"أنا أطلب الضيافة من كِبار العشيرة، هل ستخرجون أم آتي إليكم بِنفسي ؟"
صرخ شوفين مُستخدِماً طاقتَه فوصل صوتُه إلى جميع سكان العشيرة، وما هي إلا لحظاتٌ حتى خرَج العديد من الأقوياء في بداية ومنتصف مستوى تألّق الطاقة الداخلية، وهذا يعني بأنهم أضعف بِكثير من شوفين، صرخ أحدُهم وكان شيخاً في العشيرة
"من الذي يعيث فساداً في عشيرة الرمح المكسور"
لم يُجِبه شوفين وإنما قال لِسويكا
"أرِني شيئاً قوياً يهزّ العشيرة"
ظهرت الجدّية مباشرة على وجهِها وتقدّمت للأمام فاستغرب زِنهار لأن شوفين طلب مِن أضعف الحاضرين أن يهجُم، تقدّمت سويكا ورفعَت يدَيها عالياً فظهرت كمية كبيرة من الطاقة، ارتفعت كرة الطاقة عالياً ورسمت مصفوفة في السماء، وفجأة.. انطلق هجومٌ قوي نحو وسط العشيرة واستهدف ساحة فارغة، ارتعب الشيوخ وتراجعوا يميناً وشمالاً بعد استشعارِهم للقوة الكبيرة المُنبعثة من المصفوفة، وفي لمحة عين.. انطلق هجومٌ قوي نحو الساحة وحدث انفجارٌ عظيم جعل العشيرة تهتز بأكملِها، ابتسم شوفين وفرَك شعرَها كتعبيرٍ عن رِضاه عنها، في الوقت الذي ابتسَمت فيه هي أيضاً لِأن شوفين كان سعيداً بِتقدّمها.
عبس زِنهار عِندما رأى تأثير الهجوم وعلِم بِأن الوحش لا يصحبُه إلا الوحوش، كما تغيّرت ملامِح راموليا لأن سويكا ستتجاوزها قريباً رغم ضُعف تدريبِها، لاحظ شوفين تعابير راموليا فقال لها
"راموليا.. إنه دورك، لكن.. لا تقتُلي أحداً"
ركّز زِنهار على راموليا التي لم تدخُل بعد إلى مرحلة التألق، تقدّمت وأطلَقت هالة واسعة من الجليد والنار، وساد السمّ في الأجواء مثل ضباب أسود يتقدّم ويتراجع حسب رغبتِها، بدأ الجميع يتراجعون ويهربون ولم يبقَ إلا أن الشيوخ الذين حمَوا أنفسهم وهجموا على راموليا في وقتٍ واحد، وفي هذه اللحظة.. تحوّلت الهالة المسمومة إلى العديد من الرّماح الجليدية المُغطّاة بالنيران وانطلَقت بِشكلٍ عشوائي نحو الجميع فاضطرّوا للدفاع بدل الهجوم.
نظر شوفين نحو ريكو وقال له
"يبدو بأنك تملِك ورقة رابحة، وإلا لما استطعتَ اختراق حاجِز المنصة"
ضحك ريكو وتقدّم للأمام دون خوف، استغرب زِنهار أكثر لِأن ريكو كان مجرد قردٍ صغير وتدريبُه ضعيف جداً، إلا أن رأيه قد تغيّر عندما بدأ جسد ريكو يتغيّر ويكبُر حجمُه، وفي لحظة قصيرة.. كان ريكو قد صار قرداً أطول من زِنهار مع جسد أحمر مليء بالعضلات، وتغيّر جِلدُه إلى جلد العثّة الوحشية التي أخذَها شوفين من عشيرة الرمح القمري وصار رأسه غريباً بِفمٍ كبير مليء بالأسنان الحادّة، ما أعطاه شكلاً مُرعِباً ومرونة كبيرة مع قوّة هجوم ساحقة، ومع كل هذه التغييرات إلا أنه لا يزال مُحافِظاً على شكل القرد رباعي الأذرُع.
صرخ ريكو وانقضّ نحو الأمام بقوّة غاشِمة، اصطدم مع اثنين من الشيوخ ودفعهما للخلف، إلا أنهما كانا من ذوي الخِبرة فأطلقا هجماتٍ بعيدة من الجانِبَين، صرخ ريكو عندما تلقّى الضربات مِنهما قبل أن يُطارِد أحدَهما ويُحاوِل الفتك به، وفي هذه اللحظة.. تلقى هجمة من الخلف وصنعَت جُرحاً كبيراً في ظهرِه فعاد إلى حجمِه الأصلي.
ولِمنع تقدّم الشيوخ الآخرين.. كانت راموليا تمنعُهم عبر الرماح الجليدية الطائرة في الوقت الذي كانَت مصفوفة سويكا تقصِفهم من الأعلى، ما أعطى لِريكو الفرصة للتحرّر من الشيخَين والتراجُع للخلف، ضحِك عليه شوفين وسحَبه عبر أحد خيوط النور ثم قال له
"من الجيد تفعيل مهارتِك الفِطرية، لكنّك لا زِلت تحتاج إلى التدريب، ومع ذلك.. أنا فخور بِك"
كانت المهارة الفطرية لرِيكو مختلفة قليلاً عمّا تخيّله شوفين، لأنها لا تقوم بِتحويله بأكملِه وإنما تمنحُه فقط خصائص الوحش مثل الطول والمرونة والقوة الهجومية، لذلك لا يدري إن كان يستطيع ريكو التحوّل إلى الشكل البشري مرة أخرى أم لا، لكن هذا ليس وقت التفكير في هذا الأمر، ربت على رأسِ ريكو وسلّمه إلى راموليا ثم نظر نحو المقاتلين أمامه وقال
"نحن لا نُريد قتلكم، خذوني إلى رئيسكم للحديث معه"
صرخ الشيوخ وقال أحدهم غاضباً
"أيها الفتى المغرور، نحن لسنا عشيرة يتمّ التنمّر عليها بِسهولة، أنت لن تُغادِر من هنا اليوم"
تقدّم شوفين نحو الشيوخ وكانوا يُمسِكون أسلحة سُفلية مُتوسطة ومُرتفِعة، ابتسم وأطلَق هالتَه ثم وجّه أذرُع النور نحوهم فتمّ قذفُهم جميعاً إلى جِهاتٍ مُختلِفة دون أن يعلموا ما الذي حدث، وذلك لأن أذرُع النور تعمل مثل خيوط النور ولا يُمكِن رصدُها، وفي هذه اللحظة.. أتى صوتٌ من رجلٍ أربعيني وصل حديثاً إلى ساحة المعركة، انحنى باحترامٍ و قال
"ضيوفي الكِرام، أنا أعتذر على سوء الفهم الذي بيننا، أتمنى أن تتبعوني إلى قاعة الضيوف وسأشرح لكم كل شيء"
وكان هذا صوت رئيس العشيرة، تدخّل عندما شعر بِهالة شوفين الذي كان على شفا الاختراق إلى قمّة مستوى تألّق الطاقة الخارجية، بينما لا يزال الرئيس نفسُه في قمة مستوى تألّق الطاقة الداخلية، حيث تُعتبر هذه العشيرة صغيرة جداً ولا يُمكِنها مُنافسة القِوى الأخرى، لذلك تصرّف بحِكمة قبل أن يتمّ تدمير عشيرتِه.
تبِعه الجميع إلى قاعة الضيوف وبدأ الشيوخ يُفكّرون في الطريقة التي يعتذِرون بِها من هذا الشخص الذي خاف منه رئيس العشيرة، دخل الجميع فتقدّم شوفين وجلَس على كرسي الرئيس دون استئذانِه، لكن الرئيس لم يعترِض على ذلك وإنما وقف أمامه باحترامٍ تام، بينما تقدّم زِنهار والآخرون للوقوف خلف شوفين وكأنه زعيمهم.
نظر شوفين إلى الرئيس والشيوخ ثم قال بِهدوء
"لِماذا توجد صورتي على جدران عشيرتِك ؟"
طأطأ الرئيس رأسه وأجاب بِخوفٍ واحترام
"نحن عشيرة صغيرة ونأتمِر بِما تأمرنا به العشائر القوية، ولم يكُن في نيّتِنا الإساءة إليكم"
سأله مرة أخرى
"هل هي عشيرة الرمح الناصع ؟"
أومأ الرئيس ثم شرح
"ليس هي فقط وإنما العديد من العشائر من أرض الخور وخارِجها، أخشى أن جميع عشائر المنطقة الشرقية تبحث عنك الآن"
استغرَب شوفين لكنه فكّر في حادِثة الحديقة وخروج البيضة، ما يعني بِأن الجشع هو الذي يقودهم وليس الرغبة في الانتقام، وقبل أن يسأل.. أخرج الرئيس حجر تصويرٍ وشغّله فظهرَت حادثة البيضة وما قبلها من إحداث، استغرب زِنهار أيضاً ممّا رآه في التسجيل ونظر بِدهشة أكبر نحو شوفين، أما سويكا التي كانت ظاهِرة في التسجيل فقد استغربت حول الذي قام بِتصويرهم، وهو نفس استغراب شوفين حيث سأل
"مِن أين حصلتَ على هذا الحجر ؟"
قال
"هذا الحجر تم بيعُه للعشائر الكبيرة، لكني لا أدري مَن الذي باعَه لهم، ونحن حصلنا على نسخة منه فقط"
فكّر شوفين قليلاً ثم سأل مرة أخرى
"ما هي العشيرة التي أعطتكُم حجر التصوير هذا ؟"
صمت الرئيس قليلاً قبل أن يقول
"عشيرة الرمح الناصع"
بعدها.. استفسر شوفين عن رئيس عشيرة الرمح الناصع وعدد شيوخِهم ومستويات قوّتِهم فأخبره بِكل شيءٍ يعلمه، قام شوفين وغادَر فقال زِنهار
"بِما أن الوضع مفضوح إلى هذه الدرجة فربّما علينا تسريع خطّتِنا"
أومأ شوفين ثم قال
"سنقوم بالأمور بِطريقة مُختلِفة هذه المرّة"
قال هذا وظهرَت على وجهِه ابتسامة خبيثة، فعلِم أغلبهم بأنه سيقوم بِشيءٍ غير مألوف مرة أخرى.
--------------
ريكو بعد التحوّل اعتماداً على خصائص العثّة الوحشية (شكل تقريبي)
--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. ما الذي سيقوم به شوفين بِطريقة مُختلِفة ؟
أمتِعونا بِخيالاتِكم ^_^