74 - سلاسل الذهب الحيّ

عشيرة الرمح الناصع

وقف مجموعةٌ من الشيوخ الكِبار حول رئيس العشيرة وكانوا يُشاهِدون ما فعلَه شوفين عبر أحد أحجار التصوير، حصلوا على هذا الحجر مقابل مبلغٍ مهم من شخصٍ يتبع عشيرة قوية من خارج أرض الخور، وبعد الحصول عليه.. اجتمعوا وشاهدوا ما حدث لِأكثر من عشرين مرّة لعلهم يعلمون ما نوع السلاح أو الوحش الذي استخدمَه شوفين لِسرقة جميع الأعشاب، ولِلأسف أن الصورة كانت لا تُظهِر شكل البيضة بِسبب الإشعاع القوي الذي كان ينبعِث منها.

توقّف الرئيس عن المشاهدة ونظر نحو أربعة أشخاص مربوطين أمامه، وكانوا مزروي وتلاميذَه الثلاثة، حنجير وإكسان مع التلميذ الأخير الناجي من التضحية، نظر الرئيس إلى مزروي وقال له

"مع أنه ليس أحد أفراد عشيرتِك إلا أنك أنت هو الذي جلبَه إلينا، لذلك يجب أن تعرِف الكثير عنه"

كان مزروي مليئاً بِالكدمات، وكان حال تلاميذِه مثله تقريباً، إلا إكسان التي تعرّضت للتحرّش الجنسي بدل التعذيب الجسدي.

رفع مزروي رأسه وقال بِألم

"لقد أخبرتكم بالفِعل كل ما أعرِفُه، لقد التقينا بِه بالصدفة، أخذ فريستَنا بالقوّة ثم اقترحنا عليه مرافقتنا للمساعدة ضد العشائر الأخرى، وبعد ساعاتٍ من ذلك.. التقينا بالشيخ هَشرَم"

نظر إليه الرئيس بِعيونٍ باردة قبل أن يأمر بإطلاق سراحِهم، فمع أن عشيرة الرمح الناصع هي الأقوى وعشيرة الرمح القمري مجرد عشيرة صغيرة.. إلا أنه لا يستطيع قتلهم حتى لا يُثير قلق العشائر الصغيرة فتقوم بالتحالف ضده، وإذا تحالفوا فستدعمهم العشائر الأقوى للإطاحة بِعشيرتِه من عرش الأكثر قوة، لذلك كان الشيخ هَشرَم يُمثّل على مزروي في وقتٍ سابِق بأنهم فريق مُتعاوِن.

أخرجوهم فقال الرئيس

"أنشروا صورتَه وضعوا عليه الجوائز، يجب علينا الإمساك به والحصول على ذلك الكنز الغريب قبل الآخرين، ليس لديكم مهام أخرى غير الإمساك به"

...

عشيرة الطريق المقطوع - صحراء بيجاد

ابتسم أحد الشيوخ نحو سكدير وقال له

"على الرغم من رحلتِك الفاشلة في وقتٍ سابِق، إلا أنك قد جلبتَ أخباراً عظيمة هذه المرة، لقد أعلن الرئيس بأننا لا يجب علينا الاهتمام بالسرقة وقطع الطريق في الوقت الحالي، وإنما يجب علينا إيجاد ذلك الصبي وأخذ ذلك الكنز اللامع منه"

ابتسم سكدير بسعادة عندما سمِع الشيخ يمدحُه، لكنه فكّر في شيءٍ وقال

"لكننا بِعنا خبرَه لِجميع العشائر، ألا يعني هذا بأنهم قد يجِدونه قبلنا ؟"

ضحِك الشيخ ثم قال

"نحن نملِك الجواسيس في جميع العشائر، وستصِل إلينا أخبار إيجادِه بسرعة، لذلك.. نحن الآن نستغل هؤلاء الحمقى لإيجاد الصبي لأجلِنا"

قال هذا ثم أنهى حديثه بِضحكة شريرة

...

في مجموعة من العشائر المختلفة.. قرّر كِبارها البحث عن شوفين بِطرق مختلفة للحصول على ما معه من كنوز، لكن جميع محاولاتِهم قد باءت بالفشل ولم يجدوا أي أثرٍ له، ما جعلهم يعتقدون بأنه ربما يكون قد غادر المنطقة الشرقية نحو وسط القارة، ومع ذلك.. كانت صُوَرُه تملأ الشوارِع في كامل المنطقة الشرقية.

...

'ساعدني ... أرجوك'

في غرفة التدريب.. فتح شوفين عينَيه فجأة عندما سمِع صوتاً ضعيفاً عبر التخاطُر، استغرب منه وبدأ التركيز على مصدرِه، عبس وأخرج أداة التوجيه الخاصة بِصلجان لأنه أحسّ بِهالةٍ مُتنامية منها وكأنها تستدعيه، نظر إليها طويلاً قبل أن يقِف ويقول بِأسف

"شهران من التدريب ولم أحصُل بعد على أي نتيجة، لكني على الأقل قريبٌ جداً من الاختراق إلى مستوى تألّق الطاقة الخارجية"

استشعر رِفاقَه وكانت أمورهم جيدة فخرج مُباشرة إلى حيث كان جسدُه تحت الأرض، خرج وانطلق نحو الإشارة لاستكشاف أمرِها، خاصة أن صاحِبها قد طلب المساعدة عبر الأداة ولا يعلم ما الذي يحدُث معه، لذلك ركِب الطّيارة واتّجه بِسرعة خارقة نحوَه، وبعد نصف يوم.. أحسّ بِالإشارة تزداد أكثر وأكثر، وكانت المنطقة نائية لا أحد فيها غير الوديان والغابات.

طار طويلاً حتى أحس بأن الإشارة تنبعِث من جبلٍ أسود يختلِف عن باقي الجبال، حطّ فوق الجبل وبدأ يستشعِره، أحسّ بِوجود غارٍ في منطقة مخفية فاتّجه نحوَه وكان مُغلقاً بِصخرةٍ كبيرة، كان يبدو طبيعياً ولن يكتشِفه إلا خبراء الطاقة الروحية، وقبل أن يفتح الغار.. تحدّث معه الصوت مرة أخرى وكان واضحاً هذه المرة، قال الصوت

"الشاب الصغير.. لا تُحاوِل الدخول إلى هنا"

سأله شوفين

"لماذا ؟"

قال

"المكان خطيرٌ هنا ومليء بالفِخاخ، هل أستطيع طلب شيء منك ؟
إذا ساعدتني على تنفيذ هذا الطلب فسأعطيك ما تُريد"

داداداوووو~

وفجأة.. سمِع صاحب الصوت انفجاراً قوياً أزال الصخرة عن بكرة أبيها باستخدام لكمة من شوفين، وكان جسدُه الآن في مُستوىً جديد من الصلابة، صرخ صاحب الصوت مباشرة

"لا تدخل أيها الصغير، هل المكان خطيرٌ جداً"

ابتسم شوفين ثم تقدّم للأمام لأنه سبق وحلّل كل شيء في الغار، مرّ عبر الفِخاخ وكأنه يتجوّل في بيتِه، وبعد رُبع ساعةٍ كان يقِف أمام جدارٍ صخري عليه مجموعة من السلاسل القوية، وهذه السلاسل تربِط رجلاً ثلاثينياً قوياً، كان الرجل الثلاثيني عارياً تقريباً ومليئاً بالقذارة، ومع أن وجهَه كان مُغطى بِشعر رأسه الكثيف إلا أن عينَيه كانتا تُشعّان مثل نمرٍ جائع، وكان ينظُر إلى شوفين باستغرابٍ في محاولةٍ لِفهمِه، إلا أنه مهما نظر إليه كان يرى طفلاً في الخامسة عشر، خاصة أن شوفين قد أوقف نموّ جسدِه لذلك لا يُمكن تحديد عُمرِه ما لم يكُن فوق المائة.

كان شوفين ينظُر أيضاً نحو الثلاثيني المربوط، هزّ رأسه بأسفٍ وقال

"سلاسل الذهب الحيّ، سيكون قطعُها مُزعِجاً بعض الشيء"

قطّب الثلاثيني جبينه وقال باستغراب

"قطع الذهب الحيّ ؟
هل هذا ممكنٌ أصلاً ؟"

أومأ شوفين ثم قال

"لن يستطيع أن يقطعها شخصٌ مثلُك في مرحلة المجال، لكن ذلك ليس مستحيلاً عليّ أنا"

استغرب الثلاثيني أكثر وتغيّرت ملامِحه، فهو لا يستطيع استشعار أي هالةٍ من شوفين، ومع ذلك قام بالمرور عبر الفِخاخ بسهولة، والآن يتحدث على مرحلة المجال وكأنها لا شيء، لذلك عبس وقال بِجدّية

"من تكون أيها السيد المحترم ؟"

ابتسم شوفين وأجابه بِسؤال

"لا يهم من أنا، لكن.. لماذا تُشير هذه الأداة إليك ؟"

قال الثلاثيني مباشرة

هذه الأداة واحدة من ثلاثة، وقد أعطيتُها لِشخصٍ غريب قبل وقتٍ طويل لأنه ساعدني في بعض الأمور.

قال شوفين

"إذن فأنت هو رئيس عشيرة الرمح الشمسي السابق ؟"

اكتشف ذلك بِسبب تدريبه في مرحلة المجال واختِفائه في هذا الغار، وهذا يُوافِق ما أخبرته عنه إكسان، أومأ الثلاثيني وقال بِحُرقة

"لقد تم الغدر بي من تلميذي الوحيد والذي كُنت أعتبِره مثل ابني، لكنّه لم يقتُلني لأنه يُريد الحصول على بعض الأغراض مني، لذلك يأتي إلي كل بِضع سنوات لاستجوابي، هل تعرِف ما حدث لِعشيرتي ؟"

قال شوفين

"انقسمَت إلى العديد من العشائر وبدأت تتقاتل فيما بينها، لقد قتلتُ بعض شيوخِها قبل مدة لأنهم أرادوا سرقة مُمتلكاتي"

تغيّرت تعابير الثلاثيني وصرخ

"الملاعين.. تحوّلوا إلى مُجرّد قُطّاع طُرق ؟"

صمت شوفين ولم يُجِبه وإنما بدأ يتصفّح سلاسل الذهب الحيّ والتي تُعتبر أفضل أداةٍ لِقمع خبراء "مرحلة الفراغ" وما تحت، وبِمجرّد تقيِيد المُتدرّب بها فإنه لن يستطيع الإفلات، ومع الوقت.. سيبدأ في فِقدان طاقتِه تدريجياً، لذلك كان الثلاثيني لا يستطيع استخدام طاقتِه بعد سجنِه لأكثر من سبعين سنة، وكل ما استطاع استخدامه هو قوته الروحية للاتصال بأداة التوجيه عندما شعر باقترابِها.

فحص شوفين السلاسل لِبعض الوقت ثم تراجع إلى مكانٍ قريب وجلس على صخرة صغيرة، نظر إليه الثلاثيني طويلاً قبل أن يسأله

"السيد المحترم، هل تستطيع تحريري من هذه السلاسل ؟"

أومأ شوفين ثم قال بابتسامة واسعة

"أستطيع بالتأكيد، لكن.. ما الذي سأستفيدُه من ذلك ؟"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيِك.. كيف سيتصرّف شوفين مع هذا الشخص القوي ؟

2020/01/21 · 569 مشاهدة · 1109 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024