"قدّموا لي بعض المقاتلين للقتال مع رِفاقي الثلاثة"

بعد أمر شوفين لهم.. نظر الشيوخ في بعضِهم البعض قبل أن يعودوا إلى أتباعهم ويختاروا من جديد بين مقاتليهم، لأنهم في البداية كانوا يختارون الأقوى للفوز، أما الآن فيختارون الأضعف حتى لا ينزعج رفاق شوفين، وبعد دقائق كانوا قد رشحوا مجموعة من المقاتلين وقدموهم لشوفين.

وقف أكثر من ثلاثين مقاتل أمام شوفين يرتجفون منه لأن كلمة واحدة منه قد تُحدّد حياتهم أو موتهم، وكانوا جميعاً في مرحلة التألق لأن العشائر لم تأتِ للعب وإنما للقتال، لذلك لم يأتوا بِصغارهم معهم.

أومأ شوفين برأسه ثم قال

"لا أريد منكم أن تتهاونوا مع رفاقي، وإذا كان أحدهُم في خطر فسأحميه بِنفسي، لذلك.. قاتلوهم بِكامل قوّتِكم، وإذا تهاونتُم في تنفيذ أمري فلا تلوموني لاحقاً"

نظر نحو راموليا وقال لها

"هذا دورُك، أخبريني إذا لم تستطيعي الاستمرار"

سيراقب شوفين جميع المعارِك ويمكنُه إخراج رفاقه أو منع بعض الهجمات عنهم باستخدام تقنية النور المظلم، وسيراقب معه زِنهار أيضاً في حال غفل عنه شيء ما، لذلك تقدّمت راموليا إلى وسط المنصة، استغرب الشيوخ من عُمرِها الصغير وتدريبها الكبير الذي وصل إلى قمّة مستوى تهيئة الوعاء، ما يعني بأنها قد تُصبِح في مرحلة التألق قبل الخامسة عشر، وهذا نادر جداً في منطقة خارجية مثل المنطقة الشرقية، ما يجعلها عبقرية يُريد الجميع امتلاكها.

تقدّم أحد المقاتلين وكان في منتصف مرحلة التألق، وصل إليها وقال باحترام

"كوني حذِرة أيتها السيدة الصغيرة"

لم تُجِبه راموليا ولم تتغيّر تعابيرُها الجليدية، وإنما أخرجَت هالة باردة من جسدِها وهجمَت أولاً، استعدّ المقاتِل وصنَع درعاً من الطاقة لِمنع هجمات راموليا، وهذا جعل هجومها يفقِد قوّته، تراجعَت للخلف وبدأت بِجمع طاقتِها وتركيزِها بين يدَيها، وفجأة..

.:: زوبعة القفل السام ::.

.:: اللغم الماكر ::.

في حركَتين.. استطاعَت راموليا تجميد النصف السفلي للمقاتل ثم تفجيرِه من أسفل قدمَيه، قُذِف المقاتل للأعلى ثم سقط بعيداً، لكنّه ابتسم ولم يحدُث له شيء بسبب درع الطاقة الذي يحميه، وقبل أن يقع على الأرض.. أخرج رمحاً من البرق وضرب به راموليا، وكانت قوة الرمح البرقي كبيرة وخطيرة، أخرجَت راموليا كمية من الجليد ثم..

.:: سد النهضة ::.

في هذه اللحظة.. تشكّل جِدار ثلجي كبير وسدّ الرمح البرقي أمام راموليا، لكنّها في نفس الوقت شعرَت بِالتعب بسبب استنواف طاقتِها في إنشاء الجدار، لذلك قالت عبر التخاطُر

"أخرِجني"

عبس شوفين عندما طلبَت الخروج بِسرعة، لذلك لم يقُم بإخراجها وتصرّف وكأنه لم يسمعها، وفي لمحة عين.. انفجر الجدار الثلجي من تلقاء نفسِه، نظرَت نحو الخصم وعلِمت بأنه ليس الذي قام بِتفجيرِه، التفتَت إلى شوفين فوجدَته يبتسِم بِخُبث لأنه هو من دمّر الجِدار، في هذه اللحظة القصيرة.. وصلَت إليها قبضة خصمِها البعيد وقذفها إلى خارِج المنصّة.

ارتجفَت سويكا وسارعَت إليها هي وريكو، أما شوفين فقد كان ينظر إليها بابتسامة لئيمة، أخرج بعدَها حبة علاجية ورماها نحو سويكا ثم قال

"لا توجد أي ضمانات في القتال الحقيقي، أطعميها هذه الحبّة ثم اصعدي للمنصة"

أومأت سويكا بِرأسها ثم حملَت راموليا إلى مكانِهم، كانت راموليا متّسخة الثياب منفوشة الشعر لأنها لم تتوقّع بأن شوفين سيُعامِلها بِهذه القسوة، لكنها ورغم غضبِها إلا أنها علِمت غاية شوفين، فهي أيضاً كانت مُعلّمة من قبل وتعلم بأن الأوقات الصعبة تصنع المقاتلين الأشدّاء، لذلك أكلَت الحبة العلاجية وبدأت بالتركيز على شِفاء جروحِها الداخلية والتي لم تكُن سيئة جداً.

بِخلاف راموليا الصبورة وسويكا التي تؤمن بأي شيء يفعلُه شوفين.. كان ريكو غاضباً جداً ويصرُخ بِأعلى صوتِه، نظر إليه زِنهار ثم ضحِك وقال

"قِردُك لا يبدو راضياً"

ضحك شوفين أيضاً ثم تذكّر بِأنه لم يفتح قناةً للتواصل بينه وبين زِنهار عبر ختم الروح، لذلك كان زِنهار يسمع صياح قردٍ عادي، ضحك شوفين وقال

"إنه ليس قِرداً، ألا تسمع ما يقوله ؟"

في هذه اللحظة.. تغيّرت صيحات ريكو في أذن زِنهار إلى سبّ وشتم ريكو لليوم الذي قرّر فيه اتّباع شوفين، استغرب زِنهار وقطّب جبينه، إذا لم يكُن قرداً فماذا يكون ؟

لكن شوفين لم يشرح أكثر وتركه مع مُخيِّلته، لكن.. أليست هذه طريقة البشر في السب والشتم ؟
هل هذا يعني بأن ريكو بشري دخل في جسد قرد ؟
جسد قرد ؟
جسد بشري ؟

اسودّ وجهُه وكأنه قد فهِم شيئاً ثم نظر إلى شوفين، وبعد لحظات.. تنهّد وقال

"أنت شرّير حقاً، هل أخذتَ جسد هذا الصبي ؟"

ضحك شوفين ولم يقُل شيئاً، كما أنه لم يتفاجأ من سُرعة إدراك زِنهار لِما حدث، لأنه أيضاً خبير قديم وسبق له التصادُم مع الكثير من الحالات الغريبة، وسيكون الوصول إلى مثل هذا الاستنتاج أمراً عادياً بعد مُرافقة شوفين ورؤية تقنياتِه الغريبة وسلاحِه الإمبراطوري.

تقدّمت سويكا إلى المنصّة واستعدّت فدخل مُقاتل آخر، وكانت عليه تعابير الشدّة والقسوة مع نظرات الاحتقار لأن سويكا لا تزال في مرحلة البناء، ابتلعَت سويكا ريقها ثم قالت

"لا تحتقِر تدريبي الضعيف حتى لا تتأذى"

لوى المقاتل فمه وقال بِتبجّح

"السيد قال لنا ألا نتراجع، لذلك سأستخدِم قوّتي لإنهاء هذه المهزلة بِسرعة"

بدأ مُباشرة بِتركيز طاقتِه ثم توجّه نحو سويكا، عبسَت سويكا وبدأت تصنع مصفوفة غريبة فبدأت هالة ضبابية خفيفة تنتشِر على المنصة، وقبل أن يصِل إليها المقاتل..

.:: مدينة الأشباح ::.

عبس المقاتل ونظر للأعلى ثم قفز ووَجّه ضربة قوية، وقبل أن يسقُط للأرض.. التفَت للخلف ثم وجّه عدّة ضربات في الفراغ، وأخيراً.. وجّه ضربة قوية نحو صدرِه وهو يصرُخ

"أخرج أيها الوحش اللعين، أخرج مِن جسدي"

تغيّرت ملامِح المُقاتلين ونظروا نحو سويكا بِرُعب، حتى زِنهار عبس وقال

"مصفوفة الألف وهم، يا لها من فتاة رائعة"

كانت هذه مصفوفة قوية لا يستطيع إنشاءها إلا شخصٌ خبير، ومهمّتها هي مهاجمة الروح وصنع الأوهام، ومَن كانت قِواه الروحية ضعيفة فستطغى عليه مخاوِفُه الداخلية ويفقِد السيطرة على نفسِه، لذلك هُزِم هذا المقاتل قبل بدء القتال، واعتقد أغلب الحاضرين بِأن سويكا قد استخدَمت هجوماً روحياً باستخدام كنزٍ ما، وإلا فهي ضعيفة على أن تملِك روحاً قوية إلى هذه الدرجة.

كانت نظرات راموليا سوداوية ومليئة بِالغيرة، وبدأت تُفكّر في أن شوفين قد فضّل سويكا عليها، خاصة أن سويكا قد ازدادت قوة عندما كانت مع ريكو قرب الشعلة البيضاء داخل عالمه الفراغي، بينما كانت هي والآخرون مطرودين خارج الحاجِز، وكانت هذه الحادِثة لِأن راموليا قد حاوَلت مُعارضة شوفين بينما دافعَت عنه سويكا، ما يعني بأنه ربما يكون قد فضّلها حقاً وأعطاها تقنياتٍ قوية، وحتى لا تتجاوزها كثيراً.. قرّرت بأن عليها تغيِير تعامُلِها مع شوفين، وأنها لا يجب أن تُعارِضَه بعد اليوم حتى لا يرميها جانِباً.

ريكو أيضاً كان ينظر إلى سويكا باستغراب، فهي كانت الأضعف في الفريق، وكان لا يُعيرها أي اهتمام حتى قبل أن يفقِد جسدَه، خاصة أنها كانت فتاة هادئة على الدوام وتلبِس ثياباً مُحتشِمة مقارنة بالفتيات في عُمرِها، لذلك لم يضعها يوماً في نظرِه رغم أنها مِن جيلِه، والآن وصلَت قوّتُها أن تجعَل شخصاً في مرحلة التألق يفقِد صوابه ويؤذي نفسه ؟

على المنصة.. قام المقاتِل من الأرض وقد بدأ يستعيد إدراكَه، نظر نحو سويكا باستغراب، لكنه لم يكُن حاقِداً عليها لأنه خطؤه، ولو حمى نفسه من الهجمات الروحية لما أثّرت عليه تقنية سويكا، أومأ بِرأسه نحوَها وقال

"هذه خسارتي"

استسم لأن الإصابة على صدرِه كانت قوية وتحتاج إلى العِلاج، وسويكا لا تبدو له كمَن ليس لديه هجمات قوية أخرى، لذلك سيكون من الأفضل له الاستسلام.

رجعَت سويكا فاستقبلها شوفين بابتسامة سعيدة ولمس وجنتَها بِأصابِعه في لحظة حميمية، وفي هذه اللحظة.. كان يسترِق النظر على راموليا ويبتسِم في نفسِه بِخُبث، وذلك لأنه يستطيع الإحساس بِمشاعر جميع عبيدِه، ويبدو بأنه قد لاحظ غيرة راموليا فأراد العبث معها حتى تزداد رغبتُها في التقدّم والاختراق إلى مستويات أعلى، وقد نجح في إثارة راموليا بِهذه الحركة البسيطة، لكن إثارتَه لها قد ذهبَت إلى اتجاهٍ مُختلف، حيث بدأت تعتقِد بِأن علاقة شوفين وسويكا ربما ليست بِالبساطة التي تتخيّلها، وربما قد يكونان..

هزّت رأسها لِطرد هذه الفكرة فضحك شوفين دون سبب ثم قال

"ريكو.. لا تدعهُما تترُكانِك في الخلف، هل تُريد أن تهزِمك فتاة ؟"

تجهّم ريكو وتفَل على الأرض ثم قفز نحو المنصة، استغرَب المقاتلون مِن هذا القرد الغريب ولم يشأ أحدٌ أن يترُك كرامتَه للقتال معه، لكن شوفين نظر نحو أحدِهم وكان ضخم الجسد، سأله

"أنت هناك، أنت تُدرّب جسدَك، أليس كذلك ؟"

أومأ المُقاتل الضخم فطلب منه شوفين القتال مع ريكو، بدأَت المعركة فتحوّل ريكو إلى وضع القرد الضخم وبدأ في قتالٍ طويل مع المقاتل الضخم، استغرَب الجميع من ستمرار قِتالِهما وتبادل العشرات من الضربات لِأكثر من دقيقتَين رغم الفارِق في القوة، لكن هذا لم يدُم طويلاً حيث استهلَك ريكو طاقة التحوّل وعاد إلى شكلِه الحقيقي قبل الهرب إلى خارج المنصة، ضحِك الجميع على حركاتِه بينما كان زِنهار ينظُر إليه بِعين الخبير، هل كانت هذه مهارتَه الفِطرية ؟

--------------
سؤال الفصل:
في رأيِك.. هل تستطيع سويكا احتلال مركز ثاني أقوى شخص في الفريق بعد شوفين ؟
أم أن راموليا وريكو لن يتركاها تتجاوزُهما ؟

2020/01/23 · 587 مشاهدة · 1344 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024