"سنجمع الترفاس الوحشي لِإطعام ريكو و هرقل"

استغرَب الإخوة مِن تناقُض ما قالَه شوفين، فإن كان عليهِم جمع الترفاس الوحشي.. فلِماذا لا يُخرِجونَه معهم حتى يربَحوا في المسابقة ويرفعوا مِن شأن نقابة اليد الذهبية ؟
هل يُعقَل بأن شوفين يُريد استغلالَهم لإطعام وحوشِه ؟
ومن هو هرقل هذا على أي حال ؟

لاحَظ شوفين استغرابَـهُم فقال لهم

"كونوا جادّين في جَمع الترفاس لِأجل ريكو و هرقل خلال هذه الأشهُر الثلاثة.. وسأمنَح لِكلّ واحدٍ مِنكُم تقنيةً أسطورية مُناسِبة له، ما رأيُكم ؟"

ارتجَف الخمسة لِأنهم يعلمون ماذا تكون التقنيات الأسطورية، خاصةً أن نقابة اليد الذهبية لا تملِك سِوى تقنيةٍ أسطورية واحِدة يتدرّب عليها وريث النقابة، وكان سيحصُل عليها الوريث المُستقبلي لِأبيهِم عندما يُمسِك زِمام الأمور، لكن شوفين يدّعي بِأنه يملِك خمس تقنياتٍ مُختلِفة، بل ويقول بِأنها مُناسِبةٌ للعناصِر التي يتدرّبون عليها، أليس هذا أقرَب للكذِب من الحقيقة ؟

وأثناء انشِغالِـهم بِالتفكير.. أنشأ شوفين خمسةَ حُزمٍ ضوئية تحتوي على أوصاف التقنيات الخمسة وأرسل لكل واحدٍ مِنهم وصف التقنيةِ المناسبة له، حيث كان قد استكشَف قدراتِهم والعناصِر التي يتعاملون معها في وقتٍ سابِق وعلِم ما يُناسِبُهم، استقبَل الخمسةُ أوصافَ التقنيات قبل أن تتغيّر تعابيرُهم بِسبب تناسُبِها معهم، ومع أنها كانت تقنياتٍ بين المستوى الأول والثالث إلا أنها كانت مثل الكنوز بِالنسبة لهم، لذلك صاروا مثل الخدم لدى شوفين اعتباراً من الآن.

اِلتفتَ شوفين نحو ريكو وقال له

"هذه فُرصةٌ كبيرة بِالنسبة لك لِأن الترفاس الوحشي مُفيدٌ جداً للوحوش، وسوف يجعلُك تتقدّم بِسرعةٍ كبيرةٍ في التدريب، لكن مستواك وخِبرتك أضعف بِكثيرٍ من هرقل، لذلك سأُعطيك تقنيةً مُخصّصة لامتصاص الطعام، ومع أني لا أدري إن كُنتَ ستنجَح في استِخدام جميع مُميّزاتِها بِجسدِك الوحشي.. إلا أنك إذا نجحتَ في التدرّب عليها فسوف تجعلُك تأكُل أطناناً من الترفاس وتستفيد مِن مُحتوياتِه"

شرح له ثم منحَه التقنية التي سبق وأعطاها لِـ داوفين، دخلَت المعلومات إلى ذِهن ريكو وبدأ يقوم بِتحليلها قبل أن يقول

"إنها أسهل مِمّا توقّعت"

اتّسعَت أعيُن الإخوة الخمسة واحمرّ وجه هايفين الصغيرة وبدأت تنمو في قلبِها رغبة امتلاك هذا القرد المُتكلّم، لِأن الوحوش المتكلّمة تُعتبر من الأساطير بِالنسبة لها، أما غيرُها فقد كانوا مصدومين لأنهم لم يعتقِدوا بأن ريكو وحشٌ ذكي لِدرجة أنه يستطيع الحديث.

نظر شوفين نحو إينجِه وراموليا وبدأ يوصيهِما على الحيطة والحذر فقالَت سويكا الغاضِبة

"كأنّك لن تبقى معنا"

أومأ بِرأسِه وقال

"نعم، لدي أمـ.."

وقبل أن يُكمِل.. صرخَت سويكا بِأنانيةٍ ودلال

"سأذهب معك"

هزّ رأسَه وقال

"ومَن سيحمي هذه المجموعة ؟"

استغرَب الجميع مِن إعطاء شوفين مُهمّة حِمايتِهم إلى فتاةٍ ضعيفة مثل سويكا، لكنّها فهِمَت ما يَعنيه رغم أنانيتِها، وذلك لأنها تملِك عِلم المصفوفات بِالإضافة إلى هرقل الذي صار يتبَعها مثل فرخِها الصغير، لذلك تُعتبر أقوى فردٍ في المجموعة التي سيترُكها شوفين خلفَه.

تواصل شوفين مع هرقل وطلب منه الاعتناء بهِم قبل أن يختفي مِن مكانِه، نظر الجميع إلى بعضِهم البعض قبل أن تقترِب صوفين نحو سويكا وتقول

"لا يهم ما قالَه شوفين، لكني مَن ستقود هذه المجموعة"

كانت نبرتُها حادةً بعض الشيء لأنها لم تقتنِع بِفتاةٍ ضعيفةٍ مثل سويكا، ابتسمَت سويكا وتحوّلَت إلى وضع الفتاة المُتنمّرة وهي تقول

"لو كُنتِ تصلُحين للقيادة لما تركَها لي عزيزي شوفين، هل تعتقدين بِأنّه سيَهتمّ بِفتاةٍ قبيحةٍ مثلِك ؟"

اتّسعَت أعيُن الجميع مِن تحوُّل سويكا وعبسَت صوفين لأنها لم تتخيّل بأن سويكا التي تبدو مِثل الفتاة الصالِحة ستَتحوّل إلى مثل هذه الشخصية المُزعِجة، وقبل أن تردّ عليها.. طار هرقل من حقيبة سويكا وأطلَق هالةً قوية جعلَت الجميع يرتجِفون، وبعد ثوانٍ من الهدوء.. تواصل معهم عبر التخاطُر قائلاً

"سوف أقودكم أنا أيها الصغار، وإلا فرُبّما لن تخرجوا مِن هُنا على قيد الحياة"

عبس الإخوة الخمسة عندما سمِعوا صوتَه في أذهانِهم وعلِموا بِأن هذا هو هرقل الذي كان يَعنيه شوفين، ومِن هالتِه فهو يبدو الأقوى بينَهم، كما أنه ذكيٌّ مثل البشر، لذلك قرّروا أن ينصاعوا لِأوامِره، خاصة أنه لا يبدو كمَن يرغب بِتضيِيع الوقت في الحديث، لأنه طار مُباشرة نحو مِنطقةٍ مفتوحة وبدأ يُرسِل ذبذباتٍ من هالتِه تجاه الرمال، وما هي إلا ثوانٍ معدودة حتى بدأت كُراتٌ دُهنيّة تخرُج من الأرض، وحينها.. صرخ عليهِم هرقل

"ابدؤوا العمل أيها الكُسالى"

...

في مكانٍ بعيد.. ظهر شوفين من الفراغ حيث كان يُراقِب ما يفعلُه فريقُه، ولم يطمَئنّ إلا بعد استلام هرقل للقيادة، تركَهم وطار نحو اتجاهٍ عشوائي حيث لديه أكثر من مُهمّةٍ واحِدة، فبِالإضافة إلى رحلة الصيد.. سيقوم أيضاً بِاستكشاف الصحراء ويرى إن كانت فيها موارِد أخرى غير الترفاس الوحشي، وذلك لِأن الترفاس وحدَه لن يجذِب كل هؤلاء المشاركين، ولابد مِن وجود كنوزٍ أخرى مِن نوعٍ ما.

طار شوفين لِأكثر من نصف ساعةٍ حتى وجد منطقةً فارغة ومُناسِبة للصيد، نزل وبدأ مُباشرةً بِرسم مصفوفةٍ خفيّة باستخدام طاقة الصف الراقص، استغرقَ رسمُها أكثر من ثلاث ساعاتٍ لأنها مصفوفةٌ بِدائية تحمي نفسَها بِنفسِها دون الحاجة إلى وجود شوفين، انتهى منها ثم أخرَج زجاجةً من المحلول كريهِ الرائحةِ الذي صنعَه لِأجل الصيد، كسر الزجاجة وسط المصفوفة ثم قال

"أتمنى أن أجِد بعض المفاجآت عندما أرجِع"

طار مُباشرةً لاختيار أماكِن أخرى للصيد، ولم يكُن يقترِب مِن الأماكِن التي تحتوي على الآثار أو الجبال والتلال حتى لا يتصادَم مع الآخرين، ليس خوفاً منهم لكنّه لا يُريد جعل الآخرين يُصابون بِالفضول حول ما يقوم بِه، ورغم أن المصفوفات التي كان يرسُمها تستطيع الدفاع عن نفسِها إلا أنه سيكون مِن الأفضل ألا ينتبِه أحدٌ إلى ما يسعى لِاصطيادِه.

في نهاية اليوم.. كان شوفين قد صنَع أكثر من عشرة مصائد، وكان بين المِصيَدة والأخرى مسافةٌ كبيرة، لكنّه لا زال يملِك العديد من زجاجات الطُّعم، لذلك سيُنهي العمل ليلاً لعلّه ينتهي من نصب جميع المصائِد قبل اليوم التالي، لِأنّه سبق وراقب المناطِق البعيدة باستخدام قدراتِه البصرية فَرأى العديد من المجموعات تتّجِه نحو الشمال، لذلك سيذهَب أيضاً لِيرى ما الذي يجذِبُهم إلى هناك.

...

قبل أن يدخُل الليل.. كان ريكو واقفاً أمام جبلٍ من الترفاس الوحشي، وخلفَه.. كان الآخرون يشعرون بِالتعب بِسبب العمل الشاق، حيث كان هرقل يُزلزِل الرمال الخضراء بِهالتِه ويجعل الترفاس يقفِز عالياً، وكان على الجميع أن يُمسِكوا بِه قبل أن يغوص مرّةً أخرى في الرمال، ومع تعبِهم.. إلا أنهم كانوا مُركّزين جيداً على ريكو و هرقل لأنهما دخلا في صراعٍ قبل قليل، وبعد صمتٍ طويل.. قال هرقل

"لقد أكلتَ الكثير يا صغير، هل أنت مُتأكّد بِأنك تُريد نِصف ما نجمعُه ؟"

كان الاثنان يتوقّفان كل ساعةٍ أو ساعتَين للأكل، ويبدو بِأن ريكو قد أراد أكل نِصف الحصاد مثل هرقل، وبعد أكلِه للكثير.. بدأ يتراجَع لِأنه لم يُتقِن تقنية امتصاص الطعام بعد، لذلك حصل هرقل على عدّة حِصصٍ إضافية بِسبب توقّف ريكو عن الأكل، ومع أنه كان ينوي تخزين حِصّتِه إلا أن هِرقل قد منعَه مِن ذلك وأجبرَه على الأكل أو الابتعاد.

استمرّ صمت ريكو لِأنه كان يشعُر بِالمغص في معِدتِه، ضحِك هرقل وقال

"يبدو بِأني سآكل هذه الحصة أيضاً"

استغرَب الجميع مِن هرقل الذي استطاع لِلآن أن يأكُل عدّة جِبالٍ مِن الترفاس الوحشي رغم صِغَر حجمِه، وذلك لِأنه لا يحتاج إلى تقنيةٍ لِامتصاص الطعام بِسبب خصائصه الفطرية، صمت ريكو بِحُزنٍ لِأنه لا يستطيع أكل هذا الطعام الرائع الذي يجعلُه أقوى بعد كل وجبة، وما كان بإمكانِه فِعلُ أي شيءٍ غير النظر إلى هرقل يتقدّم لِسرِقة حِصّتِه، وقبل أن يصِل هرقل إلى الطعام.. توقّف ونظر نحو تلّةٍ قريبة، وما هي إلا ثوانٍ حتى ظهرَت مجموعةٌ قوية تتكوّن من عشرة مُتدرّبين.

مِن النظرة الأولى.. تغيّرت تعابير صوفين لِأن ثلاثةً منهم كانوا مِثلها في مستوى #سيادي_مُحترِف، والآخرون كانوا بين #سيادي_مبتدئ و #سيادي_مُتقدّم، ما يعني بِأنهم الأقوى ولن تستطيع مجموعتُها النجاة إذا حدَث قِتالٌ بينهُم، لذلك صرخَت على هرقل

"تخلّص من ذاك الترفاس الوحشي قبل أن يرَوه"

يستطيع هرقل أكل جبلٍ من الترفاس الوحشي في لمحة عين، إلا أنه لم يتحرّك مِن مكانِه وإنما انتظر بِثباتٍ حتى انتبهَ لهُم الوافِدون الجُدد وغيّروا مسارَهُم نحوَهم، وفي هذه اللحظة.. عاد هرقل إلى حقيبَة سويكا وهو يقول

"أنا مُتعَب، سأنام قليلاً"

تغيّرَت وجوه الجميع مِن هذا الوحش الغريب الذي تسبّب لهُم بِالمشاكِل قبل الهروب، تقدّمَت صوفين نحو سويكا وسألَتها

"هل تُخفينَ مُستوى تدريبِك بِطريقةٍ ما ؟"

هزّت سويكا رأسَها وهي تقول

"لا، أنا ورِفاقي لا نزال في مرحلة التألّق"

اسودّ وجه صوفين مُباشرةً لِأن رِفاق شوفين يُعبَرون عثرةً في طريقِها، وبدأت تُفكّر في أفضل طريقةٍ للنجاة مِن مثل هذا الموقِف، وكان الهروب أفضل خِيارٍ لها في الوقت الحالي، لكنّها لا تستطيع التخلّي عن إخوتِها الصغار بِسهولة، كما أن شوفين ترك معها مجموعةً من الضعفاء، وإذا تركَتهُم هنا فقد لا تنجو مِن غضبِه، لذلك كانت حالتُها سيّئةً جداً ولم تعلَم أي خِيارٍ عليها اتّخاذُه.

ابتسمَت سويكا ثم قالَت بِطريقةٍ مُتعجرِفة

"القتال الحقيقي لا يعتمِد على مُستوى التدريب، دعيني أهتمّ بِالجميع لِأجلِك"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. مَن سيبرُز في القتال إذا حدث قِتالٌ بين المجموعتَين ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/02/15 · 528 مشاهدة · 1350 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024