"ودِّعي مُعلّمَك ورِفاقك لِأننا سنفترِق بعد قليل"

تغيّرَت ملامِح صلجان مباشرةً لِأنها ستبقى وحيدةً في هذا المكان وربما لَن تلتقي أبداً بِراموليا وسويكا، وخلاف المُتوقّع.. تقدّمَت صلجان نحو شوفين وانحنَت نحوَه باحترامٍ ثم قالت

"مع أن طريقتَك في إدارة الأمور تُصيبُني بِالرعب، إلا أنك قد أكملتَ وعدَك لِأبي، لذلك.. أنا أشكُرك"

ابتسم شوفين ثم ربّت على رأسِها وكأنها فتاة صغيرة رفم أنها تبدو أكبر مِنه، سحب يدُه ثم قال

"عِندما تخرُجين مِن هنا.. ستكونين الأقوى في هذا العالم، ثِقي بي"

استغربَت مِثلما استغرب الجميع مِن هذا التصريح الجريء، لكنّهم لم يهتمّوا كثيراً في مثل هذا الوقت الحسّاس وإنما بدؤوا يُودّعون صلجان واحداً تِلو الآخر، بدأ ريكو أولاً ثم إينجِه، وبعدهما تقدّم زِنهار وأعطاها بعض الموارِد والأسلِحة كهديّة وداع، بعدهُم.. جاء وقت البنات، وهذا وحدَه أخذ كثيراً من الوقت في البكاء والعِناق المُتكرّر، وأخيراً.. حان وقت المُغادرة بعد أكثر من عشرة أيامٍ من الغياب.

...

على قمة تيرامورا.. كانت داشاي واقِفةً بالقرب من البوابة، وفجأة.. ظهرت دائرة من الضوء وخرج منها شوفين ورِفاقُه، سارعَت إليهِم داشاي وقالت

"لقد كُنت أنتظِر خروجَك"

نظر إليها شوفين باستغرابٍ فقالَت

"لقد خرج سلف طائفة العقل الأرجح مِن سُباتِه، وخرج أيضاً خمسة أسلافٍ من العشائر الخمسة الأقوى، وهُم يُريدون اللقاء بِك"

عبس شوفين قليلاً ثم أدار نظرَه نحو مِنطقةٍ فارِغة على القمّة وقال

"هل تشعرون بِالخجل حتى تختبئوا منّي ؟"

استغربَت داشاي لِأنها لم تشعُر بِأي شيء، ونفس الشيء بالنسبة لرِفاقِه، لكن رأيهُم قد تغيّر عندما بدأت الظلال تظهر الواحِدة تِلو الأخرى في تلك المنطقة، تقدّم الأسلاف الستّة نحو شوفين بِهدوءٍ حتى وصلوا إليه، ارتجَف زِنهار وتراجَع للخلف عندما استشعَر هالاتِهم الكاسِحة، وصل الستّة أمام شوفين فابتسم نحوهُم وقال

"يا له مِن شرفٍ أن يزورني ستّة أسلاف، ما كُنتُ لِأشعُر بِسعادةٍ أكبر ممّا أشعُر بِه الآن، خاصة أني كنتُ أنوي البحث عنكُم واحِداً واحداً"

كان شوفين ينوي منذ البداية البحث عن هؤلاء الذين سرقوا خِزانتَه، لذلك كان سعيداً بِقدومِهم إليه دون عناء، أما داشاي وزِنهار وباقي الرفاق فقد كانَت قلوبُهم ترتجِف بِسبب عدم احتِرام شوفين لِهؤلاء الوحوش القدماء، لكن ما حدَث بعدَها جعل الجميع يُصدَمون، حتى شوفين نفسُه قد بدَت عليه علامات الاستغراب عندما نظر الستّة نحو بعضِهم البعض ثم أخرجوا ستّة جواهِر صفراء يُشعّ مِنها ضوءٌ أزرق، عبس شوفين وقال باستغراب

"جواهِر اقتفاء الأثر، وهي مُرتبِطةٌ بي، هل يُعقل بأنها.."

وقبل أن يُكمِل حديثَه.. اهتزّ الستّة في حركةٍ مُفاجِئةٍ جعلَت زِنهار يتراجَع للخلف استعداداً للقتال، أما داشاي فقد تغيّر لونُها ولَم تعلَم كيف تتصرّف، وبالنسبة لرِفاق شوفين فقد كانت سويكا هي الهادِئة الوحيدة، أما الآخرون فقد ارتجفَت قلوبهم جميعاً من الحركة المفاجِئة لهؤلاء الوحوش، لكن.. ومهما كان تفكير الجميع حول الحركة التي ينوي الستّة القيام بِها.. إلا أنهم جميعاً قد تفاجؤوا مِمّا فعلوه حيث سقطوا أرضاً في وضعيّة الركوع وكأنهُم مجموعةٌ من العبيد، وبعد استقرار ركوعِهم.. قال الأربعيني صاحِب الحواجِب الكثيفة

"لقد انتظرنا قدومَك طويلاً أيها السيد العظيم"

فتح الجميع أفواهَهم وتراجعَت داشاي عدّة خطواتٍ إلى الخلف دون أن تفهم ما الذي يحدُث، نظرَت راموليا وريكو نحو شوفين بِعيونٍ حمراء، بينما كانت عينا سويكا مليئتَين بِالبريق وهي تنظُر لِرجُلِها وكأنها كانت تتوقّع بأنه أعلى مِن الجميع، أما إينجِه وزِنهار فيبدو بأنهما لم يستوعِبا ما يحدُث بعد، لذلك كانا ينظُران نحو شوفين مثل الأغبياء.

نظر شوفين نحو الجميع ثم قال بِهدوء

"مَن أعطاكُم هذه الجواهِر ؟"

قال الشاب الثلاثيني

"إنها سيدةٌ قوية تستطيع تدمير هذا العالم بِحركةٍ مِن يدِها"

رفع شوفين يدَه نحو الستّة وشكّل سحابةً من الطاقة ثم طبع عليها صورة فتاةٍ جميلة وقال

"هل هذه هي ؟"

اتّسعَت أعيُن الستّة وقالوا في نفس الوقت

"نعم، إنها هي"

عبس شوفين لِبعض الوقت قبل أن يسأل

"هل طلبَت مِنكم إخباري بِشيءٍ ما ؟"

أومأَت العشرينية الشيطانية ثم مدّت يدَها وقالت

"لقد أعطَت كل واحدٍ منا حجر تسجيلٍ ثم مدّتنا بِعقاقير سحرية لِتقوية أرواحِنا حتى نعيش طويلاً، قالَت لنا بأن السيد العظيم قد لا يظهر في وقتٍ قريبٍ وأن علينا السّبات حتى نبقى لِأطول فترةٍ مُمكِنة رغم أن أرواحنا قد صارت قوية جداً"

أمسَك شوفين حجر التصوير ثم ضخّ فيه طاقتَه الروحية وشاهدَه وحدَه دون عرض الرسالة، ظهرَت له أجريس وقالت

"مرحباً عزيزي آيدين، استطعتُ بعد عناءٍ طويلٍ إيجاد المكان الذي لجأتَ إليه بعد هروبِك، لِحسن الحظ أني كنتُ قد جهّزتُ طريقةً لِتقفّي آثارِك عندما كنتُ أتبعُك في كل مكان، لكني لم آتِ هذه المرة للعب وإنما أتيتُ لِأني في حاجةٍ إليك، لقد تركتُ لك هديةً في جزيرة صغيرة ستجِد إحداثِياتِها في آخر هذا التسجيل، وفي المُقابل.. أخذتُ معي أغلَب الكنوز التي سرقَها سكان هذا العالم مِن خِزانتِك مع أنهم كانوا قد استخدموا بعضها، على أي حال.. سأُرجِع لك كنوزَك عندما نلتقي مرّة أخرى"

قالَت هذا ثم غمزَت له بِحركة مُغرِية، فجأة..

بووووووم~

ارتجَف الجميع وعلى رأسِهم الأسلاف الستة عندما قام شوفين بِتفجير حجر التصوير وعلى وجهِه نظرة غضبٍ لا مثيل لها، وكيف لا يغضَب وقد تحايلَت عليه أجريس وأخذَت معها كل كنوزِه ؟

خاصة عندما تذكّر بِأن نُسختَها الروحية قد كانت واثِقةً مِن أنه سيبحَث عنها، وبالطبع سيبحث عنها لِأن الأغراض التي أخذَتها تعني الكثير لِشوفين ولابد أن يسترِدّها مهما طال الوقت.

نظر نحو الستّة بِغضبٍ وسألهُم بِنبرةٍ جافّة

"ما هي الكنوز التي أخذَتها مِنكم ؟"

ارتجَف الأربعيني صاحِب الحواجِب الكثيفة ثم أخرَج ورقةً وسلّمها لِشوفين وهو يقول

"هـ.. هذه هي الكنوز التي سلّمناها للسيدة العظيمة، والباقي كنا قد استخدمـ...ـناها"

كان يرتجِف وهو يتحدّث وكأنه طِفلٌ صغير ينتظِر العقوبة، وهذا يُبيِّن كيف تعاملَت معهم أجريس قبل سبعة وأربعين ألف سنة، وبِسبب قسوتِها عليهِم.. كانت كلِمات شوفين مِثل كلِماتِها أو ربما أقسى مِنها، تصفّح شوفين مُحتويات الورقة قبل أن يتنهّد لِأن الأغراض الخمسة الأكثر أهمّية كانت قد أخذَتها أجريس معها، لكنّه عبس فجأةً وسألهُم

"كان في الخزانة جسدٌ بشري، ما الذي حدث له ؟"

ارتجفَت العشرينية الشيطانية قبل أن تضَع رأسها على الأرض وتقول بِذُلّ

"طائفة الدين المتين مُستعدّة للدفع مهما كان الثمن"

قطّب شوفين حاجِبَيه وسألها

"ما الذي فعلتموه بِالجسد ؟"

ابتلعَت ريقَها ثم قالت بِخوف

"لقـ.. لقد صقلناه وصنَعنا مِنه وصفةً شيطانية"

نظر شوفين نحو ريكو وقال له

"هذا هو حظّك السيء يا ريكو"

أعاد نظرَه نحو الستّة وأمرَهم بِالوقوف ثم قال

"كيف تُخطّطون لِتعويضي ؟"

أخرج الشاب بِالأبيض عدّة صناديق مليئة بالكنوز القيّمة وأخرى مليئة بأحجار الطاقة الصفراء ثم قال

"خادِمُك المُطيع يتمنى أن تقبل منّي هذه الهدية، ونحن.. طائفة العقل الأرجح.. لم نأخُذ مِن خِزانتِك أي شيء غير الكتاب المقدّس"

نظر شوفين نحو الكنوز وفهِم ما كان يفعلُه هذا الثعلب العجوز، فإن كان يُقدّم كل هذه الكنوز وهو لم يأخُذ شيئاً من الخزانة فما الذي يجِب على العشائر الأخرى تقديمَه ؟

ابتسم شوفين ثم أخرَج حجرَي تصويرٍ ورماهُما للشاب بِالأبيض ثم قال

"مُقابِل هداياك.. سأمنحُك الجزء الثاني من الكتاب المقدّس، ونسخةً من كتاب التاريخ المجيد"

ارتجف الجميع عندما سمِعوا شوفين لِأن كِلا الكِتابَين كانا يعنِيان الكثير لهم، لكن شوفين قام بِقَطع تفكيرهِم عندما نظر نحو الخمسة وقال

"وأنتُم.. ما الذي ستدفعونَه لي كتعويض ؟"

--------------
سؤال الفصل:
من الواضح أن [أجريس 1 - 0 شوفين]، ما هو تعليقك على هذه النتيجة ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/02/08 · 519 مشاهدة · 1106 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024