سقطت الأميرة ندمين على كرسيها فنظرت إليها أمها بخيبة أمل لأن ابنتها لم تكن بصيرة بما يكفي حتى تقرأ ما بين السطور، لكنها لم ترغب لها أن تقع في الحزن والاكتئاب، لذلك قالت لها

"هذا درس جيد لك، أنت طيبة جداً لذلك لم تستطيعي اكتشاف الأمر"

بقيت الأميرة ندمين صامتة وهي تنظر مثل الجميع نحو شوفين وهو يتقدم حتى وقف في مكانٍ قريب من فاولو، رمى شوفين الكرة وسط المنصة وقام بتفعيلها فصارَت كرة كبيرة طولها أعلى من قامة رجل عادي، في لمحة عين.. بدأ الجسد الرخوي بِالخروج حتى ملأ المنصة الواسعة تحت دهشة الجميع.

بدأ الوحش يتحرك ويُخرِج الأذرُع المكونة من جسده والتي يمكنها القتال على مستوى المسافات البعيدة، ارتعب الجمهور وبدؤوا يهربون، أما الأمراء فقد زاد شغفُهم لأن مثل هذا الوحش يُعتبر أكثر من ورقة رابحة، حيث سيُفيد الدولة أو العشيرة بعد معركة الأمراء، وبدون شعور.. قرّر جميع الأمراء الحصول على الوحش الرخوي مهما كلف الأمر.

أعاد شوفين الجسم الرخوي إلى الجسد الحقيقي للوحش ثم حوّله مرة أخرى إلى كرة صغيرة وبدأ يتقدّم نحوَه لأخذِه قبل أن يبدأ المزاد، لكن.. وفي لمحة عين.. خرج من الجمهور شخص يلبِس رداءً أسود ورمى سلاحاً من نوع الفخ نحو الكرة الصغيرة فقام بِحجزِها داخِلَه، وهذا النوع من الأسلحة يستطيع منه التواصل الروحي بين شوفين والوحش، وفي نفس الوقت.. صنع دِرعاً من الطاقة وأحاط بِه شوفين الذي سقط على الأرض مرعوباً.

وقف جميع الأمراء ومُنظّمي المزاد وأرادوا الهجوم على هذا الدخيل، إلا أنه صرخ عليهِم

"تقدّموا خطوة واحدة وسأقتُل المُروّض، أتساءل.. ما الذي سيفعله الوحش عندما يكون حراً ؟"

توقف الجميع لأن ما قاله صحيح، فلو استعاد الوحش سيطرتَه فسيُحدِث فوضى كبيرة، وسيهرب الدّخيل بالتأكيد بينما يفقِد الجميع فرصة السيطرة على الوحش مرة أخرى، وستُضطر عشيرة عذراء الخمر إلى قتل الوحش حتى لا يعيث في أرضها فساداً بِسبب الغضب.

نظر فاولو نحو الدّخيل وقال له بِنبرة هادئة لكنّها مليئة بالتهديد

"هل تعلم بِأن هذا المزاد يتبع سلسلة متاجر أعلى جبل ؟"

استدار الدّخيل نحو فاولو بينما يتحكّم بسِلاح الفخ ودِرع الطاقة، وكان يقِف قُرب الوحش بينما كان شوفين بعيداً عنه بِأكثر من مائة متر، نزع الدّخيل قلنسوتُه وظهر وجهُه وكان يشبه شاباً في الثلاثين، أشقر الشعر أزرق العينين، لكن الذي يُميّزه هو وشمٌ مثل البرق على جبينِه، استقبل فاولو وقال باحترام

"أنا الأمير سرهاد، آخر من تبقى من السلالة الحاكمة السابقة، أنا هنا للتجارة وليس لإزعاج الموقّرين من أعلى جبل"

عبس الجميع عندما سمعوا اسمه ورأوا وجهه، وكان هذا أحد أعمام الحاكِم السابق الذي قتلته العشائر الخمسة قبل أشهُر، وعُرِف سرهاد بِحبّه للحياة الحرّة حيث كان يجوب جزر سمهريا منذ مئات السنين، ويبدو بأنه قد عاد عندما سمِع عمّا حدث لِعائلتِه، ورغم أن الدولة قد صارت بِدون حاكم.. إلا أن شعبَه لا يزالون موجودين، وإذا وجدوا شخصاً يجمعهم فسيكون ذلك خطِراً على العشائر الأخرى، خاصة أن الأمير سرهاد مقاتل قوي في مرحلة التألّق.

قال فاولو بِنبرة هادئة

"الأمير سرهاد، نحن نرحب بك للمُزايدة على الوحش، لكن.. ليس بهذه الطريقة"

ابتسم الأمير سرهاد وقال

"كما قال المقدّم فصاحِب الوحش هو الذي يبيعُه حسب رغبتِه وليس حسب عدد الكنوز أو نوعِها، وأنا أعرض عليه هذه الكنوز"

لوّح بِيده فظهرت العديد من الصناديق المفتوحة وكانت مليئة بالمواد الثمينة، عبس الجميع ونظروا إلى يدِه وكان يلبِس خاتم تخزين، وعندما تصفحوا الكنوز.. وجدوا بأنها تستطيع مُنافستهم، وهذا أعطى العشائر الخمسة فِكرة واحدة

'الخزانة الملكية'

بعد إبادة العائلة الحاكمة.. بحثَت العشائر عن الخزانة الملكية في كل مكان، لكنهم لم يجِدوا سوى بعض الخزائن العادية التابعة للأفراد، أما الخزانة الأكبر فقد كانت من الأسرار ولم يعلم أحدٌ أين هي، وممّا يبدو فإن الأمير سرهاد قد حصل عليها.

نظر الأمير سرهاد نحو شوفين وقال له

"الشاب الصغير، بِع لي وحشَك وخُذ هذه الكنوز، وإلا فإني سأقتُلك هنا والآن"

لوّح بِيده مرّة أخرى وخزّن الصناديق في خاتمِه بينما كان ينظُر إلى شوفين المُنبطِح على الأرض، قاطَعه فاولو قائلاً

"هذه ليست تجارة، هذا تهديد، نحن سنبيع الوحش للجميع وليس لِشخصٍ واحد"

ضحك الأمير سرهاد وقال

"إذا لم أحصُل على الوحش فسأقتل المُروّض، أنا لا أملِك ما أخسَره على أي حال"

وقف الأمير رامان وصرخ على الأمير سرهاد

"وغد.. قاتِلني إذا كُنت تجرؤ"

عبس الأمير سرهاد وضغط قليلاً على دِرع الطاقة الذي يُحيط بِشوفين ثم صرخ أيضاً

"خطوة أخرى وسأقتـ.."

بووووووم~

لم يُنهِ كلامه لأن شيئاً ما قد تفجّر قُرب رأسِه وأخذ منه صدرَه أيضاً تحت رُعب الجميع لأنهم لا يعلمون ما الذي حدث، سقطت جثّة الأمير سرهاد على الأرض بينما كان الجميع مرعوبين، أما الأكثر خِبرة فقد كانوا يبحثون ويستشعرون أي شيء حول القاتِل الذي قتل متدرباً في مرحلة التألق بِضربة واحدة.

في هذه اللحظة.. اختفى الدرع الذي كان يُحيط بِشوفين فقام وهرب نحو فاولو وهو يبكي ويصرخ

"سيـ.. سيد فاولو ... لقد قُلت بأنك ستحميني ... لماذا لم تقتُله منذ البِداية ... واااااع~"

انتبه فاولو إلى شوفين وكان أول من يُدرِك بأن شوفين ربما يكون هو القاتِل، تنهّد وقرّر بأن يُرسِل المعلومات الجديدة إلى المركز حتى يُعدّلوا ملفّه لأنه أقوى ممّا تصوّروه، أما باقي الأقوياء فلا زالوا يبحثون عن القاتل لأنهم لم يشعروا بأي شيء قبل الانفجار، وكان شفين قد أرسل خيط الضوء إلى رأس الأمير سرهاد قبل فترة من تهديده الأخير، وعِندما شعر بالتهديد.. قام بإخراج النحلة المتفجّرة عبر خيط النور ثم ألغى حاجِزها فاختلط السائلان الأحمر والأزرق وتكوّن تفاعلٌ قوي جعل دِفاعات الأمير سرهاد تبدو مثل قشرة البيض.

ابتسم شوفين داخلياً لأنها أول تجربة فعلية للنحلة المتفجرة وكانت ناجحة نوعاً ما، لكنها للأسف ليست قادرة على قتل المستويات العليا من مرحلة التألق مثل "مستوى تألّق الطاقة الخارجية" و "مستوى تألّق الطاقة البدائية"، لكنها ستكون ضارّة لهم وتُتيح لِشوفين الوقت للهجوم بِطرقٍ أخرى.

نظر فاولو نحو شوفين في نظرة عميقة قبل أن يقف ويقول بِصوتٍ مُرتفِع

"أنا لا أعلم من يكون هذا السيد العظيم، لكني أشكرك نيابة عن سلسلة متاجر أعلى جبل، وسيكون شرفاً كبيراً أن نستضيفك في قاعتِنا المُتواضعة"

قال هذا لأنه ليس متأكداً كُلياً بأن شوفين هو صاحب الهجوم، وبِما أنه لاحظ بأن جميع الحاضرين كانوا هائمين ينظرون هنا هناك.. فقد قال ما قال حتى يسمعه ذاك الخبير إذا لم يكُن هو شوفين، وإن كان شوفين فهذا سيجعل الآخرين يهدؤون، وبالفِعل.. هدأ الجميع تدريجياً وبدؤوا في التفكير بِأنه ربما يكون أحد خبراء أعلى جبل، لأن هذه الشركة ليست بسيطة وإنما لديها حتى علاقات في القارة العظمى.

بعد الهدوء لِبعض الوقت.. صاح الأمير رامان

"الخاتم ... أين الخاتم"

عبس الجميع وهم ينظرون إلى الخاتم المفقود من أصبع الأمير سرهاد، وهذا يعني بأن القاتِل قد حصل على أجرِه بِنفسه وليس في حاجة إلى الظهور، تنهّد الجميع لأن الكنوز الموجودة في الخاتم يجب أن تكون أكبر بِكثير من الصناديق التي أخرجَها، ولم يعلم أحد بِأن الخاتم قد تمّ انتِزاعُه بعد موت الأمير سرهاد عبر أحد خيوط النور أثناء دهشة الجميع.

سارع الخدم بإزالة الجثة كما قام الخبراء بإزالة السلاح الذي يحتجِز الكرة السوداء الصغيرة، وأخيراً.. قال فاولو

"مع أن هذه الحادثة كادت تُعكّر صفونا، إلا أنها قد حُلّت بِسلام، لذلك سنرجِع إلى المزاد على أمل أن يمرّ كل شيء بِسلاسة"

...

داخل العالم الفراغي.. كان أرفود هو الوحيد الذي يُشاهِد لأن الآخرين كانوا بين التأمّل والنوم، وكان أرفود يُمرّر يده على لِحيتِه مع عينين رطبتَين ويقول بِسعادة

"سيدي ... أنا سأخدُمك للأبد، وليس لِألف سنة فقط"

--------------
معلومة سريعة:
التعليق والإعجاب يزيد من عدد الفصول وجودتِها

2020/01/15 · 568 مشاهدة · 1145 كلمة
simba
نادي الروايات - 2025