخترِق جثة الشبح الأبيض، وبعد أقل من دقيقةٍ ابتسم شوفين وقال

"لقد انتهَيتُ من أخذ هدية أخي ريكو، أتمنى أن يستطيع استعادة شكلِه البشري قريباً"

فجأة.. سقطَت جثة الشبح وانسَطحَت على الأرض وكأنها مجرد جلدٍ فارِغ، تغيّرت ملامِح الشبح ونظر نحو شوفين بِبعض الغضب إلا أن شوفين قال وكأن شيئاً لم يحدُث

"إنها مجرد جثةٍ قديمة، وأنت مجرد نسخةٍ روحية تكاد تنطفِئ، ليس وكأن أمامَك أي طريقة للاستمرار"

قال هذا ثم ضحِك عالياً قبل أن ينظُر نحو إينجِه، نظر الشبح نحوَه أيضاً ثم اتّسعَت عيناه وقال

"أنت من عالم الشجرة، هذا نادرٌ بعض الشيء، مع أني لا أملِك شيئاً يتلاءَم معك إلا أني أستطيع مُباركتَك بالماء المقدّس لِتحسين جسدِك وتسريع ارتِقائك مُستقبلاً، لكن هذه العملية ستأخُذ أكثر من أسبوع"

نظر إينجِه نحو شوفين فابتسم وقال

"المباركة بالماء المقدّس سيمنحُك حظاً جيداً"

استعاد شوفين نظرَه ثم قال بِخُبثٍ وهو يُلمّح إلى مِنطقةٍ مُعيّنة من الغرفة

"وأنا.. ما الذي ستُعطيه لي ؟"

تراجَع الشبح للخلف وقال بِنبرة مُنزعِجة

"ألم تحصُل على خرزة الحكمة ؟"

هزّ شوفين رأسه وقال

"تِلك حصلتُ عليها عبر المراهنة معك، ولولا أني استطعتُ إشعال الأضواء لما حصلتُ عليها"

نظر إليه الشبح بِعبوسٍ قبل أن يسأله

"يبدو بأنك تُريد شيئاً مُحدّداً، ما هو ؟"

ضحِك شوفين وقال بِسعادة

"أنت ذكيٌّ فِعلاً، حسناً.. أنا لا أُريد أخذ أغراضِك بالقوة، لذلك سأطلُبها مِنك مُباشرة"

أشار بِيدِه نحو إحدى زوايا الغرفة وقال

"بِما أنك قد حصلتَ على وريثتِك فلا أعتقِد بأنك ستحتاج إلى هذه الروضة المباركة، ليس وكأنك ستبقى هنا إلى وقتٍ طويل بعد تسليم إرثِك، أما وريثتُك فلَن تحتاج إلى شيءٍ مِثل هذا في أي وقتٍ قريب، بل قد يُصبِح الجميع أعداءً لها إذا علِموا بأنها تملِك هذه الكمية من الطاقة المقدّسة"

تُعتبر الروضة المباركة مثل الوريد الروحي للناس العاديّين، حيث يقوم مجلس الحِكمة بإنشاء الرِياض المباركة وتوزيعِها على فروعِه حتى تكون مثل البطاريات التي يُشغّلون بِها مقرّاتِهم ويُدرّبون بِها أتباعهُم، وشوفين يُريد أخذَها معه للاستفادة منها بِما أنه يستخدِم النور عبر تقنية النور المظلِم.

صمت الشبح الأبيض طويلاً وكان سيُصبِح وجهُه أسوداً لو أنه لا يزال يملِك وجهاً، ابتسم شوفين وقال له

"أنا لن آخذها بِدون مُقابل، ماذا إن جعلتُك تطمئنّ على مجلِس الحكمة وفروعِه في جميع العوالِم الخارجية ؟"

اتّسعَت عينا الشبح الأبيض وقال

"إذا جعلتني أتواصل معهم فستكون قد حقّقتَ آخر رغباتي قبل اندثار روحي نِهائياً"

يعلم شوفين بأن أتباع مجلس الحِكمة يكون بينهُم ترابُطٌ ومحبة لا مثيل لها، لذلك أخرج حجر تصويرٍ وقال

"لا أملِك طريقةً تجعلُك تتواصل مع فروعِك، لكني أستطيع منحكَ نسخةً من كتاب التاريخ المجيد الذي صدر قبل ألفَي عام، وفيه ستجِد أخبار جميع العوالِم"

تهلّل وجه الشبح وصرخ بِسعادة

"اتّفقنا، لكني سأعطيك ثمانين في المائة من طاقتِها فقط، أما العشرون في المائة المتبقّية فسأترُكها للمتاهة وغُرف التدريب"

أومأ شوفين وسلّمه حجر التصوير، راجعَه الشبح الأبيض ثم تنهّد وقال

"كيف ستُخزّن حِصّتك من الطاقة ؟"

قال شوفين مباشرة

"فقط أخرِجها مِن الحاوِية وأنا سأهتم بالباقي"

يعلم شوفين بأن إخراج الطاقة من الروضة المباركة يحتاج إلى مِفتاحٍ خاص، ومع أنه يستطيع اختراقها وإخراج الطاقة منها إلا أن ثمانين بالمائة من المخزون سيكون جيداً له ولا حاجة للتنمّر على صاحبِها، لذلك انتظر حتى بدأ الشبح بإخراج سَيلٍ من الطاقة النورانية فتراجع الجميع خوفاً من ضغطِها، أما شوفين فقد اخترقَها حتى غاب عن الأنظار، وفجأة.. بدأَت الطاقة تختفي داخِل وِعائه وعالمِه الفراغي وكأنها تغرَق في ثُقبٍ أسود، عبس الشبح وقال باستغراب

"هل هذا.. عالمٌ فراغي ؟"

لم يُجِبه شوفين وإنما واصل استيعاب النور المقدّس والذي سيجعَل قوّتَه في مُستوىً آخر، خاصة تقنياته التي تعتمِد على النور أكثر من الظلام مثل تقنية الجسد الخالِد، ما يجعل مكاسِب شوفين كبيرة هذه المرة أيضاً لِدرجة أنه لم يعتقِد بأن يحصُل عليها في مثل هذا العالم المُتدنّي.

--------------
سؤال الفصل:
حتى الآن.. يستخدِم شوفين طاقة الظلام النقي والطاقة الظلامية الشيطانية، ومعهما طاقة النور النقي وطاقة الصف الراقص المخصص للمصفوفات، في رأيك.. ما هي خصائص النور المقدّس ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/02/07 · 534 مشاهدة · 1045 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024