"لقد قالَت بِأنها تكرَهني، أنا أيضاً أكرهُها الآن، لا أريد أن ألعَب معها مرة أخرى"

انتهَت المقابلة سريعاً بعد هذا التصريح من شوفين، عادت الأميرة والخادِمات بِصمتٍ إلى القصر، يسمَع الجميع بِأن بعض الأطفال الضائعين لا يتأقلمون جيداً مع الوضع الجديد فيفقِدون بعض قدراتِهم العقلية، إلا أن حالة شوفين كانت غريبة لِدرجة أن الأميرة قد بدأت تشعُر بِالسوء لِاستغلالِها لِشوفين، لكنّها لن تتراجع عن فِكرتِها لِأنها يجب أن تفوز في معركة الأمراء مهما كلّف الأمر.

قبل مُغادرتِهن.. طلب شوفين مِن الأميرة ألا تُزعِجَه حتى تحتاج إليه لِأنه مُتعَب مِن الرحلة ويرغَب بِالنوم لبِضعة أيام، وهذا أمرٌ عادي حيث يحتاج البعض للنوم طويلاً، خاصة غير المُتدرّبين أو المشلولين مثل شوفين.

تنهّد عِندما تأكّد بِأن الأميرة قد غادَرت، أغلق الأبواب جيداً ودخل غرفة التدريب تحت الأرض ثم دخل إلى عالمِه الفراغي، وجد أمامَه سويكا وراموليا تنظُرن إليه دون كلام، ابتسم نحوهما وقال

"ما بِكُما ؟"

لم تقُل راموليا شيئاً، أما سويكا فسألت بِاستغراب

"لِماذا تفعل كل هذا ؟"

وصل إليها ونظر نحو راموليا وقال

"ستشرح لك راموليا"

أخذَت راموليا شهيقاً عميقاً ثم شرحَت لِـ سويكا لأنها طفلة صغيرة لا تعلم الكثير، قالت

"عندما التقى شوفين مع الأميرة لِأول مرّة، تظاهَر بِأنه كان يعيش في البراري حتى ينجو من الاستجواب والاتّهام بِأنه جاسوس خارجي، وهو لا يستطيع ترك هذا الدور الآن، لأن الجميع يعرفون بِأنه معتوه وتصرفاته سيئة، وإذا لم يتصرّف كذلك فسيشكّون فيه"

أومأت سويكا بِرأسها وبدأت تفهم، سأل شوفين

"ولماذا أحتاجُ إلى التظاهُر يا راموليا ؟"

طأطأت رأسها وقالت بِحُزن

"لِأننا ... ضُعفاء"

فرَك شوفين شعر رأس سويكا وقال

"مع أنك صغيرة إلا أنك تعرفين ما يحدُث للضعفاء، أليس كذلك ؟"

تغيّرت ملامِحها فجأة عندما تذكّرت حبسَها في تلك الخيمة ومُحاولة سيّدها السابق استغلالها مقابِل الدفاع عنها، وبعد لحظات.. رفعَت رأسَها وقالت بِحزم

"أنا لا أرغب بِالبقاء ضعيفةً إلى الأبد، لكني لا أتقدّم بِسرعة في تدريـبي"

قال شوفين

"سنُقاتِل نحن الثلاثة للحصول على ثلاث مقاعِد في بوابة النقل بعد أقل من شهرين، وسيكون خصومُنا أقوياء، لذلك سنُطوّر مِن تدريبِها في هذه الفترة القصيرة"

قالت راموليا بِاستغراب

"سويكا أيضاً ؟"

كانت سويكا أضعف الفريق، حيث كان تدريبُها يتصاعَد دون تدريب حقيقي، لذلك لا تملِك أي تقنية قتالية، ابتسَم شوفين وقال

"سأجعلُها أقوى في استخدام المصفوفات، هل سمِعتُما عن تقنية تسمى تقنية الصف الراقص ؟"

عبسَت الاثنتان ولم تعرِفاها فقال

"هي تقنية تقوم بِتحويل الجسد إلى منصة لِتشغيل المصفوفات، ومع التدرّب عليها.. ستتمكّن سويكا مِن استخدام المصفوفات عبر جسدِها ودون الحاجة إلى رسمِها، لكن التقدّم في هذه التقنية يحتاج إلى فهمٍ واسع للمصفوفات، وسويكا لديها القلب البدائي الذي يجعلُها بارعة في هذا المجال"

فهِمت الفتاتان فقال

"سنهتم أولاً بِك يا راموليا"

أخرج مباشرة تلك الأعشاب التي اشتراها وكان قد جهّزها وقسّمها إلى مجموعاتٍ ولم يبقَ غيرُ صقلِها، اتّجه نحو الشعلة البيضاء وبدأ بِالصّقل، وبعد ثلاث ساعات.. كان قد انتهى مِن صُنع خمسة حبوب ذات هالة قوية جداً، قدّمها لِراموليا وقال

"هذه الحبة ليس لديها اسم، صنعتُها خصيصاً لك بعد دمج زهرة البرد النارية مع زهرة السم المقبور، بِالإضافة إلى بعض الأعشاب الأخرى، ستجعلُك تخترقين إلى مستوى تهئية الوعاء خلال شهر أو نحو ذلك، كما ستُعزّز مؤسستك وتدعم تقنية طُغيان النار والجليد، استخدِمي واحدة كلّ أسبوع"

احمرّت وجنتاها وهي تأخُذ الحبوب قبل أن تنحَني قليلاً نحوَه دون قول أي شيء، ابتسَم شوفين وبدأ الصقل مرة أخرى وكانت سويكا تُشاهِده منذ البداية لِأنها لم تعتقِد بِأنه كيميائي أيضاً، استمرّ شوفين في الصقل وفي نفس الوقت كان يستخدِم طُحلب الانبعاث لِاستعادة وزِيادة قِواه الروحية حيث رمى أكثر من مائة طُحلب داخل النار البيضاء، ورغم أن صقلَه بِهذه الطريقة ليس سريعاً إلا أنه مُناسب له لأنه لا يحتاج إلى تركيزِه.

بعد بِضع ساعات، ابتسَم ورفَع يدَه وكانت عليه أربع حبات فضّية، أكل واحدة على الفور ثم أعطى واحدة لِسويكا وأخرى لراموليا، بعدها.. اتّجه نحو ريكو وجعلَه يأكل الرابعة وهو نائم، تساءَلت راموليا عن مفعولها فقال

"هذه حبة جذور البرق السبعة، مصقولة من جذور البرق السبعة، ومُهمّتها تعزيز قوة الجسد والوِعاء، ستُساعِدك على تسهيل الاختراق"

كان هذا شرحاً مُبسّطاً لأن الحبة تقوم أيضاً بِطرد الشوائب من الجسد وتنقية الطاقة وغيرِها الكثير من الفوائد، انتهى من مهمّتِه ثم أمسَك سويكا وقرّبها مِن الشعلة البيضاء وقال لها

"سأُعلّمك الآن تقنية الصف الراقص، لكنّها ليست تقنية عادية لأنها تحتاج إلى صقل جسدِك أولاً، وهي عملية مؤلمة جداً حيث سيتمّ حرق جسدِك بِأكملِه، ليس وكأنه حرقٌ حقيقي، لكن شعورِك سيكون وكأنك تحترِقين حقاً، فهل تجرئين ؟"

كانت نبرتُه تنمُّرية بعض الشيء في آخر كلامِه وكأنه يستصغِرُها عمداً، لم تفهم سويكا بِسبب قلّة خِبرتِها، لكن راموليا قد فهِمَت بِأنه يدفعها عمداً حتى توافِق، ابتلعَت سويكا ريقَها ورفعت رأسها ثم قالت بحزم

"الحرق بالنار أفضل عندي من البقاء تحت رحمة الأقوياء، سأصبِر مهما حدث"

أومأ شوفين وقال لها

"العملية لن تكون قصيرة، ربما تستمرّ لعدّة ساعات، إذا كنتِ جاهزة فاجلسي"

أخذَت شهيقاً عميقاً ثم جسلَت على المنصة قرب الشعلة البيضاء، أغلقت عينيها فقام شوفين بِالتحكّم في الشعلة البيضاء وجعلَها تُحيط بِسويكا، لم تتوقّف النار عِندما تلامسَت مع جلدِها وإنما اخترقَت جسدَها ، صبرَت سويكا على الألم وبدأت تتعرّق، وبعد دقيقة من الصقل بدأت تئِنّ، وبعد خمس دقائق.. بدأت يصرُخ وتبكي، لكنّها لم تتَحرك مِن مكانِها وكأنها راضية على ما يحصُل لها، وبعد سبع دقائق.. ازداد صراخُها لِدرجة أن ريكو استيقَظ مِن نومِه وأرفود خرج مِن عُزلتِه.

استمرّ صُراخها حتى شعر الجميع بِالرحمة عليها ونظروا نحو شوفين، إلا أن هذا الأخير كان وكأنه لا يملِك قلباً، كان كل همّه هو التركيز على العملية لِأنها حسّاسة جداً، وبعد رُبع ساعة.. بدأ جسد سويكا يتمايَل، إلا أن الألم لم يسمح لها بِالإغماء، وفي هذه اللحظة.. رفعَت رأسها بِصعوبة ونظرَت نحو شوفين، اعتقد الجميع بِأنها تترجّاه، إلا أنه ابتسم وقال بِسعادة

"مُثير ... مُثير جداً، القلب البدائي يعيش لاسمِه حقاًّ"

لم يفهم الأغلبية ما يحدُث حتى لاحظوا بأن سويكا قد بدأت بِالانتعاش وعدّلت جلستها ثم سألت بِصوتٍ ثقيل

"ماذا ... يحدُث ؟"

قال شوفين

"لقد نجحَت العملية، مبروك عليك"

ابتسمت أيضاً واغرَورقَت عيناها لأنها قد قطعَت شوطاً نحو حُلمِها حيث لا تكون تحت تصرّف الأقوياء، ابتسَم شوفين وقال لها

"بقِيت خطوة واحدة فقط، وهي أيضاً مُؤلمة للغاية، لكنها لن تدوم لِأكثر من خمس ثوانٍ، تماسكي جيداً"

--------------
معلومة سريعة:
التعليق والإعجاب يزيد من عدد الفصول وجودتِها

2020/01/15 · 606 مشاهدة · 978 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024