59 - هل تجمع الحريم ؟

"ما الذي يُخفيه أعلى جبل علينا ؟"

اهتزّت مباني أعلى جبل واستعدّ الجميع للهروب، وتحت الأرض.. عبس شوفين وبدا وكأنه قد أحس بِشيءٍ ما، انطلق بِسرعة مع الشيخ الأكبر حتى وقفا قرب بوابة فولاذية سميكة، وكان الشيوخ مرعوبين لأن مصدر الهزة كان يأتي من الخزانة، صرخ أحد الشيوخ

"لم يفعل مثل هذا من قبل، ما الذي يحدث بالضبط ؟"

تقدّم شوفين نحو البوابة ووَضع يده عليها ثم أغلق عينَيه وقال بِصوتٍ عاطفي

"اِهدأ"

وفجأة.. هدأت الهزّة وكأنها لم تحدُث من قبل، بقي شوفين على حالِه لِبعض الوقت قبل أن يستدير وعلامات الغضب بادية عليه، ارتعب الشيوخ عندما رأوا غضبه ولم علموا ما يحدث، بقي على حالِه قبل أن يقول بِنبرة قوية ومُخيفة

"أين وجدتموه ؟"

نظر الجميع نحو الشيخ الأكبر لأنه هو الوحيد الذي يعلم التفاصيل، ابتلع ريقَه وقال

"طار مِن مكانٍ ما ووَقع في جزر سمهريا، أحسّ بِه سلفنا وتتبّع آثاره فوجدَه في دولة روسكيا، لكنه كان جامداً تماماً، وبعد العديد من الأبحاث.. وجد السلف طريقةً لِشحنِه بِالطاقة، لكنّه فشل في استخدامِه لأنه يملِك وعيه الخاص"

عبس شوفين ثم أغلق عينَيه وبدأ يبحث في كتاب التاريخ المجيد، وبعد بِضعة دقائق.. اسودّ وجهُه وارتفعت هالتُه ولعن بِصوتٍ مُرتفع

"الأوغاد"

ارتعب الشيوخ واعتقدوا بِأنه يقصِدهم، لكنه كان يقصِد أشخاصاً آخرين من القارة العظمى حيث كانت أخبارهم في كتاب التاريخ المجيد، أخذ شهيقاً وعادَت تعابيره لِما كانت عليه ثم قال

"إفتحوا الباب"

نظر الشيوخ نحو الشيخ الكبير فأومأ لهم، فتحوا المصفوفة القوية التي كانت تحميه ثم فتحوا الباب وظهر مُكعّب ذهبي صغير يطفو في الهواء، وبِمجرد فتح الباب.. اهتزّ المكعّب بِجنون وانقضّ عليهِم، تراجع الشيوخ خوفاً منه بعد رؤية قوتِه، أما شوفين فقد ابتسم ومدّ يده وهو يقول

"اِتبعني"

طار المكعّب إلى يدِه ثم خزّنه دون أن يقول شيئاً، استغرب الجميع لأن عدداً لا يُحصى من العباقرة قد حاولوا كسب ودّ هذا المكعّب الغريب، لكن الجميع كانوا يفشلون، والآن قرّر أن يتبع شوفين بِسبب كلمة واحدة ؟

نظر شوفين نحو الشيخ الأكبر وقال بِنبرة مخيفة

"لا تذكروا لأحدٍ بِأني أخذتُه، بل لا تذكروا أصلاً بأنكم كنتم تملِكونه، هذا الشيء يجب أن يبقى في طي الكتمان، لا تجعلوني أرجِع إليكم"

أخرج بعدها حجر التصوير ومنحَه للشيخ الأكبر قبل المغادرة، أمسك الشيوخ حجر التصوير وهُم ينظرون نحو شوفين بِنظراتٍ مرعوبة، وبعد دقيقةٍ بدؤوا يتصفحون محتوياته بانبهار كبير، ويبدو من ملامحهم أنهم ليسوا نادمين بتاتا، لأن هذا الكتاب يجمع كل الأحداث البارزة التي حدثت خلال مائة ألف عام، ومع أن شوفين يعلم مصدر الكتاب إلا أن أغلب العوالم لا يعلمون من يُصدره أو كيف يعلم مؤلفُه كل ما حدث من أمور مهمة في العديد من العوالم، ما يجعل المنظمات التي تبيع الأخبار تبدو مثل الحثالة أمام براعة مؤلفه.

غادر شوفين نحو الأعلى وكان الجميع ينظرون نحوه باحترام مخلوط بالخوف والرهبة، حتى أنهم لم يجرؤوا على سؤاله حول تلك الهزة رغم أنهم يعتقدون أنها مرتبطة به بطريقة ما.

بعد نصف ساعة.. اقترب منه حاكم أقوى دولة ومعه تلك الفتاة العشرينية التي أعطاها رمز البوابة بعد شرائه من شوفين، ابتسم وقال باحترام

"لقد التقينا في وقت غير مناسب ولم أتعرف على عظمتك سيد شوفين، ولو كان في يوم آخر لكنت مسرورا لاستضافتك في قصري وخدمتك بنفسي"

نظر إليه شوفين من الجانب ثم سأله

"ما الذي تحتاجه مني ؟"

أصيب الحاكم بِبعض الإحراج قبل أن يشير إلى الفتاة ويقول

"هذه صلجان، وهي ابنتي الوحيدة، أتمنى منك مرافقتها إلى عشيرة الرمح الشمسي، ما كنتُ لِأطلب منك هذا لولا أن بين الذين سيذهبون في هذه الدفعة أشخاصاً أخشى منهم أن يؤذوها في الطريق"

نظر إليها شوفين قليلاً ثم قال

"أنا شخصٌ يفتعِل الكثير مِن المشاكل ولدي أعداء كُثر، لذلك لا أستطيع أخذها معي"

طأطأ الحاكم رأسه وخاب أملُه، أما الفتاة فقد كانت تنظر مباشرة نحو شوفين وكأنها تترجّاه بِدون كلمات، انتبه لها شوفين ودقّق النظر فيها قبل أن يبتسم ويقول

"طريقتكم بدائية جداً، بل غبية بعض الشيء"

نظر إليه الاثنان في محاولةٍ لِمعرفة قصدِه، أشار نحو الفتاة وقال ساخراً

"عينان رماديتان وظفيرة سوداء، هذه طرق بدائية لإخفاء هيئة الطاووس المقدّسة"

ارتجف الاثنان ونظرا في بعضهما البعض، وكانت هيئة الطاووس المقدّسة تمنح الشعر والعينين ألوان قوس قزح وقوة لا يُستهان بِها، لكنها في نفس الوقت مطلوبة حيث يمكن استخراجها عبر قتل صاحبِها وأخذ جوهر الدم الخاص به، لذلك قام الحاكِم بإخفائها بِطريقة ما، لكن شوفين استطاع رؤيتها بِلمحة واحدة بِسبب عينَيه الخارقتَين.

أضاف شوفين

"إذا كُنت قد تعرّفتُ عليها فسيتعرف عليها غيري، إلى أي درجة أنت واثق من سلامتِها في تلك العشيرة حيث تُريد إرسالها ؟"

عبس الحاكم ولم يقُل شيئاً، فهِم شوفين بأنه لا تجمعهم أي علاقة جدية، تنهّد ثم صمت ولم يقُل شيئاً هو أيضاً، صمت الثلاثة ولم يُغادِر الحاكِم وكأنه ينتظر أي إرشادات من شوفين، أخذ شوفين شهيقاً عميقاً ثم نظر نحو الفتاة وقال

"اِتبعاني"

تبِعاه حتى دخل بهِما إلى الجناح حيث كان يعيش، نظر نحو الفتاة وقال

"اقتربي منّي"

تردّدت قليلاً قبل أن تنظر نحو أبيها، أومأ لها فاقتربت منه، رفع يدَه ووضعه على رأسها ثم قال

"أرخي دِفاعاتِك، سأقوم بإخفاء هيئة الطاووس المقدّسة"

أرخَت دِفاعاتِها فحقَن طاقته عبر جسدِها ثم قال

"أستطيع ختم هيئة الطاووس المقدّسة لِمدة خمس سنوات، على أمل أن تكوني أقوى وتستطيعي الدفاع عن نفسك"

استمرّ في ختم موهِبتها داخل جوهر الدم الخاص بها، وأثناء العملية.. شعرَت بِبعض الألم لكنه كان خفيفاً، استمرّت العملية لِعدّة دقائق، وقبل أن ينتهي.. قال لها

"أستطيع أيضاً أن آخذك معي في رحلتي حتى نجِد عشيرةً موثوقة، هناك الكثير من الخيارات الجيدة"

تهلّلت تعابير الحاكم لأنه كان متاكداً من أن شوفين لديه خبرة واسعة، وقبل أن يُوافِق.. قال شوفين

"لكني أملك الكثير من الأسرار، وسأحتاج إلى أخذ بعض الضمانات، أتحدّث هنا عن ختم الروح"

تغيّر وجه الحاكِم وهو ينظر نحو شوفين، ابتسم شوفين وقال

"لو أردتُ أذيّتها فسأفعل ذلك هنا والآن، ولا داعي للانتظار حتى أكون بعيداً عنك"

تنهّد الحاكم لأنه يعلم ما هو ختم العبودية، لكن شوفين على الأقل يبدو صادقاً، نظر نحو ابنتِه ثم قال

"الأمر بين يدَيك الآن، اعتبريني غير موجود"

عضّت شفتها قليلاً ثم سألته

"سيد شوفين.. هل تجمع الحريم ؟"

--------------
معلومة سريعة:
التعليق والإعجاب يزيد من عدد الفصول وجودتِها

ملاحظة حول البطل:
لا.. أبداً، شوفين ليس بطل حريم، أنا واثق من هذا، لكنه يميل إلى الثقة في النساء لأسباب تاريخية، نعم.. أقصد تاريخه الشخصي، ألا تذكرون اسم عدوّه القديم ؟
من يذكره ؟
أكتبوا اسمه في التعليقات 😊

2020/01/18 · 615 مشاهدة · 996 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024