"في الحقيقة.. إذا كان بينكم مَن يُعطيني مكاناً للذهاب إلى القارة العظمى مع الكنوز التي عرضَها لحدّ الآن فأنا سأعطيه الوحش الرخوي"
بعد هذا التصريح.. صمت الجميع وكأنه قد لمس شيئاً محرّماً، ومع أن شوفين قد تظاهر بأنها فكرة فاولو إلا أنهم لم يشغلوا بالهم بذلك وإنما عبسوا وخافوا أن يكون هذا شرطاً ضرورياً عند شوفين، وبعد ثلاث دقائق.. قال الأمير رامان
"الصديق الصغير، لا يمكنني ذلك لأن الأماكن مِلكٌ لأصحابها، وأنا لا أملِك مكاناً حتى أعطيه لك، أتمنى أن تختار شيئاً آخر"
نظر شوفين نحو الآخرين وكانوا جميعاً رافضين تماماً كما أخبرَه فاولو سابقاً، حينها.. ابتسم بطريقة طفولية ونظر نحو الأميرة ندمين وسألها
"أختي الأميرة.. هل تريدين حقاً الزواج مقابل الحصول على الوحش ؟"
تنهّدت ثم قامت وقالت بِصراحة
"صديقي شوفين، أنت ربما لا تعلم بأن هذا الوحش مهم لي كثيراً، وجميع الأمراء الآخرين أيضاً يريدون الحصول عليه لأن مَن يحصل عليه سيتمكّن من أن يحكُم دولة سمريان، لذلك.. نعم، أنا مستعدّة للزواج بك مقابل الوحش، فبالرغم من أنك لست مُتدرّباً إلا أنك تملِك مهارة قوية ووحشاً طاغياً، ولن أندم على الزواج بك"
أمسك شوفين ذقنه باثنين من أصابِعه ثم ابتسم وقال
"حينها.. سأمنح لك وحشي مقابل منصب الملك وهذه الكنوز"
عبس باقي الأمراء لأن الأمور قد خرجَت من أيديهم رسمياً، خاصة أنهم جميعهم ذكور ولا يستطيعون عرض نفس العرض، ابتسمَت الأميرة ندمين بِسبب اختيار شوفين، ظهرَت السعادة أيضاً على وجوه أبناء عشيرة عذراء الخمر لأنهم سيحكمون الدولة من اليوم فصاعداً، لكن.. ما قاله شوفين بعدها جعلهم يُصدمون حيث قال
"لكني لا أريد أن أصبح ملكاً"
تغيّرت ملامح الأميرة ندمين بشدّة وتذكّرت بأنها تتحدث مع شخص مجنون قد يقول أي شيء، وقبل أن تقول شيئاً.. تدخّلت أمها وقالت
"هل تشرح لنا ما الذي تريده ؟"
سألته بعد أن بدأت تشكّ في أنه مجرد ممثل، ابتسم نحوَها وقال
"أنا سأمنح وحشي للأميرة ندمين مقابل الصناديق الخمسة ومنصب الملك، المسألة بسيطة، أليس كذلك سيد فاولو ؟"
التفت في آخر حديثه نحو فاولو، شعر فاولو بأنه قد تمّ الزّج به في شيء لا يرغبه، لذلك حمحم وقال
"أنا.. لم أفهم جيداً، هل تشرح لي بِشكلٍ أبسط ؟"
قال شوفين
"أنا خائِف من أن الأميرة مدرين قد تتراجع عن كلمتها، هل يمكن أن تكون شاهداً على اتفاقنا ؟"
أومأ فاولو وسأل
"هل تقول بأنك تريد ضماناً على أن منصب الملك سيكون لك ؟"
اومأ شوفين وقال
"نعم، أريد اتفاقية مكتوبة، طبعاً إذا كانت الأميرة موافقة"
بدأ الجميع يفهمون بأن شوفين ربما يكون أذكى ممّا يتخيّلون، تغيّرت تعابير الأميرة ندمين ونظرَت إلى أمها فقالت الأم
"هل تريد أن تجعل شخصاً آخر يتزوج ابنتي ؟"
أومأ شوفين وقال بسعادة
"أنا أعرف أشخاصاً من دولة سمريان سيكونون أنسب لِأختي الأميرة أكثر مني، وهُم تحت الخمسين ويملِكون مناصب محترمة وجيوشاً قوية، وسأدع أختي الأميرة تختار بينهم، أليس الأمر أفضل بِهذه الطريقة ؟"
تغيّر الجو تماماً هذه المرة وانطلقت الضجة بين الحاضرين، ومع أن حديث شوفين قد كان مُبهماً إلا أن الأذكياء منهم قد فهِموا تقريباً ما يرمي إليه، وبعد نقاشٍ بين الأميرة وأمها.. قالت الأميرة ندمين
"بِما أني أستطيع الاختيار فلَن أرفُض"
ابتسم شوفين وأومأ نحو فاولو فتقدّم أتباعُه وأخذوا الكنوز ثم كتبوا وثيقة رسمية ووَقّع عليها الطرفان بشهادة وضمان متجر أعلى جبل، كل هذا والأمراء الآخرون متجمّدون في أماكِنهم، استلَمت الأميرة كرة الوحش الرخوي في الوقت الذي استلم فيه شوفين وثيقة منصب الملك، ابتسم نحو الأميرة وقال
"سنلتقي بعد المزاد حتى أحوّل الوحش إليك ولن يعصيك أبداً"
أومأت بِرأسها وعلى وجهِها ابتسامة واسعة لأنها قد ضمَنت حُكم الدولة الآن، إلا إذا أرادت العشائرُ التراجع عن اتفاقية معركة الأمراء، لكنهم بالتأكيد لن يتراجعوا لأن عشيرة عذراء الخمر هي الأقوى، ناهيك عمّا فهِمته من خطة شوفين والتي ستجعل معركة الأمراء تنتهي حتى قبل أن تبدأ.
التفت شوفين نحو الأمراء وقال لهم
"بِما أنكم لم تسترجِعوا كنوزَكم بعد فأنتم أذكياء جداً"
ابتسم الأمير رامان وتملّق شوفين قائلاً
"لا يوجد بيننا من هو أذكى منك، سيد شوفين"
بعد بيع الوحش.. كان شوفين يتحدّث بطريقة عادية وترك البلاهة جانباً، وذلك بسبب تحوّل الأحداث بعد اقتراح الأميرة ندمين لعرض الزواج، وإذا لم يتراجع عن البلاهة الآن فلن يُحقّق شيئاً من هدفِه الجديد والذي ظهرت علاماتُه أيضاً بعد عرض الزواج.
نظر شوفين إلى الكنوز وقال
"لكن.. ألستم تُقدّرون أنفسكم كثيراً ؟"
عبس الأمراء من طريقة حديثه حيث لم يعد لديه عذر الآن مثل أنه مريض في عقله، لكنهم لم يثوروا عليه لأنهم فقدوا فرصة الفوز في حرب الأمراء ولم يعد أمامهم سوى فرصة منصب الملك، تغيرت تعابير الأميرة ندمين أيضاً لانها وافقت على العقد ما دام سيختار لها من بين الأمراء الأربعة، لكن شوفين لم يعِدها بمثل هذا وإنما كان هذا فهمها الخاص، فهل سيقوم بشيء مجنون بعد أن كان يخدعها لعدّة أسابيع ؟
شرح شوفين للأمراء
"لدي العديد من الأماكن الفارغة، وعند ملئها يتختاج منها الأخت الأميرة كما تشاء، ربما عشرة أماكن الفارغة وربما مائة أو ربما حتى ألف، كما لدّي أيضاً وقتٌ غير محدود لاختيار المرشّحين لأني لستُ مُستعجِلاً، فما الذي يجعلني أختار بينكم والآن ؟"
صمت الأربعة لِبعض الوقت قبل أن يفهم الأمير رامان ويُشير إلى أتباعِه فقرّبوا صندوقاً آخر وهو يقول
"أنا أرغب منك أن تختارني في قائمتِك ما دُمتَ ستُغلِقها الآن ولن تُضيف إليها أي شخص آخر من خارج هذا الاجتماع، وأنا متأكد بأن خِيار صاحبة الجلالة سيكون حكيماً"
كان الاتفاق ينصّ على أن يختار شوفين أكثر من شخص واحد، لذلك لم يستطِع الأمير طلب اختيارِه وحدَه، لكنّه يعتقد بأن الأميرة ندمين ستختارُه بالتأكيد بسبب قوته وجيشِه، لذلك ناداها "صاحبة الجلالة" حتى قبل معركة الأمراء، ما يعني بِأنه مُستعد للتحالف معها إذا اختارته للزواج، وأن يكون ملكاً ولو حتى بالاسم أفضل من خوض معركة ضد الوحش الرخوي العملاق.
نظر باقي الأمراء إلى الأمير رامان وشعروا بأن فرصتهم الأخيرة على وشك الضياع، لذلك سارعوا أيضاً وبدؤوا يقدّمون كنوزهم مقابل الحصول على فرصة بين الأربعة، أما مَن ستختاره الأميرة ندمين فهذا يعتمد على علاقات العشائر وقدراتِها السياسية لتحديد الحليف الأفضل.
ابتسم شوفين وهو ينظر إلى عدد الصناديق في تزايُد، وأخيراً.. قال بِصوتٍ مُرتفِع
"صاحبة الجلالة، لقد اخترتُ لك أربعة أشخاص، خُذي وقتك في الاختيار، عسى أن تترعرع دولة سمريان تحت حُكمِك الرشيد"
لوّح بِيده نحو الصناديق وقام بِتخزينها ثم استدار نحو فاولو وأعطاه وثيقة منصب الملك قائلاً
"خصّص لي مكاناً في مقرّكم، سأبقى معكم حتى وقت الرحيل، أتمنى أن تحصُل لي على ثلاثة أماكِن للقتال على المقاعد العشرة الفارغة"
--------------
معلومة سريعة:
التعليق والإعجاب يزيد من عدد الفصول وجودتِها