150 - أنا ... مُراقَب ؟

"القتال الحقيقي لا يعتمِد على مُستوى التدريب، دعيني أهتمّ بِالجميع لِأجلِك"

نظر الجميع باستغرابٍ نحو سويكا التي كانَت في نظرِهم مُجرد فتاةٍ تحت المستوى، فأبناء داوفين كُلّهم في مستوى #سيادي_مُبتدئ وما فوق، أما سويكا فلا يزال أمامها مسارٌ طويلٌ جداً حتى ترتَقي إلى مُستواهُم، خاصةً أن الارتقاء إلى مستوى #متدرب_مبتدئ والذي يأتي بعد مرحلة الفراغ.. يتم عادةً في سنة العاشرة أو الحادية عشر، بينما كانت سويكا في السادسة على الأقل، وهذا إن عنى شيئاً فهو أنها فاشِلةٌ في التدريب.

اقتربَت مِنها راموليا وقالَت

"لا تتَهوّري، دعينا نرى ماذا يُريدون أولاً"

أومأت سويكا بِطريقةٍ عقلانية وتركَت تصرُّفاتِها الصبيانية لِأنها تملِك القلب البدائي وتستطيع تغيِير مِزاجِها وكأنها تلعَب، ومع ذلك.. لا زالت واقِفةً في المُقدّمة وكأنها قائدة الفريق، وبينما هُم كذلك.. وصل العشرة وكانوا جميعاً في العشرين أو في عُمرٍ قريب، وكان يقودُهم شابٌّ طويل يبدو عليه العبَث وعدم الإتّزان، نظر العشرة أولاً إلى جبل الترفاس الوحشي قبل أن يبتسِم العابِث الطويل بِطريقةٍ خبيثةٍ ويقول

"أنتم محظوظون في جمع الترفاس الوحشي، ونحن للأسف لسنا بِنفس حظّكُم، هل تستطيعون إعطاءَنا القليل مِنه ؟"

نظرَت إليه سويكا بِصرامةٍ ثم قالت وكأنّها القائدة

"ما رأيُكم أن تترُكوا كل ما تملِكونَه ثم تنقلِعوا مِن هنا قبل أن أقتُلكم جميعاً ؟"

عبس رِفاق سويكا جميعاً بينما اتّسعَت أعيُن العابِث الطويل، نظرَت راموليا وريكو إلى سويكا بِغضبٍ لأنها تصرّفَت مع هؤلاء الأقوياء مِثلما كانت تفعَل وهي مع شوفين، ومع أنهم واثقون من قوة سويكا إلا أنها لن تصِل إلى قوّة العابث الطويل وجماعتِه، كما أن هرقل قد تخلّى عنهُم لِسببٍ ما وكأنه لا ينوي التدخُّل، فهل تُريد سويكا أن تجعلَهم يُعانون بِدون سبب ؟

في مثل هذه اللحظة الحرِجَة.. قرّرت صوفين بِأن تُقاتِل مهما حدث، لِأن سويكا لم تَترُك لهُم أي مجالٍ للتفاهُم أو التراجُع، وبإشارةٍ مِنها.. استعدّ إخوتُها الصغار للقتال أيضاً بينما يلتفّون حولَها، أما العابِث الطويل فقد كان ينظُر إلى سويكا باستغرابٍ لأن تدريبَها كان تحت المستوى، وبدأ يُفكّر في أن كل هذا قد يكون مُجرّد خُدعةٍ لِجذبِهم إلى الفخّ، لكنّه مهما استشعرَ المُحيط فإنه لا يستطيع الشعور بأي هالةٍ مُختبِئةٍ في الجِوار، فهل هذه الفتاة لا تعلم الفرق بين الحياة والموت حتى تطلُب مِنهُم ترك جميع أغراضِهم ؟

عبس العابِث الطويل لِبعض الوقت قبل أن ينفجِر ضاحِكاً ثم يقول بِنظراتٍ مُنحرِفة

"هذا يُسهِّل الأمور علينا يا رِفاق، يبدو بِأنّنا سنحضى بِبعض المُتعة"

وقبل أن يُنهي كلامَه.. غضِبَت سويكا لِأنها تكرَه كل مَن ينظُر إليها بِشهوانية، وفي لمحة عين..

.:: نهاية العالم ::.

بدأ جسدُها يتلألأ بِأكثر مِن ثلاثمائة صفٍّ مِن طاقة الصف الراقص، وارتفعَت هالتُها بِسرعةٍ جعلَت صوفين والآخرين يتفاجؤون بشِدّة من هذه التقنية الغريبة، وكانت نفس التقنية التي هزمَت بِها العديد من المُبجّلين في وقتٍ سابِق، لكنّها الآن كانت مُطوّرةً وتحمِل طاقةً أكبر بِكثيرٍ من السابق، ودون أن يُدرِكوا.. كان الجميع يقِفون داخِل مصفوفةٍ كبيرة مثل القُبّة، وكانت مُختلَف أنواع المصفوفات تحوم في الهواء في منظرٍ مُخيف.

عبس الجميع واستعدّوا للتراجُع أو الهجوم، كما رفعَت صوفين يدها لِجَذب إخوتِها إلى الخارِج خوفاً مِن قوّة المصفوفات التي أظهرَتها سويكا، إلا أن راموليا أمسكَت كتِف سويكا وقالت

"ما الذي تفعلينَه ؟"

استغربَت سويكا مِن راموليا أيضاً لكنّها لم تتراجَع، نظرَت راموليا نحو العشرة ثم قالت

"ما رأيُكم بنِزال واحد ضد واحد ؟"

استغرَب الجميع مِن غرابة راموليا أكثر من استغرابِهم من جنون سويكا، نِزال واحد ضد واحد في مِثل هذا الوضع ؟

أشارَت راموليا نحو جبل الترفاس الوحشي ثم أضافَت

"الفريق الذي يفوز بِخمس نِزالاتٍ يحصُل على هذا الترفاس"

نظرَت إليها سويكا باستغرابٍ قبل أن تُدرِك ما كانت تسعى إليه، فهي كانت مع شوفين لِفترةٍ من الوقت ويبدو بِأنّها تعلَم السبب الحقيقي مِن إخراجِهم للمُشاركة في هذه المسابقة، حيث سيكون قِتال بعض الأقوياء أمراً جيداً لِدفع تدريبِهم نحو الاختراق، خاصةً بعد استِهلاكِهم لتِلك الحبوب التي صنعَها شوفين لِأجلِهم.

أومأت سويكا ثم سحبَت مصفوفاتِها وهي تقول

"نعم، سيكون هذا رائعاً"

لكن.. وبِمجرّد إلغاء عمل المصفوفة.. ابتسم العابِث الطويل بِخُبثٍ وانقضّ على سويكا وهو يصرُخ

"لِماذا لا نبدأ القِتال الآن ؟"

يبدو أنه كان يسعى للفَتك بِـ سويكا لِأنها تملِك تقنيةً قوية ومُزعِجة، تحرّكت راموليا بِسرعةٍ ودفعَت سويكا بعيداً قبل أن تُخرِج هالةً ثلجية مُحترِقة لحِماية نفسِها، وفي نفس الوقت.. تحوّل ريكو إلى قردٍ عِملاق وسارَع إلى راموليا لِحمايتِها مِن الهجوم الغادِر، لكن جميع أفعالِهم كانَت بِلا جدوى أمام خبيرٍ في قمّة مستوى #سيادي_مُحترِف لا يفصِله عن مستوى #ملك_مُبتدئ سِوى بعض الوقت وقليلٍ مِن الحظ.

وصلَت يد العابِث الطويل إلى راموليا فتغيّرَت ملامِحُها وأدركَت بِأنها هالِكةٌ لا محالة، لذلك أغلقَت عينَيها وسلّمَت أمرَها لِحظّها التعِس، لكنّها لم تكُن حزينةً في هذه اللحظة القصيرة لأنها أنقذَت سويكا التي لم تعِش طويلاً في هذا العالم، أما هي فعلى الأقل كانت قد عاشَت لِأكثر من خمسمائة سنة ولا بأس إذا فارقَت الحياة، لكن.. وعِندما كادَت تصِل إليها يد العابِث الطويل.. ظهرَت هالةٌ قويّة غطَّت مِساحةً واسِعةً وجعلَت الجميع يتجمّدون في أماكِنهم، وفي نفس الوقت.. بدأ جسد العابِث الطويل يتكمّش بِسبب الضغط حتى صار مِثل العجينة في لَمحة عين، وحدث هذا بِسرعةٍ كبيرةٍ حتى أن العابِث الطويل لم يجِد وقتاً للصراخ، ما جعل الجميع يُرعبون مِن هذا الحدث المُفاجئ دون أن يفهموا ما الذي حدث.

اختفَت الهالة بِسرعةٍ وقامَت سويكا مِن الأرض ثم نظرَت نحو التّسعةٍ الباقين وسخِرَت مِنهم

"هل هذا أقواكُم ؟"

كانَت سويكا أسرعهُم هدوءً لعِلمِها بِأن هرقل هو الذي أنقذ راموليا، لذلك استغلّت الحدث حتى تُرعِب التّسعةٍ الباقين، وبالإضافة إلى رُعب هؤلاء التسعة.. كان الصغار الآخرون مرعوبين أيضاً وبدأت هايفين تتقيّأ مِن هول المنظر الذي صار عليه العابِث الطويل، وما زاد الوضع سوءً هو ريكو الذي قفَز على عجينة اللحم وابتلعَها حتى يستخرِج مِنها جوهر الدم، وعلى الجانِب.. كانت راموليا قد استعادَت هدوءَها وكانت تعابير إينجِه هادئةً أيضاً لِأنه سبق ورأى الجُثث وهي تتحوّل إلى عجينةٍ في اليوم الذي أنقذَه فيه شوفين.

كانت صوفين مرعوبةً أيضاً رغم أنها سبق ورأت الناس يُقتلون، وعِندما رأت هدوء رِفاق شوفين.. صارَت متأكّدةً بِأنهم أقوى مِنها في العزيمة على الأقل، وأنهم ليسوا مُجرّد مجموعةٍ مِن الأطفال السُّذّج كما كانت تعتقِد، كما أن بينَهم نوعاً غريباً مِن الترابُط بعد رؤية راموليا تُنقِذ سويكا وريكو يندفِع لإنقاذ راموليا بِدون تفكير، وهذا شيءٌ يفتقِد إليه أبناء داوفين حيث كانت تُفكّر في التخلّي عنهُم قبل قليل لِأنهم سيتخلّون عنها هُم أيضاً في حالات الحياة والموت.

ارتجَف التّسعة عِندما رأوا أقواهُم يتحوّل إلى عجينة، ولم يعلَموا مَن الذي قام بِها رغم أنهُم كانوا ينظرون نحو سويكا بِرُعب، وحينها.. سقط أحدُهم على رُكبتَيه وقال بِرُعب

"نحـ.. أنـ.. أنا آسف أيها السادة، دعونا نرحَل رجاءً ولن نُزعِجكم مرّة أخرى"

ضحِكَت سويكا ثم قالت بِتنمُّر

"صديقتي العزيزة تُريد إقامة نِزالٍ بينَنا وبينكم، وأنت تُريد التراجُع ؟"

ردّ عليها بِسرعة

"أعذريني أرجوك، نحن مجرّد حُثالةٍ ولَسنا في نفس المقام، فكيف نُبارِزُكم ؟"

وفي هذه اللحظة.. دوّى صوتٌ في أذهان الجميع يقول

"هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى مَن يتدرّبون معه لِأنهم لا يزالون ضُعفاء، درِّبوهم لِأجلي خلال شهرٍ واحِد وسوف أدعُكم ترحلون"

عبس الجميع مِن هَول النبرة التي تحدّث بِها هرقل وعلِموا بأن خلف سويكا وفريقِها شخصاً عظيماً يحميهم، لذلك لم يكُن أمامَهم أي طريقةٍ للنجاة غير الانصياع إلى أوامِره، وهكذا.. حصل رِفاق شوفين على مَن يتدرّبون معه رغم أن رغبة هِرقل هي الحصول على المزيد من اليد العامِلة لِجمع كمياتٍ أكبر من الترفاس، حيث سيتمّ تقسيم الوقت بين الحصاد والتدريب خلال الشهر القادِم، وبِهذا حصل الفريق على أول تصادُمٍ لهُم داخل الصحراء الخضراء.

...

بعد ثلاثة أيام.. كان شوفين واقفاً فوق الطيارة على ارتفاعٍ كبيرٍ جداً، ركِب الطيارة لِأنه لا يستطيع الصعود إلى مثل هذا الارتفاع اعتماداً على نفسِه فقط، وسببُ ارتِفاعِه هذا هو مُراقبة الأوضاع في جميع مناطِق الصحراء الخضراء، وكان يستخدِم قُدراتِه البصرية للنظر إلى ما يحدُث على بُعدِ عشرات الأميال رغم أن عينَيه لم تتفعّلا بعدُ بِسبب ضُعف طاقتِه الروحية، ولو أن روحَه قد تحوّلَت إلى اللون الأرجواني لكان باستِطاعتِه تفعيل عينَيه واستخدام قدُراتِهما التي لا مثيل لها في جميع العوالِم، وبسبب هذا القصور.. كان عليه التّنقُّل مِن منطقةٍ لِأخرى حتى يستطيع استكشاف كامِل أراضي المُسابقة.

كان قد انتهى مِن نصب المصائِد قبل يومَين، واليوم.. استطاع استكشاف أغلب المناطِق المهمّة والتي تحتوي على آثار قديمة، لكن الجميع كانوا يتّجِهون نحو الشمال حيث يوجد جبلٌ كبير، وبعد مُراقبة هذا الجبل.. علِم شوفين بِأنه جبلٌ بُركاني، وهذا يعني وجود بيئةٍ مُختلِفة عن البيئة الصحراوية، لذلك قرّر أن يزور الجبل أيضاً لِاستكشاف ما يجذِب الآخرين إليه قبل العودة لاستكشاف باقي المناطِق التي تبدو مُهمّةً لِسببٍ أو لِآخر، لكن.. وقبل أن ينطلِق نحو الجبل.. عبس وقال بِاستغراب

"أنا ... مُراقَب ؟"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. مَن الذي يُراقِب شوفين ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/02/16 · 517 مشاهدة · 1344 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024