تأقلم إينجِه بسرعة مع سويكا وراموليا، لكن أكثر ما استغرب منه هو أرفود بشكلِه الطفولي، وهذا قبل أن يقوم شوفين بإدخال ريكو وإعطائِه جوهرة العثة الوحشية وجوهر دمِها بعد إعطاء سُمّها لِراموليا، دخل ريكو وقال وهو ينظر نحو إينجِه
"لقد أحظرتَ شخصا آخر، هل تنوي تكوين جيش خاص ؟"
وقبل أن يردّ عليه شوفين.. صرخ إينجه بِاستغراب
"وحش ذكي جداً ويُناقش سيّده ؟"
ابتسم شوفين وقال
"أطفال الغابة موهوبون حقاً، فأنت تفهم ما يقوله حتى دون عقد الروح"
يحتاج الآخرون مثل راموليا إلى عقد العبودية كوصلة حتى يفهموا ريكو عبر التخاطر، لكن إينجه كان حالة خاصة بسبب ترابطِه مع الطبيعة، لذلك استطاع سماع ريكو.
انقضّ إينجِه مباشرة على ريكو وحضَنه بِسعادة وهو يقول
"أنت ستكون أخي الصغير، دعنا نلعب معاً من اليوم فصاعداً"
تهرب منه ريكو بِانزعاج وصرخ عليه
"من سيكون أخاك الصغير ؟
أنا أكبر عمراً منك"
ظهرت نظرة استغرابٍ على وجه إينجِه قبل أن ينظُر نحو شوفين، أومأ شوفين وقال
"نعم.. ريكو أكبر منك، كما أن لديه مهمّة تدريبية ولا يستطيع اللعب معك"
رمى شوفين جوهرة وحش العثّة نحو ريكو ثم أخرجَه مرّة أخرى لإنهاء تدريبِه، وبعد إخراجِه.. اقترَب شوفين من إينجِه ثم وضع يده على صدرِه وسأله
"لماذا تتدرّب على عنصر الأرض وليس عنصر الخشب ؟"
قال إينجِه
"قال لي معلمي بأن عنصر الخشب ضعيف وغير مناسب لي"
هزّ شوفين رأسه أسفاً ثم قال
"لا يوجد عنصر أفضل لِأطفال الغابة أفضل من الخشب، لِحسن الحظ أنك لم تصِل بعد إلى مرحلة التألق، لذلك سيكون سهلاً عليك الانتقال إلى عنصر الخشب"
لمَس جبهتَه ومرّر له بعض التعليمات إضافة إلى تقنية سرّية كان قد حصل عليها بِطريقة ما من سكان عالم الشجرة، بدأ إينجِه باستيعاب التقنية فاستغرب لأن الطاقة قد بدأت تتغيّر بِسرعة نحو عنصر الخشب فقط بعد قراءة واستيعاب التقنية، أومأ شوفين بِابتسامة سعيدة ثم قال
"لقد دفع قومُك أطناناً من الموارِد حتى تولد في عالمٍ خارجي، لهذا تملِك جسداً أفضل من أغلب سكان عالم الشجرة، وتدرّبك على عنصر الأرض كان مثل إعاقةِ إمكانياتِك"
أحس إينجِه بالراحة وهو يستوعِب التقنية فجلس على الأرض وأغلق عينَيه لِأكثر من نصف ساعة، وبعدَها.. قام وانقضّ على شوفين وهو يصيح بِسعادة
"أخي الكبير ... شكراً لك، ما اسم هذه التقنية الرائعة ؟"
عانق شوفين بِسعادة ثم سأل، فرك شوفين رأسه وقال له
"هذه تقنية سرية من عالمِك، لا يتدرّب عليها سوى كِبار القادة، واسمها ..."
صمت قليلاً قبل أن يقول
"اسمها قد يجلُب لنا بعض المشاكِل، لذلك.. دعنا نُسمّيها تقنية الشجرة"
ابتلعَت راموليا ريقَها وبدأت تفكر ما الذي فعلَه شوفين في عالم الشجرة حتى يحصل على مثل هذه التقنية السرية، أما إينجِه فلم يهتم كثيراً بسبب سعادتِه لأنه قد حصل على تقنية قوية جعلَته يُحسّ لِأول مرة بِلذّة التدريب، عبس شوفين في وجهِه وقال بِجدّية
"إينجِه.. لقد رأيتَ كيف يتعامل الأقوياء مع الضعفاء، لذلك نحن نتدرّب على الدوام، مهمّتك الآن هي التدرّب على تقنية الشجرة ومحاولة الاختراق إلى مرحلة التألّق، وفي أوقات الفراغ ستتدرّب على القوس والسهام، وسأحصل لك على قوسٍ أفضل في المستقبل"
أومأ إينجِه ولم يعترِض فنظر شوفين نحو أرفود وقال له
"إصنَع منصّة في وسط الحديقة ودَع إينجِه يتدرّب عليها"
توجد الحديقة في منطقة معزولةٍ لا أحد يستطيع الدخول إليها غير شوفين وأرفود، والآن سيدخلها إينجِه للتدرّب على عنصر الخشب، وهذا سيُفيد الحديقة كثيراً لأن الطبيعة تنمو أسرع في المكان الذي يعيش فيه أبناء الغابة، ولم يُلاحِظ إينجِه هذا لأنه كان يتدرّب على عنصر الأرض، لذلك استغرَب مِن طلب شوفين، لكنّه لم يعترِض على قرارِه.
بعد الانتهاء من أمور إينجِه.. قام شوفين بِمراجعة تدريب سويكا وكانت الآن تستطيع نقل شعاعَين من مِنطقتين في جسدِها إلى منطقتَين أُخريَين حسب رغبتِها، وهذا يعني بأنها تتقدّم جيداً في تدريبِها، راجع مع راموليا أيضاً وكانت قد اخترقَت حديثاً إلى مرحلة توسيع الوِعاء من مستوى تهيئة الوعاء، وهذه كانت مرحلة مهمة جداً لأنها ستُرافِقها طيلة حياتِها، وإذا لم تنجح في توسيع الوعاء بِما يكفي فستُعاني دائماً من نقصٍ في الطاقة، لذلك قام شوفين بِصقل نوعٍ خاص من الحبوب لأجلِها ثم تركَها تُواصِل تدريبَها بِالقرب من الشعلة البيضاء بِما أنها قد نجحَت في اختراق الحاجِز المُحيط بِالمنصة.
استشعر شوفين مكان تواجُد صلجان وكانت قد دخلت في عُزلةٍ تدريبية، ويبدو بأنها كانت تُحرِز بعض التقدّم، لذلك لم يُزعِجها شوفين وإنما بدأ يصقل بعض الحبوب الروحية لأجل ريكو لأنه لم ينجح بالتقدّم في تدريبه منذ اخترق إلى مستوى تقوية الروح، وهذه الحبوب كان لديها بعض الآثار الجانبية لكنه قرر صقلها لأجلِه، أما الآثار الجانبية فسيهتم بها لاحقاً.
اطمأن على الجميع ثم استدعى أرفود وقال له
"هل تعلم شيئاً عن صقل المعادِن ؟"
قال أرفود باحترام
"أعرف بعض الأمور عن تشكيل المعادِن، لكني لستُ بارِعاً فيها"
أومأ شوفين بِرأسه ثم أرسل تقنية خاصة بالصقل مع الكثير من التعليمات إلى أرفود، بعدها.. أخرج كمية من المعادِن الخام وغير الخام ثم قال
"من اليوم.. ستتعلّم صقل المعادِن، أما الاهتمام بِالحديقة فدعه لإينجِه"
أومأ أرفود بِالموافقة ثم انصرف، تقدّم شوفين أخيراً نحو شعلة النار البيضاء وأخرج العديد من الأعشاب النادرة من كنوزِه السابقة وخواتِم التخزين الخاصة بِالشيوخ الثلاثة من عشيرة الرمح الناصع، جمع الأعشاب وبدأ يصقلها بدون مقدّمات، لكن طريقة صقلِها كانت مختلفة عن تصنيع الحبوب لأنه كان فقط يُحرِقها ويستخرِج منها جوهرَها، ومع أن كمية الأعشاب التي أحرقها كانت ضخمة مثل الجبل إلا أن الجوهر الذي حصل عليه بعد ساعةٍ من الصقل كان بِحجم كأس صغير، وضع الجوهر في كأسٍ زجاجي ثم دخل إلى إحدى القاعات المعزولة.
جلس على الأرض ونظر في الكأس وكانت الهالة الطبية الصادرة منه قوية جداً وستجعل الجشعِين يتقاتلون لأجلِها، ابتسم وأخرج دمعة إينجِه ثم قال
"كل شيءٍ يعتمِد على صِدقِك يا إينجِه"
كانت دمعة إينجِه تبدو صادِقة، لكن شوفين قد رأى الغدر والخيانة ولم يعُد يثِق في أحد، لذلك لا يعلم إن كانت دمعةَ حبٍّ حقيقية أم مجرد تمثيل، مع أنه كان مُتفائلاً بسبب طَيبوبة أبناء الغابة، نظر إلى الدمعة المحفوظة بعِناية داخل النار البيضاء، أخرجَها وأضافها إلى جوهر الآلاف من الأعشاب النادِرة في الكأس، نظر إليها تغوص داخل السائل الفضّي بهدوء، أغلق عينَيه ثم ابتلع السائل مع الدمعة مرّة واحِدة، شربه ثم بدأ التأمل مباشرة.
تقول الأساطير بأن من يحصل على دمعة الحب الصادِق من أبناء الغابة فسيحصُل على قوّتِهم الاستشفائية النادِرة، لن يكون مثلهم في علاج الآخرين لكنّه سيحصُل على جسدٍ شبه خالِد لِدرجة أنه يستطيع إنبات الأطراف المقطوعة، لكن استيعاب الدمعة وحدَها لن يكون كافياً وإنما سيحتاج إلى كمية كبيرة من جوهر الأعشاب، وذلك بِسبب كمية الدمعة الصغيرة التي لا تستطيع التأثير على الجسد.
لكن شوفين لا يعتمِد هذه المرة فقط على الدمعة والأعشاب وإنما يأمل في تقنية الجسد الخالِد لأنها تعمل مثل عمل الدمعة، وإذا نجح في تطوير نمط الجسد الهلامي بِحيث يُمكِنه استحضار تأثيره كلما رغِب في ذلك فسيكون تطويراً مُذهِلاً للتقنية الأصلية والتي لا يظهر فيها الجسد الهلامي إلا عندما يتعرّض الجسد للخطر، وهذا أمرٌ لا يُريد شوفين أن يترُكه للحظ لأن الجسد الهلامي لم يتفعّل لِحدّ الآن رغم جميع مُحاولاتِه.
لذلك دخل في عُزلةٍ تدريبية لِصقل الدمعة ولا يعلم متى سينتهي منها أو ما هو حجم الفوائد التي سيحصُل عليها.
--------------
سؤال الفصل:
يخطّط شوفين لِجعل أتباعِه يتخصّصون في الكيمياء والمصفوفات والمعادِن، أرفود سيكون خبيراً في صقل المعادِن، في رأيكم.. من سيكون كيميائياً ومن سيكون خبيراً في المصفوفات ؟