"حصلتُ عليها"
حصل شوفين على دمعةٍ صادقة من إينجِه بعد استِثارة مشاعِره، خزّن الدمعة ثم ابتسم نحو إينجِه الذي كان لا يزال في حالتِه العاطفية رغم استغرابِه من أخذ شوفين لِدمعتِه، فرك شوفين رأسه الصغيرة وقال له
"من اليوم.. أنت أخي الصغير، ستكون في حِمايتي حتى تصِل إلى قَومِك"
ابتسم إينجِه بِسعادةٍ وكانت ملامِحه طفولية وأنثوية، بعدَها سأل بِشَوق
"أخي شوفين، من هُم قومي ؟ ... ولماذا قُلتَ بأني لستُ بشرياً ؟"
أجابه شوفين
"سأُخبِرك كل شيء فيما بعد، يجب علينا الذهاب قبل وصول أعدائِنا"
أومأ إينجِه بِرأسه وتبِع شوفين وقد صار يثِق فيه، وهذا من الخِصال السيئة في إينجِه والصنف الذي ينتمي إليه حيث يثِقون بِسرعة في المشاعِر التي تبدو لهم صادقة، لكنهم في نفس الوقت لا يُشقّ لهم غُبار في بعض المجالات الأخرى ومنهم شخصيات قوية ومشهورة في جميع العوالِم العُلوِية.
ذهب شوفين إلى الحديقة ووَجد الجميع في حيرةٍ من أمرِهم، استغرب شوفين سبب وقوفِهم قُرب الأعشاب دون المحاولة لِقطفِها، وعند اقتِرابِه.. لاحظ أن الأعشاب كانت محمية بِمصفوفات قوية، وكلما كان العشب نادراً كلما كانت المصفوفة قوية، انحنى شوفين نحو إحدى المصفوفات وبدأ يتفحّصها، بعدها.. مدّ يده وأراد تحطيمها باستخدام طاقتِه لأنها كانت مجرد مصفوفة عادية، لكن تعبيرَه تغيّر حين أراد استخدام الطاقة لأن طاقتَه كانت مختومة، عبس قليلاً ثم نظر نحو الأعلى ولاحظ وجود مصفوفة عملاقة مرسومة على الحاجِز، فهِم مباشرة بأنهم داخل فراغٍ يفرِض عليهِم قوانينه الخاصة، وذلك حتى لا تحدُث المعارِك داخل الحديقة فيتمّ إتلافها.
ابتسم بِخُبثٍ وهو يُخرِج خيط النور باستخدام تقنية النور المظلم، أدخل الخيط من الحاجز الذي يحمي العشب وقام بِتخزينه مع تُربتِه ولم يترُك خلفه غير حفرة في التراب، ضحِك في قلبِه لأن النور والظلام ليسا عنصرَين من العناصر التي يتدرّب عليها الجميع، لذلك لم ينفع الختم على تقنية النور المظلم، وهذا جعل شوفين من أقوى الموجودين داخل الحديقة.
استغرب إينجِه ممّا رآه وعلِم بأن شوفين ليس شخصاً يُمكِن الاستهانة به، فهو دخل بعد الجميع هنا، لكنه حصل على أول عشبة بِبساطة، وهذا زاد إعجابَه بِه أكثر من السابق، لاحظ شوفين إعجاب إينجِه فقال له
"قومُك بارِعون في تنمِية النباتات والأشجار، لذلك سأُزعِجك لاحقاً برِعاية حديقتي"
أومأ إينجِه وقال
"أنا مستعد لأي شيءٍ تختاره لي، ليس وكأني بارعٌ في القتال، لذلك سيكون جيداً إذا وجدتُ اهتماماً آخر"
قام شوفين وربّت على كتف إينجِه وهو يقول
"لا تحتقِر صِنفك فأنتم بارعون في القتال أيضاً، سأعلّمك كل ما أعرِفُه عنكم"
استدار وبدأ يبحث بين الأعشاب ولاحظ بأن البعض يستخدِمون الأسلِحة مع القوة الخام، وبعد العديد من المحاولات.. استطاعوا الحصول على بعض الأعشاب، لكنها كانت ذات قيمة عادية وليست من الأعشاب النادرة، استمرّ شوفين في تجوّلِه حتى وصل إلى منتصف الحديقة، ورأى في طريقه الكثير من المقاتلين الأقوياء، لكنّهم كانوا معدومي الهالة بِسبب القيود المفروضة عليهم، وقف مع إينجِه وسط الحديقة فقام شوفين بِتصفّح الجميع، وفي اللحظة التي لم يكُن أحدٌ ينظُر فيها إليه.. لوّح يده وأخرج سويكا وكان قد أخبرَها بِالوضع عبر التخاطُر.
جفل إينجِه عندما رأى سويكا بالقرب منه، ابتسم شوفين وقال
"هذه أختك سويكا، ستعتني بك جيداً"
وضع يدَه على ظهر سويكا وقال
"ركّزي معي، سنبدأ الآن"
أومأت وأغلقت عينَيها وبدأت تستوعِب ما يفعله شوفين، وكان قد طلب منها الخروج لاستخدامِها كمنصّة لِرسم مصفوفة خاصة، وذلك حتى لا يجذِب الانتباه إليه، وقف الثلاثة في أماكِنهم ولم يهتم بهِم أحد، لأنهم لا يعلمون بأن جسد سويكا أفضل من أي منصة عادية لإنشاء المصفوفات.
لم يعلم إينجِه ما يفعله شوفين لكنه فهِم بأن شيئاً كبيراً سيحدُث، استمر وقوف الثلاثة في أماكِنهم لِأكثر من نصف ساعة وكان العديد من الأقوياء يستخدِمون قوّتهم لِكسر الحواجِز حول الأعشاب، لم يهتم بهم شوفين وإنما واصل رسم المصفوفة على جسد سويكا بينما يستكشِف الأعشاب المهمة والنادرة عبر قواه الروحية، وأخيراً.. ابتسم وقال
"ألف عشبة نادرة، هذا سيكون كافياً"
لم يُصَب شوفين بالجشع وإنما اختار ما يحتاج إليه فقط، وكانت خِياراتُه هي الأفضل والأكثر نُدرة، ما يعني بأن أنظار العديد من المقاتلين كانت مُثبّتة عليها وكان العديد منهم يرسمون المصفوفات المُتنوّعة لِكسر الحواجِز، حيث فهِم أهل الخبرة بأن عِلم المصفوفات هو الوحيد الذي ينفع هُنا.
بينما كان الجميع في همومِهم.. صرخ أحدهم باستغراب
"ما هذا ؟
أين اختفت زهرة الحظ السعيد الخاصة بي ؟"
بعد صُراخِه مباشرة.. انتبه الجميع وبدؤوا يصرخون أيضاً
"جذور العمق السماوي.. لقد اختفَت أيضاً"
"لقد ضاعت أحلامي، من أخذ اللبلاب الخادِش للحياء الخاص بي"
"الصوف المعدني وذنب الجبل.. من يسرِق أعشابنا"
استمرّ الصراخ هنا وهناك لأن الأعشاب التي كانت تختفي هي الأغلى والأكثر نُدرة، ومع أن شوفين كان يأخذ اثنان من ثلاثة إلا أنهم لا زالوا غاضبين عليه، ولِحُسن حظّه أنهم لا يعلمون بِأنه الفاعِل.
في بِضع ثوانٍ.. اختفَت أغلى وأندر ألف عُشبة، والغريب هو أنها اختفَت من داخِل الحواجِز ولم تترُك خلفها سوى حُفرة فارغة، وذلك لأن شوفين قد استخدم طاقة النور المظلم في رسم المصفوفة وكانت تتجاوز المنع المفروض على جميع أصناف الطاقات الأخرى، اختفت الأعشاب وظهرت أمام أرفود مع رسالة من شوفين
"أرفود، قُم بزِراعة هذه الأعشاب في أقرب وقت ثم اسقِها عبر الوريد الروحي"
بِهذا.. كان قد أنهى مُهمّته في الحديقة وحان وقت البحث عن طريق الخروج، لكنّه استدار فجأة لأن شيئاً كان يستهدِف رأسه، رفع يده وأمسك سكيناً سريعةً أتَت من مكانٍ بعيد، نظر نحو ذلك الاتّجاه فلاحظ الشيخ هَشرَم وبعض أتباعِه، ويبدو بأنهم قد لاحظوا الختم على الطاقة فقرروا اغتياله بالسكين، عبس وقال لِسويكا وإينجِه
"انتظراني قليلاً"
لم يخَف شوفين عليهِما لأن سويكا قد تكون ثاني أقوى الموجودين في الحديقة بِسبب استخدامِها للمصفوفات مباشرة على جسدِها، والأول هو شوفين بالطبع بسبب تقنية النور المظلم، تقدّم مُباشرة نحو الشيخ هَشرَم وجماعتِه، وصل إليهم وقال بِنبرة غاضبة
"أخبرتكم ألا تبحثوا عن الانتقام حتى لا أبدأ مذبحة"
ضحِك الشيخ هَشرَم وصرخ في وجهِه
"قد تكون لديك بعض الحِيل، لكن هذه الحديقة تختِم الطاقة، ونحن أكثر منك، لذلك لن تستطيع حتى الهرب منا"
ابتسم شوفين وقال
"إذن فأنت تعتقد نفسك قوياً، حسناً.. دعنا نُنهي هذا الإزعاج"
صرخ الشيخ هَشرَم على أتباعِه وكانوا أقلّ من عشرين، ما يعني بأنهم قد فتحوا بوابتَين فقط، صرخ عالياً
"أمسِكوه حياًّ ودمّروا تدريبَه، سنأخذُه معنا إلى العشيرة"
--------------
سؤال الفصل:
في رأيِك.. هل سيُحدِث مجزرة حقاً أم سيمنعُه شيءٌ ما ؟