"سيد شوفين.. هل تجمع الحريم ؟"

تفاجأ شوفين من سؤال صلجان المباشر، رمش مرّتين ولم يعلم كيف يُجيبها، لو لم يكُن أبوها موجوداً لربّما كان سيقول بضع كلمات منحرفة، لكنه لم يشأ أن يجعل أباها قلقاً عليها، لكن تفكيره كان خاطئاً هذه المرة حيث ضحك أبوها الحاكم وفرك شعر ابنتِه وكأنه فخور بها ثم قال

"إنها هكذا دائماً، فمع أنها تبدو هادئة إلا أنها تملك فماً حاداًّ"

ضمّ شوفين شفتيه قليلاً ثم قال

"من جهة.. نعم، أنا أثق في الإناث أكثر من الذكور، لكني لا أخطّط لإبقائك معي طويلاً لأن المكان الذي سأذهب إليه ربما لن يكون مناسباً لك، طبعاً.. هذا يعتمِد على مهاراتِك الشخصية، هل أنت مهتمّة ؟"

استعادت صلجان جدّتها ثم قالت

"أنت رجل عظيم وأعلم بِأنك لن تسيء إلى فتاة ضعيفة مثلي، لذلك.. أنا مستعدّة للذهاب معك"

قالت هذا لأنها أصلاً كانت ستُغامر بالذهاب إلى عشيرة الرمح الشمسي والتي يوجد فيها شخصٌ قد التقى به والدها منذ زمنٍ طويل، فلا هو من عائلتها ولا هو صديق موثوق، لذلك لم تعلم ما الذي ستجدُه أمامها، لكنها عزَمت على الذهاب بحثاً عن الأمجاد كما هو حال اليافعين في هذا العالم.

ابتسم شوفين ثم بدأ يضع عليها ختم العبودية وكان خفيفاً مثل ختم راموليا، وذلك حتى يحفظ أسرارَه الخاصة، فحتى سويكا وراموليا لن تستطيعا ذِكر أسرارِه أو كِتابتها وإرسالها أو أي شكلٍ من أشكال الخيانات، مع أنهما تعيشان حياة عادية ولا يؤثر الختم عليهِما، لذلك سيكون الأمر آمناً إذا اصطحب شخصاً إضافياً، كما أنه أراد تجربتها بِسبب هيئتِها حيث لا ينجح الكل في تطويرِها، وإذا نجحت في ذلك فقد يأخذُها معه إلى عالم آخر، طبعاً.. إذا كانت لديها الإمكانيات التي تجذِبُه.

يُمكن اعتبار راموليا حالة خاصة لأنها لا تملِك إمكانياتٍ جيدة، وسيكون رفع تدريبها صعباً ما لم تُصادِف حظاًّ مُعيناً يجعلها على قدم المساواة مع ريكو وسويكا، فريكو قد اختار له شوفين جسدَه بِنفسِه، ومع أنه لم يكُن يعرِف قوة موهِبته الفطرية إلا أنه يثِق في حدسِه جيداً، طبعاً إذا اختار ريكو البقاء في جسد القرد، أما إذا قرر تغيِيرَه فربما لن يُبقيه شوفين معه وإنما سيتركه يذهب إلى شأنِه، أما سويكا فلديها القلب البدائي والذي يُعتبر نادراً جداً، لذلك قرر أن يأخذها معه في رِحلتِه ويجعلها تبقى في عالمِه الفراغي للعناية بالبيضة الغريبة، وإذا نجحت يوماً ما في فقصِها والتحكّم في المخلوق الموجود في داخلها فستكون ذات قيمة رائعة له.

بالنسبة لصلجان.. لا تُعتبر موهوبة جداً، كما أن هيئة الطاووس المقدّسة ليست نادرة، إضافة إلى عمر صلجان حيث فاتها وقت كثير لإيقاظ قدراتِها، لذلك لم يضع عليها آمالاً كبيرة، ولكنه لا يضعها في مقام راموليا والتي سيقوم بِمساعدتِها حتى تصبح أقوى رغم جسدِها غير الموهوب، فشوفين أصلاً يملك جسداً غير موهوب، بل يُمكن اعتبار جسد راموليا أكثر موهبة من جسدِه الخاص، لذلك كان يشتاق للمجيء إلى القارة العظمي للحصول على جسدٍ قوي كان قد قام بِتطويره وتركِه مختوماً في مكان آمن قبل خمسين ألف سنة، لكن.. يبدو بأن خطتَه لم تعُد مُمكنة بعد الآن.

انتهى من وضع الختمَين ثم نزع يده وقال

"أعطني رمز البوابة"

أخرجت رمز البوابة الذي اشتراه منه الحاكم قبل أيام، ابتسم نحو الحاكِم وقال

"قُم بِبيع هذا الرمز قبل فتح البوابة، ثلاثون بالمائة من السعر لك وسبعون لي أنا، أما صلجان فسآخذها معي بِطريقتي الخاصة، ودّعا بعضكما"

تفاجأ الحاكم قليلاً ثم أومأ بِرأسه، وذلك لأنه تذكّر الفتاتَين الصغيرتَين واختفاءَهما مباشرة بعد انتهاء القتالات، دخل شوفين إلى غرفة نومه وانظر انتهاء طقوس الوداع، وبعد بِضع دقائق.. خرج الحاكم لِبدء التجارة بينما دخلَت عليه صلجان ووجدته جالساً على سريره، ابتسم نحوها وقال

"اِخلعي ثيابك"

هاااااه ؟

تراجعت للخلف وقد احمرّ وجهُها من الإحراج، ضحك عليها ثم لوّح بِيده وأخرج راموليا التي كانت تشاهد عبر الشاشة، اقتربَت من شوفين وأمسكت أذنه بقوّة وصرخت عليه

"لماذا تُخيف هذه الفتاة الصغيرة ؟"

بدأ يتأوّه ويستغرِب من أين أتَت راموليا بِهذه الشجاعة اليوم، لكنّه فهِم أنها أرادت من صلجان أن ترتاح ولا تنظر إلى شوفين على أنه مجرد وحش، ومع أنه كان في يوم من الأيام يقف على رأس العوالِم إلا أنه أيضاً من النوع الذي يمكنه أن يتصنّع البلاهة ويجعل الناس يضحكون عليه، وربما يكون هذا هو ما شجّع راموليا على مُعاملتِه بِهذه القسوة لِأول مرة.

استرخَت صلجان عندما رأته يتأوّه، ابتسمَت نحوَها راموليا وقالت

"ستأتين معي الآن"

فتح لهما شوفين الباب وأدخلهما إلى عالمِه الفراغي ثم خرج لِانتظار البوابة، وعندما وصل إلى حيث يجتمع الناس.. وجد الحاكمَ يبيع الرمز تحت دهشة الجميع من ظهور رمزٍ آخر، وفي هذه اللحظة.. جاء الشيخ الأول وقال للحكام

"أنا سأشتري هذا الرمز، لكني بحاجة أولاً إلى اجتماعٍ طارئ مع الملوك السبعة"

كان هذا قراراً مفاجئاً من الشيخ الأول، ففي البداية كان سيُرسل الكتاب عبر مصفوفة خاصة، لكنه فوجئ بِأن الحاكم الأول يبيع رمزاً آخر فقرّر أن يأخذ معه نسخة من الكتاب الكامل إلى بعض الجهات المهتمّة ويُفاوِض عليه حتى يكسِب أكبر عددٍ من الفوائد.

داخل قاعة مُغلقة.. كان شوفين ضيفاً غير مدعو، لكن أحداً لم يعترِض، لذلك بدأ الشيخ الحديث

"سلّموني أجزاء الكتاب الذي معكم وسأذهب شخصياً إلى القارة العظمى للمفاوضة على أكبر سعرٍ مُمكن، سيحصل كل ملك على نسخة كاملة من الكتاب، أما الأرباح فستكون مثل سعر الشراء، نصف الأرباح لنا، وأنتم السبعة تقسمون النصف الآخر بينكم"

نظر الملوك في بعضهم البعض ولم يتوقّعوا كل هذا في آخر ساعة قبل المغادرة، تدخّل الحاكم الأول وقال

"النصف الذي معك لا يساوي الكثير لأنه مجرّد نِصف، لذلك تُعتبر الأجزاء التي معنا جميعاً بِنفس القيمة"

قال الحاكم الثاني

"هذا صحيح، يجب أن نقسِم الأرباح على ثمانية أجزاء متساوية"

بدأ الجميع يُدلون بِآرائهم وتضخّم الجشع في قلوبِهم حتى سمعوا شوفين يقول

"لا تكونوا بِهذا الجشع يا أصحاب الجلالة"

نظر إليه الجميع بِعيونٍ حمراء، جشع يا ابن اللئيمة ؟
وهل يوجد من هو أكثر جشعاً منك ؟

أحسّ بِمشاعِرهم الحارّة فضحك وقال

"هذا الأمر لا دخل لي فيه، لكن البوابة على وشك أن تُفتح، سيكون من الجيد أن تنتهوا وتكتبوا العقود مع الشيخ قبل مُغادرتِه"

فهِم الجميع الوضع لذلك خفّفوا مِن جشعِهم واتّفقوا أخيراً على أنّ أعلى جبل سيأخذ الثلث بينما يقسم الحكام ثلثَي المبلغ بينهم بالتساوي، وذلك لأن أعلى جبل هو الذي سيذهب للتفاوُض عليه مع معارِفه مِن كِبار شخصيات القارة العظمى.

انتهى الجميع مِن كتابة العقود وختموها ثم جمعوا محتويات الكتاب وأعادوا نَسخه فصاروا جميعاً يملكون النسخة الكاملة، وفي هذه اللحظة.. سمع الجميع نداءً من الخارِج يقول

"لقد فُتِحت البوابة وبدأ الناس يخرجون منها"

عندما تُفتح البوابة.. يخرُج منها الناس خلال رُبع ساعة، ثم يتغيّر الاتّجاه لِمدة ربع ساعة أخرى لِمن يُريد الذهاب، وتستحمِل مائة شخص فقط.

خزّن الملوك عقودَهم وخرجوا حتى يشهدوا ذويهم يعودون أو يُغادرون، وفي هذه اللحظة.. تذكّر الشيخ الأول أنه لم يتفاوض بعد على شراء الرمز من الحاكم الأول، نظر إليه قبل أن يسقُط فكّه لأن شوفين مدّ يده بسرعة نحو الرمز وخطَفه، عبس الشيخ الأول وقال بِسخط

"ما معنى هذا ... سيد شوفين ؟"

ابتسم شوفين وقال

"هذا الرمز ملكي، هل تُريد شراءه ؟"

نظر الشيخ نحو الحاكم فأومأ بِرأسه، اسودّ وجهُه لأنه يعلم كيف هو شوفين في التجارة، وﻷن الوقت غير مُناسب.. أخرج الشيخ خمسمائة حجر برتقالي كانت معه منذ جمعوا العشرة آلاف السابقة، حيث كان الشيوخ عازمين على جمع حوالي اثنتي عشر ألفاً، لكنهم تراجعوا عن ذلك بعد جمع عشرة آلاف وخمسمائة، نظر شوفين نحو الخمسمائة حجر وأومأ بِرأسه ثم أخرج العديد من الصناديق المليئة بِالأحجار الحمراء وبعض الكنوز والحبوب، نظر الحاكم نحو الصناديق وارتجف حاجِباه لأن هذه الكنوز كانت مِلكاً له في السابق، والآن يُعطيها له شوفين مكان الحجارة البرتقالية، ومع أن قيمتها أصلاً أكثر من قيمة الثلاثين في المائة التي اتّفقا عليها إلا أن قيمة الأحجار البرتقالية لا يُمكِن أن تُعوَّض، ومع ذلك.. لم يقل الحاكم شيئاً لأن هذا كان مجرد ربح إضافي لم يكُن يتوقّعه.

خرج شوفين مباشرة نحو البوابة وترك الاثنين في دهشتِهما قبل أن يتبعاه بِسبب ضيق الوقت.

وصل جميع المرشّحين نحو مصفوفة محمية بحاجزٍ قوي ولا تسمح لأحدٍ بالدخول حتى ينتهي خروج العائدين من القارة، بدأ شوفين يتصفّح العائدين وكانوا جميعاً من الشيوخ ويملكون قوة جيدة، خرج أقل من عشرة أشخاص فقط من البوابة قبل أن يتغيّر الحاجِز وصار بإمكانهم الدخول ما داموا يملكون رموزاً، تقدّم الشيخ الأول وقال

"حضّروا رموزَكم، ستدوم الرحلة لِأكثر من نصف ساعة، لا تستخدِموا الطاقة وأنتم داخل النفق حتى لا تتسبّبوا في تكوين شرخ مكاني أو زوبعة مكانية وتقتلونا جميعاً"

تقدّم الشيخ أولاً نحو الحاجِز وعبر خِلاله، تبِعه شوفين مباشرة وقفز في الضوء الضبابي دون قلق، وفي النفق.. كان الشيخ الأول أمامه، استدار للحديث معه إلا أن شوفين كان قد جلس بالفِعل وأغلق عينَيه للتأمل وعِلاج جروحِه، لكنه لا يستطيع الدخول إلى عالمِه الفراغي لأنه أصلاً في نفق فراغي، وإذا حاول فتحَه هنا فقد يتسبّب بِكارثة كبيرة، خاصة أن هذه البوابة كانت مجرد قمامة.

وبعد نصف ساعة تقريباً.. فتح شوفين عينَيه وقال

"لقد وصلنا"

--------------
معلومة سريعة:
التعليق والإعجاب يزيد من عدد الفصول وجودتِها

--------------

يا شباب، عندي مشكلة، شوفين يريد الهروب من الرواية 😢

هل من نصائح ؟

بس لا تقولوا "زوجوووه" 😂

2020/01/18 · 602 مشاهدة · 1407 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024