75 - زِنهار، المُبجّل الشمسي

"أستطيع بالتأكيد، لكن.. ما الذي سأستفيدُه من ذلك ؟"

كان سؤال شوفين مباشراً رغم ابتسامتِه الواسعة، فهو يستطيع إنقاذ الثلاثيني لكنه لن يفعلها بِالمجان.

فكر الثلاثيني قليلاً ثم قال

"أستطيع أن أكون صديقَك وأجعلَك تحكُم معي المنطقة الشرقية وتستفيد معي من خيراتِها بعد أن أُعيد السيطرة عليها من جديد"

هز شوفين رأسه وقال

"أنا مُجرد عابرٍ من هذه المنطقة ولن أبقى هنا طويلاً"

فهِم الثلاثيني بِأن شوفين ليس من النوع الذي يستوطِن ويتمتّع بِما لديه، لذلك قال مباشرة

"إذن.. سأدفع لك من كنوزي النادرة، لا زِلت أملِك خزانة مَخفية"

قال شوفين

"لا أعتقد أنك تملِك كنوزاً بِقيمة حياتِك الضائعة في هذا الغار، أليس كذلك ؟"

صمت الثلاثيني مباشرة لِأن ما قاله شوفين صحيح، فلا توجد كنوز تعادل حياتَه، وبعد صمتٍ سأل

"ما الذي ترى بِأنه يُعادِل قيمة جُهدِك في إنقاذي ؟"

قال شوفين مباشرة

"أن أضع ختمي على روحِك"

عبس الثلاثيني وقال بِحزن

"وهل هناك فرق بين هذا وذاك ؟
البقاء هنا أفضل عندي من الاستعباد"

هز شوفين رأسه وقال

"أنا لا أريد منك أن تخدُمني، لكني لا أستطيع إطلاقَك وأنت أقوى منّي لأني لن أثِق في وعودِك، فلستَ أنت الوحيد الذي تعرّض للخيانة"

صمت الثلاثيني طويلاً قبل أن يقول

"أنا آسف، لأني أنا أيضاً لا أستطيع أن أثق فيك"

قام شوفين مِن مكانِه وأخرج كمية كبيرة من الطعام والماء وبعض الحبوب ورماها عند قدمَي الثلاثيني، استدار بعدها وغادر وهو يقول

"أتمنى لك حظاً مُوفّقاً"

قال هذا وغادَر مباشرة، وبعد خروجِه من الغار.. سمع صراخاً خلفَه يُناديه

"انتظر ... انتظر أيها السيد"

توقف شوفين قليلاً ثم عاد إليه، وكان الثلاثيني عابِس الوجه، نظر بِتظلّمٍ نحو شوفين وقال

"سأوافق مقابل أن تُقسِم لي على أعزّ شيء عِندك بِأنك لن تستخدِمني مثل العبيد ولن تُؤثّر على تفكيري وقراراتي، وفي المقابل.. سأدعمك ما دُمتَ في المنطقة الشرقية وأمنحُك ما أستطيع من الكنوز والفوائد، وأرعى مصالِحك بعد أن تُغادِر"

أجاب شوفين باختصار

"أقسم لك"

استغرب الثلاثيني لأن شوفين لم يذكُر ما الذي يُقسِم عليه، ومع ذلك.. شعر من شوفين بِنوعٍ من الجدّية والمباشَرة في أمورِه، لذلك ترَك شأنه إلى حظِّه وقال

"يُمكِنك وضع ختمِك علي، أتمنى ألا تُؤثّر على وعيِي"

اقترَب منه شوفين وأمسَك جبهَته ثم رفع طاقتَه الروحية وغزا بِها روح الثلاثيني، ظهر العرق البارِد مباشرة على جبينِه وتغيّرت تعابيرُه لأن القوة الروحية لدى شوفين كانت أقوى منه بِكثير، ما يعني بأنه لن يستطيع الهروب من الختم حتى وإن كان يُخطط لذلك، وهذا جعلَه يُعيد تقيِيم شوفين من جديدٍ لأنه لا يُفترض بِأن يملِك شابٌّ صغير مثل هذه القوى الروحية.

انتهى شوفين من وضع الختم عليه ثم وجّه ضربة قوية نحو صدر الثلاثيني فتطايرَت الدماء، عبس الثلاثيني وتغيّر لونُه قبل أن يصيح

"لماذا ... لقد أقسمتَ لي"

لم يهتم له شوفين وإنما ضربَه بِضربة أقوى من الأولى فتسبّب له بِشرخٍ في الصدر، ما جعل الثلاثيني يندَم على ثِقتِه في شوفين، فعلى الأقل.. في السابق كان يستطيع الدفاع عن نفسِه قليلاً، أما الآن فيستطيع شوفين قتلَه بفِكرة واحدة، لذلك كانت حالتُه النفسية سيئة للغاية.

ألقى شوفين ضربة ثالثة فبدأ يشعُر الثلاثيني بالضُّعف وكاد يسقُط، إلا أن شوفين أخرج النار البيضاء وصرخ عليه

"لا تتحرّك"

تجمّد الثلاثيني فجأة عندما أحسّ بِشيءٍ غريبٍ يخرُج من الجرح على صدرِه، أطلق عليه شوفين النار واخترق جسدَه ثم أحاط ذلك الشيء الغريب، أخرجَه بِسلاسة ثم مدّ يده نحو الثلاثيني لِيراه، صرخ الثلاثيني

"دودة تقصّي المصير"

ابتسم شوفين وقال

"إذا استخدمتَ طاقتك فسيعلم الخائن بأنه قد استعدتَ حريتك، وسيعلم مكانَك بالضبط، ولن تكتِشف هذه الدودة لأنها كانت في جسدِك منذ وقتٍ طويل"

قال الثلاثيني

"يجب أن نجِد حيواناً ونضعها بِداخِله ثم نحبِسه هنا حتى لا يشعُر بِخروجي، فأنا بِحاجة إلى بعض الوقت حتى أسترجِع قوتي القديمة"

ابتسم شوفين وقال

"ولماذا كل هذا الإزعاج ؟
هناك طريقة أفضل"

وبِحركة منه.. أحرق الدودة مع ابتسامة خبيثة، نظر نحو الثلاثيني وقال

"لقد عكستُ العملية، هو لن يشعُر بأي شيء، لكني أستطيع الشعور بِه والعثور على مكانِه"

نظر إليه الثلاثيني بانبهار ولم يقُل شيئاً لأن شوفين كان قد بدأ يتصفّح السلاسِل، وبعد دقيقة ابتسم وقال

"أنت محظوظ لأنها مصنوعة من الذهب الحي الصافي، لو كان مخلوطاً مع معادِن أخرى لَأخذ قطعُها الكثير من الوقت"

استغرب الثلاثيني لأن أي شيءٍ مصنوع من الذهب الحي يُعتبر قطعُه أو خدشُه مستحيلاً، لكن شوفين يقول بأن الأمر سهل ؟

مدّ شوفين يدَه وأخرج سِلاحَه القديم على شكل غبار ذهبي، جعل الغبارَ يُحيط بالسلاسِل ثم بدأ العملية، تغيّر لون الثلاثيني وقال

"سلاح إمبراطوري مقدّس ؟
وهو مصنوع من ... هذه المادة غريبة لكنها تشبه الذهب الحي، أليس كذلك ؟"

قال شوفين

"نعم، هو مصنوع من الذهب الأبدي"

الذهب الأبدي ؟
ماذا يكون هذا ؟

بدأ الثلاثيني يُفكّر فقال له شوفين

"لا تُجهِد نفسَك بِالتفكير فيه لأنه ليس من هذا العالم، على أي حال.. اسمي شوفين، وأنت.. ما اسمُك ؟"

ابتلع الثلاثيني ريقَه بينما ينظُر للسلاسِل وهي تتآكل بِسرعة كبيرة، نظر نحو شوفين وأجابه

"زِنهار، اسمي زِنهار، ويعرِفني الجميع باسم المُبجّل الشمسي"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيِك.. هل سوف يَفي شوفين بِقسمِه أم أنه لن يُحرّر زِنهار لأنه شخصٌ قوي ؟

2020/01/21 · 556 مشاهدة · 791 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024