85 - أحد أهم أسرار العالم

"يبدو أنها لن تكون عملية سهلة"

قالها شوفين عندما رأى مجموعة من عشرة أفراد على بعض التلال القريبة مِن التلة التي يوجد تحتَها الوريد الروحي الأحمر، نزل بالطيارة قبل أن يقترِب لأنه كان بعيداً جداً وينظُر باستخدام خاصية التكبير في عينَيه، فهو لا يرى الأشياء كما يراها غيرُه بِسبب قدرات عينَيه الفريدة، نزل وشرح الوضع لـ زِنهار فقال

"لا يجب أن نتصرّف باندِفاع في المناطق الداخلية لأن أغلب العشائر والعائلات لديها علاقات مع القِوى العظيمة"

لم يهتم شوفين كثيراً لكنّه قرّر القيام بالأمور بِطريقة هادئة في الوقت الحالي، لذلك سار الإثنان حتى وصلا إلى تلة واسعة فتوقّف شوفين وبدأ يرسم مصفوفة غريبة، تأمل زِنهار ما يرسُمه شوفين قبل أن يعبِس ويقول

"أستشعِر قِوى الفراغ منها"

أومأ شوفين بينما يُواصِل رسمها، بعد ذلك رسم مصفوفة أخرى فوقها باستخدام كمية كبيرة من الطاقة، ثم رسم مصفوفة ثالثة وجعلها تندمِج مع غيرِها، وعند انتِهائه.. كان زِنهار عبوس الوجه لأنه لم يفهم شيئاً مِما أمامه، ابتسم شوفين أخيراً وقال

"دعنا نبدأ العمل"

جلس الإثنان داخل المصفوفة ثم قام بِتشغيلها وأعطى زِنهار مهمة خاصة، بدأ شوفين بِالبحث عن الوريد الروحي وتحديد مساحتِه بالضبط، وبعد بِضعة دقائق.. ابتسم وقال

"لقد وجدتُه، وهو متوسط الحجم، لكنه مختوم من الطبيعة"

عبس زِنهار لأن أختام الطبيعة هي الأصعب، وهناك الكثير من الأشياء التي تكون مختومة طبيعياً مثل ذلك الفراغ حيث كان يعيش أرفود سابقاً، ويصعُب التغلّب على القوانين الطبيعية بِالنسبة لِشخصٍ مثل زِنهار، لكن شوفين الذي يعرف أسرار العوالِم لم يهتم بمِثل هذا الختم، حيث بدأ مباشرة بِفك الختم الذي كان يستخدِم طاقة الوريد نفسِه لحِمايته من تسريب الطاقة، ولِحسن الحظ أنه كان ختماً قديماً وبدأ يُسرّب الطاقة بالفِعل، وإلا لما كانت عشيرة الرمح الناصع قد وجدَته من الأساس.

بعد فكّ الختم.. بدأ يُحيط الوريد بِالمصفوفة تمهيداً لِنقلِه، لكن.. في هذه اللحظة، شعر الأشخاص الذين كانوا على بُعد بِضعة أميال بالطاقة المُتسرّبة من الوريد بسبب فكّ الختم، لذلك سارعوا إلى المنطقة ورأوا المصفوفة، صرخ أحدهم بقوّة

"أوقِف عملك الآن، هذا الوريد مِلكٌ لنا نحن"

نظر إليهم شوفين بينما لا يزال جالساً على الأرض وكانوا جميعاً في قمة مرحلة التألق، وهذا يعطي لمحة عن اختلاف مستويات التدريب في المناطق الداخلية، ابتسم نحوَهم وسألهم

"ومن أنتُم ؟"

قال أقواهم وكان خمسينياً في قمّة مستوى تألّق الطاقة البدائية من مرحلة التألق

"نحن عشيرة الأصبع السادس، وجدنا هذا الوريد وجِئنا لدِراستِه"

ضحك شوفين وقال

"نحن من وجدناه أولاً وسنأخُذه إلى عشيرة الطريق المقطوع في صحراء بيجاد، أما أنتم فقد تسرّبت إليكم بعض المعلومات ولم تعلموا أين هو بالضبط، وإلا فلِماذا كُنتُم تهيمون هنا وهناك مثل الفئران العمياء ؟"

غضِب الخمسيني وصرخ

"صحراء بيجاد ؟
مجموعة من الحثالة تُريد سرقة ممتلكات عشيرة الأصبع السادس ؟"

قهقه زِنهار في نفسِه لِأن شوفين لا ينسى مَن أساء إليه، وعشيرة الطريق المقطوع هي التي قامَت بِتوزيع حجر التصوير على العشائر الأخرى، ورغم قتلِه لِسكدير إلا أن العشيرة كلها كانت تحتاج إلى العِقاب لولا كسل شوفين، والآن ستكون فرصة جيدة لِتوريطهم بِتحويل الأنظار إليهِم.

التفَت شوفين نحو زِنهار وقال

"رفيق.. احجِزهُم لِنصف ساعة، سأنتهي من العملية لِوحدي"

وفي لمحة عين.. سقطَت هالة قوية على العشرة فانبطحوا أرضاً، صرخ أقواهم

"لا أنصحُك بِمعاداتِنا، نحن نملِك ثلاثة شيوخ في مرحلة المجال"

قال زِنهار بدون مُبالاة

"إذن.. سيكون قتلُكم أفضل لإخفاء الحقيقة"

وفي هذه اللحظة.. زاد ضغطُه وسحقَهم مع الأرض، انتظر اعتِراض شوفين إلا أنه لم يقُل شيئاً، لذلك فعّل مجالَه وبدأ يحرِقهم عبر أعاصير نارية قوية، صرخ العشرة دون أملٍ في النجاة لأن الفارِق في القوة كان كبيراً جداً، وأثناء ذلك.. أشعّ نورٌ قوي مِن أقواهم قبل أن تظهر مصفوفة صغيرة تحت أقدامِه، صرخ زِنهار بينما ينقضّ عليه

"ليس جيداً"

وقبل أن يُمسِك به.. اختفى الخمسيني المحروق، ضحك شوفين وقال

"مصفوفة نقل قوية، لكنها ليست مُستقرّة، وربما لن ينجو منها"

ومع ذلك.. وقف وزاد قوّة المصفوفة حتى ينتهي بِسرعة ويُغادِر المنطقة، عاد زِنهار إلى المصفوفة وساعد شوفين لإحاطة الوريد الروحي بِصفوف المصفوفة، وبعد رُبع ساعة.. ابتسم شوفين وقال

"انتهينا، سأقوم بِسحب الوريد الآن، أدخل إلى عالمي الفراغي وساعِدني على سحبِه"

أدخل زِنهار وكانت هذه مرّته الأولى التي يدخل إلى عالم شوفين، اتّسعت عيناه عندما رأى مدى اتّساع العالم وكان أيضاً أول مرة يرى فيها كيف يبدو عالم الفراغ، ظهر شوفين قُربه بِنسخته الروحية وأعطاه التعليمات ثم فتحت مصفوفة النقل بوابة لِنقل الوريد، وبعد عشر دقائق.. بدأ يظهر الوريد وكان على شكل جوهرة حمراء قُطرُها عشرات الأمتار، وتنبعِث منها طاقة قوية جداً.

قام الإثنان بِتوجيه الوريد الأحمر نحو بِركة الوريد الروحي السائل تحت المنصة الحجرية، غرِق الوريد الأحمر في الوريد الأبيض فتحوّلت الطاقة السائلة إلى اللون الأحمر على الفور، ابتسم شوفين ونظر نحو رِفاقِه ثم قال

"رحّبوا بالسيد زِنهار، سيبقى معكم لِبعض الوقت"

خرج من العالم الفراغي وركِب الطيارة بِسرعة قبل أن يصِل أعداؤه الجُدد، كانت الطيارة سريعة جداً لأنه يركبُها وحدَه هذه المرة، خرج من المنطقة ودخل في غابة شاسعة وبدأ يبحث عن الوحوش القوية عبر قوته الروحية، استمرّ في البحث حتى وجد أقوى الوحوش وكان يُشبِه سحلية سُداسية الأرجُل، هبط على أرضِها ثم استخدَم عجلة التدمير وافتعَل معها قتالاً عظيماً لأنها كانت أيضاً في قمة مرحلة التألق، وفي العادة.. لا أحد يقوم بإزعاجِها لأن قوتها ستكون مُزعِجة حتى لِمن هُم في مرحلة المجال بسبب بِصاقها المسموم.

كان القِتال عن بُعد هو نقطة ضعفِها، لذلك استطاع شوفين قتلها في أقل من خمس دقائق باستخدام عجلة التدمير، وكانت المنطقة مُدمّرةً بالكامِل بعد انتهاء المعركة، أخذ جوهر دمِها ثم شقّ رأسها وكأنه أخذ منها جوهرة وحشية رغم أنها لم تمتلِك واحدة، انصرف عنها وبحث عن عدّة وحوش قوية وفعل بِها نفس الشيء، ثم بدأ يتجوّل في الغابة ويُدمّر هنا وهناك عشوائياً باستخدام العجلة، وأخيراً.. عاد إلى جثة السحلية ثم قام بِحفر حُفرة عميقة جداً قُربها ودخل فيها بعد تحويل عجلة التدمير إلى نمط البيت الآمن، ترك خيوط النور في الخارِج وجعلها تقوم بِتحريك جثة السحلية الوحشية لِتغطية الحفرة، ثم دمّر الحفرة عليه واختفى في التراب لأنه سيأخُذ عُزلة لإصلاح عالمِه الفراغي ولا يُريد أي إزعاج.

لم يكُن في حاجةٍ لِجوهر دم هذه السحلية أو غيرها من الوحوش التي قام بِقتلِها وإنما فعل كل ذلك لأنه يعلم بِأن مُتدرّبي المجال يستطيعون تتبّع هالتِه، لذلك افتعل القتال لِتشتيتهم بعد تدمير المنطقة، حيث سيبدو بأنه قام بِقتل الوحوش وأخذ جواهِرها ثم اختفى، ولن يعتقِد أحدٌ بأنه لا يزال تحت السحلية لأن دِرع البيت الآمن لا يُصدِر أي هالة مثلما هو الحال بالنسبة لِشوفين نفسِه.

اختبأ ثم دخل إلى زِنهار ورِفاقِه، تصفّح الوريد الروحي وكان قد اندمَج الحجر والسائل، ابتسم ثم أخرج جِبالاً من الحجارة البرتقالية والحمراء ورماها في بُحيرة الوريد الروحي، لوّح بِيده وأزال الحاجِز الذي يُحيط بِالمنصة لِأن راموليا وريكو قد اجتازاه بينما صلجان لا تزال مثل النائمة في تدريبِها ولم تُحاوِل ولو لِمرّة واحدة، نظر بعدها للمساحة الضبابية والتي كانت تنحسِر تدريجياً، أشار إليها وقال لِـ زِنهار

"سوف تصِل يوماً ما إلى مرحلة بِناء العالم وتحصل على عالمٍ خاص بك، لذلك سأعلّمك بعض الأمور عن الفراغ، وأنت ستُساعِدني لِتوسيع عالمي باستخدام الطاقة من الوريد الروحي، ما رأيك ؟"

ابتسم زِنهار بِسعادة وقال

"في أي مرحلة تدريبية يتم إنشاء العالم ؟"

ردّ عليه

"لن تستطيع إنشاءَه في هذا العالم المُتدنّي، عليك أن تخترِق أولاً إلى مرحلة الفراغ، حينها فقط ستفهم العديد من الأمور لأنها المرحلة التي يبدأ منها التدريب الحقيقي"

فتح زِنهار فمه وهو يستمِع إلى شوفين، شرح له بعدها العديد من الأمور حول مرحلة الفراغ وكيفية التعامل معه ومستوياتِه من لمس الفراغ، صنع الفراغ ثم اختراق الفراغ، ثم بدأ يشرح له عن بعض المستويات التي تأتي بعد الفراغ، وأخيراً.. أعطاه بعض الصلاحيات في العالم تمهيداً لِتوسيعه.

بدأ الإثنان في عملية توسيع العالم فبدأ الضباب ينحسِر بِسرعة وظهرت العديد من المباني المُهدّمة هنا وهناك، انحسر الضباب بعدها على خزائن شوفين وكانت مُهدّمة أيضاً بِسبب معركتِه الأخيرة وسلبِ مُمتلكاتِه من عالمه الفراغي قبل هروبِه إلى القارة العظمى، كانت نظرة الحُزن والغضب بادِية على شوفين وهو يتقدّم للأمام، وبعد ساعةٍ من العمل.. كان قد صرف عشرةً في المائة من الوريد الروحي، لكنه ليس مُهماً لأن الطاقة لا تزال داخِل العالم الفراغي.

بعد بِضع ساعاتٍ أخرى.. نقصت قوة الوريد الروحي بمِقدار الرُّبع، وظهرَت بُحيرةٌ صغيرة أمام الجميع، ابتسَم شوفين عند رؤية البُحيرة وسارَع إليها، لوّح بِيدِه فصعد جِسمٌ غريب يُشبِه وحشاً مليئاً بِالشحوم وله ثمانية أرجُل، أخرجَه إليه ثم ضربَه بِقوّة فبدأ يتحرّك وكأنه قد استيقظ مِن سُباتٍ عميق، سألَت سويكا من الجانب

"ما هذا ؟"

ابتسم شوفين وقال

"هذا بِبساطة.. أحد أهم أسرار هذا العالم"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيِك.. ماذا يكون هذا الوحش، وكيف يكون أحد أهم أسرار العالم ؟

--------------
صورة الوحش الغريب في الفصل القادم

2020/01/23 · 568 مشاهدة · 1342 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024