"سأحمي فريقي بِكلّ قوّتي، أما الآخرون فلا أضمن لك سلامتَهم"
همف~
استهجَن رافين ما قالَه شوفين دون أن ينطِق بِكلمةٍ واحدة، لم ينظُر إليه شوفين وإنما ركّز استِشعارَه على مصدر نيّة القتل قبل أن يبتسِم عندما رأى راجيان، ومِمّا يبدو فهو لن يترُك شوفين وشأنَه بعد أن فضح سرِقتَه لِأغراض جدِّه، لكن شوفين علِم بخِبرتِه بِأن جدَّه ربما يكون مُتورّطاً في هذه المسألة أيضاً، لكنّه لم يهتمّ بهِم كثيراً وإنما ركّز على قِراءة هالات اليافِعين الآخرين في الساحة.
وقعَت عينا شوفين على العديد من اليافعين الأقوياء، لكن أكثر من جذَب انتباهَه كان شاباً عشرينياً قصيراً يقِف وحيداً، وكان يلبِس ثياباً بيضاء وله شعرٌ قصيرٌ أسود مربوط للخلف، ورغم أنه كان يبدو مُجرّد #متدرب_متقدم.. إلا أن شوفين كان ينظر إليه باستغراب، وفي هذه اللحظة.. التفتَ الشاب ونظر نحو شوفين وكأنه شعَر بِه، رفع شوفين أحد حاجِبَيه بِاستغرابٍ لِأن العشريني أحسّ بِه اعتماداً على الحدس، ما يعني بِأنه يملِك بعض المهارة.
واصل مُراقبة الساحة ولاحظ وجود فريقٍ كبيرٍ يفوق عددُهم المائة، ومِن النظرَة الأولى.. كانوا يبدون مثل الصالحين، لكن شوفين استطاع رؤية بعض العلامات التي تدلّ على أنهم مِن متدرّبي الطاقة الشيطانية، لذلك تواصل مع هرقل وأخبرَه عنهم حتى يحتاط مِن عددِهم الكبير.
وبينما كان شوفين يُراقِب مُختلَف الفِرَق المُشارِكة.. ظهرَت هالةٌ قوية في السماء وضغطَت على الجميع بِطريقةٍ استفزازية، عبس شوفين ونظر نحو رِفاقِه الضعفاء الذين بدؤوا بالاختِناق، وقبل أن يعود إليهِم لحِمايتِهم.. خرجَت هالةٌ خفيفة مِن هرقل ومنَعت تسرّب الهالة الطاغية إليهِم، تنهّد شوفين بِسعادةٍ لِأن هرقل يُعتبر عوناً كبيراً له بِسبب خِبرتِه القديمة، لذلك أعاد نظرَه نحو الأعلى ورأى شيخاً كبيراً ينزِل مِن الأعلى بِبُطء، له لحيةٌ بيضاءُ طويلة وفي يدِه عصاً قصيرة وكأنها مُجرّد زينَة، وكان قوياً في مستوى #إمبراطور_مبتدئ، ما يجعَله فوق ملايِين المُتدرّبين في هذا العالم، وربما لن يجِد أكثر مِن مائة مُتدرّبٍ أقوى مِنه لِأن عالم الصحراء الخضراء يُعتبر في نهاية القائمة بين العوالِم المتوسّطة وليس فيه أي شخصٍ في مستوى #إمبراطور_محترف، وهذا هو ما جعل داوفين يصنَع لِنفسِه اسماً في هذا العالم بِسبب كونِه في مستوى #إمبراطور_متقدم.
نزل الشيخ الكبير بِهدوءٍ قبل أن يبدأ بالضحِك وهو يقول
"ليس سيئاً ... ليس سيئاً"
وبِمجرّد نزولِه.. سارَع أكثر من عشرةٍ أقوياء للوقوف خلفَه، نظر الجميع باحترامٍ ورهبة نحو الشيخ وأتباعِه الواقفين على مِنصّةٍ مُخصّصة للمُنظّمين، وما هي إلا ثوانٍ قبل أن يُسارِع الكِبار إليه لِتقديم التحيّة وفروض الطاعة والتملّق، إلا بعض الكِبار الأقوياء الذين يعتبِرون أنفُسَهم في مقام الشيخ الكبير أو حتى أفضل منه، وكان باهان مِن هؤلاء لِأنه يُمثّل نقابة اليد الذهبية التي لا زالَت تملِك قوةً كبيرةً رغم مُصاب داوفين.
انتهَت حفلة التملّق فرفَع الشيخ نظرَه نحو المُمتنِعين عن تقديم التحيّة وتغيّر أسلوبُه المُتعالي وهو يقول لِأحدِهم في تِلك المجموعة الشيطانية التي سبق ورآها شوفين
"كعادَة مدرسة الشوكة السوداء، تأتون مُستعدّين لابتلاع كل شيء"
قال هذا لِأن عددَهم كان أكبر بِأضعاف من الجميع، ضحِك أربعينيٌّ بين اليافعين ثم قال
"هل هذا يُخالِف قونين المسابقة يا شاريون ؟"
ضحِك شاريون أيضاً ثم أدار نظرَه وهو يقول
"أبداً أبداً، هذا لا يُخالِف القوانين"
كان ينظُر نحو الجميع حتى وقَع نظَرُه على باهان، ابتسم بِخُبثٍ ثم قال
"أليسَت هذه نقابة اليد الذهبية العظيمة ؟"
استدار الجميع نحو باهان والصغار فأضاف شاريون
"ألَن تُقدّموا احتِرامكُم لِهذا العجوز ؟"
عبس باهان لِأن شاريون كان يتقصّدُهم بِسبب حالة داوفين الصحّية، وما زاد الطين بلّةً هو أتباع شاريون الذين بدؤوا يتضاحكون بِسخرية
"هل يعتقدون بأنهُم لا زالوا في القمّة ؟"
"سمِعتُ بأن سيِّدهُم داوفين قد مات منذ مدّة، وإلا.. فلِماذا لَم يعُد يزورنا ؟"
"ألا تعلم بِأن جميع هؤلاء اليافعين هُم أبناؤه ؟
أتساءل كيف سيتصرّف إذا أصابهُم أي مكروهٍ في هذه المسابقة"
استمرّت المُضايقات بينما شدّ باهان قبضتَيه بِغضب، لكنّه لم يجرؤ على الردّ لِأنه مُجرّد صغيرٍ بين الكِبار، خاصةً أنه لا يُريد الزّج بِالأطفال في صِراعٍ قد لا ينتهي بِخير، لكن الأمر صار أكثر تعقيداً عندما كرّر شاريون سؤاله
"ألَن تُقدّموا احتِرامكُم لِهذا العجوز ؟"
احمرّ وجه باهان وكاد ينفجِر، إلا أن شوفين سبقَه حين تقدّم للأمام وقال بِسخرية
"مُجرّد #إمبراطور_مُبتدئ بِالكاد يستطيع الحِفاظ على شُعلتِه الروحية، ومع ذلك.. يعتقِد نفسَه عظيماً، يا لها مِن سخرية"
وسسسسسس~
ساد الصمت لِأكثر من خمس ثوانٍ قبل أن يضحَك أربعينيٌّ مِن مكانٍ قريب وهو يقول
"الصغار أيضاً يستطيعون رؤية مدى ضُعفِك يا شاريون، ربما عليك العودة إلى السبات قبل أن تخسر ماء وجهِك"
تغيّرَت ملامِح شاريون وهو ينظُر إلى شوفين، وفي نفس اللحظة.. قفَز أحد أتباعِه اليافعين وهو يصرُخ
"سأجعلُك تبلَع التراب حتى تعلم قدرَك"
وقبل أن يُغادِر المنصّة التي كان يقِف عليها.. شعر بِيد شاريون على كتِفه فتوقّف، تقدّم شاريون وضحِك ثم قال
"يبدو أن داوفين محظوظٌ لِحصولِه على خليفةٍ مُميّز مِثلك، وأنا أعتذِر على وقاحتي"
حمحم ثم رفع رأسَه وغيّر الموضوع
"حان الوقت لِبدأ مسابقة جمع الترفاس الوحشي، وبِما أن عشيرة الرمل الأحمر التي أقودُها هي مُنظّمة هذه الدّورة.. فأنا أُريد تذكيرَكم بأن المسابقة تدوم لِثلاثة أشهُر، وما يحدُث على أرض المسابقة يبقى فيها، ولا يجِب على الكِبار أن يُعاتِبوا اليافعين على طيشِهم"
استدار وأرسَل حُزمةً من طاقة الفراغ فظهرَت بوابةٌ فراغية كبيرة، أعاد نظرَه نحو الجميع ثم أضاف
"كما تعلمون.. فالمسابقة تجري في الصحراء العظيمة، ومع أنها تبدو مِثل عالمٍ مُستقل.. إلا أنها ليسَت كذلك وإنما تمّت إحاطتُها بِحاجزٍ لا يسمح لِأحدٍ بِالدخول إليها والتأثير على أنشِطة اليافعين، وكما تعلمون فالمسابقة تعتمِد على كمية الترفاس الوحشي الذي تحصلون عليه، ومَن يحصُل على كميةٍ أكبر يكون هو الفائز"
أنهى الشيخ شاريون شرحَه ثم نزل على المنصّة وترَك اليافعِين يدخلون، وفي نفس الوقت.. أرسل رِسالةً عبر التخاطُر إلى أتباعِه وبعض حُلفائه يطلُب مِنهم أن يتخلّصوا من أبناء داوفين حتى تستقيم لهم الأمور التجارية بعد موتِه، وركّز على شوفين الذي يبدو أكثر أبناء داوفين شبهاً بِه بِسبب فخرِه الكبير الذي أظهرَه أمام الجميع.
علِم باهان بِأن شيئاً كهذا سيحدُث، خاصة بعد كلِمات شوفين الحادّة، لكنّه لم يكُن خائفاً على شوفين وإنما على رافين وجماعتِه، لكن شوفين لا يبدو كمَن سيُدافِع عنهُم فقط لِأنّهم أبناء داوفين، لذلك كانت حالتُه النفسية سيئةً جداً، ابتسم شوفين عندما رأى تعابيرَه فقال له
"لن أحميهِم ما داموا في طريقِهم الخاص، لكن.. إذا لجؤوا إليّ فلَن أدَع أحداً يتنمّر عليهِم"
تنهّد باهان ثم توجّه نحو رافين لِيُخبِرَه بِأن يلجأ إلى شوفين إذا أحسّ بِالخطر، لكن رافين انفجر غضباً على باهان ولم يستمِع لِنصيحتِه، ومع ذلك.. كان أفراد جماعتِه مُستغربِين مِن ثِقة باهان في شوفين لِدرجة أن يضعَه في مقام الحامي الذي يلجؤون إليه، لذلك بدؤوا يرسمون خُططهم الخاصة في أذهانِهم.
استمرّ الجميع في الدخول حتى وصل دور نقابة اليد الذهبية، لكن الجميع لاحظ بِأنهم ليسوا مجموعين حيث كان رافين وشوفين بعيدَين عن بعضِهما البعض، وهذا كان خبراً ساراً للجميع حيث سيبدؤون من جماعة شوفين لِأنها الأكثر ضُعفاً، أما رافين وجماعتُه فسيتركونَهم إلى النهاية، خاصة أن البعض مثل راجيان قد كان شوفين هو هدفُهم الرئيسي، وبِهذا.. انقسمَت الفِرَق وحدّد كل واحدٍ مِنهم هدفَه، لكن أغلبهُم كانوا أذكياء ولن يبدؤوا بِالحرب في بداية المسابقة وإنما سوف ينتظِرون إلى آخر شهرٍ حتى يسرِقوا محصول خصومِهم من الكنوز والترفاس الوحشي.
دخل شوفين وجماعتُه عبر البوابة وظهروا في مكانٍ عشوائي، وكان المُحيط عِبارةً عن صحراء خضراء باهِتة، ورغم أنها صحراء إلا أنها كانت بارِدةً وتبعَث شعوراً غير مُريح لِأن اخضِرار الرمال كان بِسبب الطحالِب العفِنَة، ومع ذلك.. لم تكُن هذه الطحالِب حيّةً لِأنها سبق واندمجَت مع الرمال منذ آلاف السنين، وقف شوفين أمام الجميع ثم قال
"نحن لَن نسعى للفوز في المسابقة، لأنها ليسَت أكثر مِن لُعبةٍ لِتحويل الانتباه"
استغرب الجميع وسألَت صوفين
"وما الذي سنفعلُه إذن ؟"
ابتسم وقال
"سنجمع الترفاس الوحشي لِإطعام ريكو و هرقل"
--------------
سؤال الفصل:
هل يُمكِنك إعطاء مُلخّص لِأحداث الثلاثة أشهُر القادِمة حسب مُخيِّلتِك ؟
#تحت_المجهر
--------------
صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine