"بهذه السرعة ؟"

استغرب شوفين لأن تقدّمه في الاختراق قد كان أكثر سلاسة من المتوقع، وصار بإمكانه الاختراق الآن مباشرة، لكنه أراد معرفة سبب تقدمه السريع، وبعد التدقيق لبعض الوقت، ابتسم وقال ببعض العاطفة

"لم أعلم أن تقنيتك بهذه الروعة.. عدوي القديم"

كان سبب سرعة تدريبِه هو تقنية النور المظلم بِسبب خفة النور والظلام كونَهما أخف من النار، وذلك أثّر على عنق الزجاجة وجعَله وكأنه غير موجود، ما يعني بأن شوفين قد لا يواجه عنق الزجاجة ما دامت الطاقة اللازمة متوفرة.

شكر صديقه القديم ثم بدأ الاختراق نحو مرحلة التألق، فتحت راموليا عينيها ونظرت نحو شوفين بدهشة مخلوطة بالغيرة، لكنها لم تحمِل هذا الأمر إلى قلبها لأنها ما كانت لتصل إلى مستواها الحالي لولا موارد وإرشادات شوفين، وكل ما عليها فِعله هو محاولة اللحاق به.

استمر شوفين في الاختراق لأكثر من يوم، استخدم خلاله الكثير من الحجارة الحمراء وكمية ضخمة من طاقة الوريد الروحي، وبعد جمود.. انطلقت عاصفة قوية من الطاقة حول شوفين، وهذا جعل الأربعة ينتبهون وينظرون نحوه، حتى ريكو النائم قد استيقظ من نومه العميق، سألت سويكا ببعض القلق

"ما الذي يحدث ؟"

قالت راموليا

"إنه يخترق إلى مرحلة التألق"

عقّب عليها أرفود

"هذا ليس مجرد اختراق، طاقتُه تتصاعد بشكل سريع، أعتقد بأنه قد اخترق بِالفعل ويحاول رفع مستواه الآن"

كان أرفود في المرتبة الثانية بعد شوفين عندما يتعلق الأمر بالخبرة، لذلك استطاع معرفة ما يحدث، وبالفعل.. كان شوفين يستهدف المستوى المتوسط من مرحلة التألق.

استمرّت العاصفة حولَه لِأكثر من نصف ساعة قبل أن تتوقّف أخيراً، فتح عينَيه وابتسم لأنه كان قد دخل فعلاً في مرحلة "صقل الطاقة الداخلية" مِن مستوى تألّق الطاقة الداخلية، وما عليه القيام به الآن هو إعطاء طاقتِه الداخلية صبغة النور والظلام، وحينها ستتقدم تقنية النور المظلِم بِشكلٍ كبير جداً.

بقِي أقل مِن عشرة أيام على القتال، لذلك قرّر استغلال الوقت لِتحويل أكبر كمية من الطاقة المحجوزة في وِعائه إلى عنصرَي النور والظلام، ومع أنه تحدٍّ كبير إلا أنه سيقضي ما تبقى من الوقت في التدريب، ويبدو بِأنه يملِك خطة جيدة في ذهنه حول أفضل طريقة لِتحقيق النتيجة التي يسعى إليها.

بعد أسبوع.. توقّف شوفين عن التدريب واستدعى راموليا وسويكا، استكشف حالة راموليا ثم أومأ بِرأسه حيث كانت قد عزّزت وِعاءَها وتستطيع الآن الاستمرار في الارتقاء، نظر نحو سويكا وسألها عن تدريبها فكانت قد تقدّمت كثيراً في تقنية الصف الراقص، لكن ما شدّه أكثر حول الفتاتَين هو زيادة نسبة جمالِهما بشكلٍ ملحوظ بعد استخدام حبوب النعيم المُضيء.

نظر شوفين نحو ريكو وكان هو أيضاً يبدو مختلفاً عن السابق، لكن تدريبَه لا يزال في بداية مستوى تقوية الروح، وسيكون تقدّمه بطيئاً إذا لم يُساعِده شوفين ببَعض الحبوب، لكن الوقت ليس مناسباً الآن.

ابتعد شوفين عن الثلاثة قليلاً ثم قال

"هاجِموني بِأقوى ما لديكم، لا تخافوا علي لأن هذا مُجرد جسدٍ روحي ولن يحدُث لي أي شيء حتى لو تدمّر"

يستطيع الجسد الروحي تمثيل جسدِه الحقيقي، لكنه أضعف من الحقيقي ويمكن أن يتأثر بالهجمات القوية، لكن شوفين لا يريد تجربة تقنياته الأخرى وإنما يريد رؤية ما وصل إليه بِخصوص عُنصري النور والظلام، لذلك سيُقاتل اعتماداً على تقنية النور المظلم.

أحاطَه الثلاثة مِن كل جانب وبدأ ريكو أولاً بِالهجوم، وقف شوفين بدون حركةٍ ووَضع يدَيه خلف ظهرِه، وقبل أن يصِل إليه ريكو.. شعر بِشيء يدفعه بعيداً، عبسَت راموليا لِأن شوفين كان قد استخدم نفس التقنية عليها عندما كان يصقل جسد سويكا، وحينها لم تستطِع الشعور بِالهجوم، لذلك قرّرت استخدام ضربات بعيدة المدى، اعتمدَت على السوارَين اللذين اختارهما شوفين لها فصار هجومها المخلوط بين النار والجليد المسموم أقوى بكثير من السابق، اكتسَحت الضربة مساحة كبيرة وهي تتّجه نحو شوفين حتى أن الجميع اعتقدوا بأنها ستغطي جسدَه بأكملِه، لكن.. وبطريقة غريبة.. انقسمَت الضربة إلى جزئين، وكل جزء سار في اتجاه مختلف بينما بقي شوفين على وضعِه السابق دون أن يتحرّك خطوة واحدة.

نظر الجميع إليه وبدا وكأنه أكبر مغرور على وجه الأرض، تقدّمت سويكا وقالت

"لقد طوّرتُ ثلاث هجمات رئيسية، وسأستخدِم عليك أقواها"

أومأ شوفين فقامَت سويكا بِتكوين مصفوفة على راحة يدِها بِسرعة كبيرة، واستخدَمت فيها الطاقة من المصفوفة الصغيرة على جبينها، تكوّن شعاع على راحة يدِها ثم قذفته نحو شوفين، عبس وهو ينظر إليه قبل أن يبتسم ويستخدِم قواه الروحية لِصدِّه لأن أي قوة أخرى لن تنجح في ذلك، وفجأة.. ارتدّ الشعاع وسقط على الأرض قبل أن تبدأ بقعة كبيرة بالتآكل، ضحك عندما رأى ما حدث ثم قال

"جيد ... بل رائع، لا أحد سيفكر بهذه الطريقة إلا إذا كان يمتلك القلب البدائي"

تعتمد سويكا في هجماتِها على استخدام المصفوفات لإرسال الهجمات أو إنشاء الدروع، لكنها قامت باستخدام مصفوفة لإرسال مصفوفة أخرى، حيث أن المصفوفة على يدِها تقوم بِتفعيل مصفوفة التآكل وقذفِها على الهدف، ولولا فِطنة شوفين لكان قد خُدِع وظنّ بأنه هجوم عادي، وحينها.. لن يستطيع أي هجوم غير روحي ردّ هجومِها.

بعد الهجمات الثلاث.. صرخ على الثلاثة ساخراً

"أنتم ضعفاء جداً، هاجموني معاً في نفس الوقت"

شعر الثلاثة بِالغضب مع تفاوُتِ نسبتِه بينهم، وكان ريكو الأكثر غضباً والأضعف في نفس الوقت، استقبل شوفين الكثير من الهجمات الأخرى ونجح في تفاديها مع إعطاء الملاحظات للثلاثة، استمر هذا لِـيومٍ كامل وكان راضياً على قوة راموليا وذكاء سويكا، لذلك سمح لهما بالمشاركة في القتال لأجل المقاعد الفارغة العشرة.

في الوقت المتبقي.. ساعد سويكا على إخفاء نمط هجماتِها حتى لا يعلم أحد بأنها تعتمد على المصفوفات، وكانت الطريقة سهلة ولا تحتاج إلى الكثير من التركيز، لذلك تعلّمتها سويكا بسرعة وصارت تستخدم المصفوفات دون إظهارها.

ساعد سويكا أيضاً في زيادة قوة الدرع الذي معها وهو درع شفاف يُلبس تحت الثياب، كما ساعد راموليا على تحسين دِفاعاتِها اعتماداً على تعزيز قوتِها بالسوارَين، أما ريكو فهذا لم يكُن وقت تدريبه لأنه لن يُشارِك في القتال، لكنه سيذهب مع راموليا للاستمتاع بالمناظِر بعد أن ترجّاها لأكثر من ساعة.

...

في الخارج.. بدأ ملوك جُزر سمهريا السبعة بالوصول واحداً تِلو الآخر، بقي يوم ونصف على بدء القتال، وبعده بِثلاثة أيام.. ستُفتح البوابة، لذلك وصل الملوك جميعاً مع مُقاتليهم ومُرشّحيهم للذهاب إلى القارة العظمى.

يعتمد ملوك جزر سمهريا على من يُرسِلونهم إلى القارة العظمى، ومع أن أغلب من يذهب قد لا يعود، لكنّهم يأملون بأن واحداً على الأقل سيرجِع يوماً ما ويجلُب الكثير من الموارِد، وسبب عدم عودتِهم هو أن النجاح في القارة العظمى يأخذ الكثير من الوقت، كما تُعتبر القارة العظمى مكاناً خطيراً ولا ينجو فيه الجميع، خاصة من لم ينجح في الانضمام إلى عشيرة ما هناك.

كان مع كل ملك عدد من الأماكن المُحدّدة وكان أغلبهم من الكِبار الأقوياء الذين ذهبوا مرة على الأقل إلى القارة العظمى، وسبب ذهابِهم في الغالب هو التجارة أو البحث عن العلاقات الجيدة، وسيعودون بعد عشر سنوات لإفادة عشائرهم، لكن أغلب الذاهبين تكون لديهم أهدافهم الخاصة مثل البحث على نوع ما من الأعشاب أو الحبوب بسبب توقّف تدريبهم منذ زمن طويل، لذلك تجد بأن أغلب الأماكن التسعين المحجوزة أصحابها كِبار.

يتم توزيع الأماكن على الدول السبعة من الأقوى إلى الأضعف حيث الدولة الأقوى لديها اثنان وعشرون مقعداً، بينما الأضعف لديها خمسة فقط، ودولة سمريان التي توجد في وسط الترتيب لديها ثلاثة عشر مقعداً.

تقوم كل مملكة بِتقسيم المقاعد حسب ما تراه مناسباً، فهناك عائلات حاكمة قوية تقوم باحتكار جميع المقاعد أو أغلبها لنفسها، وهناك عائلات حاكمة ضعيفة تقوم بِتوزيع المقاعد على العشائر القوية حسب حاجتِها، وهذا ما حدث لِدولة روسكيا التي أعطت ثلاثة مقاعد للعشائر القوية واحتفظت لِنفسها بِمقعدَين فقط.

وصلت الملكة ندمين أيضاً مع قومِها وكانت هذه فرصة جيدة حتى تفرِض نفسها على باقي الملوك بِما أنها قد اعتلَت الحكم قبل وقت قصير، وكان يرافقها الأمير رامان مع أنهما لم يصِلا بعد إلى اتفاق الزواج، لكنها في الغالب ستختاره لأن عشيرته هي ثاني أقوى عشائر دولة سمريان، وهو شاب قوي ويملك تأثيراً جيداً، ومع ذلك.. كانت العشائر الأخرى تُحاوِل الفوز بِمنصب الملك، حتى أن أضعف عشيرتَين قد قرّرتا الاتحاد وتقديم أميرٍ واحد حيث صارت العشيرتان أقوى حتى من عشيرة عذراء الخمر، لكن هذا التحالف لم يستمر كثيراً بسبب خصام الأميرين حيث كل واحدٍ منهما يريد أن يكون الملك.

وصلت دولة راسكيا أيضاً وكان حاكمها متواضعاً جداً كونه في مؤخرة الدول، لكنه أتى بِبعض الآمال لِتغيير نظر الجميع إليه حيث أحضر معه مجموعة من الشباب الواعدين لِتجربة حظوظِهم في القتال لأجل المقاعد الفارغة العشرة، وكان من بين هؤلاء الشباب وجه مألوف.

بعد يوم آخر.. تربّع ملوك الدول الثلاث الأقوى على عرش السلطة وتم التعامُل معهم وكأنهم الملوك الوحيدون في قاعة الضيوف، لكن الملكة ندمين لم تتركهم وشأنهم وإنما جلسَت معهم وفرضت نفسها عليهِم، ويبدو بأنهم لم ينزعجوا لأنهم أرادوا أيضاً استكشاف الشخص الذي قضى على الحاكم القديم وحكم مكانه، خاصة أنها كانت امرأة.

في هذه اللحظة.. كان قد تبقى على القتال ساعتان فقط، وكانت الملكة ندمين تتصفّح الحاضرين كل مرة لكنها لم ترَ شوفين، لاحظ حاكم ثالث أقوى دولة التفاتها فقال لها

"يبدو أن صاحبة الجلالة تنتظر أحدهم"

قالت

"نعم، لكنه لم يأتِ بعد"

سخر حاكم ثاني أقوى دولة

"هل ظلّ الطريق إلى هنا ؟"

ابتسمت وقالت له

"إنه ليس من ذلك النوع، هو في الحقيقة سيشارِك في القتال، لذلك سيظهر في أي لحظة"

همهم أقوى حاكِم ثم قال

"بِما أنك تنتظرينه فلابد بأنه قوي، سيكون ممتعاً أن نُشاهِد مهارة أبناء سمريان هذه المرة"

ضمّت شفتيها قليلاً ثم قالت بِأسف

"ليتَه من دولة سمريان، لكنه في الحقيقة من دولة روسكيا"

قالت هذا وهي تنظر إلى حاكم دولة روسكيا الذي كان مقعده أبعد قليلاً عن باقي الملوك، وكانت قد اشترت هذه المعلومة من فاولو بعد رحيل شوفين، نظر إليه الملوك الثلاثة الأقوى في انتظار جوابِه، إلا أنه لا يدري من يكون هذا الذي تتحدث عنه الملكة الجديدة، ابتسمت الملكة ندمين ثم قالت

"لقد وصل أخيراً"

--------------
معلومة سريعة:
التعليق والإعجاب يزيد من عدد الفصول وجودتِها

2020/01/16 · 519 مشاهدة · 1505 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024